الأحد، 13 مارس 2011

حضور وقوة روح الله



دعونا نقرأ‮ (‬يو‮ ‬14‮ : ‬16‮ ‬،‮ ‬17‮)‬
‮"‬وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً‮ ‬آخر ليمكث معكم الي‮ ‬الأبد‮ ‬،‮ ‬روح الحق‮ ..... ‬وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم‮" .‬
أريد أن أتكلم عن قوة وحضور روح الله‮ ‬،‮ ‬وكيف لهذا المصدر العظيم والأقنوم الإلهي‮ ‬الذي‮ ‬يسكن فينا قادراً‮ ‬وراغباً‮ ‬لمساعدتنا في‮ ‬طريقنا المسيحي‮ .‬
فنحن قد بوركنا بإمدادات عجيبة وعديدة من الله لمساعدتنا في‮ ‬طريقنا خلال هذا العالم‮ (‬2بط‮ ‬1‮ : ‬3‮) "‬وهب لنا كل ما هو للحياة والتقوي‮" ‬،‮ ‬ولكن الأعظم من كل هذا عطية وسكني‮ ‬وقوة الروح القدس وحضوره‮ .‬
فيوحنا‮ (‬14‮ : ‬16‮)  ‬يحدثنا عن مجئ الروح‮ ‬،‮ ‬فعندما أراد الرب‮ ‬يسوع أن‮ ‬يعود الي‮ ‬السماء أعلن لتلاميذه مجئ روح الله‮ "‬كالمعزي‮" ‬فهو‮ ‬يخبرهم بأن الروح سيكون معهم بطريقتين‮ ‬،‮ ‬فهو سيمكث معهم‮ ‬،‮ ‬ويكون فيهم‮ ‬،‮ ‬وتلك هما الطريقتين اللتان بهما‮ ‬يستوطن الروح علي‮ ‬الأرض اليوم‮ ‬،‮ ‬وأرغب في‮ ‬التحدث عن الأمر‮  ‬الاخير‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬حضور الروح في‮ ‬المؤمن‮ ‬،‮ ‬وكيف أنه قادراً وراغباً‮ ‬في‮ ‬مساعدتنا في‮ ‬الطريق المسيحي‮ ‬فدعونا نري‮ ‬بعض الاعمال لسكني‮ ‬روح الله‮ ‬،‮ ‬ونري‮ ‬كيفية عمله لأجل خيرنا وبركتنا‮ ‬،‮ ‬وأريد أن أتحدث عن خمس أشياء مختلفة للروح القدس سيعملها لأجل معونتنا كي‮ ‬نحيا لأجل مجد الله‮ .‬

الخــتــم بالـــــروح
نقرأ أولاً‮ (‬أف‮ ‬1‮ : ‬13‮) "‬الذي‮ ‬فيه أيضاً‮ ‬أنتم إذ سمعتم كلمة الحق انجيل خلاصكم الذي‮ ‬فيه أيضاً‮ ‬إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس‮" ‬هذا الفصل من الكتاب‮ ‬يخبرنا بأن الروح‮ ‬يأتي‮ ‬أولاً‮ ‬ليسكن في‮ ‬الشخص عندما‮ ‬يؤمن بإنجيل خلاصه‮ ‬،‮ ‬فإذا لم تؤمن بالرب‮ ‬يسوع المسيح وتؤمن بعمله الكامل علي‮ ‬الصليب‮ ‬،‮ ‬فأنت لم تخلص ولم تحصل علي‮ ‬هذه العطية من الله‮ ‬،‮ ‬وعلي‮ ‬أي‮ ‬حال بمجرد أن الشخص‮ ‬يؤمن بإنجيل خلاصه فإن روح الله‮ ‬يأتي‮ ‬ليختم ذلك الشخص ويسكن فيه من تلك اللحظة فصاعداً‮ .‬
ويوجد الكثير من الافكار‮  ‬المشوشة حول كيفية قبول روح الله‮ ‬،‮ ‬فالبعض‮ ‬يعتقدون انهم‮ ‬يجب أن‮ ‬يجتمعوا معاً‮ ‬لأجل الصلاة والصراخ الي‮ ‬الله كي‮ ‬يعطيهم روحه‮ ‬،‮ ‬فهم‮ ‬يصرخون بنوع من الجنون الساخن‮ !‬ ،‮ ‬ولكن دعني‮ ‬أخبرك بأن تلك ليست هي‮ ‬الطريقة التي‮ ‬بها ننال روح الله‮ ‬،‮ ‬لأن الكتاب واضح في‮ ‬هذه النقطة قائلاً‮ ‬بأن الروح‮ ‬يتم نواله بالإيمان بانجيل خلاصنا‮ ‬،‮ ‬لأن قبول الروح لا نناله بالتوسل والصراخ الي‮ ‬الله‮ ‬،‮ ‬كلا‮ ‬،‮ ‬بل نحن قبلنا الروح القدس كختم والمؤمن‮ ‬يسكن فيه الروح منذ لحظة خلاصه‮ .‬
وهنا نجد العمل الأول والأعظم لروح الله وهو إتيانه ليسكن في‮ ‬المؤمن‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬ليختم المؤمن‮ ‬،‮ ‬فختم الروح هو‮  ‬الواسطة التي‮ ‬بها‮ ‬ينال المؤمن‮ ‬يقين خلاصه‮ ‬،‮ "‬إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس"فهذا هو العمل الأول لروح الله في‮ ‬المؤمن‮ ‬،‮ ‬وأنا أثق أن كل‮  ‬واحد منا قد سمع بشارة الإنجيل وآمن بها‮ ‬،‮ ‬فأنت تعلم ان‮ ‬يسوع المسيح مات لأجلك علي‮ ‬الصليب‮ ‬،‮ ‬وقد حمل خطاياك وطرحها بعيداً‮ ‬،‮ ‬وقد علمت أن خطاياك قد‮ ‬غفرت‮ ‬،‮ ‬فالشئ الأول الذي‮ ‬يرغب الروح ان‮ ‬يصنعه معك وفي‮ ‬نفسك هو اعطائك اليقين بأنك قد خلصت‮ . ‬وبالتالي‮ ‬فإن الروح‮  ‬القدس‮ ‬يسكن في‮ ‬كل مؤمن‮ ‬،‮ ‬وسكني‮ ‬الروح القدس لا‮ ‬يكن مصحوباً‮ ‬عادة برعد أو مشاعر دافئة كما‮ ‬يتصور البعض‮ ‬،‮ ‬ولكنه حدث صامت‮ ‬يحدث عندما نقبل الرب‮ ‬يسوع كمخلصنا‮ ‬،‮ ‬وقوة وحضور الروح القدس الساكن في‮ ‬أجسادنا‮ ‬يظهر في‮ ‬إعانتنا وقيادتنا وتعزياتنا خلال الطريق المسيحي‮ .‬
ومن الجائز ان المؤمن‮ ‬يفقد بهجة خلاصه‮ (‬مز‮ ‬51‮ : ‬12‮) ‬،‮ ‬ولكنه لا‮ ‬يفقد معرفة الحقيقة بأنه خلص‮ ‬،‮ ‬ودعني‮ ‬اسألك‮ (‬هل عندك‮  ‬اليقين المبارك في‮ ‬نفسك بأنك تخص الرب‮ ‬يسوع ؟‮ ‬،‮ ‬وهل تعلم بلا أي‮ ‬شك بأنك مطمئن من جهة أبديتك ؟‮ ‬،‮ ‬لأن دم الرب‮ ‬يسوع قد رش عليك ؟‮ ‬،‮ ‬إن هذا‮ ‬يأتي‮ ‬من خلال الإيمان بانجيل خلاصنا‮ ‬،‮ ‬وأننا قد استرحنا علي‮ ‬عمل المسيح الكامل علي‮ ‬الصليب‮ ‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬قد أتي‮ ‬روح الله ليسكن فيَََّ‮ ‬،‮ ‬وأنا الآن متمتع بتلك السكني‮ ‬المباركة‮ .‬

عــربـــون الــــــــروح
دعونا نري‮ ‬شيئاً‮ ‬آخر‮ ‬يسمي‮ ‬عربون الروح كما في‮ (‬أف‮ ‬1‮ : ‬14‮) ‬يقول‮ "‬الذي‮ ‬هو عربون ميراثنا لفداء المقتني‮ ‬لمدح مجده‮" ‬وهذا هو العمل الثاني‮ ‬وهو سكني‮ ‬الروح القدس كالعربون‮ ‬،‮ ‬فلكي‮ ‬يعطي‮ ‬المؤمن ان‮ ‬يتذوق السماء من هنا‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬أنه‮ ‬يذوق النصيب الذي‮ ‬له في‮  ‬المسيح‮ ‬،‮ ‬فالختم‮ ‬يعطيني‮ ‬أن أعلم أنني‮ ‬أخصه‮ ‬،‮ ‬إنني‮ ‬أنتمي‮ ‬إليه‮ ‬،‮ ‬ولكن العربون‮ ‬يعطيني‮ ‬أن أعلم أن لي‮ ‬ميراث‮ ‬،‮ ‬فهناك ثمة أشياء تخصني‮ .‬
واليوم عندما تشتري‮ ‬شئ ما‮ ‬،‮ ‬فالبائع‮ ‬يطلب منك أن تدفع جزء من الثمن‮ ‬يسمي‮ (‬عربون‮) ‬،‮ ‬أي‮ ‬جزء من المبلغ‮ ‬مقدماً‮ ‬يبيِّن جدية الشراء عندك‮ ‬،‮ ‬وأنك سوف لا تتراجع في‮ ‬شراء هذا الشئ‮ ‬،‮ ‬وكذلك‮  ‬الروح القدس قد أُعطي‮ ‬لنا كالعربون‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬دليل علي‮ ‬أن النية كاملة في‮ ‬إتمام العمل في‮ ‬وقته‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬يأتي‮ ‬المسيح ويأخذنا إليه للمجد‮ ‬،‮ ‬إن عمل الروح فينا أن‮ ‬يشغلنا بنصيبنا في‮ ‬المسيح‮ ‬،‮ ‬يهبنا أن نعرف أي‮ ‬غني‮ ‬مبارك ذاك الذي‮ ‬من نصيبنا‮ ‬،‮ ‬ويضع أمامنا تلك البركات التي‮ ‬لنا حتي‮ ‬يمكننا أن نتمتع بنصيبنا في‮ ‬المسيح الآن قبل الذهاب الي‮ ‬هناك‮  .‬
فياله من امتياز وبركة أن‮ ‬يكون لنا سكني‮ ‬الروح القدس فينا‮ ! ‬،‮ ‬إنه‮ ‬يمنحنا أن نتمتع بالأرض التي‮ ‬نحن مزمعين أن نذهب اليها قبل الوجود هناك فعلاً‮ ! ‬إنه‮ ‬يأخذ مما للمسيح ويخبرنا اثناء وجودنا في‮ ‬هذا العالم‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يعطينا ان نتذوق السماء‮ ‬،‮ ‬وقد أعطي‮ ‬مستر باركر ايضاحاً‮ ‬جميلاً‮ ‬لعمل الروح‮ ‬،‮ ‬فهو قد خطط لرحلة بحرية ووعد أن‮ ‬يأخذ ابنه معه في‮ ‬تلك الرحلة‮ ‬،‮ ‬ولأجل متعة الابن اشتري‮ ‬له تليسكوب صغير‮ ‬،‮ ‬ليس لعبة اطفال‮ ‬،‮ ‬ولكن آلة تليسكوب حقيقية‮ ‬،‮ ‬وعندما أوشكت الرحلة علي‮ ‬النهاية‮ ‬،‮ ‬صار قول إن الأرض علي‮ ‬مرأي‮ ‬من البصر‮ ‬،‮ ‬وقد قال إنني‮ ‬لا أقدر علي‮ ‬رؤية أي‮ ‬شئ‮ ‬،‮ ‬ولكن الابن استطاع عن طريق التليسكوب ان‮ ‬يري‮ ‬التلال بوضوح تام‮ ‬،‮ ‬والأب ايضاً بواسطة التليسكوب استطاع أن‮ ‬يري‮ ‬تلك التلال‮ ‬،‮ ‬ولكن الابن صاح قائلاً‮ ‬،‮ ‬يا أبتي‮ ‬إنني‮ ‬استطيع رؤية المنازل والناس‮ ‬يمشون علي‮ ‬الرصيف أيضاً‮ ! ‬،‮ ‬فالتليسكوب اعطاه رؤية واضحة للأرض التي‮ ‬هم ذاهبون إليها‮ ‬،‮ ‬ومكنهم من رؤية لمحات للأرض التي‮ ‬لم‮ ‬يصلوا إليها بعد‮ ‬،‮ ‬وهذا ما‮ ‬يفعله معنا الروح القدس كالعربون‮ . ‬إنه‮ ‬يستحضرنا الي‮ ‬ساحة التمتع الحاضر بالأشياء التي‮ ‬تمثل ميراثنا الأبدي‮.‬
وچورچ كتنج أيضاً‮ ‬قد اعطي‮ ‬ايضاحاً‮ "‬للعربون‮" ‬،‮ ‬فقد حدثنا عن مزارع اشتري‮ ‬بعض القطيع من‮  ‬الغنم من السوق‮ ‬،‮  ‬واستحضرهم إليه واعطاهم للمسئول عن المزرعة لكي‮ ‬يضعهم في‮ ‬الزريبه ويضعهم أمام الشونة‮ ‬،‮ ‬وقال له اذهب التقط من الحقل بعض البرسيم وضعه قدامهم في‮ ‬الشونة لكي‮ ‬يأكلوا ويستمتعوا‮ ‬،‮ ‬وبعد ذلك قال وفي‮ ‬الصباح سوف نحلهم ونرسلهم الي‮ ‬الحقل لكي‮ ‬يستمتعوا بالكل‮ ‬،‮ ‬وهذا ايضاح جميل عما‮ ‬يفعله الروح لأجلنا الآن‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬الصباح‮ (‬عندما‮ ‬يأتي‮ ‬الرب‮) ‬نحن مزمعين ان نطلق أحراراً‮ ‬الي‮ ‬نصيبنا لأجل الحالة المجيدة‮ ‬،‮ ‬فالآن‮ ‬يأخذ الروح‮ "‬الشمائل‮" (‬راعوث‮ ‬2‮ : ‬16‮) ‬أي‮ ‬الأشياء التي‮ ‬للمسيح ويعطيها لنا لكي‮ ‬نطعم عليها اثناء وجودنا هنا علي‮ ‬الأرض‮ .‬
فيا تري‮ ‬ماذا نعلم عن الغني‮ ‬المبارك الذي‮ ‬لنا ؟ وأنا أؤمن إذا كنا حقيقة نتناول من ذلك الطعام سوف لا نسعي‮ ‬لنجد شبعنا وسرورنا في‮ ‬أشياء هذا العالم‮ .‬

مسـحـة الــــــروح
دعونا نري‮ ‬عمل آخر لسكني‮ ‬الروح أنه‮ "‬المسحة‮" (‬1يو‮ ‬2‮ : ‬18‮ - ‬21‮ ‬،‮ ‬24‮ - ‬27‮) ‬،‮ ‬يقول‮ "‬وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شئ‮" ‬
نجد هنا المسحة التي‮ ‬هي‮ ‬من روح الله‮ ‬،‮ ‬وفكر مسحة الروح‮ ‬يعطينا الإدراك لأجل الطريق والقوة أيضاً ‮.‬
وهنا في‮ (‬1يو‮ ‬2‮) ‬بداية من عدد‮ (‬18‮) ‬متحدثاً‮ ‬عن الاطفال في‮ ‬العائلة وبما أن الخطر اعظم بالنسبة للمؤمنين الاحداث فيخبرهم بثلاثة أشياء‮ :‬
أولاً‮ : ‬أنها الآن‮ "‬الساعة الاخيرة‮" ‬للخراب في‮ ‬الشهادة المسيحية‮ ‬،‮ ‬وهو‮ ‬يشير هنا انه‮ ‬يوجد فشل زريع في‮ ‬الشهادة‮ ‬،‮ ‬ويوجد معلمين أشرار كثيرين خرجوا عن تعليم الرسل ويريدون أن‮ ‬يضلوا لو أمكن المؤمنين‮ ‬،‮ ‬فكم‮ ‬يجب علي‮ ‬المؤمن ان‮ ‬يتحذر‮!‬
ثانياً‮ : ‬يخبرهم بأنهم‮ "‬يعلمون كل شئ‮" ‬فيحدثهم بأن لهم مسحة روح الله‮ ‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فهم ليسوا محتاجين لأحد أن‮ ‬يعلمهم لأن الروح ساكن فيهم ويعطيهم أن‮ ‬يميزوا الحق من الخطأ‮ .‬
إن سعة روح الله هو أن‮ ‬يعلمنا الحق‮ ‬،‮ ‬وهذا ليس معناه ان الاطفال في‮ ‬المسيح‮ ‬يعرفون كل تعاليم المسيحية‮ (‬ولو كان الامر هكذا لكان‮ ‬يحدثهم علي‮ ‬أنهم معلمين في‮ ‬الكنيسة‮) ‬كلا‮ ‬،‮ ‬فهم لا‮ ‬يعرفون كل الكتب جيداً‮ ‬،‮ ‬ولذلك لا‮ ‬يقول لهم‮ (‬امتحنوا هؤلاء المعلمين الكذبة بواسطة كلمة الله‮) ‬،‮ ‬لأنهم لم‮ ‬يكن لهم التعليم الصحيح للحق بعد لكونهم اطفال‮ ‬،‮ ‬ولكن بالأحري‮ ‬يقول لهم أن لديهم روح الله الساكن فيهم ليعطيهم السعة لكي‮ ‬يميزوا الحق من الخطأ عندما‮ ‬يقدم لهم‮ ‬،‮ ‬ولذا عندما أتي‮ ‬المعلمين الكذبة إليهم وقدموا تعاليمهم الزائفة فكانت لهم القدرة علي‮ ‬التمييز إذا كانت هذه التعاليم صحيحة أم لا‮ ‬،‮ ‬وأنا نفسي‮ ‬رأيت أمثلة لمؤمنين أحداث لديهم هذا التمييز عندما أتي‮ ‬إليهم معلمين كذبة الي‮ ‬الباب وكانت الاجابة من أحدهم‮ (‬أنا لا اعتقد ان هذا صحيح‮ ‬،‮ ‬وانا لا أعرف أن أخرج لك آية من الكتاب تؤيد ذلك ولكن لدي‮ ‬الإحساس أن ما‮ ‬يقال ليس من الله‮) ‬،‮ ‬ان هذا ليس صوت الراعي‮ ‬الصحيح‮ ‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يوحنا‮ ‬يقول أن الروح الساكن فيكم سيعطيكم ان تعرفوا تلك الأشياء‮ .‬
ثالثاً‮ : ‬يخبرهم‮ "‬بالذي‮ ‬سمعوه من البدء‮" ‬في‮ ‬عدد‮ (‬24‮) ‬،‮ ‬وبعد ذلك‮ ‬يقول في‮ ‬عدد‮ (‬27‮) "‬تثبتون فيه‮" ‬أي‮ ‬في‮ ‬الراعي‮ ‬،‮ ‬وهو سيحفظهم في‮ ‬شركة معه‮ ‬،‮ ‬لأنه‮ ‬يوجد شباب كثيرين كما‮ ‬يوجد المتقدمين في‮ ‬السن عرضه للضلال‮ ‬،‮ ‬فليس الضمان أن روح الله‮ ‬يسكن فينا فقط لئلا نميل وراء الذين‮ ‬يريدون أن‮ ‬يضلونا‮ ‬،‮ ‬ولكننا نحتاج الي‮ ‬الشركة اليومية مع الرب المبارك نفسه‮  ‬،‮ ‬وبهذا فقط نكون في‮ ‬حالة صحيحة‮ .‬
ولا‮ ‬يجب أن ننظر الي‮ ‬تلك الاعداد ونعتقد أننا لسنا في‮ ‬حاجة الي‮ ‬المواهب التي‮ ‬اعطاها الله للكنيسة‮ ‬،‮ ‬فهناك أناس أقامهم‮  ‬الرب لأجل تعليمنا ومعونتنا في‮ ‬الطريق‮ ‬،‮ ‬وربما البعض‮ ‬يقول‮ : (‬طالما لي‮ ‬الروح القدس‮ ‬،‮ ‬فكل ما احتاجه فقط هو الكتب المقدسة‮ ‬،‮ ‬لأن الروح سيعلمني‮ ‬،‮ ‬ولست بحاجة الي‮ ‬كتب الخدام‮ ‬،‮ ‬فلا احتاج ان أعرف ماذا قال هولاء المعلمين عن الكتب‮) ‬،‮ ‬أريد أن أحذر كل واحد منا أن هذا ليس اتجاه حسن أن نتبعه‮ ! ‬،‮ ‬فإذا كان الله قد أقام معلمين لكي‮ ‬يعلموننا الحق خلال طريقنا فنحتاج ان نستفيد منهم‮ ‬،‮ ‬ولهذا السبب نأتي‮ ‬الي‮ ‬الاجتماعات لسماع شرح الكلمة‮ ‬،‮ ‬إني‮ ‬لست أقلل من‮  ‬قوة الروح لأجل تعليمنا‮ ‬،‮ ‬ولكن الله اعطانا تلك المواهب إما بصورة مكتوبة‮ ‬،‮ ‬أو خدمة من خلال أشرطة أو من خلال اجتماعك‮ ‬،‮ ‬فإذا طرحنا هذه الامدادات والخدمات جانباً‮ ‬نظراً‮ ‬لعذرنا بالكسل‮ ‬،‮ ‬فالله لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يبارك ذلك‮ ! ‬،‮ ‬ولذا فرغبتي‮ ‬أن أبعد عن الأذهان فكرة أن عدد‮ (‬27‮) ‬مقصود به أن لنا الروح‮ ‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فنحن في‮ ‬غير احتياج لأن‮ ‬يعلمنا أحد‮ . ‬فالمقصود من عدد‮ (‬27‮) ‬أنه عندما‮ ‬يقدم لنا تعليم خاطئ فكل مؤمن لديه القدرة نتيجة سكني‮ ‬الروح القدس فيه أن‮ ‬يميز بين الخطأ والصحيح‮ ‬،‮ ‬لأننا لدينا الإحساس في‮ ‬أنفسنا بصوت الراعي‮ ‬،‮ ‬وهذا اذا كنا نسير في‮ ‬شركة مستمرة معه‮ .‬

نــامــوس الـــروح
نأتي‮ ‬الي‮ ‬رومية‮ (‬8‮ : ‬1‮ ‬،‮ ‬2‮) "‬إذاً لا شئ من الدينونة الآن علي‮ ‬الذين هم في‮ ‬المسيح‮ ‬يسوع‮ ... ‬لأن ناموس روح الحياة في‮ ‬المسيح‮ ‬يسوع قد اعتقني‮ ‬من ناموس الخطية والموت‮" ‬وهذه وظيفة اخري‮ ‬لسكني‮ ‬الروح القدس‮ .‬
لاحظ أن‮ (‬السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح‮) ‬غير موجودة في‮ ‬الأصل‮ ‬،‮ ‬لأن هذا العدد‮ ‬يتحدث عن مقامنا في‮ ‬المسيح وليس عن حالتنا الحاضرة‮ ‬،‮ ‬ولكن تلك الكلمات تظهر في‮ ‬نهاية عدد‮ (‬4‮) ‬حيث‮ ‬يقول‮ "‬السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح‮" ‬وهنا‮ ‬يشير الي‮ ‬حالتنا المتغيرة والتي‮ ‬تعتمد علي‮ ‬سلوكنا‮ ‬،‮ ‬ولكن مقامنا في‮ ‬عدد‮ (١) ‬لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتغير‮ ‬،‮ ‬فإن العدد الأول‮ ‬يقول بوضوح أننا أي‮ ‬المؤمنين‮ (‬في‮ ‬المسيح‮) ‬،‮ ‬أنه تعبير‮ ‬يستخدم بواسطة بولس في‮ ‬رسائله لكي‮ ‬يبين مركز المؤمن المقبول أمام الله‮ ‬،‮ ‬لكي‮ ‬يكون‮ (‬في‮ ‬المسيح‮) ‬أي‮ ‬أن‮ ‬يكون المؤمن في‮ ‬نفس مكان المسيح قدام الله‮ ‬،‮ ‬أنه المركز أو المقام لكل مؤمن مسيحي‮ ‬،‮ ‬لأن المؤمن‮ ‬يشغل نفس مكان القبول أمام الله‮ ! ‬فإذا كنت أبناً‮ ‬لله‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬مسيحي‮ ‬فأنت في‮ ‬المسيح قدام الله‮ ‬،‮ ‬ان هذا لا‮ ‬يظهر ماذا نحن‮ ‬،‮ ‬ولكن بالأحري‮ ‬أين نحن‮ ‬،‮ ‬نحن في‮ ‬مكان المسيح امام الله‮ "‬في‮ ‬المسيح‮" ‬يظهر مركز القبول لكل مسيحي‮ ‬،‮ ‬سواء حالته كانت جيدة أم سيئة‮ ‬،‮ ‬وكل منا له نفس المقام قدام الله بكونه‮ "‬في‮ ‬المسيح‮" .‬
إن الموضوع هنا في‮ ‬هذا الأصحاح هو العتق من الخطية‮ ‬،‮ ‬من عمل طبيعة الخطية الساكنة فينا‮ ‬،‮ ‬ولكن بولس‮ ‬يبدأ حديثه عن العتق بالكلام عن قبول المؤمن‮ (‬عدد ‮١) ‬،‮ ‬وهو‮ ‬يفعل ذلك لكي‮ ‬يبين كيفية قبول روح الله‮ (‬الذي‮ ‬يعمل لأجل عتقنا‮) ‬،‮ ‬ففي‮ ‬اللحظة التي‮ ‬يري‮ ‬فيها المؤمن مكانه في‮ ‬المسيح‮ ‬يأتي‮ ‬روح الله ليسكن فيه‮ ‬،‮ ‬فعدد‮ (١) ‬يحدثنا عن القبول وعدد‮ (٢) ‬عن العتق‮ .‬
فنري‮ ‬هنا وظيفة أخري‮ ‬لروح الله في‮ ‬المؤمن‮ ‬،‮ ‬أنه‮ ‬يقدم هنا كناموس روح الحياة‮ ‬،‮ ‬إن روح الله ساكناً‮ ‬فينا ليس فقط ليعطي‮ ‬يقين الخلاص‮ ‬،‮ ‬وهو عربون البركات السماوية‮ ‬،‮ ‬وأيضاً‮ ‬يجعلنا نميز التعليم لأجل الطريق ههنا لكي‮ ‬لا نتعثر عن طريق هؤلاء الذين‮ ‬يريدون أن‮ ‬يجعلونا نضل عن الطريق بعيداً‮ ‬،‮ ‬فهو هنا أيضاً‮ ‬ليعطينا قوة لأجل السلوك‮ ‬،‮ ‬وأن نحيا لأجل مجد المسيح كناموس روح الحياة‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يمدنا بتلك القوة‮ ‬،‮ ‬قوة روح الله في‮ ‬المؤمن هي‮ ‬التي‮ ‬تعتقه من أعمال الطبيعة الساقطة‮ (‬الجسد‮) ‬،‮ ‬والتي‮ ‬هي‮ ‬موجودة في‮ ‬كل إنسان في‮ ‬هذا العالم‮ ‬،‮ ‬فالطبيعة الساقطة ترغب دائماً‮ ‬في‮ ‬فعل ارادتها والتي‮ ‬هي‮ ‬خطية‮ ‬،‮ ‬ولكن روح الله هنا لكي‮ ‬ينتصر علي‮ ‬تلك الاعمال والرغبات لكي‮ ‬نحيا حياة مقدسة لأجل الله‮ ‬،‮ ‬والحقيقة الهامة أنه لا أحد‮ ‬يتحرر من سكني‮ ‬طبيعة الخطية اثناء وجوده في‮ ‬هذا العالم‮ ‬،‮ ‬ولكن‮ ‬يمكننا التحرر من قوتها وسلطانها فهذا ما نعرفه ونختبره من خلال العيشة بحسب المبادئ الكتابية‮ .‬
ولذا فيحدثنا الرسول هنا عن كيفية العتق العظيم والقوة التي‮ ‬بها‮ ‬يمكننا ان نحيا في‮ ‬هذا العالم‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يبتدئ بالأعداد‮ (‬1‮ ‬،‮ ‬2‮) ‬من رومية‮ (‬8‮) ‬ويقدم لنا مقام‮  ‬المؤمن وحالته‮ ‬،‮ ‬ويُذكَر الروح في‮ ‬هذا الأصحاح مراراً‮ ‬وتكراراً‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يعطينا كل ما نحتاج إليه لإجل الطريق‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يدير حياتنا ويعزينا ويقودنا‮ ...‬الخ‮ ‬،‮ ‬فهذا الأصحاح هو مقال مجيد عن روح الله‮ ‬،‮ ‬فالروح لا‮ ‬يذكر في‮ ‬أصحاح‮ (٧) ‬من رومية‮ ‬،‮ ‬ولكنك تري‮ ‬هناك نفس تصارع مع طبيعة الخطية‮ ‬،‮ ‬ولكن عندما تأتي‮ ‬الي‮ ‬أصحاح‮ (٨) ‬تري‮ ‬ذكر الروح القدس مرات عديدة آخذاً مكانه في‮ ‬حياة المؤمن وبالتالي‮ ‬ليس هناك صراع‮ .‬
والروح‮  ‬الآن‮ ‬يُري‮ ‬هنا لكي‮ ‬يعطي‮ ‬القوة والتحرر من ناموس الخطية والموت‮ ‬،‮ ‬وناموس الخطية والموت‮ ‬يعمل في‮ ‬الطبيعة العتيقة‮ (‬الجسد‮) ‬الذي‮ ‬يرغب أن‮ ‬يتمم رغباته لكي‮ ‬يحيا لأجل الخطية والنتيجة الحتمية لذلك هي‮ ‬الموت‮ ‬،‮ ‬ولذا‮ ‬يأتي‮ ‬الله إلي‮ ‬المؤمن بهذا المبدأ العظيم والجديد الذي‮ ‬يسمي‮ "‬ناموس روح الحياة في‮ ‬المسيح‮ ‬يسوع‮" ‬لكي‮ ‬يساعده أن‮ ‬يحيا لا كعبد لأجل تنفيذ ميول طبيعة الخطية الساقطة‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬عدد‮ (٣) ‬نري‮ ‬موت المسيح مطبقاً علي‮ ‬طبيعة الخطية نفسها‮ - ‬والتي‮ ‬هي‮ ‬الخطية فعندما نجد ذكر كلمة الخطية في‮ ‬كتابات بولس فيقصد بها طبيعة الخطية‮ - ‬التي‮ ‬لنا جميعاً‮ ‬،‮ ‬بكل ميولها ورغباتها وشهواتها بحسب الخطية‮ ‬،‮ ‬وعندما نجد كلمة خطايا فإنه‮ ‬يشير بذلك الي‮ ‬ثمر الطبيعة العتيقة‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬الاعمال التي‮ ‬تنتجها‮ ‬،‮ ‬فكيف‮ ‬يمكن للمؤمن أن‮ ‬يحيا بحسب ميول طبيعة الخطية‮ ‬،‮ ‬ويحيا في‮ ‬نفس الوقت حياة مقدسة لأجل مجد الله ؟‮! ‬فالله قد اعطانا هذه القوة من خلال سكني‮ ‬وحضور روح الله فينا ونشكره لأجل ذلك‮ .‬
ولأجل زيادة ايضاح تلك النقطة نأخذ قانون الجاذبية الأرضية‮ ‬،‮ ‬فكل شئ‮ ‬ينجذب ناحية مركز الأرض بقوة‮ ‬غير منظورة تسمي‮ ‬قوة الجاذبية الأرضية‮ ‬،‮ ‬إنها تحدث في‮ ‬كل الأرض أنها قوة كونية تدعي‮ ‬قانون الجاذبية‮ ‬،‮ ‬أو مبدأ الجاذبية‮ ‬،‮ ‬فخذ بذراعك أي‮ ‬شئ صلب واتركه‮ ‬،‮ ‬فماذا‮  ‬يحدث ؟‮ ‬يسقط علي‮ ‬الأرض‮ ‬،‮ ‬فدائماً‮ ‬يسقط إلي‮ ‬الأرض‮ ‬،‮ ‬ومهما كررت المحاولة فسيحدث نفس الشئ‮ ‬،‮ ‬إنها مبدأ كوني‮ ‬،‮ ‬ولا شئ‮ ‬يمكن أن‮ ‬يغير هذا الامر‮ ‬،‮ ‬وفيما‮ ‬يختص بموضوعنا الذي‮ ‬هو طبيعة الخطية‮ "‬ناموس الخطية والموت‮" ‬،‮ ‬فهو أيضاً‮ ‬مبدأ كوني‮ ‬،‮ ‬ينطبق علي‮ ‬كل كائن بشري‮ ‬حي‮ ‬علي‮ ‬هذا الكوكب‮ ‬،‮ ‬فإن طبيعة الخطية تتجه باستمرار ناحية الخطية‮ .‬
وافترض أننا أردنا أن نغير هذا الامر‮ ‬،‮ ‬فإذا أردنا أن لا ندع‮   ‬الكتاب‮ ‬يسقط علي‮ ‬الأرض تحت قوة الجاذبية‮ ‬،‮ ‬فنربط في‮ ‬الكتاب بعض البالونات المليئة بغاز الهيليوم‮ (‬وهو أخف من الهواء‮) ‬،‮ ‬وتكون البالونات كافية لرفع وزن الكتاب أي‮ ‬قوتها اكبر من وزن الكتاب‮ ‬،‮ ‬فماذا سيحدث لهذا الكتاب ؟ سيبدأ في‮ ‬الارتفاع بدلاً من سقوطه علي‮ ‬الأرض‮ ‬،‮ ‬ولماذا حدث ذلك ؟ هل لأن الجاذبية بطلت أم لأنها لا تعمل ؟ كلا أنها لازالت كما هي‮ ‬موجودة‮ ‬،‮ ‬لكننا استحضرنا قوة أخري‮ ‬أو مبدأ آخر أعظم لأجل رفع ذلك الكتاب‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬مبدأ أقوي‮ ‬من الجاذبية‮ ‬،‮ ‬والنتيجة أن الكتاب لم‮ ‬يعد‮ ‬يسقط ولكنه ارتفع تحت تأثير الهيليوم‮ .‬
وهذا‮ ‬يوضح ما قد فعله الله مع المؤمن‮ ‬،‮ ‬فإن الطبيعة الساقطة لا تُمحي‮ ‬عندما‮ ‬يخلص المؤمن‮ ‬،‮ ‬لأن الله قصد أن‮ ‬يتركنا في‮ ‬هذا العالم مع وجود تلك الطبيعة الساقطة فينا‮ (‬لأن حالة قلوبنا تُمتحَن باستمرار بواسطتها‮) ‬لكنه قد جهز لنا الإمداد الكامل لكي‮ ‬نحيا فوق قوة الشر‮ "‬روح الحياة في‮ ‬المسيح‮ ‬يسوع‮" ‬مثل الهليوم‮ ‬،‮ ‬فقد أُستحضِر إلي‮ ‬حياتنا الذي‮ ‬يتغلب علي‮ ‬طبيعة الخطية التي‮ ‬فينا وبالتالي‮ ‬نستطيع أن نحيا متحررين من أفعالها وهذا هو العتق‮ .‬
فإن عدد‮ (٣) ‬من رومية‮ (٨) ‬أظهر لنا أن الله لم‮ ‬يعد‮ ‬يبحث عن أي‮ ‬شئ صالح في‮ ‬الطبيعة الساقطة لأنها قد امتحنت وهي‮ ‬ليست لديها القدرة علي‮ ‬فعل الخير‮ ‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬قد أدانها بموت المسيح‮ ‬،‮ ‬وهذا‮ ‬يعلمنا أننا بالمثل لا‮ ‬يجب أن نبحث عن أي‮ ‬شئ صالح في‮ ‬الطبيعة الساقطة‮ ‬،‮ ‬ولذا لا‮ ‬يجب أن نندهش أو نحبط عندما تظهر الطبيعة الساقطة نفسها وتطفو علي‮ ‬السطح‮ ‬،‮ ‬بل نحتاج أن نفهم أن الله تعامل معها قضائياً‮ ‬علي‮ ‬الصليب‮ ‬،‮ ‬ولم‮ ‬يعد‮ ‬يبحث عن أي‮ ‬شئ من الجسد بل قد اعطانا روح الله والروح هو الذي‮ ‬سيعطينا القوة أن نسلك في‮ ‬الحياة المقدسة‮ .‬

ثــمــر الـــــروح
نقرأ‮ (‬غل‮ ‬5‮ : ‬22-25‮) ‬عن أحد الأشياء الآخري‮ ‬العظيمة لسكني‮ ‬الروح في‮ ‬داخلنا‮ "‬وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف‮ ‬،‮ ‬ضد أمثال هذه ليس ناموس ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء‮  ‬والشهوات‮ ‬،‮ ‬إن كنا نعيش بالروح فلنسلك بحسب الروح‮" .‬
أيضاً‮ ‬نقرأ‮ (‬2كو‮ ‬3‮ : ‬17‮ ‬،‮ ‬18‮) "‬وأما الرب فهو‮  ‬الروح‮ ‬،‮ ‬وحيث روح الرب هناك حرية‮ ‬،‮ ‬ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف‮ (‬كما في‮ ‬مرآة‮) ‬نتغير الي‮ ‬تلك الصورة عينها من مجد الي‮ ‬مجد كما من الرب الروح‮" .‬
إن روح الله‮ ‬يسكن في‮ ‬المؤمن لكي‮ ‬ينتج ثمر في‮ ‬حياته‮ ‬،‮ ‬ولاحظ كلمة‮ (‬ثمر‮) ‬وليس ثمار بالرغم من أنهم تسع اجزاء مختلفة منه‮ ‬،‮ ‬إلا أنه ثمر واحد‮ ‬،‮ ‬إن ما‮ ‬يرغب الروح أن‮ ‬يفعله في‮ ‬قلبك وقلبي‮ ‬أن‮ ‬يجعلنا اكثر تشبهاً‮ ‬بالمسيح أدبياً‮ (‬أي‮ ‬يجعلنا مثل المسيح‮) ‬فالتسع قطع من‮ "‬ثمر الروح‮" ‬تلك هي‮ ‬سمات المسيح‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬ظهور طبيعته في‮ ‬القديسين‮ ‬،‮ ‬وكيف‮ ‬يحدث ذلك ؟ إن الروح القدس‮ ‬يكتب المسيح علي‮ "‬ألواح قلوبنا اللحمية‮" ‬كما في‮ (‬2كو‮ ‬3‮ : ‬3‮) ‬،‮ ‬وكما أن المسيح قد رُسِم علي‮ ‬قلوبنا نصير أكثر تشبهاً‮ ‬به‮ ‬،‮ ‬وهذا سيظهر جلياً‮ ‬في‮ ‬حياتنا‮ .‬
والآن نريد أن نعي‮ ‬ما‮ ‬يقوله الرسول في‮ ‬عدد‮ (٧) ‬من ‮٢‬كو‮٣ ‬،‮ ‬وهو أن الرب هو‮ "‬الروح‮" ‬لكل أسفار العهد القديم‮ ‬،‮  ‬أي‮ ‬أنه هو الجوهر لكل ما كُتب فيها‮ ‬،‮ ‬أن كلمة‮ "‬روح‮" ‬تستخدم في‮ ‬مكان آخر بنفس الطريقة‮ ‬،‮ ‬انظر‮ (‬رؤ‮ ‬19‮ : ‬10‮) "‬إن شهادة‮ ‬يسوع هي‮ ‬روح النبوة‮" ‬،‮ ‬وبأي‮ ‬طريقة عندما نتناول اسفار العهد القديم فمن الضروري‮ ‬ان نري‮ ‬المسيح هناك‮ ‬،‮ ‬لأن الله عندما كتب تلك الاسفار كان المسيح قدامه‮ ‬،‮ ‬فإذا أردنا أن نقرأ كتب العهد القديم ونُطعَم عليها فيجب ان‮ ‬يكون المسيح قدامنا أيضاً‮ (‬قارن‮ ‬يو‮ ‬5‮ : ‬39‮) ‬،‮ ‬فعندما كان بولس متكلماً‮ ‬عن قراءة كتب العهد القديم في‮ ‬عدد‮ (‬14‮) ‬وقائلاً‮ ‬أن الرب هو الروح لكل ما كتب في‮ ‬الاسفار القديمة‮ ‬،‮ ‬ولكن الآن‮ ‬يقول‮ "‬حيث روح الرب هناك حرية‮" ‬ونحن كمؤمنين الآن في‮ ‬المسيحية لنا سكني‮ ‬الروح‮ ‬،‮ ‬وهذا‮ ‬يهبنا حرية لكي‮ ‬ننظر الي‮ ‬وجه الرب‮ ‬يسوع المسيح حيث هو الآن في‮ ‬المجد‮ ‬،‮ ‬واثناء انشغالنا بالمسيح وبمكانتنا فيه‮ ‬،‮ ‬نجد في‮ ‬عدد‮ (‬18‮) ‬يخبرنا أن الروح عاملاً‮ ‬فينا بعمل صامت‮ ‬،‮ ‬لكي‮ ‬يكتب المسيح علي‮ ‬قلوبنا‮ ‬،‮ ‬وبهذا نتحول الي‮ ‬نفس صورته‮ ‬،‮ ‬وبكلمات أخري‮ ‬نكون مثل المسيح من الناحية الأدبية‮ ‬،‮ ‬ويضيف بولس‮ "‬من مجد الي‮ ‬مجد‮" ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن هذا العمل‮ ‬يتم بالتدريج وقتياً‮ ‬وخطوة بخطوة نصير مثله‮ ‬،‮ ‬وهذا هو التحول الأدبي‮ ‬مثل المسيح الذي‮ ‬ينتجه فينا الروح القدس‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬اثناء نمونا وتقدمنا في‮ ‬حياتنا المسيحية سنصبح مثل المسيح أكثر‮ !‬ ‮.‬
فتلك هي‮ ‬وظيفة أخري‮ ‬عظيمة لروح الله‮ ‬،‮ ‬إذ‮ ‬يجعلنا نكون مثل المسيح ابن الله أدبياً‮ ‬،‮ ‬لأنه قيل أن الله أحب أبنه كثيراً‮ ‬جداً‮ ‬،‮ ‬ولذا قصد أن‮ ‬يملأ السماء بابناء كثيرين مثل ابنه‮ (‬عب‮ ‬2‮ : ‬10‮) ‬إذاً علي‮ ‬قدر مشغوليتنا بابن الله‮ ‬يغيرنا الروح القدس علي‮ ‬نفس صورته‮ .‬
وبالتالي‮ ‬قد رأينا خمسة أشياء‮ ‬يعملها معنا روح الله بسكناه فينا وهي‮ :‬
‮١ - ‬يعطينا اليقين بخلاصنا
‮٢ - ‬يجعلنا نعرف ونتمتع ببركاتنا
‮٣ - ‬يعطينا الادراك والتمييز لأجل الطريق
‮٤ - ‬يهبنا قوة لكي‮ ‬نحيا الحياة المقدسة لأجل مجد الله
‮٥ - ‬يُغيِّرنا الي‮ ‬نفس صورة الرب نفسه

المـلء بالـــــروح
دعونا نتأمل فيما‮ ‬يعني‮ ‬الملء بالروح‮ ‬،‮ ‬السؤال الذي‮ ‬يتبادر الي‮ ‬الذهن‮ ‬،‮ ‬إذا كان الحال هكذا‮ ‬،‮ ‬فلماذا أجد أن المسيح ليس له إلا القليل فيَّ‮ ‬؟‮ ‬،‮ ‬ولماذا أتمتع قليلاً‮ ‬جداً بالبركات التي‮ ‬لي‮ ‬؟ ولماذا أجد قوة قليلة لأحيا حياة مقدسة للمسيح ؟ تلك الأسئلة هي‮ ‬التي‮ ‬أود أن نتأملها معاً‮  .‬
دعونا نقرأ‮ (‬أف‮ ‬5‮ : ‬18‮ - ‬21‮) "‬ولا تسكروا بالخمر الذي‮ ‬فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح مكلمين بعضكم بعضاً‮ ‬بمزامير وتسابيح وأغاني‮ ‬روحية مترنمين ومرتلين في‮ ‬قلوبكم للرب‮ ... ‬خاضعين بعضكم لبعض في‮ ‬خوف الله‮" .‬
هنا‮ ‬يجب أن نجاوب عن تلك الأسئلة‮ ‬،‮ ‬فنحن في‮ ‬حاجة الي‮ ‬الملء بالروح القدس‮ ! ‬،‮ ‬فليس كافياً‮ ‬ان‮ ‬يكون الروح ساكناً فينا‮ ‬،‮ ‬بل بالأحري‮ ‬نحتاج الي‮ ‬أن نكون ممتلئين بالروح‮ ‬،‮ ‬فليس هناك تحريض في‮ ‬الكتاب‮ ‬يحرضنا عن وجوب سكني‮ ‬الروح القدس فينا‮ (‬لأن الله‮ ‬يعطينا الروح القدس بالإيمان بإنجيل خلاصنا كما‮ ‬غطينا هذا الموضوع سابقاً‮) ‬ولكن بالأحري‮ ‬يوجد التحريض الكتابي‮ ‬بأن نمتلئ بالروح‮  ‬،‮ ‬وهذا امر مختلف تماماً ،‮ ‬فمن‮  ‬الحسن أن نمتلك روح الله فينا‮ ‬،‮ ‬ولكن شئ آخر أن‮ ‬يمتلكنا روح الله‮ ! ‬،‮ ‬أي‮ ‬أن تكون للروح القدس القيادة علي‮ ‬كل جزء في‮ ‬حياتنا وهذا ما‮ ‬يعنيه الامتلاء بالروح‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬أن‮ ‬يدير الروح ويتحكم في‮ ‬كل جزء من مساحة حياتنا‮ .‬
أحياناً‮ ‬نسمع عن امر اعطاء الرب كل جزء في‮ ‬حياتنا‮ ‬،‮ ‬فالبعض‮ ‬يعطون الرب اجزاء كثيرة في‮ ‬الحياة ويحتفظون لأنفسهم ببعض الجوانب لأجل ارادتهم الذاتية‮ ‬،‮ ‬وأقل شئ نحتفظ به لأنفسنا‮ ‬يمنعنا من التقدم والنمو الروحي‮ ‬،‮ ‬وهذا ممكن أن‮ ‬يكون بالنسبة للبعض‮ ‬،‮ ‬ولكننا نحيا في‮ ‬أيام نجد فيها المؤمنين‮ ‬يحيون كل حياتهم لأجل الذات‮ ‬،‮ ‬والقليل جداً لأجل المسيح‮ ‬،‮ ‬إن حياتنا‮ ‬غالباً‮ ‬ما تمتلئ باهتماماتنا الخاصة وطموحاتنا‮ ‬،‮ ‬وهذا بالطبع‮ ‬يعوق روح الله من العمل فينا‮ (‬وبالتالي‮ ‬لا نجد الفائدة من الأمور المباركة التي‮ ‬يجب أن نعتبرها‮) ‬،‮ ‬ولهذا فإننا بحاجة الي‮ ‬الامتلاء بالروح القدس‮ .‬
وأود أن أعطي‮ ‬ايضاحاً لهذا‮ . ‬في‮ ‬ألمانيا منذ عدة سنوات كان هناك أرغون فخم جداً‮ ‬موضوع في‮ ‬كاتدرائية عظيمة وضخمة‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬أحد الايام جاء زائر إلي‮ ‬الكاتدرائية وطلب أن‮ ‬يعزف علي‮ ‬هذا الأرغون‮ ‬،‮ ‬وقال له الشخص المسئول‮ ‬،‮ ‬بأنه‮ ‬غير مسموح للغرباء بأن‮ ‬يعزفوا علي‮ ‬تلك الآلة‮ ‬،‮ ‬ولكن الزائر أصرَّ‮ ‬علي‮ ‬ذلك‮ ‬،‮ ‬وأخيراً سمح له المسئول أن‮ ‬يجلس علي‮ ‬الارغون‮ ‬،‮ ‬وللتو خرجت أعذب الألحان الموسيقية من الارغون وملأت الكاتدرائية الموسيقي‮ ‬الشجية والنغمات الرقيقة‮ ‬،‮ ‬واندهش المسئول جداً‮ ‬من الموسيقي‮ ‬الجميلة‮ ‬،‮ ‬وبعدها قام‮  ‬الزائر وكان علي‮ ‬وشك الخروج‮ ‬،‮ ‬فأسرع المسئول وراءه وسأله من أنت ؟ فأجاب‮ "‬مندلسون‮" ‬أنه الملحن العظيم بنفسه‮ ‬،‮ ! ‬،‮ ‬ومن ثم قال المسئول‮ : ‬كيف أني‮ ‬رفضتك أن تعذف وأنت الملحن العظيم والقدير بل أشهر ملحن في‮ ‬أوروبا‮ ‬،‮ ‬إنني‮ ‬اخجل من نفسي‮ ‬لأن منعتك من العذف‮ .‬
وأريد أن أفكر في‮ ‬هذه القصة بما‮ ‬يختص بحضور روح الله في‮ ‬داخلنا‮ ‬،‮ ‬وهو الأعظم من أي‮ ‬ملحن مشهور‮ ‬،‮ ‬إنه الاقنوم الإلهي‮ ‬،‮ ‬روح الله الذي‮ ‬دخل إلي‮ ‬قلوبنا لأننا قد خلصنا‮ ‬،‮ ‬وختمنا وسكن فينا عندما آمنا بالإنجيل‮ ‬،‮ ‬ولكن هل نفعل مثل الشخص المسئول عن الاورجون ونرفض أن نجعل الملحن العظيم‮ ‬يقود حياتنا لكي‮ ‬يعزف أحد أجمل الألحان في‮ ‬حياتنا لمجد الله ؟‮ ‬،‮ ‬فإذا كنا أمناء سنعترف بأننا لم نعطي‮ ‬الروح القدس الفرصة لكي‮ ‬يملأ حياتنا بما‮ ‬يمجد الله‮ ‬،‮ ‬وبما فيه بركتنا‮ ‬،‮ ‬فياليتنا نسلم حياتنا للرب ونمتلئ بالروح القدس‮ ‬،‮ ‬وندع الرب‮ ‬يأخذ مكانته الصحيحة في‮ ‬حياتنا‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يريد أن‮ ‬يملئ قلوبنا بالأشياء التي‮ ‬للمسيح ويصيِّرنا مؤمنين أكثر سعادة ورضا في‮ ‬هذا العالم‮ .‬
ولقد لاحظت من سفر الأعمال‮ (‬ص‮ ‬2‮) ‬ان ملئ الروح مرتبط بالشركة‮ ‬،‮ ‬وفي‮ (‬ص‮٤) ‬مرتبط بالصلاة وكلمة الله‮ ‬،‮ ‬وفي‮ (‬ص‮ ‬7‮) ‬نراه‮ ‬يرتبط بالشهادة للمسيح‮ ‬،‮ ‬وفي‮ (‬ص11‮) ‬يرتبط بخدمة احتياجات القديسين‮ ‬،‮ ‬وفي‮ (‬أف ‮٥) ‬نري‮ ‬ملئ الروح مرتبط بالتسبيح والترتيل الذي‮ ‬في‮ ‬القلب‮ .‬
دعونا نعود إلي‮ ‬رومية‮ (٨) ‬،‮ ‬لأنني‮ ‬أريد أن أشير الي‮ ‬كيفية مسئوليتنا بأن ندع روح الله‮ ‬يعمل عمله فينا ويملأنا‮ (‬رو‮ ‬8‮ : ‬13‮) "‬لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون‮ ‬،‮ ‬ولكن إن كنتم بالروح تميتون اعمال الجسد فستحيون‮ ..." ‬ما‮ ‬يريد الرسول أن‮ ‬يوضحه هنا‮ ‬يقودنا الي‮ ‬عدد‮ (‬13‮) ‬الذي‮ ‬هو الطريق إلي‮ ‬العتق العملي‮ ‬للمؤمنين‮ ‬،‮ ‬كون الروح القدس‮ ‬يكون فينا كقوة لأجل العتق شئ‮ ‬،‮ ‬وكونه‮ ‬يعمل فينا لأجل تعضيدنا في‮ ‬حياتنا شئ آخر تماماً‮ .‬

وما‮ ‬يضعه الرسول أمامنا في‮ ‬الأعداد‮ (‬5‮ ‬- 11‮) ‬دائرتين‮ ‬،‮ ‬دائرة الأشياء التي‮ ‬تخص الجسد ودائرة الأشياء التي‮ ‬تخص الروح‮ ‬،‮ ‬فالامور الخاصة بالروح هي‮ ‬التي‮ ‬يتحدث عنها الرسول بشكل عام بدون اعطاء تفاصيل‮ ‬،‮ ‬إنها الأشياء التي‮ ‬هي‮ ‬اهتمامات المسيح في‮ ‬هذا العالم‮ ‬،‮ ‬فمن الممكن ان تكون دراسة الأسفار المقدسة‮ ‬،‮ ‬التسبيح‮ ‬،‮ ‬والترنم في‮ ‬قلوبنا‮ ‬،‮ ‬الذهاب الي‮ ‬اجتماعات الكتاب المقدس‮ ‬،‮ ‬أو اجتماعات الصلاة أو كتابة الخطابات الي‮ ‬المؤمنين‮ ‬،‮ ‬زيارة الشعب لأجل كلمة تشجيع‮ ‬،‮ ‬التبشير بالإنجيل وتوزيع النبذ‮ ‬،‮ ‬هذه الأشياء هي‮ ‬التي‮ ‬للروح‮ ‬،‮ ‬إنها الاغراض المرتبطة بالمسيح واهتماماته‮  ‬الذي‮ ‬هو مركز مقاصد الله وأغراضه‮ ‬،‮ ‬وبعد ذلك‮ ‬يتحدث عن الأشياء التي‮ ‬للجسد‮ ‬،‮ ‬وهو هنا لم‮ ‬يعط تفاصيل‮ ‬،‮  ‬ولكن نعلم ما هو نوع هذه الأشياء التي‮ ‬للجسد‮ ‬،‮ ‬إنه‮ ‬يظهر تلك الدائرة والتي‮ ‬هي‮ ‬علي‮ ‬النقيض من الدائرة الأخري‮ ‬تماماً‮ ‬،‮ ‬دائرة تقود الي‮ ‬ما هو الحياة والسلام الحقيقي‮ ‬،‮ ‬والأخري‮ ‬تقود الي‮ ‬الموت‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬الموت الأدبي‮ ‬،‮ ‬وبعد ذلك‮ ‬يأتي‮ ‬الي‮ ‬الخاتمة في‮ ‬عددي‮ (‬12‮ ‬،‮ ‬13‮) ‬مظهراً‮ ‬لنا أنه‮ ‬ينبغي‮ ‬ان نعيش في‮ ‬الدائرة الصحيحة‮ ‬،‮ ‬لو كنا نرغب في‮ ‬قوة الروح لأجل حياتنا‮ ‬،‮ ‬ويحذرنا أيضاً‮ "‬لأنه ان عشتم حسب الجسد فستموتون‮" ‬كلمة خطيرة‮ ! ‬،‮ ‬أيها الشباب الأعزاء هل تسمعون ذلك ؟ إذا عشت في‮ ‬دائرة الجسد فإن هذا‮ ‬يؤدي‮ ‬بك الي‮ ‬الموت الأدبي‮ ‬في‮ ‬حياتك‮ !‬ ،‮ ‬والآن دعوني‮ ‬اسأل في‮ ‬أي‮ ‬الدائرتين نحيا ؟‮ .‬
هذا ما أريد أن أضعه أمامكم أيها الشباب‮ ! ‬،‮ ‬أنت تعلم أنه لو عشنا حياتنا من الصباح الي‮ ‬المساء في‮ ‬دائرة الأمور التي‮ ‬تخص الجسد فلا‮ ‬يمكننا أن نتوقع فيض روح الله في‮ ‬حياتنا‮ ‬،‮ ‬فإذا كنا نقضي‮ ‬حياتنا من الصباح الي‮ ‬المساء في‮ ‬تلك الدائرة‮ ‬،‮ ‬فلا‮ ‬يمكن أن نتوقع النتائج العملية التي‮ ‬تحدثنا عنها قبلاً‮ ‬في‮ ‬حياتنا‮ ‬،‮ ‬وأنت تعلم ماذا أعني‮ ‬بذلك‮ ‬،‮ ‬فإذا قضيت‮ ‬يومك في‮ ‬لعب الكرة وبعد ذلك ذهبت الي‮ ‬الكافيتريا لتأكل اثناء سماع الموسيقي‮ ‬،‮ ‬وتدخل سيارتك بعد ذلك وأنت متعب ومنهك القوي‮ ‬،‮ ‬وتصل الي‮ ‬البيت وتُشغِّل التليفزيون لبعض الوقت‮ ‬،‮ ‬وبعد ذلك‮ ‬يتبقي‮ ‬بعض الوقت قبل الذهاب الي‮ ‬الفراش فتفكر أن تقضيه أمام‮  ‬الكمبيوتر في‮ ‬لعب المباريات‮  ‬،‮ ‬ثم اخيرا تذهب الي‮ ‬الفراش ؟‮ ‬،‮ ‬فماذا حدث في‮ ‬ذلك اليوم الذي‮ ‬قضيته بأكمله في‮ ‬دائرة الجسد‮ ‬،‮ ‬لاحظ أنه مكتوب في‮ ‬عدد‮ (٥) "‬فإن الذين هم حسب الجسد فبما للجسد‮ ‬يهتمون‮" ‬إنهم‮ ‬يهتمون بالامور الخاصة بالجسد أي‮ ‬التي‮ ‬حسب الجسد‮ ‬،‮ ‬حيث الدائرة التي‮ ‬يحيا فيها الإنسان الهالك‮ ‬،‮ ‬حيث أنه‮ ‬يعلم أن ليس هناك شئ آخر‮ ‬يهتم به‮ ‬،‮ ‬لكن هل من الممكن للمؤمنين أن‮ ‬يحيوا في‮ ‬دائرة هذه الأشياء أيضاً‮ !‬ ،‮ ‬وأنا لا أود أن أقول ان كل تلك الأشياء‮  ‬التي‮ ‬ذكرتها خطية أو قباحة‮ ‬،‮ ‬ولكنها ليست الأشياء التي‮ ‬هي‮ ‬دائرة الروح‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬أنها ليست الأشياء التي‮ ‬للمسيح واهتماماته علي‮ ‬الأرض‮ ‬،‮ ‬وما‮ ‬يقوله الرسول في‮ ‬عدد‮ (‬13‮) ‬إنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون‮ ‬،‮ ‬فالطريقة التي‮ ‬يتحدث فيها هنا عن الموت مختلفة عن الأماكن الأخري‮ ‬في‮ ‬الكتاب المقدس‮ ‬،‮ ‬فالموت كما نعلمه دائماً‮ ‬يحمل فكر الانفصال‮ ‬،‮ ‬وفكر الموت في‮ ‬ذلك العدد‮ ‬يعني‮ ‬انقطاع الشركة والعلاقة مع الله‮ ‬،‮ ‬فالانفصال‮ ‬يدخل الي‮ ‬حياتنا وتصبح حياتنا فاشلة‮ ‬،‮ ‬إنه لا‮ ‬يتحدث عن الموت الطبيعي‮ ‬أو الروحي‮ ‬هنا بل الموت الأدبي‮ ‬الذي‮ ‬يحدث في‮ ‬حياة‮  ‬المؤمن الذي‮ ‬لا‮ ‬يؤدي‮ ‬إلا إلي‮ ‬الفشل‮ - ‬الفشل في‮ ‬السلوك في‮ ‬الحياة المسيحية السعيدة مع المسيح‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يريد أن‮ ‬يقول إذا عشت في‮ ‬دائرة ا لجسد‮ ‬يمكنك أن تتوقع ان هذا‮ ‬يأتي‮ ‬إليك بالموت‮ ‬،‮ ‬ولكن إن عشت في‮ ‬دائرة الروح فيوجد كثرة من القوة لتحيا لأجل مجد الله‮ ‬،‮ ‬وهذا هو الامتلاء بالروح‮ ! ‬والحقيقة البسيطة والواضحة اننا نقضي‮ ‬أوقات كثيرة في‮ ‬الدائرة الخاطئة مهتمين بالامور التي‮ ‬للجسد أيها الشباب‮ ! ‬،‮ ‬ولكنه الآن وقت لندخل الي‮ ‬الدائرة الصحيحة‮ .‬
فيا تري‮ ‬ما هو‮ ‬غرض حياتك ؟ ما هو‮  ‬الشئ الذي‮ ‬يشغل حياتك بالدرجة الأولي‮ ‬؟ إنني‮ ‬أريد أن أتلامس مع السبب الذي‮ ‬لأجله نجد فشلاً‮ ‬زريعاً‮ ‬بين المؤمنين‮ ‬،‮ ‬وأنت تعلم أنه‮ ‬يقال‮ (‬إذا أشبعنا الجسد فإننا نعرقل الروح‮) ‬،‮ ‬ونحن نعرف أن هذا حقيقي‮ ‬،‮ ‬إذا كنا نذهب لأجل الاهتمام بأمور دائرة الجسد فلا‮ ‬يمكننا ان نتوقع أن‮ ‬يعمل روح الله عملاً‮ ‬ثميناً‮ ‬في‮ ‬حياتنا‮ ‬،‮ ‬ودعونا نتذكر أن امتلاء‮  ‬اليوم سوف لا‮ ‬يكفي‮ ‬للغد‮ ! ‬،‮ ‬فإننا‮ ‬يجب أن ندع روح الله‮ ‬يدير حياتنا كل‮ ‬يوم‮ ‬،‮ ‬فلا‮ ‬يمكننا أن نقول‮ (‬حسناً‮ ‬سأقضي‮ ‬بعض الوقت في‮ ‬يوم الأحد ذاهباً‮ ‬الي‮ ‬الاجتماع واقرأ الكلمة وهذا‮ ‬يكفي‮ ‬للاسبوع‮) ‬كلا بل إننا‮ ‬يجب أن نحيا في‮ ‬دائرة الروح كل‮ ‬يوم‮ ‬،‮ ‬والكتاب‮ ‬يقدم لنا تلك الاهتمامات المتنوعة للروح في‮ ‬المسيحية العادية‮ ‬،‮ ‬فمن الطبيعي‮ ‬أن المؤمن‮ ‬يريد أن‮ ‬يرضي‮ ‬الله ويهتم بالأمور التي‮ ‬للمسيح كل‮ ‬يوم في‮ ‬حياته‮ ‬،‮ ‬ومن الطبيعي‮ ‬أن المؤمن‮ ‬يحيا في‮ ‬دائرة الروح‮ ‬،‮ ‬ولكننا كمؤمنين حياتنا بعيدة جداً‮ ‬عن ذلك‮ ‬،‮ ‬ونحن ندفع ثمن ذلك‮ .‬
دعونا نقرأ‮ (‬2مل‮ ‬4‮ : ‬1‮ - ‬7‮) ‬كمثال لهذا الأمر الذي‮ ‬نتحدث عنه‮ ‬،‮ ‬المرأة التي‮ ‬دخلت في‮ ‬دَيّن وجاء المداينين ليأخذوا ولديها عبدين كنتيجة لذلك الدين‮ "‬فقال لها أليشع ماذا أصنع لكِ‮ ‬،‮ ‬اخبريني‮ ‬ماذا لكََ في‮ ‬البيت‮ ‬،‮ ‬فقال ليس لجاريتك شئ في‮ ‬البيت إلا دهنة زيت‮ ‬،‮ ‬فقال اذهبي‮ ‬استعيري‮ ‬لنفسك أوعية من خارج من عند جميع جيرانك أوعية فارغة‮ ‬،‮ ‬لا تقللي‮ ‬،‮ ‬ثم ادخلي‮ ‬وأغلقي‮ ‬الباب علي‮ ‬نفسك وعلي‮ ‬بنيك وصبي‮ ‬في‮ ‬جميع هذه الأوعية وما امتلأ انقليه‮ ‬،‮ ‬فذهبت من عنده وأغلقت الباب علي‮ ‬نفسها وعلي‮ ‬بنيها فكانوا هم‮ ‬يقدمون لها الأوعية وهي‮ ‬تصب ولما امتلأت الأوعية قالت لابنها قَدِّم لي‮ ‬أيضاً‮ ‬وعاء‮ ‬،‮ ‬فقال لها لا‮ ‬يوجد بعد وعاء‮ ‬،‮ ‬فوقف الزيت‮ ‬،‮ ‬فأتت وأخبرت رجل الله فقال اذهبي‮ ‬بيعي‮ ‬الزيت وأوفي‮ ‬دينك وعيشي‮ ‬أنتِ‮ ‬وبنوك بما بقي‮"‬ ‮.‬
ولماذا قرأت هذا الفصل ؟ ما هو المغزي‮ ‬لموضوعنا في‮ ‬هذا الفصل ؟ حسناً‮ ‬انك تجد هنا حالة من الفقر‮ ‬،‮ ‬فهذه المرأة كانت في‮ ‬حاجة‮ ‬،‮ ‬إلي‮ ‬المساعدة‮ ‬،‮ ‬فهي‮ ‬مجردة من كل شئ ما عدا دهنة زيت‮ ‬،‮  ‬والزيت هنا‮ ‬يرمز لروح الله كما نفهم من كلمة الله‮ ‬،‮ ‬والمعجزة قد تمت عن طريق اليشع ونجد هنا أنها كانت تصب الزيت في‮ ‬الأوعية الفارغة والزيت كان دائم الجريان لم‮ ‬يتوقف بل استمر حتي‮ ‬امتلأت كل الأوعية الفارغة الكامل‮ ! ‬،‮ ‬والآن دعني‮ ‬اسأل سؤال‮ ‬يا تري‮ ‬هل لاحظت في‮ ‬القصة ما الذي‮ ‬جعل الزيت‮ ‬يبدأ بالفيضان ويستمر بغزارة ؟ إن هذا قد تم فقط عندما أغلقت الباب‮! ‬،‮ ‬فأليشع شدد علي‮ ‬أن تغلق الباب أولاً‮ ‬فتدخل هي‮ ‬وأولادها وتغلق الباب ومن ثم‮ ‬يبدأ الزيت بالفيض‮ ‬،‮ ‬هذا هو سر ادراك هذا الإمداد العظيم للزيت‮ ‬،‮ ‬وتلك هي‮ ‬بداية المعجزة العظيمة‮ .‬
وهل تعلم ماذا نتعلم من ذلك ؟ نتعلم أننا في‮ ‬حاجة الي‮ ‬غلق ابوابنا في‮ ‬الشركة مع العالم‮ ‬،‮ ‬فيما‮ ‬يختص بالأشياء التي‮ ‬هي‮ ‬تخص الجسد‮ !‬ ،‮ ‬فعندما‮ ‬يكون بابنا مغلق لتلك الأشياء فإن الروح القدس سيفيض بحرية وبغزارة في‮ ‬حياتنا ويفيض بالقوة التي‮ ‬نحتاجها لأجل حياتنا المسيحية‮ .‬
تبقي‮ ‬عددا واحداً‮ ‬قبل أن نختم مقالنا في‮ (‬تث‮ ‬33‮ : ‬24‮ ‬،‮ ‬25‮) "‬ولأشير قال مبارك من البنين أشير ليكن مقبولاً‮ ‬من إخوته ويغمس في‮ ‬الزيت رجله‮" ‬،‮ ‬ومن الجائز أن تقول أنه شئ‮ ‬غريب أن تقول ذلك‮ ‬،‮ ‬ولكن عندما تدرك هذا الرمز ستجد أنه معني‮ ‬كامل‮ !‬ ،‮ ‬فهنا نجد التحريض لأشير أن‮ ‬يغمس في‮ ‬الزيت رجله‮ ‬،‮ ‬وهذا صورة لنا‮ "‬السلوك في‮ ‬الروح‮" ‬بالطبع‮ ! ‬كما نجد في‮ (‬غل‮ ‬5‮ : ‬16‮) "‬اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد‮" .‬

وماذا كانت النتيجة ؟ ويستطرد قائلاً‮ "‬حديد ونحاس مزاليجك وكأيامك راحتك‮ (‬قوتك‮) ‬فعندما تغمس رجله في‮ ‬الزيت تكون أحذيته مثل‮ "‬الحديد والنحاس‮" ‬وهذا‮ ‬يستحضر أمامنا السلوك الثابت‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬أن تكون قدمك ثابتة‮ ‬،‮ ‬وفكر آخر‮ ‬يحمله لنا ارتداء أحذية الحديد والنحاس‮ ‬،‮ ‬وهي‮ ‬تترك خلفها آثاراً‮ ‬واضحة للقدم‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬شهادة للآخرين كي‮ ‬يتبعوا نفس الآثار‮ ‬،‮ ‬وهذا ما‮ ‬يحدث عندما‮ ‬يسلك الإنسان بقوة الروح القدس‮ ‬،‮ ‬أنه السلوك الثابت والمتوافق ويترك خلفه شهادة لكي‮ ‬يراه الكل‮ !‬ ،‮ ‬فمن الواضح ان تري‮ ‬الشخص الممتلئ من الروح القدس‮ ‬،‮ ‬ولذلك‮ ‬يقارن الرسول بين حالة السكر والملئ بالروح في‮ (‬أف‮ ‬5‮ : ‬18‮) "‬لا تسكروا بالخمر الذي‮ ‬فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح‮" ‬إنها حالة واضحة للشخص سواء في‮ ‬طريقة سلوكه وأحاديثه‮ ‬،‮ ‬فعندما‮ ‬يسكر إنسان بالخمر الكثير فإنك تستطيع أن تراه مترنحاً في‮ ‬سلوكه ومتلعثماً‮ ‬في‮ ‬حديثه‮ ‬،‮ ‬وكذلك عندما‮ ‬يعيش إنسان في‮ ‬دائرة الجسد سيتضح ذلك في‮ ‬طريقة سلوكه وكلامه‮ ‬،‮ ‬وبالمثل أيضاً‮ ‬عندما‮ ‬يعيش أحد في‮ ‬دائرة الروح تستطيع أن تري‮ ‬ذلك أيضاً‮ ‬فستجد شيئاًً‮ ‬في‮ ‬طريقة السلوك والأحاديث فيميل إلي‮ ‬أن‮ ‬يعطي‮ ‬المسيح مكانته الخاصة به كالسيد والحاكم علي‮ ‬كل شئ‮ ‬،‮ ‬وهذا كان واضحاً‮ ‬في‮ ‬حياة النبي‮ ‬أليشع‮ ‬،‮ ‬فقد كان سالكاً‮ ‬قريباً‮ ‬من بيت المرأة الشونمية وهي‮ ‬قالت لزوجها شئ عن سلوك هذا الرجل وأدركت أن ذلك هو رجل الله‮ (‬2مل‮ ‬4‮ : ‬9‮) ‬ولذلك أود أن أشير أيها الشباب الاعزاء في‮ ‬ختام تلك الدراسة إذا كنتم تريدون أن تستمتعوا بفوائد سكني‮ ‬الروح وحضوره وأعماله المتنوعة لنا‮ ‬،‮ ‬فهذا‮ ‬يعتمد علي‮ ‬ان نحيا في‮ ‬الدائرة الصحيحة وبالتالي‮ ‬سنختبر الملء بروح الله وحياتكم ستثمر لأجل مجد الله‮ .‬

بقلم : بروس انيستي
ترجمة عاطف فهيم

ليست هناك تعليقات: