الثلاثاء، 19 يوليو 2016

عدم الإيمان

عدم الإيمان


"ُثّم كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً : «أَرْسِلْ رِجَالاً لِيَتَجَسَّسُوا أَرْضَ كَنْعَانَ الَّتِي أَنَا مُعْطِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. رَجُلاً وَاحِدًا لِكُلِّ سِبْطٍ مِنْ آبَائِهِ تُرْسِلُونَ. كُلُّ وَاحِدٍ رَئِيسٌ فِيهِمْ». فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى مِنْ بَرِّيَّةِ فَارَانَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. كُلُّهُمْ رِجَالٌ هُمْ رُؤَسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيل"  (عدد13 : 1-3)
نقرأ ان الرب قد أوصي موسي بأن يعين رجال ليدخلوا ويتجسسوا أرض كنعان .
اذا كان سفر العدد الاصحاح الثالث عشر هو كل ما يقص علينا هذا ، لاعتقدنا ان هذا ما كان إلا فكر الرب بأن يرسلوا جواسيس ، ويمتلكوا ميراثهم فوراً بالإيمان . ولكن القراءة المتأنية لتثنية (1) توضح ان هذا لم يكن فكر الرب ! ، ان وصيته المبدأية ورغبته ان يدخلوا فوراً بالإيمان وان يمتلكوا ميراثهم ، اذا كانوا قد اطاعوا وفعلوا هذا لكانوا في غني حتي عن رفع سيفهم ضد الساكنين في الأرض ، فهو كان قد وعد بأنه سوف يتقدمهم ويخرج أعدائهم خارجاً ، لقد كانت هذه إرادته الفعالة لشعبه ، ولكن بسبب عدم إيمانهم فقد سمح لهم بأن يرسلوا جواسيس بإرادته السماحية  اسمع لما يقوله موسي في هذا الاصحاح " الرَّبُّ إِلهُكُمُ السَّائِرُ أَمَامَكُمْ هُوَ يُحَارِبُ عَنْكُمْ حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ مَعَكُمْ فِي مِصْرَ أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ وَفِي الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ رَأَيْتَ كَيْفَ حَمَلَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ كَمَا يَحْمِلُ الإِنْسَانُ ابْنَهُ فِي كُلِّ الطَّرِيقِ الَّتِي سَلَكْتُمُوهَا حَتَّى جِئْتُمْ إِلَى هذَا الْمَكَانِ ، وَلكِنْ فِي هذَا الأَمْرِ لَسْتُمْ وَاثِقِينَ بِالرَّبِّ إِلهِكُمُ "(تث 1 : 30-32)     
كثيرا ما نري في الكتاب الله وهو يسمح بإرادته السماحية بما هو ليس بحسب إرادته القيادية ، هذا ما يفعله الله عندما تكون الحالة الروحية لشعبه غير سامية ، ولكن تذكر انه عندما لا نتبع إرادته القيادية هناك دائماً خسارة بطريقة أو بآخري . ونجد مثال اخر هو عندما طلب الشعب لحماً نقرأ "فَأَعْطَاهُمْ سُؤْلَهُمْ، وَأَرْسَلَ هُزَالاً فِي أَنْفُسِهِمْ" (مز 106 : 15) مرة أخري في إرادته السماحية ، سمح لهم بشئ لم يكن في صالحهم ، لذلك لا يجب ابداً ان نسأل الله بما هو ليس بحسب فكره ، وهذا قد لا يكون لبركتنا وفائدتنا ، فهو قد يسمح بها ، ولكن لابد أن يكون هناك حصاد مر . يجب ان نصلي بنفس روح الرب يسوع كإنسان معتمد علي الله ، "وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ" (لو 22 : 42) ، مثال أخر لأمر سمح به الله بإرادته السماحية وهو الطلاق فنقرأ رد الرب علي الفريسيين في هذا الأمر ٍ"مُوسَى أَذِنَ أَنْ يُكْتَبَ كِتَابُ طَلاَق، فَتُطَلَّقُ ، فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ هذِهِ الْوَصِيَّةَ، وَلكِنْ مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ، ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا اللهُ مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ،وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقْهُ إِنْسَانٌ" (مر 10 : 4-10) ان الطلاق لم يكن أبدا فكر الرب تحت أي ظرف من الظروف ،  ولكنه سمح به بسبب حالة قلوب شعبه في هذا الوقت .
انه من المحزن في هذا الوقت ونحن نقرأ عن كالب ونري شعب الله وهو ممتلئ بعدم الإيمان ، ونحن شباب صغار كان اخ متقدم كثيراً ما يذكرنا بأننا من الممكن ان نكون "مؤمنين بلا إيمانِ" ، فطوال تاريخ الشعب في البرية نجد عدم الإيمان كان يظهر علي السطح مرة تلو الاخري . "وَرَذَلُوا الأَرْضَ الشَّهِيَّةَ. لَمْ يُؤْمِنُوا بِكَلِمَتِهِ بَلْ تَمَرْمَرُوا فِي خِيَامِهِمْ. لَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ الرَّبِّ" (مز 106 : 24-25)  .
لقد كانت هذه هي حالة الرسول توما ، بعد قيامة الرب من الأموات ، فكثيرا ما نتحدث عن توما الشكاك ، ولكن الأمر كان اكثر من هذا ، فقد قال توما : "إِنْ لَمْ أُبْصِرْ ....... لاَ أُومِنْ" (يو 20 : 25) لقد كان توما رسولاً بالحق ، ولكن كانت هناك فترة في حياته كان مؤمنا بلا ايمان واضطر الرب ان يقول له "وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا" (يو 20 : 27) ، دائما الثقة والشجاعة مقترنان ، وهذا واضح في حياة الكثير من الرجال والنساء في الكتاب المقدس ، مثال ابراهيم ، دبورة ، جدعون ، نحميا ، استير وطبعاً كالب موضوع تأملنا ، ومن المحزن ايضاً أن نجد الجبن وعدم الإيمان مقترنان معاً أيضا .
كثيرا ما يطلب منا ان نثق بالرب ، ان نتوكل عليه ، فهو جدير بقتنا ولن يخيب إيماننا أبدا ، فهو قادر علي خطوات الإيمان الكبيرة ، قبل الصغيرة ، وقادر علي تحديات الحياة ، لنتذكر كلمات سليمان "تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ" (امثال 3 : 5) وقد قال داود أبوه من قبله "سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي" (مز 37 : 5) تحكي قصة عن اختين مؤمنات كانتا تتحدثان معاً في امسية وهما تتناولان الشاي فقالت واحدة للاخري عندي آية مشجعة وتساعدني كثيراً هي "فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ" (مز 56 : 3) ، فأجابت الاخري وقالت عندي آية افضل "هُوَذَا اللهُ خَلاَصِي فَأَطْمَئِنُّ وَلاَ أَرْتَعِبُ " (اش 12 : 20) في ختام الامر نري شعب اسرائيل في تاريخه وقد تم تلخيصه في تلك الآيات الاتية : "فَنَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا لِعَدَمِ الإِيمَانِ" (عب 3 : 19) فيالها من خاتمة حزينة !! .


الاثنين، 18 يوليو 2016

ميراثنا

ميراثنا


"لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ" (1بط 1 :4)
كان هناك ميراثا ينتظر شعب اسرائيل ، كان هذا الميراث علي الضفة الاخري لنهر الاردن من برية سيناء .
لقد قال الرب " فَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّينَ، وَأُصْعِدَهُمْ مِنْ تِلْكَ الأَرْضِ إِلَى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ وَوَاسِعَةٍ، إِلَى أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلاً" (خر 3 : 8)
كثيراً ما يشار لكنعان في الترانيم كصورة للسماء  أو ما يأتي بعد الموت ، بمعني اخر حالة لا نأتي إليها في هذه الحياة ، ولكن في الواقع كنعان هي صورة ما نستطيع ويجب ان نتمتع به الان . انها تشكل صورة للبركات التي لنا في المسيح ، تلك البركات السماوية التي نقرأ عنها في (اف 1 : 3) "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ"
ان ميراث اسرائيل كان أرضياً ، وبالتالي كان مناسباً ولائقاً بهم ان يغزوا بالسيف ، الواقع انه بسبب عدم قيامهم بهذا بصورة كاملة ، فنسل اعدائهم اصبحوا ولازالوا بلاء لهم في فلسطين الي هذا اليوم .
بالنسبة لنا فبركاتنا سماوية ، لذلك فإننا لا نحارب باسلحة مادية ، ومع اننا لا نحارب حرب مادية ، إلا انها حرب حقيقية ، ان الشيطان وجنوده هم اعداء حقيقيين ، يسعون لاعاقة تمتعنا بمالنا في المسيح  "فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ " (اف 6 :12) فنحن الان في منطقة حرب ولن نخرج خارجها الي ان نترك هذا العالم ليكون لنا السلام والراحة في السماء ، والتمتع بكل ما هو في بيت الأب بدون أي اعاقة .
ولكن السؤال كيف ونحن بصدد خصم قوي جداً يحتشد ضدنا ان نسلك بقوة وفي تمتع بميراثنا ونحن علي ارض الاعداء ؟ إن الحقيقة الرائعة هي أننا لا يجب ان نواجه هذا العدو بقوتنا الشخصية ، كما كان الامر بالنسبة لشعب الله في العهد القديم ، وبلا شك اذا حاولنا ذلك فسوف تكون الهزيمة حليفتنا ، فنحن لسنا أهل لمواجهة ابليس ولا قوته ، ففي (2كو 10 : 4 ) يقول "إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ"
فنحن لنا سلاح الله الكامل (اف 6 : 11) ليت الرب يعطينا الطاقة الروحية لنقوم بما هو مكتوب في (اف 6 : 13) "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا"
فتيموثاوس كان يتم تذكرته دائماً بواسطة الرسول أنه "جندي صالح ليسوع المسيح" (5تي 2 : 3)  ، من المهم بمكان ان نلاحظ ان المواجهة الحقيقية لم تبدأ إلا بعد عبورهم الاردن ، ودخلوا ليمتلكوا الأرض  ، صحيح انهم واجهوا عماليق في معركة في البرية (صورة للشيطان يعمل في الجسد وهو يسعي ليعطل سلوكنا مع الله في برية هذا العالم) (خر 17 : 8-15) ، ولكن كان هناك اعداء يجب مواجهتهم في كنعان بنفس مقياس سعي المؤمن ليتمتع ببركته الروحية ويسير في جود نصيبه السماوي ، والعدو سيكون هناك بطريقة او باخري ليعيق ويحبط .
فالشيطان لا يرغب لنا ان نحيا في فرح التمتع بالسماويات ، فهو يعارض ويصد بتصميم شديد كل ما هو من الله أو للمسيح .
اما بالنسبة لاسرائيل كان الاعداء هم "الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ" (يش 3 : 10)
وفي عصر التكنولوجيا اعدائنا تختلف ، فمع ان هناك أشياء ضرورية (الكمبيوتر – الموبايل .....الخ) ونحتاجها في الدراسة والعمل إلا ان هذه الاشياء نفسها قد تعوقنا عن التمتع بالمسيح والسماويات إذا لم نحترص . فهي تشد انتباهنا وتقلل تركيزنا في ساعات وأوقات ضائعة كان يمكن استغلالها في التمتع بميراثنا السماوي ، فألعاب الفيديو ودي في دي مثلاً ، يمكن ان تضيع ساعات كثيرة وبسرعة دون ان ندري وهي أوقات ضائعة لا يمكن استردادها ، أن التلفزيون احضر العالم الي بيوتنا ، اما الانترنت فأحضرنا وأخذنا الي العامل خارجاً ، هذه امور تقلل حساسيتنا وتستهلك عقولنا وتضعف ايماننا . وتلك بعض الاشياء التي تمنعنا من التمتع بالمسيح ، انها اشياء قد لا تكون خطأ في حد ذاتها ولكن اذا لم نكن حريصين فهي تشكل عائق لتقدمنا الروحي ، فيا له من شيطان خبيث !! .
للأسف ان هناك كثيرين من المؤمنين ، بالرغم من انهم مفديين ومخلصين وفي طريقهم للسماء ولكنهم من الناحية العملية لم يعبروا الاردن ليتمتعوا بميراثهم في هذه الحياة ، إنهم لا يعرفون فرح تملك ميراثهم وبركاتهم الروحية كامتلاك حالي .
فيا ليتنا ان لا نجعل العدو يسلبنا التمتع بما هو لنا في المسيح .