الأحد، 27 مارس 2011

سر الحياة المسيحية السعيدة والمثمرة (3)

الحلقة الثالثة
خطط العدو
وكما قلت ان هناك أشياء تعطل فرحنا ومسئوليتنا هنا أن نهتم بحالة نفوسنا لكي لا نسمح بشئ يعطل ذلك الفرح ، وأريد أن أتحدث قليلاً عن هذا ، (أف 6) تخبرنا بأنه يوجد عدو ضدنا ، وهو لا يرغب لنا تلك الحياة من الثمر والفرح في الرب ، فهو غير سعيد تماماً بأننا قد عرفنا المسيح كمخلص شخصي لحياتنا ، ولذا نقرأ في (أف 6 : 12) . "فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم علي ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات" ولذا يقال لنا أننا يجب أن نلبس سلاح الله الكامل لكي نقدر أن نثبت ضد مكايد ابليس ، وإحدي الترجمات لكيلي مكتوب "البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد استراتيچيات أو تكتيكات ابليس" ونحن نعلم ان كلمة استراتيجية تعني خطة للهجوم ! ، فهذا العدو له خطة للهجوم علي حياة المؤمنين فهو مهتم جداً أن لا يجعلهم في حالة من السرور والسعادة في حياتهم لأن قوة شهادتهم في هذا العالم تعتمد علي تلك الحالة من  الفرح في الرب ، فإذا كنا نسير في حياة من الفرح والثمر قدام الرب فسوف نؤثر علي هذا العالم ، وهذا بالتأكيد لا يريده الشيطان ! ، ولذا فمن الأهمية ان ندرك انه يوجد عدو له خطط يريد أن يتممها معنا ، فهو يسعي ليسلب المسيحي من فرحه لكي لا يكون له تأثير علي المحيطين به  ولذا يجب أن نكون علي دراية بذلك .
هناك عدد موجود في (أف 5 : 15) "فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق" وهذا العدد ينطبق علي يومنا الحاضر ! ، وأن نسلك  بالتدقيق أي أن نسلك بمنتهي العناية والدقة لأنه يوجد عدو محنك يرغب في ابتعادنا عن طريق اتباع الرب .
وكما قلت نريد أن نتحدث قليلاً عن الأشياء التي تفسد فرحنا وأولاً أرغب أن أذكر نقاط الهجوم علي الحياة المسيحية ، فالعدو مهتم جداً  ويخطط أن يهاجمنا في نفس الأشياء التي هي مصدر للفرح والاثمار في حياتنا المسيحية ، فهو يعلم أن مؤمن غير سعيد سيصير بلا نفع فيما يختص بالشهادة للرب في هذا العالم ولذا فجل غرضه ان يسلب فرحنا ، وبعد أن تحدثنا عن مصادر الفرح للمؤمن أرغب أن أذكر هجوم العدو علي تلك الأشياء بالتحديد.

1 - ان يفسد بهجة خلاصنا :
إن الآب عندما تقابل مع الابن الضال قد قال "لنفرح" ، وهذا يشير الي الفرح العظيم الذي يختبره شعبه عند الحصول علي الخلاص لأن الابن كان ضالاً فوجد وبالتالي كانت له شركة سعيدة مع الآب  (لو 15 : 24) فهنا نجد الفرح والشركة التي لنا الآن كمؤمنين مع الله أبونا "وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح" (1يو 1 : 3 ، 4) .
دعونا نقرأ أولاً (مز 51 : 12) "رد لي بهجة خلاصك وبروح منتدبه (راغبه) اعضدني" وهنا نجد إنسان كان له فرح ولكن قد زال هذا الفرح عنه لأنه قد سمح بدخول شئ ما الي حياته ، فقد سمح بالخطية أن تدخل ، فهذا المزمور كتب عندما سقط داود في خطية الزنا مع بثشبع وكانت النتيجة انه فقد بهجة خلاصه وانا اعتقد ان هذه هي أول نقطة لهجوم العدو ان يفقدنا الفرح بخلاصنا والطريق الي هذا هو دخول خطية الي حياتنا ، ونحن في حاجة  ان نعترف بهذا الخطأ لله أبينا حتي يرد فرحنا مرة أخري ، وتلك هي النقطة في هذا المزمور وأري أنه من الملائم ان ندرك أن المؤمنين لهم رابطتين مع الله الرابطة الأولي وهي العلاقة وهي رابطة قوية جداً ولا يوجد رابطة أقوي من تلك الرابطة فمنذ أن صارت لنا علاقة مع الله كالآب من لحظة الخلاص وهذه العلاقة قوية جداً مثل الله نفسه ، ولا شئ يمكن ان يفصلها ، بل لنا فيها ضمان أبدي ! وياللعجب شكراً للرب ، والرابطة الثانية التي لنا معه هي رابطة الشركة ، وتلك الرابطة علي النقيض من الأولي نجدها حساسة جداً وسهلة الانقطاع وأنت تعلم أن أقل خطية يمكنها أن تقطع تلك الرابطة ونصير خارج الشركة مع الله ولذا فنحن في أمس الاحتياج الي الحفاظ علي حالة نفوسنا بصفة يومية قدام الله.
وقد اعتاد مستر ويلسون ان يقول ان الشركة مع الله هي امر غريب ، فهي يمكنها أن تصمد ضد كل أنواع المقاومات والقسوة وكل أنواع الظروف المضادة ولكن مجرد فكر شرير واحد يجعلها تجف وتذوي ! ، لأنه لو دخل فكر خاطئ الي نفوسنا لاستطاع ان يقطع شركتنا علي الفور وتكسر الرابطة التي بيننا وبين الرب وهذا ما حدث بالفعل هنا مع داود ، وهنا كان الامر مع داود ليس مجرد فكر فحسب بل قد وقع في خطية الزنا كما نعلم من صموئيل الثاني ، وما نتعلمه من ذلك  انه من المهم جداً أن يكون لنا حسابات قصيرة مع الله ، فقد يبدأ الامر بمجرد افكار شريرة في الذهن وإذا لم يكن هناك حكم عليها تقود هذه الافكار الي افعال ، كما قال احدهم "ارزع فكر تحصد فعل" ونحن نجد هذا المبدأ خلال صفحات المكتوب ويستحضرني شاهد في سفر الامثال (أم 30 : 32) "إن حمقت بالترفع وإن تآمرت فضع يدك  علي فمك" ولماذا يخبرنا الحكيم هناك أن نضع يدنا علي فمنا ؟ أليست هي مجرد افكار في الذهن ؟ حسناً لأن هذا الفكر قد  ينمو ويصل الي حد فعل الشر ، فيمكنك أن تفكر في الشر والخطوة التي تلي ذلك هي خروج الشر من شفتيك ، وإذا لم تهتم بالامر سيتحول الي فعل يخرج الي حياتك ، ونتعلم من حياة داود ان يكن لنا حسابات قصيرة مع الله ، وهذا لم يفعله داود علي الأقل في البداية ، والنتيجة بعد ذلك كانت خطيرة جداً .
والآن ماذا يعني التعبير حسابات قصيرة مع الله لأن الاخوة قد اعتادوا ان يستخدموا هذا التعبير . إننا نحتاج ان يكن لنا حسابات قصيرة دائماً مع الله ، أي لا ننتظر علي الاعتراف بالخطية في حياتنا حتي نهاية الاسبوع او حتي الي نهاية اليوم بل نعترف بها أولاً بأول وباستمرار وإلا سنسقط والكتاب يخبرنا "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتي يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم" (1يو 1 : 9) ، فإذا اخطأنا بأي طريقة كانت حتي ولو كانت مجرد افكار فعلينا بالاعتراف بها قدام الله ، وأنا لا أعني الافكار المبغضة منا او غير المرغوب فيها ولكني اقصد الافكار الشريرة التي تدخل الي نفوسنا لأننا نعلم جيداً نفوسنا والافعال الشريرة التي يمكن أن نعملها والكلمات التي يمكن ان ننطق بها ، فلا يجب ان ننتظر عن الاعتراف بها للرب مثلما يكون لديك اعشاب ضارة في حديقتك وإذا لم تنزعها أولاً بأول فسوف تنمو وتكثر وتملأ الحديقة ! ، وتلك هي الطريقة التي تعمل بها الخطية في حياة البشر سواء في الرجال أو السيدات او المؤمنين ! ، وتوجد شواهد كثيرة في المكتوب تخبرنا كيف ان الإنسان يربط بحبال خطاياه (أم 5 : 22) ، (يو 8 : 34) ، "لأن من يفعل الخطية فهو عبد للخطية" ، وهذا كله يدعونا الي الاعتراف بالخطية علي الفور ! .
وداود يصلي "رد لي بهجة  خلاصك" والآن يوجد امراً آخر فعدونا (الشيطان) يوجه هجومه الي حياتنا بمنتهي الدقة ، فهو يعرف جيداً ماذا يفعل ، فهو لا يحاول ان ينزع خلاصك ! فإذا كنت قد قبلت الرب يسوع المسيح مخلصاً لك فالشيطان لا يحاول أبداً ان ينزع خلاصك منك ! ، وأنت تعلم لماذا ؟ ببساطة لأنه لا يقدر أن يفعل ذلك ! . والامر الذي يدعو للدهشة انه بينما يعلم الشيطان انه لا يقدر أن ينزع خلاص المؤمن إلا أن بعض المؤمنين يعتقدون أنه يقدر علي ذلك ، فهم يعتقدون انه من الجائز أن يسقطوا في الخطية ويهلكوا ، ولماذا يعتقدون ذلك ؟ لأنهم لا يقرأون الكتب ولا يصدقون كلمة الله ، والنتيجة انه عندما نخطئ نفقد سلامنا ونعتقد إننا هلكنا لكن هذا ليس صحيحاً ، كلاً  فالشيطان لا يحاول أن ينزع خلاصك بل بالأحري يحاول ان ينزع بهجة خلاصك فهو يسلب المؤمن من فرحه بهذا الخلاص وهذا ما يرغب أن يصنعه معنا .
فهل تعلم ان دخول الخطية الي حياتنا امر في منتهي الخطورة ؟ فأول شئ يحدث أن شركتنا مع الله تنقطع ونفقد فرحنا ، بل توجد نتائج كثيرة تحدث لنا ويمكن ان أقدم لك علي الأقل سبع أشياء تحدث لنا :-
1 - نفقد شركتنا وفرحنا
2 - يصبح لنا ضمير فاسد
3 - نفقد القوة الروحية
4 - نفقد التمييز
5 - نشعر بيد الرب التأديبية
6 - ندمر شهادتنا
7 - نصبح عبيد للخطية التي نرتكبها
وياله من امر خطير فعلاً هناك بعض المؤمنين الذين يعتقدون ان الخطية ليست امر كبير  ولكنني  أود أن أوضح أن الخطية امر في منتهي الخطورة في نظر الله وحتي أقل الخطايا ! ، فإنه من  الجائز ان تكون هناك خطية صغيرة في البداية ولكن تنمو تلك الخطية وتصبح مثل الوحش الكاسر في حياتك ، فدعوني احذركم من الخطية التي تبدأ في القلب ، وإذا قرأنا (يع 1 : 13-16) الذي يخبرنا بأن الخطية تحبل وتلد الثمر المرير في حياتنا ، ويمكنها ان تنتج كثرة من الاحزان المريرة والمرعبة في حياتنا نحن في غني عنها لو كنا قد اعترفنا بخطايانا وكان لنا حسابات قصيرة دائماً مع الله .
وبعد أن رأينا الطريقة الأولي لفقدان فرحنا ، وهي ان العدو يسعي دائماً ليأتي بالخطية إلينا ، ليتنا نتذكر دائماً يا إخوتي الاحباء ان الشيطان لا يبدأ معنا أبداً بالخطايا الكبيرة لأنه يعلم ان اصغر الخطايا في البداية يمكنها ان تأتي بنفس النتيجة إذا سمحنا بها بدون الحكم عليها فهو يعلم تمام العلم بأنها سوف تنمو وتنتج أعظم النتائج فدعونا نكون في منتهي الحذر .
2 - يحوِّلنا عن فعل مشيئة الله
أود الآن أن اتناول جزء آخر من المكتوب وهو (لو 4) وبعد ذلك نتناول الرب يسوع نفسه كمثال لنا ، فهناك طريقة أخري نستطيع أن نجد فيها فرحنا وهي فعل مشيئة الرب ، وفي ذلك نتشبه بالرب يسوع نفسه لأنه كانت مسرته في فعل مشيئة الله كما نقرأ في (مز 40 : 8) ، ونجد في (لو 4) المحاولة العظيمة للعدو أن يوقع الرب في أن يتخذ ولو خطوة واحدة بعيداً عن مشيئة الله ، وهذا بالضبط ا يريده العدو لك  أن تفعله ! ، فهو يريد أن يبعدنا عن فعل مشيئة الله ، وإذا استطاع ان يجعلنا ننحرف الي فعل امر ما خطأ يجعلنا غير سعداء .
دعونا نقرأ (لو 4 : 1-13)
إن الرب يسوع قد وجد سروره الفائق في فعل مشيئة الآب كما قلنا وهنا أيضاً نجد فرحنا الحقيقي في نفس الشئ ، فبعدما اعتمد الرب وكان عمره حوالي ثلاثون عاماً وهو الآن مستعد لخدمة الله أبيه ، وقد كانت مدة هذه الخدمة حوالي ثلاث سنين ونصف وكان لابد له أن يقابل إبليس وكان غرض إبليس الأول أن ينحي الرب عن فعل مشيئة الله أبيه ، وهذا هو الشئ الذي أتي المسيح لأجله هنا علي الأرض ليفعله .
فقد قدم الشيطان أمور للرب لعله يقدر أن يزحزحه عن هذا الغرض ويحوله الي اتجاه آخر ، وبالطبع  يتسامي الرب الكامل فوق كل تجربة ، ولكن الرب فعل ذلك تاركاً لنا مثالاً لنتعامل مع تلك الحيل التي للعدو والذي بالتأكيد سيأتي بها علينا ، والنقطة الأولي التي أريد أن ألفت الانتباه إليها هي أن الرب لم يستخدم قوته الإلهية ليتعامل مع العدو ، فهو كان قادراً أن يتعامل مع الشيطان بمجرد كلمات فمه وتكون تلك هي النهاية معه ، ولكنه لم يفعل ذلك ، بل كإنسان متكل علي الله تعامل معه بالطريقة التي يجب أن يتعامل به كلاً منا معه وهي كلمة الله .
ومكتوب في (1يو 2 : 14) "كتبت إليكم أيها الاحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير" وتلك الكلمات تخبرنا عن كيفية تحقيق النصرة علي هذا العدو الشرير وذلك  عن طريق كلمة الله الثاتبة (الساكنة) فيهم ، فإذاً بواسطة كلمة الله يمكننا ان نهزم خطط هذا العدو في محاولته ان يخرجنا عن طريق فعل مشيئة الله لحياتنا ، ونجد هنا ان الرب المبارك ابن الله نفسه كان ملجأه دائماً كلمة الله في كل تجربة ونتعلم من ذلك أنه إذا حُفظت أرجلنا في طريق كلمة الله دائماً فإن العدو سيحبط في كل مرة يأتي بها إلينا .
ونجد تلك التجارب في ثلاث اتجاهات بحسب رسالة يوحنا "شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة" (1يو 2 : 16) وهذه التجارب تواجهنا في كل يوم من أيام حياتنا .
الأولي : فيما يختص بأمور الطبيعة
الثانية : فيما يختص بالأشياء العالمية
الثالثة : فيما يختص بالأشياء الروحية
في التجربة الأولي نجد دعوة من إبليس للرب يسوع أن يتطلع الي اسفل الي الحجارة ويعمل شئ لم يخبره به الله ، وفي الثانية يدعوه ابليس ان ينحني ويعمل شئ أيضاً لم يخبره به الله ، وفي الثالثة يخبره إبليس أن يقفز الي اسفل ليعمل شئ لم يقل له الله أن يفعله ! ، ففي كل التجارب يدعوه ابليس أن ينزل وهذا يبين لنا سمة عمل إبليس ، إنه يدعونا دائماً للنزول بعيداً عن الله ، وكلها أشياء خارج مشيئة الله ! ، فنحتاج الي ان ندرك ان هذا العدو حقيقي ويريدنا أن نخرج عن طريق فعل مشيئة الله حيث يجد المؤمن فرحه في تنفيذ تلك المشيئة ، وغالباً نجده ينجح في فعل هذا ، ولكن نجد المثال الكامل هنا وهو الرب يسوع ، وهذا يعلمنا كيفية التعامل مع إبليس في مثل تلك التجارب ، فالله قد سجل تلك التجارب لتعليمنا من خلال كلمة الله للانتصار علي حيل إبليس ، وهكذا لا يمكن ان يكون لنا عذر في الاستسلام لها .
(يتبع)

ليست هناك تعليقات: