الخميس، 17 مارس 2011

كلمة عن مجئ الرب


(لوقا‮ ‬12‮ : ‬1‮ ‬-‮ ‬35)

قبل الخوض في‮ ‬موضوع مجئ الرب أود أن أتحدث عن أمرين‮ :‬
الأمر الأول‮ : ‬هو أن مجئ ربنا‮ ‬يسوع المسيح ليس تعليماً‮ ‬،‮ ‬كثيرون‮ ‬يعتبرونه هكذا‮ ‬،‮ ‬ولذلك تجدهم ببساطة إما‮ ‬يقبلونه أو‮ ‬يرفضونه حسب استحسانهم‮ . ‬ولكنه ليس تعليماً‮ ‬،‮ ‬إنما هو جزء أساسي‮ ‬من المسيحية‮ ‬،‮ ‬ويجب أن‮ ‬يفهم الجميع هذه الحقيقة بوضوح‮ ‬،‮ ‬فإذا استبعدت مجئ الرب‮ ‬يسوع‮  ‬المسيح من المسيحية‮ ‬،‮ ‬فإنها تنهار حالاً‮ ‬وبشكل مباشر‮ ‬،‮ ‬فالفداء‮ ‬غير كامل حتي‮ ‬يأتي‮ ‬الرب مرة أخري‮ . ‬وهذا ما نتعلمه من‮ (‬رومية‮ ‬8‮ : ‬23‮) "‬بل نحن الذين لنا باكورة الروح‮ ‬،‮ ‬نحن أنفسنا أيضاً‮ ‬نئن في‮ ‬أنفسنا‮ ‬،‮ ‬متوقعين التبني‮ ‬فداء أجسادنا‮" . ‬إذن المسيحية لا تكون كاملة بدون إعلان تعليم حق مجئ الرب‮ .‬
أيضاً‮ ‬،‮ ‬إذا تركت حق مجئ الرب‮ ‬يسوع‮ ‬يفوتك التمتع بقوة القداسة التي‮ ‬دبرها لنا الله لنحيا بها‮ (‬راجع‮ ‬1يو‮ ‬3‮ : ‬3‮) .‬
الأمر الثاني‮ ‬هو أنه لا نستطيع أن ننتظر مجئ الرب‮ ‬يسوع المسيح عملياً‮ ‬إلا إذا كنا في‮ ‬حالة روحية صحيحة‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬هذه الفقرة التي‮ ‬قُرأت في‮ ‬لوقا‮ ‬12‮ ‬،‮ ‬إعلان لنا عن كيفية إعداد الرب لشعبه في‮ ‬حالة انتظار لمجيئه‮ .‬
إنك لا تستطيع الانتظار لمجرد أنك تؤمن بأن الرب سيعود مرة أخري‮ ‬،‮ ‬أو لأنك تحاول أن تنتظره‮ ‬،‮ ‬ولكن عليك أن تكون في‮ ‬الحالة الروحية التي‮ ‬بدونها‮ ‬يكون من المستحيل أن توجد في‮ ‬حالة المنتظر والمتوقع لرجوع الرب مرة أخرى‮ .‬
هناك البعض الذي‮ ‬سيقر فوراً‮ ‬أنه‮ ‬يؤمن أن الرب‮ ‬يسوع المسيح سوف‮ ‬يجئ‮ ‬،‮ ‬ولكن‮ ‬يوماً بعد‮ ‬يوم نجد أننا في‮ ‬الواقع‮ ‬غير منتظرين حقيقة مجيئه‮ ! .‬
دعوني‮ ‬اطرح هذا السؤال كم منكم ردد في‮ ‬قلبه اليوم‮ ‬،‮ ‬أن اليوم لن‮ ‬ينتهي‮ ‬قبل أن‮ ‬يجئ الرب‮ ‬يسوع المسيح‮ !! .‬

فالمعرفة تتعدي‮ ‬حالتنا‮ ‬،‮ ‬لذلك‮ ‬يهتم الرب في‮ ‬هذا الأصحاح أن‮ ‬يعدنا لانتظار مجيئه‮ ‬،‮ ‬إنه‮ ‬ينزل الي‮ ‬القاع ويبني‮ ‬إلي‮ ‬القمة‮ .‬
أولاً ‮: ‬هو‮ ‬يسعي‮ ‬كي‮ ‬يحررنا من الخوف من الإنسان‮ ! ‬لماذا‮ ‬يفعل ذلك ؟ لأنه إذا لم تتحرر من الخوف من الإنسان فأنك لن تستطيع أن تعترف بالمسيح‮ ‬،‮ ‬وإذا لم تعترف بالمسيح‮ ‬يوم بعد الآخر فإنك لن تكون منتظراً له أبداً‮ .‬
لذلك نجد المبدأ الكتابي‮ ‬الذي‮ ‬يظهر دائماً‮ ‬في‮ ‬كلمة الله التحذير والتشجيع مختلطان معاً‮ .‬
أولاً‮ ‬يقول‮ "‬لا تخافوا من الذين‮ ‬يقتلون الجسد‮ ...  " ‬،‮ ‬ولكن بعدها‮ ‬يستطرد قائلاً‮ "‬أقول لكم ممن تخافون‮ ...."‬
إنه‮ ‬يعطينا التحذير‮ ‬،‮ ‬لا تنسوا‮ ‬،‮ ‬إذا أن الله لا‮ ‬يستطيع فقط أن‮ ‬يقتل ولكن أيضاً‮ ‬أن‮ ‬يطرح في‮ ‬جهنم‮ . ‬ولكن بالارتباط بهذا التحذير‮ ‬،‮ ‬يعطينا من الجهة الأخري‮ ‬تشجيعاً‮ ‬جميلاً‮ ‬،‮ ‬لا‮ ‬يجب ان تخافوا من الإنسان‮ ‬،‮ ‬فإنه لا‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يلمسكم إلا بسماح إلهي‮ .‬
‮"‬أليست خمسة عصافير تباع بفلسين وواحد منها ليس منسياً‮ ‬أمام الله ؟ بل شعور رؤوسكم أيضاً‮ ‬جميعها محصاة‮ . ‬فلا تخافوا‮ ‬،‮ ‬أنتم أفضل من عصافير كثيرة‮" (‬لو‮ ‬12‮ : ‬6‮ ‬،‮ ‬7‮) ‬،‮ ‬الإنسان‮ ‬يستطيع ان‮ ‬يشتعل‮ ‬غضباً ضدنا‮ ‬،‮ ‬لكنه لا‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يمسنا‮ ‬،‮ ‬بل من المستحيل أن‮ ‬يفعل ذلك دون إذن من الله‮ . ‬لقد رأيت صيادون‮ ‬يخرجون لصيد الطيور وقلت لنفسي‮ ‬قد تكون صياد ماهر‮ ‬،‮ ‬ولكنك لا تستطيع أن توقع عصفور واحد بدون سماح إلهي‮ . ‬هذا هو ما نتعلمه هنا‮ ‬،‮ ‬فإن كان الامر هكذا‮ ‬،‮ ‬فإن المسيح‮ ‬يقول‮ ‬،‮ ‬تذكر أن الله‮ ‬يحرسك فأنت عزيز وغالي‮ ‬علي‮ ‬قلبه‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬شعور رؤوسكم كلها محصاة وأنتم أفضل من عصافير كثيرة‮ .‬
وبعدها‮ ‬يعطي‮ ‬تشيجع مبارك‮ "‬وأقول لكم كل من اعترف بي‮ ‬قدام‮  ‬الناس‮ ‬يعترف به ابن الإنسان قدام ملائكة الله‮" ‬
‮ ‬أريد أن أقول كلمة عن الاعتراف بالمسيح‮ .‬
افترض أنك ذاهب للمدينة‮ ‬غداً ،‮ ‬وفي‮ ‬الأتوبيس‮ ‬يخرج واحد كتابه المقدس ويقرأ‮ ‬،‮ ‬قد تقول أني‮ ‬لا أريد أن أتكلم أمام الجميع هكذا‮ ‬،‮ ‬ولما لا ؟ فإذا كنت أريد أن أحدث البعض عن حالتهم‮ ‬،‮ ‬فأقول لنفسي‮ ‬اني‮ ‬لا استطيع أن أحدثهم ولكني‮ ‬أريد أن‮ ‬يعلموا أني‮ ‬مؤمناً فأخرج كتابي‮ ‬المقدس‮ ‬،‮ ‬هل تعتقد أنني‮ ‬مخطئ في‮ ‬ذلك ؟ كلا‮ ! . ‬ولكن تذكر إني‮ ‬إذا كنت افعل هذا حتي‮ ‬يري‮ ‬الناس إني‮ ‬إنسان تقي‮ ‬يكون هذا خطأ‮ ‬،‮ ‬فالدافع‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون تمجيد وتعظيم الرب‮ ‬يسوع المسيح وليس تعظيم نفسي‮ .‬
هناك طرق كثيرة للاعتراف بالمسيح‮ ‬،‮ ‬لقد سألت مرة مؤمناً‮ ‬حديث الإيمان‮ : ‬هل اعترفت بالمسيح ؟ فأجاب بنعم‮ ‬،‮ ‬فسألته هل تعترف به الآن ؟ فلم أحصل منه علي‮ ‬اجابة‮ ‬،‮ ‬أقصد أنها مسألة‮ ‬يومية‮ ‬،‮ ‬فالأمر لا‮ ‬يعني‮ ‬أنك تعترف بالمسيح مرة عندما كنت في‮ ‬وسط جماعة الله‮ ‬،‮ ‬فان الامر اكثر من ذلك‮ ‬،‮ ‬انها‮ ‬يجب أن تكون عادة حياتنا‮ ‬،‮ ‬سأقوم بشرح ما اقصد‮ . ‬كنت في‮ ‬زيارة لأحد من أصدقائي‮ ‬وقد كان مريضاً‮ ‬،‮ ‬وكان علينا ان نستدعي‮ ‬الطبيب ولم‮ ‬يمكث هناك اكثر من دقيقتين وقد عرَّفني‮ ‬بأنه مؤمناً ‮. ‬لقد مجّد الرب عندما لم‮ ‬يقل أني‮ ‬سوف أبذل جهدي‮ ‬لعلاجه‮ ‬،‮ ‬ولكن قال لي‮ ‬الرب قادر علي‮ ‬شفاءه‮ ‬،‮ ‬ألا ترون الفرق لقد أرجع الأمر للرب‮ ‬،‮ ‬وقد تمم الرب شفاؤه وبعدها عرفت عن هذا الطبيب أنه معروف كمؤمن حقيقي‮ ‬تقي‮ .‬
إذا لم تكن تعترف بالمسيح فنحن لا نريد أن نراه‮ ‬،‮ ‬وإذا كنت لا تريد أن تراه ففي‮ ‬هذه الحالة تكون‮ ‬غير منتظر له‮ ‬،‮ ‬لذلك أني‮ ‬أعول كثيراً‮ ‬علي‮ ‬أهمية ما‮ ‬يعلمه الرب في‮ ‬بداية هذا الأصحاح‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬المقام الأول‮ ‬،‮ ‬يجب أن نكون معترفين به‮ . ‬فتشجع الآن علي‮ ‬الاعتراف به‮ ‬،‮ ‬إننا هنا في‮ ‬حالة الضعف‮ ‬،‮ ‬ولكن بنعمة الله نستطيع أن نعترف به‮ ‬،‮ ‬إذا اعترفنا بالمسيح بهذا الأسلوب‮ ‬،‮ ‬كم‮ ‬يكون ذلك مُشجع‮ !‬ ‮.‬
‮"‬كل من اعترف بي‮ ‬قدام الناس‮ ..." ‬تخيل للحظة أن الوقت حان ليكافئ الرب شعبه‮ ‬،‮ ‬وكان هناك مؤمن بسيط كانت له عادة الاعتراف باسم الرب‮ ‬يسوع‮ ‬،‮ ‬ويجد فرحه في‮ ‬التحدث عن اسمه‮ ‬،‮ ‬لأن‮ "‬اسمك دهن مهراق‮" (‬نش‮ ‬1‮ : ‬3‮) ‬،‮ ‬فسوف‮ ‬يشهد الرب‮ ‬يسوع المسيح باسم هذا المؤمن أمام ملائكة الله‮ . ‬ان الضابط في‮ ‬الجيش ليس له شرف أكرم من ذكر اسمه في‮ ‬أي‮ ‬معركة شهيرة‮ . ‬فبمجرد ذكر اسمه تتم ترقيته‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يتوق للتمييز‮ ‬،‮ ‬فكم فرح أكبر‮ ‬يكون لمؤمن بسيط‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬أي‮ ‬ظرف وأي‮ ‬مكان‮ ‬يجد فرصه لذكر اسم المسيح‮ . ‬يقول الرب أنه سوف‮ ‬ينطق باسمك أمام ملائكة الله‮ ‬،‮ ‬ما أعظم هذا الشرف أن تنطق شفاه الرب اسمك في‮ ‬محضر كل الملائكة‮  .‬
إني‮ ‬أريد أن تتذكروا هذا‮ ‬،‮ ‬لأن هناك تجارب كثيرة لاخفاء أنكم مؤمنين‮ ‬،‮ ‬نحن جميعاً‮ ‬نعرف هذه التجارب‮ ‬،‮ ‬لكن الله‮ ‬يشجعنا بهذا التشجيع المبارك‮ !‬ ،‮ ‬لا تُخفي‮ ‬انتماءك إليه‮ ‬،‮ ‬اجعل قلبك مملوء بشخصه وأن تسعد بالحديث عنه وهو في‮ ‬وقته سيعترف بك أمام ملائكة الله‮ .‬
ثم‮ ‬يأتي‮ ‬الوجه الآخر وهو وفي‮ ‬غاية الاهمية وهو امر لا‮ ‬ينطبق علي‮ ‬المؤمن بأي‮ ‬حال لأن العبارة مطلقة‮ .‬
‮"‬ومن أنكرني‮ ‬قدام الناس‮ ‬يُنكَر قدام ملائكة الله‮" ‬وقد‮ ‬يكون هناك كثير من المؤمنين الذين‮ ‬يفعلون هذا‮ ‬،‮ ‬أمر خطير إذا أنكر مؤمن الرب‮ ‬،‮ ‬ولكن الرب لا‮ ‬يتحدث عن المؤمن في‮ ‬هذا العدد‮ ‬،‮ ‬فإذا كنت‮ ‬غير معترف بالمسيح فأنت لا تحبه‮ ‬،‮  ‬فالمودة تكون واهنة عندما لا تعترف باسمه‮ ‬،‮ ‬وإذا لم تكن معترفاً‮ ‬باسمه لا تكون في‮ ‬حالة انتظار حقيقي‮ ‬لمجيئه‮ .‬
وفي‮ ‬عدد‮ (‬13‮) ‬قال أحدهم للرب‮  "‬يا معلم قل لأخي‮ ‬أن‮ ‬يقاسمني‮ ‬الميراث‮" ‬ولكن الرب‮ ‬يقول له‮ "‬يا إنسان من أقامني‮ ‬عليكما قاضياً‮ ‬أو مقسماً‮ ‬؟‮" ‬فالرب لم‮ ‬يأتي‮ ‬لهذا الغرض‮ ‬،‮ ‬وبعدها‮ ‬يرسم هذا الدرس‮ ‬،‮ ‬أحذروا من الطمع‮ .‬
ثم‮ ‬يأتي‮ ‬بمثل في‮ ‬عدد‮ (‬16‮) ‬وهذا المثل‮ ‬يشكل أساس مهم‮ ‬،‮ ‬أن الرجل في‮ ‬هذا المثل كان له حصاد كثير‮ ‬،‮ ‬ولم‮ ‬يكن له مخازن تكفي‮ ‬ذلك الحصاد‮ . ‬قال لنفسه‮ "‬ماذا أعمل‮" ‬اهدم مخازني‮ ‬وأبني‮ ‬مخازن أعظم لأخزن فيها كل ثماري‮ ‬وخيراتي‮ ‬،‮ ‬وأقول لنفسي‮ ‬،‮ ‬يانفسي‮ ‬لك خيرات كثيرة موضوعه لسنين عديدة استريحي‮ ‬وكلي‮ ‬واشربي‮ ‬وافرحي‮ ‬،‮ ‬بمعني‮ ‬أن كل افكاره كانت موجهة للحظة الحاضرة‮ ‬،‮ ‬لقد أراد ككثيرين منا ليس الفائض في‮ ‬الوقت الحاضر فقط‮ ‬،‮ ‬ولكن الفائض طالما وجدنا في‮ ‬هذه الحياه‮ . ‬فهذا كان كل اهتمامه‮ ‬،‮ ‬وأثق أن الكثيرين منا‮ ‬يعرفون جيداً‮ ‬هذه التجربة‮ ‬،‮ ‬فإذا وضعت قلبك علي‮ ‬الأشياء التي‮ ‬في‮ ‬هذه الحياه‮ ‬،‮ ‬فأنت تغلق الباب علي‮ ‬مسئوليتك‮ ‬،‮ ‬وهكذا‮ ‬يكلمك الله بصوت عال في‮ ‬هذا المثل قائلاً‮ : "‬يا‮ ‬غبي‮ ‬هذه الليلة تُطلَب نفسك منك‮" ‬والسؤال الذي‮ ‬يطرح نفسه‮ "‬فهذه التي‮ ‬أعددتها لمن تكون ؟‮" ‬،‮ ‬والآن هذا هو الدرس‮ "‬هكذا الذي‮ ‬يكنز لنفسه وليس هو‮ ‬غنياً‮ ‬لله‮" .‬
‮ ‬وأريد أن ألفت نظركم لعدد‮ (٢٢) ‬الذي‮ ‬يبين هذا الارتباط‮ ‬،‮ ‬يقول الرب لتلاميذه‮ "‬من أجل هذا أقول لكم‮ :‬ لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون‮ ‬،‮ ‬ولا للجسد بما تلبسون‮" ‬إذاً‮ ‬الموضوع كله‮ ‬يدور حول هذه الكلمة‮ "‬إذاً‮" ‬إنها الخلاصة التي‮ ‬يستحضرها الرب من هذا المثل الذي‮ ‬رواه‮ .‬
الدرس الأول‮ : ‬هو التحرر من الخوف من الناس‮ ‬،‮ ‬أما الدرس الثاني‮ : ‬فهو التحرر من القلق ومن الاهتمام الزائد الذي‮ ‬كثيراً‮ ‬ما‮ ‬يسلبنا سلامنا‮ .‬
في‮ ‬مثل الزارع‮ ‬،‮ ‬ماذا‮ ‬يحدث للبذور التي‮ ‬وقعت بين الشوك ؟ لقد اختنقت من اهتمامات ومباهج هذه الحياة‮ . ‬ان الاهتمامات تقع في‮ ‬نفس تصنيف مباهج الحياه‮ . ‬لذلك‮ ‬يدعو الرب تلاميذه أن‮ ‬يتخلصوا من القلق‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬يتمكنوا من أن‮ ‬يكون لهم الموقف القلبي‮ ‬لانتظاره‮ ‬،‮ ‬إذا كانت افكاري‮ ‬في‮ ‬الأسفل في‮ ‬التراب‮ ‬،‮ ‬كيف‮ ‬يتسني‮ ‬لي‮ ‬أن أوجد منتظراً للمسيح‮ . ‬هو إذاً‮ ‬يسعي‮ ‬أن‮ ‬يحررنا من اهتمامات هذا العالم‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬قلقنا تجاه احتياجاتنا اليومية‮ .‬
يجب عدم الاهتمام‮ ‬،‮ ‬فطيور الحقل تأكل‮ ‬،‮ ‬وزنابق الحقل تلبس بشكل وبصورة ولا سليمان في‮ ‬أبهج مجده كان‮ ‬يلبس كواحدة منها‮ .‬
إذا استوعبنا هذا فسوف نعرف كيف أنه من الغباء ان نكون في‮ ‬حالة قلق‮ ‬،‮ ‬إن الحقيقة هو أننا في‮ ‬اعتماد كلي‮ ‬علي‮ ‬الله في‮ ‬كل الأحوال‮ . ‬بعد ذلك‮ ‬يدلنا علي‮ ‬كيفية التحرر من القلق في‮ ‬عدد‮ (‬29‮) ‬يقول‮ "‬فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا‮" ‬إذا استطعنا الحياة في‮ ‬هذا الجو سيكون لنا حياة بلا قلق‮ ‬،‮ ‬ولكنك ستقول‮ "‬إن لي‮ ‬احتياجات‮" ‬فأقول لك‮ "‬الرب‮ ‬يعلم‮" ‬لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يمس شيئاً‮ ‬واحداً من شعب الله إلا ويمس قلب الله‮ . ‬قد قرأت هذه العبارة وقد اعجبتني‮ " ‬كل ما‮ ‬يمثل اهتمام لك‮ ‬يُنتِج اهتماماً‮ ‬من أجلك في‮ ‬قلب الله‮" .‬
وهذه هي‮ ‬الحقيقة‮ ‬،‮ ‬ألا نقرأ في‮ ‬رسالة بطرس‮ (١‬بط‮ ‬5‮ : ‬7‮)"‬ملقين كل همكم عليه لأنه هو‮ ‬يعتني‮ ‬بكم‮" ‬،‮ ‬أنه‮ ‬يراقب وينظر حتي‮ ‬أصغر وأقل شئ‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقلقنا‮ ‬،‮ ‬فالآب‮ ‬يعرف أنكم في‮ ‬احتياج لهذه الأشياء‮  ‬،‮ ‬فهل‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتركنا ؟ لا‮ ‬يا أحبائي‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬رسالة العبرانيين‮ ‬يقول الرسول‮ "‬كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال لا أهملك ولا أتركك‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬إننا نقول واثقين الرب معين لي‮ ‬فلا أخاف ماذا‮ ‬يصنع بي‮ ‬إنسان؟‮" (‬عب‮ ‬13‮ : ‬5‮ ‬،‮ ‬6‮) ‬،‮ ‬إذن فالرب هنا‮ ‬يلقي‮ ‬بنا علي‮ ‬معرفة الآب وقلبه،‮ ‬وبعدها‮ ‬يعطينا السبب لما‮ ‬يجب أن نفعله في‮ ‬العدد التالي‮ : "‬بل اطلبوا ملكوت الله‮ ‬،‮ ‬وهذه كلها تزاد لكم‮" ‬عدد‮ (‬31‮) .‬
دعوني‮ ‬أريكم أمراً‮ ‬جميلا‮ ‬ً‮ ‬في‮ ‬عدد‮ (‬30‮) ‬فكل هذه الأشياء‮ (‬أي‮ ‬الأكل والشرب والملبس‮) ‬تطلبها الأمم‮ ‬،‮ ‬والآب‮ ‬يعرف أنكم تحتاجونها‮ ‬،‮ ‬ولكن اطلبوا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم‮ . ‬ولكن هناك شرطاً ملحقاً‮ ‬لهذا‮ ‬،‮ ‬اطلبوا ملكوت الله‮ ‬،‮ ‬بمعني‮ ‬اهتمامات الله‮ ‬،‮ ‬وكلها تزاد لكم‮ ‬،‮ ‬إذاً‮ ‬يا أحبائي‮ ‬،‮ ‬ليس هناك احتياج لأي‮ ‬أحد اليوم أن‮ ‬يذهب إلي‮ ‬بيته وهو منشغل بهَمَّ‮ ‬واحد مهما كان‮ ‬،‮ ‬ولن ننشغل أبداً‮ ‬إذا وضعنا في‮ ‬قلوبنا أن الله‮ ‬يحبنا‮ ‬،‮ ‬وأنه‮ ‬يهتم بنا‮ ‬،‮ ‬ويرعانا لأنه محب وبالتالي‮ ‬لن‮ ‬يسمح أن‮ ‬يحتاج أحد من أبناؤه إذا طلب ملكوت الله وبره‮ . ‬هذا الشرط‮ ‬يوضع أحياناً‮ ‬لأن الله‮ ‬يضطر أن‮ ‬يؤدبنا في‮ ‬بعض الحالات‮ ‬،‮ ‬عندما‮ ‬يريد أن‮ ‬يحتذبنا إليه ولأموره‮ ‬،‮ ‬فإذا جعلنا أغراضه وأموره‮ ‬غايتنا لن نحتاج أو‮ ‬يعوزنا شئ ونحن عابرين هذا العالم‮ .‬
إذاً‮ ‬فأول الدرسين لهذا الأصحاح هما التحرر من‮  ‬الخوف من الإنسان والتحرر من القلق‮ ‬،‮ ‬فالله‮ ‬يريدنا أن نتحرر منهما‮ ‬،‮ ‬وكم نكون سعداء لو كان الامر كذلك معنا‮ ! ‬،‮ ‬لا شك أنك توافق علي‮ ‬ذلك‮ ‬،‮ ‬أشد المؤمنين فقراً‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يقول‮ : ‬إني‮ ‬فقير وليس لي‮ ‬ما استطيع أن أقول أني‮ ‬أملكه‮ ‬،‮ ‬ولكن لن احتاج أبداً‮ ‬،‮ ‬لأن الآب‮ ‬يعرف أني‮ ‬احتاج الي‮ ‬كل هذه الأشياء‮ ‬،‮ ‬الرب‮ ‬يشجع قلوبنا حتي‮ ‬نكون‮  ‬في‮ ‬الحالة الروحية التي‮ ‬تجعلنا ننتظر مجيئه‮ .‬
هناك أمر آخر‮ ‬،‮ ‬دعونا نفترض للحظة أن الخوف من الإنسان اختفي‮ ‬،‮ ‬وأنك تستطيع أن ترتاح علي‮ ‬قلب الله‮ ‬،‮ ‬وتقول حقيقة أني‮ ‬لا أعرف ماذا سوف‮ ‬يحدث‮ ‬غداً‮ ‬،‮ ‬أو من أين سيأتي‮ ‬طعام الغد‮ ‬،‮ ‬ولكن في‮ ‬ذات الوقت أعلم أن الله‮ ‬يهتم بي‮ .‬
الامر الآخر هو أن الله‮ ‬يسعي‮ ‬لكي‮ ‬يثبتنا في‮ ‬النعمة الآن‮ ‬،‮ ‬ويجب أن تكون هذه حالتنا ونحن في‮ ‬انتظار لمجئ الرب‮ ‬،‮ ‬ولذلك نجد‮ "‬لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن‮ ‬يعطيكم الملكوت‮" (‬عدد‮ ‬32‮) .‬
أنه‮ ‬يريد أن‮ ‬يثبت قلوب شعبه في‮ ‬نعمة الآب‮ ‬،‮ ‬أشير هنا الي‮ ‬أمرين‮ ‬،‮ ‬الأول أن سرور الآب أن‮ ‬يعطيكم الملكوت‮ ‬،‮ ‬وهذا‮ ‬يستحضر العلاقة‮ ‬،‮ ‬فهذا سروره وفرحه‮ ‬،‮ ‬وذلك مرتبط مباشرة مع ما جاء في‮ (‬متي‮ ‬13‮ : ‬43‮) "‬يضيئ الأبرار كالشمس في‮ ‬ملكوت أبيهم‮" ‬عندها سيأتي‮ ‬كشمس البر‮ ‬،‮ ‬ووقتها فقط سيرتبط بشعبه علناً‮ ‬،‮ ‬وسوف‮ ‬يملك من النهر الي‮ ‬أقصي‮ ‬الأرض‮ ‬،‮ ‬وكل شعبه من كل العصور الحالية والماضية أيضاً‮ ‬سوف‮ ‬يظهرون في‮ ‬نفس المجد معه‮ .‬
‮"‬متي‮ ‬أظهر سنكون مثله لأننا سنراه كما هو‮" (‬1يو‮ ‬3‮ : ‬2‮) ‬ويالها من مقابلة انظر الي‮ ‬حالتنا الآن‮ ‬،‮ ‬فنحن نعلم جيداً‮ ‬سوء الحالة الصحية وضعف الجسد ونحن نمر في‮ ‬هذا العالم‮ .‬،‮ ‬ولكن ارفع الآن أفكارك وتأمل في‮ ‬ذلك اليوم الذي‮ ‬سيكون فيه كل القديسين مع المسيح وفي‮ ‬نفس المجد الذي‮ ‬له‮ ‬،‮ "‬الآب سر ان‮ ‬يعطيكم الملكوت‮" ‬ان قوة الكتاب كله في‮ ‬هذه الكلمة‮ "‬يعطيكم‮" ‬انها نعمة الآب والذي‮ ‬يريده الرب هو أن‮ ‬يثبتنا في‮ ‬روح هذه النعمة التي‮ ‬يتحدث عنها‮ . ‬إذاً لن أنمو في‮ ‬النعمة إلا إذا تثبت في‮ ‬النعمة‮ ‬،‮ ‬يجب فهم هذه الحقيقة جيداً‮ . ‬إن النفس الناموسية قد تكون تقية ولكنها لن تنمو‮ ! ‬،‮ ‬لذلك‮ ‬يقول بطرس في‮ ‬نهاية رسالته الثانية‮ ‬،‮ "‬انموا في‮ ‬النعمة وفي‮ ‬معرفة ربنا ومخلصنا‮ ‬يسوع المسيح‮" (‬2بط‮ ‬3‮ : ‬18‮) ‬إذا أردت أن تنمو‮ ‬يجب أن تتثبت في‮ ‬النعمة‮.‬
أحياناً عندما‮ ‬يقع احد القديسين في‮ ‬تجربة نعتقد أننا سوف نساعده أكثر إذا استحضرنا قليل من‮  ‬الناموس لنضعه علي‮ ‬كتفيه‮ ‬،‮ ‬فنشعر أننا‮ ‬يجب أن نكون حادين معه ونشير إلي‮ ‬الخطأ‮ ‬،‮ ‬لا‮ ‬يا أحبائي‮ ‬فهذا لن‮ ‬يرد نفسه‮ ‬،‮ ‬يجب أن تذهب بحق النعمة إذا أردت أن تلمس قلبه‮ .‬
كنت أعرف فتي‮ ‬،‮ ‬كان أبوه أباً‮ ‬صالحاً‮ ‬،‮ ‬ولكنه كان حاد جداً‮ ‬مع الفتي‮ ‬،‮ ‬وعندما كان‮ ‬يخطئ أو لا‮ ‬يطيع كان الآب‮ ‬يؤدبه بشدة وصرامة‮ . ‬وكانت الأم من ناحية أخري‮ ‬تنظر إليه بحنان‮ ‬،‮ ‬ولكن في‮ ‬ألم‮ ‬،‮ ‬كانت نظرة محبة‮ ‬،‮ ‬لقد كانت لها تأثير علي‮ ‬الفتي‮ ‬أكثر من أبوه‮ .‬لقد كانت تتصرف بنعمة‮ ‬،‮ ‬أما الآب فكان‮ ‬يتصرف بناموسية وهكذا نحن أحياناً‮ .‬
لن ننمو إلا إذا ثبتنا في‮ ‬نعمة الله‮ ‬،‮ ‬وهذا ما‮ ‬يوضحه الكتاب‮ ‬،‮ ‬في‮ (‬2تي‮ ‬2‮ : ‬1‮) ‬عندما فسد كل شئ‮ ‬يكتب الرسول لتيموثاوس‮ "‬فتقو أنت‮ ‬يا ابني‮ ‬بالنعمة التي‮ ‬في‮ ‬المسيح‮" ‬هذا هو فقط ما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يعطيك القوة أن تتعامل مع النفوس بالنعمة في‮ ‬الأيام الصعبة‮ ‬،‮ ‬فيجب أن أتثبت في‮ ‬النعمة وعندما أتثبت سوف أنمو‮ ‬،‮ ‬لأني‮ ‬عندها سوف أكون في‮ ‬الجو المقدس الذي‮ ‬يريدني‮ ‬الله أن أكون فيه ويذوب قلبي‮ ‬بإعلان نعمته لي‮ ‬في‮ ‬الابن المحبوب‮ . ‬وأضيف أننا لا‮ ‬يمكن أن نتثبت في‮ ‬النعمة إلي‮ ‬أن نكون في‮ ‬جانب الله ونري‮ ‬أنفسنا من وجهة الله‮ .‬
لماذا ولدت في‮ ‬هذا العالم ؟‮ ‬،‮ ‬إذا كنت مؤمناً‮ ‬فأنت ولدت لتكون محققاً‮ ‬لغرض الله‮ ‬،‮ ‬فكلها نعمة‮ ‬،‮ ‬أنه الله الذي‮ ‬جاء بي‮ ‬في‮ ‬هذا العالم‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬أعلن المسيح‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬يعضدني‮ ‬كل‮ ‬يوم في‮ ‬اجتيازي‮ ‬في‮ ‬تلك البرية‮ ‬،‮ ‬وسوف‮ ‬يحفظني‮ ‬حتي‮ ‬هذه اللحظة عندما أري‮ ‬الرب وجهاً‮ ‬لوجه‮ .‬
أنها نعمة مطلقة ويجب أن أتثبت في‮ ‬النعمة لفهم قلب الله‮ ‬،‮ ‬واستطيع أن انتظر محبة الرب‮ ‬،‮ ‬وأريد أن أقف عند أمر آخر وهو إنني‮ ‬إذا تثبت في‮ ‬النعمة‮ ‬يجب ان أكون ممثلاً‮ ‬للنعمة للذين هم من حولي‮ ‬،‮ ‬والرب‮ ‬يقول بالارتباط بهذا في‮ ‬المكتوب‮ "‬بيعوا مالكم واعطوا صدقة‮ ...." (‬عددي‮ ‬33‮ ‬،‮ ‬34‮) ‬،‮ ‬اعتقد انكم ترون بوضوح أنه إذا لم أكن في‮ ‬حق النعمة لا استطيع أن أعبر عن النعمة‮ . ‬والمبدأ الكتابي‮ ‬هو أن المؤمن في‮ ‬أي‮ ‬تدبير‮ ‬يجب عليه أن‮ ‬يعلن الله كما‮ ‬يُعرَف في‮ ‬ذلك التدبير‮ ‬،‮ ‬بمعني‮ ‬أن اليهودي‮ ‬يجب أن‮ ‬يعلن عن‮ ‬يهوه البار‮ ‬،‮ ‬ولكن الآن هو مُعلَن كإله كل نعمة‮ ‬،‮ ‬الله وأبو ربنا‮ ‬يسوع المسيح وإله خلاصنا‮ ‬،‮ ‬إنه الإله المعطي‮ ‬،‮ ‬والعطاء هو خاصية‮ ‬يوم النعمة‮ ‬،‮ ‬ويجب أن نكون معطين أيضاً‮ ‬،‮ ‬ويجب أن نُعلِن قلب الله في‮ ‬كل تعاملاتنا مع الناس‮ ‬،‮ ‬أثناء عبورنا في‮ ‬هذا العالم‮ .‬
ويعود الرب مرة أخري‮ ‬للمبدأ الذي‮ ‬وضعه في‮ ‬نهاية المثل‮ "‬هكذا الذي‮ ‬يكنز لنفسه وليس هو‮ ‬غنياً‮ ‬لله‮" ‬إذاً‮ ‬فسوف تحصل علي‮ ‬كنز في‮ ‬السماء‮ "‬كنز حيث لا‮ ‬يفسد سوس‮ .." ‬،‮ ‬لقد وضع الرب أمامي‮ ‬اليوم عدداً‮ ‬مرتبطاً‮ ‬بهذا الحق‮ "‬من‮ ‬يعطي‮ ‬كأس ماء بارد باسمي‮ ‬فلن‮ ‬يضيع أجره‮" ‬كم هو رائع أن تتقابل مع ابن لله‮ ‬،‮ ‬تعبان وعطشان‮ ‬،‮ ‬ومجرد ان تعطيه كأس ماء بارد باسم‮  ‬المسيح‮! ‬،‮ ‬يصبح هذا كنزاً‮ ‬في‮ ‬السماء‮ "‬لا‮ ‬يضيع أجره‮" ‬فالله‮ ‬يبيِّن نفس هذا الحق هنا‮ ‬،‮ ‬وسوف‮ ‬يكون هناك كنزاً محفوظاً‮ ‬لكم في‮ ‬السماء‮ . ‬وهذا ما‮ ‬يعلمنا أياه الله هنا‮  ‬،‮ ‬ثم‮ ‬يضيف‮ "‬حيث‮ ‬يكون كنزك هناك‮ ‬يكون قلبك أيضاً‮" . ‬اذا كان لك شخصاً‮ ‬عزيز لديك فأنك تفكر فيه دائماً‮ ‬،‮ ‬لأن أفكارك تتبع كنزك‮ ‬،‮ ‬والطريق الوحيد لتكون هكذا هو أن تجعل فكرك في‮ ‬الأمور التي‮ ‬هي‮ ‬فوق‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬ببساطة أن تجعل كنزك في‮ ‬السماء‮ . ‬قد نوافق علي‮ ‬هذا ونقول أن المسيح هو كنزي‮ ! ‬،‮ ‬ولكن إذا كان المسيح كنزك‮ ‬،‮ ‬فأفكارك ستكون معه وهذا هو آخر شرط تحتاجه النفس لتكون في‮ ‬حالة انتظار للرب‮ .‬
خلاصة‮ :‬
‮❊ ‬مجئ الرب الثاني‮ ‬ليس تعليماً‮ ‬مسيحياً‮ ‬،‮ ‬بل أنه جزء أساسي‮ ‬من الإيمان المسيحي‮ ‬،‮ ‬لأن الفداء لا‮ ‬يكمل إلا بمجئ الرب‮ ‬يسوع المسيح مرة أخري‮ .‬
‮❊ ‬إننا لا نستطيع أن ننتظر الرب إلا إذا كنا في‮ ‬حالة روحية سامية‮ .‬
‮❊ ‬هناك عدة أمور‮ ‬يجب أن‮ ‬يستوعبها المؤمن ويعيشها لكي‮ ‬يكون في‮ ‬حالة انتظار لمجئ للرب‮ . ‬وهي‮ :‬
‮# ‬التحرر من الخوف من الإنسان‮ ‬،‮ ‬لأنك دون أن تتحرر من ذلك الخوف لن تستطيع أن تعترف بالمسيح علناً‮ ‬،‮ ‬وإذا لم تشهد له لن تستطيع أن تنتظره‮ .‬
‮# ‬التحرر من القلق والخوف من المستقبل والإعداد له وهو كثيراً ما‮ ‬يسلبنا سلامنا‮ .‬
‮# ‬فهم المبدأ الكتابي‮ ‬أن علي‮ ‬المؤمن في‮ ‬كل تدبير أن‮ ‬يعلن الله كما‮ ‬يُعرَف في‮ ‬ذلك التدبير‮ ‬،‮ ‬بمعني‮ ‬أن اليهودي‮ ‬كان عليه أن‮ ‬يعلن عن‮ ‬يهوه البار‮ ‬،‮ ‬أما الآن فالله‮ ‬يُعلَن عنه كإله كل نعمة‮ ‬،‮ ‬فالعطاء‮ ‬يجب أن‮ ‬يميز‮ ‬يوم النعمة‮ ‬،‮ ‬ويجب أن‮ ‬يكون المؤمن‮ "‬عطَّاء‮" ‬ليُعلن عن قلب الله‮ .‬
‮# ‬إذا لم أثبت في‮ ‬النعمة فلن‮ ‬يكون هناك نمو‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬في‮ ‬أيام الخراب‮ ‬،‮ ‬يشجع بولس تلميذه تيموثاوس علي‮ ‬النمو في‮ ‬النعمة وأن‮ ‬يتقوي‮ ‬فيها‮ . ‬والمؤمن لن‮ ‬يثبت في‮ ‬النعمة إلا عندما‮ ‬يأخذ جانب الله في‮ ‬كل الأمور ويعرف قلب الله‮ .‬
‮# ‬وإذا كان المسيح كنز المؤمن‮ ‬،‮ ‬فأفكاره وعواطفه ستكون معه في‮ ‬السماء وهو سيكون دائماً في‮ ‬حالة انتظار مجيئه الثاني‮ .‬
‮"‬لتكن أحقاؤكم ممنطقة‮ ..." ‬عندما‮ ‬يتحدث أخ عن‮ "‬الأحقاء الممنطقة‮" ‬اسـأل كيف‮ ‬يمكن أن نمنطق احقائنا ؟‮ ‬،‮ ‬إن لم‮ ‬يكن المسيح كنزي‮ ‬فلن‮ ‬يكون لي‮ ‬الحافز ولا القوة لذلك‮ ‬،‮ ‬نحن نُقرّ‮ ‬أنه حيث‮ ‬يكون كنزك هناك‮ ‬يكون قلبك أيضاً ،‮ ‬وهذا ما‮ ‬يبين أهمية ان‮ ‬يكون المسيح كنزك في‮ ‬السماء‮.‬
‮ ‬أننا كثيراً ما تكون أفكارنا عن الأمور التي‮ ‬هي‮ ‬علي‮ ‬الأرض‮ ‬،‮ ‬ولكن الله‮ ‬يريد أن‮ ‬يشغلنا بالأمور التي‮ ‬هي‮ ‬في‮ ‬السماء حيث المسيح عن‮ ‬يمين الله‮ ‬،‮ ‬إذا كنت تريد فكر سماوي‮ ‬فالطريق الوحيد هو أن تضع فكرك علي‮ ‬الأمور التي‮ ‬هي‮ ‬في‮ ‬السماء‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬الانتظار الحقيقي‮ ‬للرب‮ ‬،‮ ‬تكمن القوة في‮ ‬النفس‮ ‬،‮ ‬لأن روح الله سوف‮ ‬يقود إليها وسوف‮ ‬يكون هناك سلوك مقدس وحوار سامي‮ "‬وكل من عنده هذا الرجاء به‮ (‬بالمسيح‮) ‬يطهر نفسه كما هو‮ (‬المسيح‮) ‬طاهر‮" (‬1‮ ‬يو‮ ‬3‮ : ‬3‮) .‬

لوقا‮ (‬12‮ : ‬32‮ - ‬40‮) ‬
إن موضوع الحالة المناسبة لملاقاة الرب عند مجيئه الثاني‮ ‬،‮ ‬هو ما جعل الرب‮ ‬يعد تلاميذه ليكونوا في‮ ‬الحالة الروحية التي‮ ‬يطلبها‮ .‬
وكما رأينا في‮ ‬المقام الأول أن الرب‮ ‬يسوع سعي‮ ‬لتحرير تلاميذه من الخوف من الناس‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬يكونوا شهادة جريئة لاسمه اثناء مرورهم في‮ ‬ذلك المشهد‮ .‬
ثم في‮ ‬المقام الثاني‮ ‬سعي‮ ‬الرب لتحريرهم من القلق من أمور هذه الحياة حتي‮ ‬يطلبوا ملكوت الله وبره أولاً‮ ‬،‮ ‬ثم تزاد لهم الاحتياجات‮ .‬
ثم رأينا أنه سعي‮ ‬لتثبيتهم في‮ ‬النعمة‮ ‬،‮ ‬كما نقرأ في‮ ‬عدد‮ ‬32‮ "‬لا تخف أيها القطيع الصغير‮ ...." ‬وقد سعي‮ ‬الرب لا أن‮ ‬يثبتهم في‮ ‬النعمة فقط‮ ‬،‮ ‬ولكن أيضاً في‮ ‬أن‮ ‬يجعلهم ممثلين للنعمة وهم عابرين في‮ ‬هذا العالم‮ ‬،‮ "‬بيعوا مالكم واعطوا صدقة‮ " .‬
إذا كنا ممثلين لله في‮ ‬النعمة في‮ ‬هذا العالم‮ ‬،‮ ‬فنحن بدورنا نضع لأنفسنا كنوز في‮ ‬السماء‮ ‬،‮ ‬وياله من شئ رائع إذا كنا عطَّائين في‮ ‬هذا العالم‮ ‬،‮ ‬ممثلين لله كالعاطي‮ ‬،‮ ‬نضع لأنفسنا كنوزاً‮ ‬في‮ ‬السماء‮ . ‬ويجب ألا ننسي‮ ‬أنه عندما نتكلم عن كنز في‮ ‬السماء‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬أن المسيح هو المركز‮ ‬،‮ ‬وحيث‮ ‬يكون كنزك هناك‮ ‬يكون قلبك أيضاً‮ . ‬إذاً‮ ‬فالمسيح هو كنزي‮ ‬،‮ ‬والطريق الوحيد لأكون متفكراً في‮ ‬السماء هو أن‮ ‬يكون قلبي‮ ‬مشغول بالرب‮ . ‬لا شك أن هناك اتفاق في‮ ‬الشئ الغالي‮ ‬هنا علي‮ ‬الأرض‮ ‬،‮ ‬هو الشئ الذي‮ ‬يجذب انتباهي‮ ‬،‮ ‬افكاري‮ ‬وعواطفي‮ ‬،‮ ‬فقلبي‮ ‬هو حيث‮ ‬يكون كنزي‮ ‬،‮ ‬والرب‮ ‬يطبق هذا المثل بدون شك علي‮ ‬نفسه‮ ‬،‮ ‬ويقول لنا إذا كان هو كنزنا فأفكارنا سوف تكون معه‮ "‬لأنه حيث‮ ‬يكون كنزك هناك‮ ‬يكون قلبك أيضاً‮" (‬ع‮ ‬32‮) ‬،‮ ‬هناك ارتباط واضح بين هذه العبارة وما‮ ‬يلي‮ ‬فيقول الرب‮ "‬منطقوا احقاؤكم‮ ..."(‬ع35‮) ‬،‮ ‬إذا كان كنزك علي‮ ‬الأرض فلا‮ ‬يمكن قطعياً أن تكون احقاؤك ممنطقة‮ ‬،‮ ‬فهذا مستحيل‮ ‬،‮ ‬وهناك حاجة قاطعة أن‮ ‬يكون كنزك في‮ ‬السماء إذا كنت تريد أن تكون منتظراً‮ ‬لمجئ الرب‮ ‬يسوع المسيح الثاني‮ ‬،‮ ‬وللأسف‮ ! ‬فموضوع مجئ الرب الثاني‮ ‬قد اصبح موضوع تعليمي‮ ‬اكثر منه تأثير عملي‮ ‬علي‮ ‬حياتنا اليومية‮ ‬،‮ ‬فلا‮ ‬يمكننا أن ننتظر الرب إلا إذا كان مالك لقلوبنا‮ ‬،‮ ‬فيجب أن‮ ‬يمتلك قلوبنا إذا أردنا أن نوجد في‮ ‬حالة الانتظار له‮ ‬،‮ ‬قد‮ ‬يقول كل منا أنه له الرب‮ ‬يسوع في‮ ‬قلبه‮ ! ‬،‮ ‬هل هذا صحيح ؟ هل أنت متأكد أن الرب‮ ‬يسوع‮ ‬يسكن في‮ ‬قلوب كل شعبه ؟ إذا كان هكذا‮ ‬،‮ ‬فلن‮ ‬يخرج من القلوب إلا المسيح‮ ‬،‮ ‬فلو كان في‮ ‬قلوبنا فلابد أن‮ ‬يُستعلَن‮ ‬،‮ ‬والأسلوب الوحيد لإعلانه اثناء مرورنا في‮ ‬هذا العالم هو أن نجعله ممتلكاً لعواطفنا‮ . ‬وإذا لم‮ ‬يحدث هذا فلا‮ ‬يكون مُعلناً‮ ‬،‮ ‬وهذا‮ ‬يوضح مبدأ في‮ ‬غاية الأهمية‮ ‬،‮ ‬فنحن نعلن عن المسيح علي‮ ‬قدر تشبهنا به‮ ‬،‮ ‬فلن نستطيع أن نعلن عنه أكثر إذا حاولنا‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يُعلَن علي‮ ‬قدر وجوده داخلنا‮  ‬،‮ ‬فإذا كان لنا القليل من المسيح‮ ‬،‮ ‬فلا نستطيع أن نعلن الكثير منه‮ ‬،‮ ‬ان هذا الأمر مهم للغاية‮ ‬،‮ ‬فالرب‮ ‬يسوع‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يظهر في‮ ‬سيرنا اليومي‮ ‬وفي‮ ‬سلوكنا علي‮ ‬قدر تمثلنا به‮ . ‬وللأسف فنحن لنا القدر القليل من‮  ‬المسيح‮ ‬،‮ ‬لذا‮ ‬يؤكد حيث‮ ‬يكون كنزك هناك‮ ‬يكون قلبك أيضاً‮ ‬ويقول فلتكن احقاؤكم ممنطقة وسرجكم موقدة‮ ‬،‮ ‬ويقول‮ "‬وأنتم مثل أناس‮ ‬ينتظرون سيدهم‮ ....." (‬ع‮ ‬36‮) ‬دعونا نتأمل في‮ ‬هذه العبارة بالتفصيل‮ ‬،‮ ‬هناك ثلاثة مرات في‮ ‬المكتوب تذكر عبارة‮ "‬منطقوا احقاؤكم‮" ‬،‮ ‬فتذكر هنا‮ ‬،‮ ‬وفي‮ (‬أفسس‮ ‬6‮ : ‬14‮) "‬فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق‮ .." ‬،‮ ‬وفي‮ (‬1بط‮ ‬1‮ : ‬13‮) "‬لذلك منطقوا أحقاء ذهنكم صاحين‮ ..." ‬وإذا وضعنا هذه الآيات الثلاثة معاً‮ ‬،‮ ‬نجد أنه‮ ‬يجب أن نكون ممنطقين داخلياً‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬في‮ ‬الذهن الروحي‮ ‬وتكون الأحقاء ممنطقة بالحق‮ ‬،‮ ‬ولكن ما هو الحق ؟‮ ‬،‮ ‬إن الحق هو إعلان الله في‮ ‬يسوع المسيح‮ ‬،‮ ‬وهذا هو ما‮ ‬يجب أن نتمنطق به‮ ‬،‮ ‬ويقول الرب بوضوح‮ "‬منطقوا احقاوكم‮" ‬،‮ ‬أي‮ ‬ان المنطقة مشدودة بالحق في‮ ‬قوة الروح‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬داخلياً وتحت تأثير الحق نكون ممنطقين لكي‮ ‬نكون مستعدين للحرب أو الخدمة أو عندما نكون مدعوين لعمله‮ ‬،‮ ‬فمهم جداً‮ ‬أن نفهم‮ "‬ممنطقين أحقاؤكم بالحق‮"  ‬أيضاً‮ ‬هناك امر آخر‮ "‬وسرجكم موقدة‮" ‬هل نور كل مؤمن‮ ‬يضيئ ؟‮ ‬،‮ ‬فهذا ما‮ ‬يتحدث عنه الرسول في‮ (‬فيلبي‮ ‬2‮ : ‬15‮) "‬تضيئون بينهم كأنوار في‮ ‬العالم‮...." ‬وكلمة تضيئون هنا هي‮ ‬نفس الكلمة التي‮ ‬تستخدم عن النجوم في‮ ‬السموات‮ ‬،‮ ‬مثل القمر المنير الذي‮ ‬يسطع ليلاً‮ ‬،‮  ‬لأنه وضع في‮ ‬مكانه لهذا الغرض‮ ‬،‮ ‬فكل مؤمن موضوع هنا لكي‮ ‬يشع نوراً‮ ‬ويضيئ‮ ‬،‮ ‬لكننا للأسف أحياناً لا ننير‮ ‬،‮ ‬والرب‮ ‬يقول هنا‮ "‬سرجكم موقدة‮" ‬،‮ ‬فأولاً‮ ‬يجب أن نحدد ما هو النور‮ ‬،‮ ‬إن النور هو المسيح دائماً‮ ‬في‮ ‬العهد الجديد‮ ‬،‮ ‬إنه النور الوحيد وسط الظلام‮ ‬،‮ ‬ويتحدث الكتاب عن النور الذي‮ ‬يسطع في‮ ‬الحياة اليومية‮ ‬،‮ ‬فليس هناك نوراً‮ ‬آخر للبشر‮ ‬،‮ "‬لإنارة معرفة مجد الله في‮ ‬وجه‮ ‬يسوع المسيح‮" ( ‬2كو‮ ‬4‮ : ‬6‮) ‬،‮ ‬وعندما نقبل هذا في‮ ‬القلب‮ ‬يسطع وينير خارجاً منا في‮ ‬سيرنا‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬طرقنا‮  ‬وفي‮ ‬سلوكنا‮ ‬،‮ ‬وسوف‮ ‬يري‮ ‬الجميع هذا في‮ ‬الحياة المسيحية‮ ‬،‮ ‬فالنور‮ ‬يجب أن‮ ‬يسطع‮ ‬،‮ ‬ولكن لماذا لا‮ ‬يسطع نورنا دائماً‮ ‬؟‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬العهد القديم كان علي‮ ‬هارون أن‮ ‬يستخدم المنافض والملاقط لأجل المنارة‮ ‬،‮ ‬لماذا ؟ حتي‮ ‬يكون نورها ساطعاً‮ ‬دائماً‮ ‬،‮ ‬لكي‮ ‬يشع النور بدون عوائق‮ ‬،‮ ‬وكلنا‮ ‬يعلم كيف أن الفتيلة الطويلة تخفت النور وتقلله‮  ‬،‮ ‬وتطبيق هذا عملياً‮ ‬هو أن البعض له عادات سيئة‮ ‬،‮ ‬وهذه العادات تحجب النور‮ ‬،‮ ‬مثل عادات حدة الطباع أو سرعة الغضب‮ ‬،‮ ‬فهذا‮ ‬يحجب النور ويعيقه‮ ‬،‮ ‬أو إذا كنت عالمياً‮  ‬أو ليَّ‮ ‬معاشرات رديئة‮ ‬،‮ ‬فيجب أن أحكم علي‮ ‬نفسي‮ ‬،‮ ‬والحكم علي‮ ‬الذات‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬لا‮ ‬يكون هناك مكان لأي‮ ‬شئ لا‮ ‬يتوافق مع المسيح‮  ‬،‮ ‬فكم منا كان سبباً‮ ‬في‮ ‬تعثر مؤمنين‮ ‬،‮ ‬لأن نورنا لم‮ ‬يسطع بوضوح‮ ‬،‮ ‬فإذا كنت تحيا وتسلك في‮ ‬قوة‮  ‬الروح القدس ستكون الشهادة معلنة لشخص الرب‮ ‬يسوع وساطعة لكل واحد منا‮ ‬،‮ ‬فالنور لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يختفي‮ ‬وهذا ما‮ ‬يقوله الرب‮ ‬،‮ ‬ولماذا ؟ لأن النور الذي‮ ‬كان‮ ‬يشع منه كاملاً‮ ‬ففي‮ ‬انجيل‮ ‬يوحنا‮ " ‬والنور‮ ‬يضيئ في‮ ‬الظلمة‮ ..." (‬يو1‮ : ‬5‮) ‬فالظلمة قد سعت لكي‮ ‬تطفئ النور‮ ‬،‮ ‬لذلك صلبوا الرب والمخلص المبارك‮ .‬
إذا ما هي‮ ‬الشروط لكي‮ ‬يسطع النور ويضيئ ؟ هناك طريق واحد‮ ‬يعطيه الرسول بولس في‮ ‬عبارة عن نفسه في‮ (‬2كو‮ ‬4‮ : ‬10‮) "‬حاملين في‮ ‬الجسد كل حين إماتة الرب‮ ‬يسوع لكي‮ ‬تظهر حياة‮ ‬يسوع أيضاً‮ ‬في‮ ‬جسدنا‮" ‬فما هو موت المسيح ؟ انه ببساطة تطبيق حق الصليب علي‮ ‬ذاتي‮ ‬،‮ ‬وما‮ ‬يقصده الرسول هنا هو أن لا‮ ‬يظهر أي‮ ‬شئ من بولس بل المسيح فقط في‮ ‬كل ما‮ ‬يقوله أو‮ ‬يفعله‮ . ‬افترض إنني‮ ‬رجلاً‮ ‬ذكياً‮ ‬وسريع البديهة‮ ‬،‮ ‬وتقابلت معك وجري‮ ‬بيننا حديث‮ ‬،‮ ‬فإذا لم تكن المحادثة في‮ ‬قوة الروح القدس سأكون في‮ ‬تجربة أن أظهر سرعة بديهتي‮ ‬وذكائي‮ ‬،‮ ‬وهنا لا‮ ‬يكون المسيح ظاهراً‮ ‬وإنما‮ (‬الذات‮) ‬،‮ ‬لذلك حتي‮ ‬يضيئ النور‮ ‬يجب تطبيق مبدأ الموت علي‮ ‬كل ما أنا عليه‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬لا‮ ‬يظهر فيَّ‮ ‬إلا المسيح‮ ‬،‮ ‬هذا ما أفهمه من القول‮ "‬يضيئ نوركم‮" ‬فدعونا نطبق هذا عملياً‮ ‬،‮ ‬فهناك فرق بين أن أعي‮ ‬المكتوب وأن أكون سالكاً‮ ‬في‮ ‬قوته‮ ‬،‮ ‬فهل احقاؤنا ممنطقة ؟ وهل سرجنا موقدة ؟ فإذا كان نورك كمؤمن ساطعاً‮ ‬بوضوح وبقوة فإن إنسان العالم سيكرهك‮ ‬،‮ "‬فهل‮ ‬يصل الأمر لهذا الحد ؟ نعم ففي‮ ‬حالة الرب المبارك لم‮ ‬يحتمل الناس شدة النور‮ ‬،‮ ‬لذلك سعوا ان‮ ‬يطفئوا هذا النور بصلبه علي‮ ‬الصليب‮ ‬،‮ ‬دعونا نتذكر دائماً‮ ‬أنه إذا كنا نريد أن نكون مستعدين لملاقاة الرب‮ ‬يسوع عند مجيئه‮ ‬،‮ ‬فيجب أن تكون الاحقاء ممنطقة والسرج موقدة‮ . ‬كيف‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون موقفنا عندما نتحدث عن المكافأة المباركة التي‮ ‬يعطيها الرب للذين‮ ‬ينتظرون مجيئه‮ . ‬فهذا هو المثال الذي‮ ‬يعطيه الرب لانتظاره كالعبد الذي‮ ‬ينتظر سيده وقد ذهب للعرس وسيعود ثانية‮ ‬،‮ ‬فهو خادم‮ ‬يقف وواضعاً‮ ‬يده علي‮ ‬مقبض‮  ‬الباب‮ ‬،‮ ‬منتظراً‮ ‬أول إشارة لمجئ سيده وعند سماع أول قرعة باب لسيده‮ ‬يفتح الباب علي‮ ‬مصراعيه لاستقباله‮ ‬،‮ ‬فأولاً‮ ‬انهم‮ ‬يريدون مجئ سيدهم وثانياً‮ ‬ينتظرونه‮ ‬،‮ ‬وهذان الامران متلازمان‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬ضوء ما سبق‮ ‬،‮ ‬هل نحن نرغب أن‮ ‬يأتي‮ ‬الرب سريعاً‮ ‬؟‮  ‬،‮ ‬هل هذه حقاً‮ ‬رغبتك ؟‮ ‬،‮ ‬أحياناً‮ ‬لا تكون هذه رغبتنا‮ ‬،‮ ‬لذلك‮ ‬يشدد الرب علي‮ ‬ضرورة أن نكون في‮ ‬الحالة التي‮ ‬تناسب مجيئه وتوقعنا الدائم لعودته‮ ‬،‮ ‬لقد طُرح سؤال مرة كم منا‮ ‬يعتقد أن الرب سيأتي‮ ‬قبل أن‮ ‬ينتهي‮ ‬هذا اليوم‮ ‬،‮ ‬ان الرب‮ ‬يؤكد في‮ ‬المكتوب أنه‮ ‬يجب أن نكون في‮ ‬حالة انتظار وتوقع وأيضاً‮ ‬رغبة في‮ ‬رؤية الرب وجهاً لوجه‮ ‬،‮ ‬أنه من السهل أن‮ ‬يمر الوقت وننسي‮ ‬،‮ ‬فالوقت‮ ‬يمر والاحداث اليومية تتوالي‮ ‬،‮ ‬ولكن قد‮ ‬يحدث فجأة اختطاف شعب الله لملاقاة الرب في‮ ‬الهواء لنكون معه الي‮ ‬الأبد‮ .‬
ليسأل كل واحد منا نفسه‮ ‬،‮ ‬هل أنت مستعد لكي‮ ‬تري‮ ‬الرب وجهاً‮ ‬لوجه ؟‮ ‬،‮ ‬لنفترض ان‮  ‬هناك زوجة مخلصة‮ ‬،‮ ‬ورحل زوجها الي‮ ‬بلد بعيد‮ ‬،‮ ‬وهي‮ ‬لا تعرف موعد رجوعه‮ ‬،‮ ‬واثناء‮ ‬غيابه لا تتوقف عن محبته‮ ‬،‮ ‬ولكنها جمعت حولها بعض الأشياء التي‮ ‬قد لا‮ ‬يحبها عند عودته‮ ‬،‮ ‬فعندما تتلقي‮ ‬الخطاب الذي‮ ‬يبشرها بعودته القريبة‮ ‬،‮ ‬فماذا‮ ‬يكون أول فكر‮ ‬يتطرق إليها ؟ أنها تنظر حولها وتقول‮ "‬إن زوجي‮ ‬لن‮ ‬يحب أن‮ ‬يري‮ ‬هذا عندما‮ ‬يجيئ‮ ‬،‮ ‬فإن كانت زوجة مخلصة فسوف تتخلص من كل ما لا‮ ‬يريد أن‮ ‬يراه‮ ‬،‮ ‬وأيضاً‮ ‬ستفعل شئ آخر فسوف تحيط نفسها بكل ما تعتقد أنه‮ ‬يريد أن‮ ‬يراه ويفرحه عند عودته‮ .‬
فإذا كنا ننتظر الرب‮ ‬،‮ ‬يجب أن نتخلص من كل ما لا‮ ‬يرضي‮ ‬الرب‮ ‬،‮ ‬وهذا معني‮ ‬الآية في‮ (‬1يو‮ ‬3‮ : ‬3‮) "‬وكل من عنده هذا الرجاء به‮ ‬يطهر نفسه كما هو طاهر‮" ‬،‮ ‬التخلص من كل ما لا‮ ‬يرضيه والوجود في‮ ‬الحالة التي‮ ‬تفرحه‮ ‬،‮ ‬هذا هو الأسلوب الوحيد لأكون مستعداً‮ ‬لملاقاته‮ ‬،‮ ‬وهذا ما‮ ‬يبينه الكتاب في‮ "‬لتكن أحقاؤكم ممنطقة‮" .‬
كنت اقرأ عن تاجر كان‮ ‬يبدو عليه العبوس والكآبة عند عودته من الاجتماع‮ ‬،‮ ‬وعندما سألته زوجته عن السبب صرَّح لها أنه عرف ان الرب سيجئ عن قريب‮ ‬،‮ ‬وأنه ليس مستعداً‮ ‬لمقابلته بعد‮ ‬،‮ ‬لأن مجيئه معناه نهاية لمخططاته المستقبلية‮ ‬،‮ ‬فكل ربحه سيذهب عند عودة الرب‮ ‬،‮ ‬مع أن هذا الرجل كان مؤمناً‮ !‬ ،‮ ‬لذلك‮ ‬يجب ألا ننشغل بأي‮ ‬شئ مهما كان ويجعل الرب لا‮ ‬يبتسم في‮ ‬وجوهنا عند مجيئه‮ ‬،‮ ‬إن هذا الامر عملي‮ ‬وهو موضوع وغرض هذا الاصحاح‮ .‬
والآن نتحدث عن الناحية الأخري‮ ‬عن مكافأة الرب للذين‮ ‬يكونوا ساهرين ومنتظرين مجيئه‮ ‬،‮ "‬طوبي‮ ‬لذلك العبد‮ ......." (‬ع‮ ‬37‮) ‬،‮ ‬الامر الأول طوبي‮ ‬لهؤلاء العبيد الذين‮ ‬يجدهم سيدهم ساهرين‮ ‬،‮ ‬كلنا‮ ‬يعرف ما هو السهر‮ ! ‬،‮ ‬إذا كان لك صديق عزيز وعائداً‮ ‬من مكان بعيد‮ ‬،‮ ‬وانت تنتظره بجانب النافذة فسوف تكون ساهر ومنتظر‮ ‬،‮ ‬والرب سوف‮ ‬يعطي‮ ‬مكافأة مباركة للساهرين‮ ‬،‮ ‬ليتنا نكون جميعاً‮ ‬ساهرين‮ ‬،‮ ‬فهل نحن حقيقة ساهرين ؟ اذا كنا نريد أن نرضي‮ ‬الرب فيجب أن نكون ساهرين‮ ‬،‮ ‬إن كل سعادة وفرح في‮ ‬البيت أو خارجه هي‮ ‬عائق لانتظار الرب‮ ‬،‮ ‬فهل معني‮ ‬ذلك أن هذا ليس جيداً‮ ‬؟‮ ! ‬،‮ ‬إنها شئ جيد مثل وردة في‮ ‬جنة عدن‮ ‬،‮ ‬ولكن السعادة علي‮ ‬الأرض قد تدخل بين النفس والمسيح‮ ‬،‮ ‬وكثيراً‮ ‬ما‮ ‬يكون تأثير السعادة عائق لانتظار الرب لذلك أحياناً‮ ‬يحرمنا الله منها فنشعر بالوحدة ونحن في‮ ‬حالة الانتظار‮ ‬،‮ ‬لأنه لا‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يثق في‮ ‬أن‮ ‬يعطينا كثير من السعادة في‮ ‬هذا العالم‮ . ‬فهو‮ ‬يحبنا أكثر من أن‮ ‬يفعل هذا‮ ! ‬،‮ ‬أنه‮ ‬يحبنا ويغار علينا ويريدنا لنفسه‮ ‬،‮ ‬هل سمعت تعبير‮ " ‬الغيرة قاسية كالهاوية‮ (‬كالقبر‮)" ‬فما معني‮ ‬ذلك ؟ عندما‮ ‬يواري‮ ‬الجسد الميت التراب‮ ‬،‮ ‬يطبق القبر عليه من كل جهه ويغلق عليه وحده‮ ‬،‮ ‬القبر‮ ‬يتملك علي‮ ‬الجسد بصورة مطلقة‮ ‬،‮ ‬هكذا هي‮ ‬غيرة الرب‮ ‬،‮ ‬هل تعتقد أن الرب لا‮ ‬يأبه عندما تذهب قلوبنا وراء هذا الشئ أو ذاك ؟ إن هذا‮ ‬يكون ضد طبيعته‮ ‬،‮ ‬فإن كان‮ ‬يحبنا وهو بالفعل كذلك فهو‮ ‬يريد قلوبنا كلها‮ ‬،‮ ‬ليس أقل من كل القلب‮ ‬يمكن أن‮ ‬يشبعه‮ "‬طوبي‮ ‬لأولئك العبيد‮ ..." . ‬
والآن نري‮ ‬المكافأة الرائعة‮ "‬الحق أقول لكم أنه‮ ‬يتمنطق ويتكئهم ويتقدم ويخدمهم‮" ‬سوف تري‮ ‬أمرين‮ : ‬الامر الأول ان الرب سيمنطق نفسه كخادم‮ ! ‬فقد قال لتلاميذه هنا‮ "‬أنا جئت لأخدم‮" ‬الرب المبارك الذي‮ ‬له كل شئ‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬خلق كل شئ‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬مات علي‮ ‬الصليب‮ ‬،‮ ‬أخذ مكان الخادم لتلاميذه‮ ‬،‮ ‬ومن كانوا هؤلاء التلاميذ ؟ أحياناً‮ ‬يقول البعض‮ ‬،‮ ‬لا استطيع ان أحب فلان‮ ‬،‮ ‬فسلوكه‮ ‬غريب وسيئ‮ ‬،‮ ‬ألم‮ ‬يكن الرب محاط بالذين كان مسلكهم‮ ‬غريب ؟ ألم‮ ‬يكن هناك‮ ‬يهوذا وبطرس الذي‮ ‬أنكره‮ ‬،‮ ‬هل توقف الرب عن محبتهم‮ . ‬كلا فهو‮ ‬يقول كما أحبني‮ ‬الآب كذلك أحببتكم أنا‮  ‬،‮ ‬الطريقة الوحيدة لمحبة شعب الله هو أن نراهم كما‮ ‬يراهم الله‮ ‬،‮ ‬مقبولين في‮ ‬المسيح‮ ‬،‮ ‬فنستطيع عندها أن نحبهم‮ ‬،‮ ‬الرب سيمنطق نفسه ويتكئهم ويخدمهم‮ .‬بمعني‮ ‬سوف‮ ‬يجعلنا نتناول ما‮ ‬يفرحه وما‮ ‬يلذه‮ ‬،‮ ‬ما‮ ‬يلذ قلبه سيلذ قلبي‮ ‬وقلبك‮ ‬،‮ ‬أليس هذا رائعاً‮ ‬؟ ‮! ‬سوف نتشارك في‮ ‬أفراحه مع شعبه المحبوب‮ ‬،‮ ‬وليس هذا فقط بل سيتقدم ليخدمهم‮ ‬،‮ ‬سوف‮ ‬يقدم هذه الأفراح بنفسه‮ ‬،‮ ‬فسوف‮ ‬يأخذ أقل مكان‮ ‬،‮ ‬خادم شعبه‮ ‬،‮ ‬وسوف‮ ‬يجعلهم‮ ‬يفرحون بمحضره وبالتمتع بمحبته‮ ‬،‮ ‬ولن‮ ‬يكون له شئ واحد ليس لهم‮ ‬،‮ ‬لقد تعلمنا ان ليس هناك بركة واحدة في‮ ‬المستقبل لا نستطيع أن نتمتع بها الآن‮ ‬،‮ ‬علي‮ ‬الأقل بدرجة ما‮ ‬،‮ ‬فالمجد الذي‮ ‬سوف‮ ‬يأتي‮ ‬به الرب‮ ‬يسوع وسوف‮ ‬يجلس شعبه ليأكل ويتقدم ويخدمهم‮ ‬،‮ ‬وهذا ما‮ ‬يقدمه لنا الآن ليشجع قلوبنا وليجعلها في‮ ‬المكان الذي‮ ‬هو فيه‮ .‬
ثم‮ ‬يقول الرب‮ "‬وانما اعلموا هذا أنه لو عرف رب البيت في‮ ‬أية ساعة‮ ‬يأتي‮ ‬السارق لسهر‮ ‬،‮ ‬ولم‮ ‬يدع بيته‮ ‬ينقب‮ ‬،‮ ‬فكونوا أنتم إذاً‮ ‬مستعدين‮ ‬،‮ ‬لأنه في‮ ‬ساعة لا تظنون‮ ‬يأتي‮ ‬ابن الإنسان‮" .‬
ان النقطة المهمة هنا هي‮ "‬أن نكون دائماً علي‮ ‬استعداد‮" ‬كيف ؟‮ ‬،‮ ‬انها ليست حالة روحية فقط‮ ‬،‮ ‬إنها بالطبع في‮ ‬غاية الأهمية‮ ‬،‮ ‬ولكن أيضاً‮ ‬هناك أمور كثيرة‮ ‬يجب أن تسوي‮ ‬،‮ ‬أن أكون مستعداً معناه أن أكون قد قمت بتسوية كل الأمور‮ ‬،‮ ‬وكسائح أو‮ ‬غريب أمُّر في‮ ‬هذا العالم بدون أي‮ ‬عائق‮ ‬،‮ ‬لأنه عندما تكون قلوبنا حيث هو‮ ‬،‮ ‬يكون كل شئ‮ ‬يدور حوله‮ . ‬يجب أن نسأل أنفسنا‮ : ‬هل‮ ‬يمتلك الرب قلوبنا ؟ اذا كان الامر هكذا‮ ‬،‮ ‬يكون قلبك حيث هو‮ ‬،‮ ‬وأن تكون مستعداً‮ ‬لمجيئه الثاني‮ ‬الذي‮ ‬يتحدث عنه‮ ‬،‮ ‬ليس هناك أهم من أن أجلس في‮ ‬محضره بهدوء‮ ‬،‮ ‬هل أنا مستعداً‮ ‬للقائه ؟‮! ‬هل سيجدني‮ ‬ويجد حولي‮ ‬ما‮ ‬يسر ويرضي‮ ‬قلبه ؟ إذا استطعت أن أجيب بنعم أكون في‮ ‬الحالة التي‮ ‬يريدها‮ .‬
دعوني‮ ‬أراجع ما سبق‮ :‬
‮❊ ‬يجب أن أتحرر من الخوف من الناس وهو فخ لكثيرين منا‮ ‬،‮ ‬لقد انكسرت سفينة الإيمان لمؤمنين أحداث من جهة شهادتهم بسبب هذا الخوف‮ .‬
‮❊ ‬يجب أن أتحرر من القلق‮ ‬،‮ ‬فلا‮ ‬يجب أن‮ ‬يقلقني‮ ‬شئ‮ ‬،‮ ‬فالرب‮ ‬يعتني‮ ‬بي‮ ‬،‮ ‬فاترك نفسك له‮ ‬،‮ ‬أنه‮ ‬يشير الي‮ ‬العصافير وزنابق الحقل حتي‮ ‬يقنعك ان الله‮ ‬يعتني‮ ‬بك‮ ‬،‮ "‬أنتم أفضل من عصافير كثيرة‮" ‬فيجب ان نثق في‮ ‬رعاية الله دائماً‮ .‬
‮❊ ‬ثم‮ ‬يجب أن‮ ‬يتثبت القلب في‮ ‬النعمة‮ "‬لا تخف أيها القطيع الصغير‮ ..." ‬انك لا تستطيع أن تتعب لكي‮ ‬تستحقها أو تحصل عليها‮ ‬،‮ ‬إن الله سوف‮ ‬يعطيك إياها إذا تثبتت قلوبنا في‮ ‬النعمة الآن‮ ‬،‮ ‬نستطيع أن نعطي‮ ‬لأن الله معطي‮ ‬،‮ ‬وعندما نتمثل بالله كمعطي‮ ‬نضع لأنفسنا كنوز في‮ ‬السماء‮ ‬،‮ ‬ثم قلوبنا سوف تكون هناك وهذا سوف‮ ‬يقودنا للتحضير لملاقاة الرب‮ ‬،‮ ‬الأحقاء ممنطقة والسرج موقدة‮ .‬
‮❊ ‬من الأهمية بمكان وضع الرب أمام قلوبنا بصفة دائمة‮ . ‬ليهبنا ان نحكم علي‮ ‬أنفسنا في‮ ‬أي‮ ‬شئ لا‮ ‬يناسبه ويقودنا أن نتحصل علي‮ ‬كل ما‮ ‬يرضيه ويفرح قلبه من أجل اسمه‮ .‬

‮(‬1تس‮ ‬4‮ : ‬13‮ ‬-‮ ‬18‮)  ‬،‮ (‬1تس‮ ‬5‮ : ‬1‮ ‬-‮ ‬11‮)‬
ان موضوع الاختطاف وعلاقته بظهور الرب‮ ‬يسوع المسيح‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون ما‮ ‬يميز كل مؤمن منتظر ابن الله من السماء‮ .‬
‮"... ‬وكيف رجعتم إلي‮ ‬الله من الأوثان لتعبدوا الله الحي‮ ‬الحقيقي‮ ‬وتنتظروا ابنه من السماء‮" (‬1تس‮ ‬1‮ : ‬9‮ ‬،‮ ‬10‮)‬
إذاً‮ ‬أن ما‮ ‬يجب أن‮ ‬يميز كل مؤمن حقيقي‮ ‬أو أي‮ ‬معترف هو انتظار مجئ الرب‮ ‬يسوع من السماء‮ .‬
يجب قبول هذا الحق‮ ‬،‮ ‬أن هؤلاء المؤمنين الاحداث في‮ ‬تسالونيكي‮ ‬قد تحولوا من الأوثان لهذا الرجاء ليخدموا ويعبدوا الله الحي‮ ‬الحقيقي‮ ‬وينتظروا ابنه من السماء‮ .‬
أنه أمر في‮ ‬غاية الأهمية‮ ‬،‮ ‬لأني‮ ‬إذا كنت أنا وأنت نوجد في‮ ‬انتظار لمجئ ابن الله من السماء‮ ‬يجب أن‮ ‬ينعكس هذا علي‮ ‬سلوكي‮ ‬عملياً‮ ‬في‮ ‬الحياة اليومية‮ .‬
كثيراً‮ ‬ما ننسي‮ ‬أمر مجئ الرب‮ ‬يسوع المسيح‮ . ‬أكرر نفس السؤال‮ : ‬كم من القلوب تنتظر مجئ الرب قبل أن‮ ‬ينتهي‮ ‬هذا اليوم ؟‮ ‬،‮ ‬مع أن ما‮ ‬يجب أن‮ ‬يميز كل مؤمن معترف بالمسيح‮  ‬هو انتظار مجئ الرب‮ .‬
انه ليس مجرد تعليم‮ ‬،‮ ‬أنه جزء أساسي‮ ‬من المسيحية‮ ‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬إذا كنت‮ ‬غير منتظراً‮ ‬لمجئ الرب من السماء أكون لست واقفا علي‮ ‬أرضية مسيحية‮ ‬،‮ ‬وهذه هي‮ ‬أهمية فهم هذا الحق‮ .‬
إنه ليس أمر‮ ‬يفهمه فقط الكاملين‮ (‬الناضجين‮) ‬من المؤمنين‮ . ‬إن مؤمني‮ ‬تسالونيكي‮ ‬كانوا حديثي‮ ‬الإيمان‮ ‬،‮ ‬أقل من ستة أشهر في‮ ‬الإيمان عندما كتب لهم الرسول هذه الرسالة‮ . ‬كانوا حديثي‮ ‬الإيمان بل كانوا ما نسميهم نحن أطفال في‮ ‬الإيمان‮ ‬،‮ ‬وكتب لهم الرسول انه‮ ‬يجب أن‮ ‬ينتظروا مجئ ابن الله من السماء‮ . ‬ان هذا‮ ‬ينطبق علي‮ ‬كل مؤمن‮ ‬،‮ ‬يجب ألا‮ ‬يغيب هذا عن عيوننا‮ ‬،‮ ‬لأنه لو‮ ‬غاب لفقدنا قوة توقع وانتظار مجئ المسيح‮ .‬
هناك امرين في‮ ‬هذين الأصحاحين‮: ‬الأول نتيجة هذا التعليم علي‮ ‬الخدمة‮ "‬لأن من هو رجاؤنا وفرحنا وإكليل افتخارنا ؟ أم لستم أنتم أيضاً‮ ‬أمام ربنا‮ ‬يسوع المسيح في‮ ‬مجيئه ؟ لأنكم أنتم مجدنا وفرحنا‮" ‬،
أننا نري‮ ‬أن أمر مجئ الرب الثاني‮ ‬كان أمام الرسول دائماً‮ ‬،‮ ‬لذلك فإننا لن نستطيع أن نخدم كما‮ ‬يريدنا أن نخدم دون هذه القوة الحافزة‮ ‬،‮ ‬إن فكر‮  ‬الرسول وانتظاره لمجئ الرب الثاني‮ ‬يجعله‮ ‬يمتلئ بالقوة والرغبة في‮ ‬إيمان الذين أُرسِل إليهم‮ ‬،‮ ‬أن‮ ‬يعمل بلا كلل متطلعاً‮ ‬لمجئ الرب‮ ‬،‮ ‬إني‮ ‬لا استطيع أن أخدم بحق إلي‮ ‬أن أجعل هذا الحق‮ ‬يسيطر علي‮ ‬نفسي‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬انتظار مجئ الرب أخدم بإخلاص ولماذا أخدم بإخلاص ؟ لأني‮ ‬أريد أن أرضيه‮ ‬،‮ ‬لأنه في‮ ‬ظهور الرب‮ ‬يسوع المسيح سوف‮ ‬يتعامل مع مسئولية كل مؤمن‮ . ‬إن الأرض هي‮ ‬مشهد المسئولية ومجئ الرب هو الهدف الذي‮ ‬نسعي‮ ‬إليه كما نقرأ في‮ (‬1تي‮ ‬6‮ : ‬14‮) ‬وعندما‮ ‬يعود الرب في‮ ‬مجده سوف‮ ‬يعلن المكافأة‮ ‬،‮ ‬هذا ما أفهمه من قول الرسول‮ "‬أنتم مجدنا وفرحنا‮" ‬،‮ ‬لننظر الي‮ ‬ما جاء في‮ ‬الأصحاح الثالث وسوف نري‮ ‬انعكاس مجئ المسيح علي‮ ‬الحياة الروحية‮ ... ‬
‮" ‬والرب‮ ‬ينميكم ويزيدكم في‮ ‬المحبة بعضكم لبعض وللجميع‮ ‬،‮ ‬كما نحن أيضاً‮ ‬لكم‮ ‬،‮ ‬لكي‮ ‬يثبت قلوبكم بلا لوم في‮ ‬القداسة‮ ‬،‮ ‬أمام الله أبينا في‮ ‬مجئ ربنا‮ ‬يسوع المسيح مع جميع قديسيه‮ " (‬1تس‮ ‬3‮ : ‬12‮ ‬،‮ ‬13‮) .‬
هنا نجد أمرين‮ ‬،‮ ‬نجد القداسة عند مجئ الرب‮ ‬يسوع المسيح مع قديسيه أمام الله أبونا‮ ‬،‮ ‬ونجد المحبة لبعضنا البعض‮ ‬،‮ ‬وهذا سر رائع‮ . ‬لأن المحبة لبعضنا البعض هي‮ ‬الطريق للقداسة‮ ‬،‮ ‬قد تتحدث من‮  ‬الصباح الي‮ ‬المساء عن القداسة ولكن لن تنمو بدون المحبة‮ . ‬لأن المحبة هي‮ ‬من طبيعة الله‮ ‬،‮ ‬ومحبة الله هي‮ ‬محبة مقدسة‮ ‬،‮ ‬لذلك‮ ‬يعلمنا الرسول هنا‮ ‬،‮ ‬أنه كلما أحببنا بعضنا البعض كلما شابهنا صورة المسيح‮ ‬،‮ ‬وكلما تقدست الحياة‮ ‬،‮ ‬لأن القداسة هي‮ ‬التشكيل أو التطابق مع صورة المسيح‮ . ‬وليس أقل من هذا‮ ‬،‮ ‬فإذا تحدثنا عن القداسة‮ ‬يجب أن نقول كقداسة المسيح‮ ‬،‮ ‬لأن الله لن‮ ‬يقبل أقل من هذا‮ ‬،‮ ‬فكلما احبنا بعضنا البعض كلما نمونا في‮ ‬القداسة‮ ‬،‮ ‬لأن هذه هي‮ ‬طبيعة الله‮  ‬،‮ ‬وهذا ما سيستحضر عند مجئ ربنا‮ ‬يسوع المسيح مع كل قديسه‮ .‬
إننا نسمع البعض‮ ‬يقول‮ :‬
‮"‬كثيراً ما‮ ‬يعوزنا القوة في‮ ‬الروح‮" ‬والبعض الآخر‮ ‬يقول‮ "‬إننا لا نفعل شيئاً‮ ‬للرب‮" ‬وهذا لأن مجئ الرب ليس أمام نفوسنا‮ ‬،‮ ‬لأنه لو عشنا في‮ ‬انتظار مجيئه سنكون مخلصين‮ ‬،‮ ‬
كما‮ ‬يضع الرسول هذا الحق أمامنا‮ " "‬لأن محبة المسيح تحصرنا‮ ‬،‮ ‬إذ نحن نحسب هذا‮ :‬ أنه إن كان واحد قد مات لأجل الجميع‮ ‬،‮ ‬فالجميع إذاً‮ ‬ماتوا‮ ‬،‮ ‬وهو مات لأجل الجميع كي‮ ‬يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم‮ ‬،‮ ‬بل للذي‮ ‬مات لأجلهم وقام‮" (‬2كو‮ ‬5‮ : ‬14‮ ‬،‮ ‬15‮)  ‬،‮ ‬فكل ما نحن عليه كابناء آدم قد مات مع المسيح‮ ‬،‮ ‬والآن المسيح فقط‮ ‬يملأ عيون الله‮ ‬،‮ ‬والمسيح فقط‮ ‬يستطيع ان‮ ‬يملئ عواطف نفوس شعب الله‮ ‬،‮ ‬وبعدها عندما تعمل الطبيعة الإلهية بقوة الروح‮ ‬يكون هناك نمو هائل في‮ ‬القداسة‮ ‬،‮ ‬وانتظار مجئ الرب هو حافز عظيم لهذا‮ ‬،‮ ‬أنه له تأثير عظيم علي‮ ‬الحياة الروحية‮ ‬،‮ ‬فلا‮ ‬يستطيع أحد أن‮ ‬يعيش كمؤمن إلا إذا كان انتظار الرب ورؤيته وجهاً لوجه أمامه في‮ ‬كل حين‮ .‬
يقول‮  ‬الرسول‮ ‬يوحنا‮ : ‬لسنا نعلم ماذا سنكون‮ (‬فليس هناك علم لأولاد الله لما سوف‮ ‬يكونون عليه‮) ‬ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله‮ ‬،‮ ‬ويضيف كل من عنده هذا الرجاء به‮ ‬يطهر نفسه كما هو طاهر‮  ‬،‮ ‬نعم‮ ! ‬ان انتظار رؤيته وكوننا سنكون مثله سوف تكون القوة العاملة في‮ ‬نفوسنا‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬نستطيع ان نتخلص من كل ما لا‮ ‬يرضيه‮ ‬،‮ ‬وأن نرغب في‮ ‬أن نحصل علي‮ ‬كل ما‮ ‬يرضيه حتي‮ ‬نفرح في‮ ‬يوم ظهوره‮ ‬،‮ ‬وسوف تري‮ ‬تأثير هذا الحق علي‮ ‬الحياة الروحية‮ .‬
وموضوع الكلام في‮ ‬تسالونيكي‮ ‬الأولي‮ (٤) ‬،‮ ‬هو أن البعض قد فهم أن الذين رقدوا ولم‮ ‬يدركوا مجئ الرب قد خسروا‮ ‬،‮ ‬ولذلك حزنوا كثيراً‮ ‬،‮ ‬لقد اعتقدوا أنهم لن‮ ‬يكونوا هنا ليشهدوا مجد الملكوت عند مجئ الرب‮ ‬يسوع المسيح الثاني‮ ‬،‮ ‬وللرد علي‮ ‬ذلك‮ ‬يعلن الرب إعلان خاص لقلب الرسول في‮ ‬عددي‮ ‬13‮ ‬،‮ ‬14‮ . "... ‬الذين رقدوا سيحضرهم الله ايضاً معه‮ ..." ‬بمعني‮ ‬عند ظهور الرب‮ ‬يسوع المسيح‮ ‬،‮ ‬كيف‮ ‬يمكن أن‮ ‬يحدث هذا‮ ‬،‮ ‬إذا كانوا قد رحلوا ليكونوا مع المسيح‮ ‬،‮ ‬فكيف سيعودون مع الرب‮ ‬يسوع عند مجيئه الثاني‮ ‬؟ فبإعلان خاص لتوضيح هذا الامر‮ ‬يستطرد الرسول‮ "‬فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرب‮ .." (‬أي‮ ‬بإعلان خاص له‮) .‬
وقبل أن نتحدث عن كيفية مجيئه‮ ‬،‮ ‬نتحدث عن مجموعتين‮ ‬يتكلم عنهما الرسول‮ ‬،‮ ‬هناك كثيرين قد رقدوا قبل مجئ المسيح‮ ‬،‮ ‬لقد رحلوا ليكونوا مع المسيح،‮ ‬وليس لنا أي‮ ‬إعلان عن حالتهم إلا أنهم قد رحلوا ليكونوا مع المسيح‮ ‬،‮ ‬ونعلم فقط أنهم معه‮ ‬،‮ ‬مباركين لا شك‮ ‬،‮ ‬ليس لنا وصف أو تفاصيل عن حالتهم‮ ‬،‮ ‬يقال لنا‮ "‬متغربين عن الجسد‮ ‬،‮ ‬مستوطنين عند الرب‮" ‬وماذا‮ ‬يكون أفضل من أن أرحل وأكون مع المسيح‮ . ‬الامر الوحيد الذي‮ ‬نعلمه هو أن ملايين المؤمنين قد رقدوا ليكونوا مع المسيح وهذا افضل جداً‮ ‬،‮ ‬إنه أفضل جداً‮ ‬جداً‮ ‬،‮ ‬قد‮ ‬ينتقل البعض منا‮ ‬،‮ ‬قبل انقضاء اسبوع واحد وقد‮ ‬يكون البعض منا ليس معنا‮ ‬،‮ ‬وإذا رأيت مؤمناً‮ ‬يرقد مع آخر نبضة قلب تكون النفس مع المسيح‮ ‬،‮ ‬إننا نقول انه مع الرب ولا نقول أنه مات‮ ‬،‮ ‬بل قد ذهب لمكان أفضل وحياة‮  ‬أفضل‮ .‬
المجموعة الثانية‮ : ‬هي‮ ‬الذين لن‮ ‬يرقدوا قبل مجيئه‮ ‬،‮ ‬الذين لا زالوا باقين عند مجئ الرب الثاني‮ ‬،‮ ‬لو ترك الرب لك الامر لتختار‮  ‬،‮ ‬أن تبقي‮ ‬الي‮ ‬مجيئه أو أن ترقد قبل أن‮ ‬يجئ فما الذي‮ ‬تفضله‮ ‬،‮ ‬الأفضل أن تقول‮ "‬كما تريد‮ ‬يارب‮" .‬
إن مجئ الرب سيكون هكذا‮ "‬لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف‮ ‬ينزل من السماء‮" ‬انه هتاف للتجمع‮ ‬،‮ ‬نفس الكلمة المستخدمة لتجميع الجنود‮ ‬،‮ ‬هو هتاف لتجمع الذين جاء ليآخذهم‮ ‬،‮ ‬ثم صوت رئيس ملائكة‮ ‬،‮ ‬بمعني‮ ‬التعبير عن قوته‮ ‬،‮ ‬ثم بوق الله‮ ‬،‮ ‬وفي‮ (‬1كو‮ ‬15‮) ‬نقرأ عن البوق الاخير‮ ‬،‮ ‬ولكن هنا‮ "‬بوق الله‮" ‬انها اشارة الرحيل‮ ‬،‮ ‬لنختطف بقوة إلهية لملاقاة الرب في‮ ‬الهواء‮ ‬،‮ ‬وهذا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتم في‮ ‬أي‮ ‬لحظة‮ ‬،‮ ‬ولكن لنتذكر هذا‮ ‬،‮ ‬فعندما نتحدث عن مجيئه للاختطاف‮ ‬،‮ ‬فنحن لا نقصد ظهور المسيح المعلن للجميع‮ ‬،‮ ‬لن‮ ‬يعرف العالم شيئاً‮ ‬عن هذا‮ ‬،‮ ‬لن‮ ‬يسمعوا هتاف المسيح‮ ‬،‮ ‬ولا حتي‮ ‬المؤمنين الأحياء الباقين هنا‮ ‬،‮ ‬هذا الهتاف هو للراقدين لتجميعهم قبل ان‮ ‬يتلاقوا مع الأحياء في‮ ‬الهواء‮ .‬
هذا هو الامر الأول عند مجئ الرب‮ ‬،‮ ‬كل الراقدين سوف‮ ‬يقومون من القبور‮ ‬،‮ ‬ثم لاحظ‮ (‬عدد‮ ‬17‮) "‬ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعاً‮ ‬معهم في‮ ‬السحب لملاقاة الرب في‮ ‬الهواء‮ ... " ‬وفي‮ (‬1كو‮ ‬15‮ : ‬52‮)  ‬ليكن لنا كل الحق المعلن كاملاً‮ "‬لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير‮ ... ‬لأن هذا الفاسد لابد أن‮ ‬يلبس عدم فساد وهذا المائت‮ ‬يلبس عدم موت‮ ‬،‮ ‬،‮ ‬فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة ابتلع الموت الي‮ ‬غلبة‮" ‬ما أعظم هذه اللحظة‮ ‬،‮ ‬نحن الباقين سوف نتغير‮ ‬،‮ ‬موجة من حياة القيامة وقوة ستحل علينا‮ ‬،‮ ‬كل ما هو مائت وما هو فاسد سوف‮ ‬ينتهي‮ ‬،‮ ‬وكل منا سيكون مثل الرب‮ ‬،‮ ‬إن هذا ممكن ان‮ ‬يحدث في‮ ‬أي‮ ‬لحظة‮ ‬،‮ ‬فإذا عاد الرب في‮ ‬هذه اللحظة كل مؤمن سيكون له جسد كالرب‮ ‬،‮ ‬وهناك كلمة مهمة جداً هنا في‮ ‬عدد‮ ‬16‮ "‬سنخطف جميعاً معهم‮" ‬الراقدين سيقومون والأحياء سيتغيرون ويخطفوا معاً في‮ ‬السحاب لملاقاة الرب في‮ ‬الهواء‮ ‬،‮ ‬ما أعظم هذا‮ ‬،‮ ‬ان هذا ببساطة ووضوح ما سيحدث‮ ‬،‮" ‬إن كنا نؤمن أن‮ ‬يسوع مات وقام‮ ‬،‮ ‬فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضاً‮ ‬معه‮ " ‬فسوف‮ ‬يُخطِف القديسين في‮ ‬السحب لملاقاة الرب في‮ ‬الهواء‮ ‬،‮ ‬فسيكونون معه‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬الوقت المحدد سيعود مع كل الذين سبق واختطفوا ليكونوا معه‮ .‬
هناك كلمة جديرة بالذكر عن الأساس الذي‮ ‬يُبني‮ ‬عليه كل هذا في‮ ‬عدد‮ (‬14‮) "‬إن كنا نؤمن أن‮ ‬يسوع مات وقام‮" ‬فقد اباد بالموت ذاك الذي‮ ‬له سلطان الموت وحرر الذين بسبب الخوف من الموت كانوا كل حياتهم تحت العبودية‮" ‬،‮ ‬ان المسيح قد انتصر نصرة كاملة علي‮ ‬كل قوة العدو بموته‮ ‬،‮ ‬انه المنتصر والمقام من الأموات‮ ‬،‮ ‬ليس فقط لنفسه‮ ‬،‮ ‬لأنه مات من اجل شعبه‮ ‬،‮ ‬فهو المنتصر علي‮ ‬الموت وعلي‮ ‬القبر من اجلك ومن اجلي‮ . ‬إذاً فكل شئ مؤسس علي‮ ‬موت وقيامة الرب‮ ‬يسوع المسيح‮ ‬،‮ ‬وهذا هو الأساس الذي‮ ‬تستريح عليه قلوبنا‮ . ‬فإذا مات المسيح وقام فإننا ايضاً متناً‮ ‬وسوف نقوم من‮  ‬القبر‮ ‬،‮ ‬لأن قيامة القديسين تتبع قيامة المسيح كما‮ ‬يقول الرسول‮ "‬المسيح باكورة ثم الذين للمسيح في‮ ‬مجيئه‮" ‬لقد حررنا من قوة العدو‮ ‬،‮ ‬ويمسكنا بيديه‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬ولو متنا فإن‮ ‬يديه ستمتد الي‮ ‬القبر وتقيمنا معه وأجسادنا ستتغير ونكون مثله‮ ‬،‮ ‬لا استطيع أن أتخيل شئ أعظم من هذا للتأثير علي‮ ‬قلوبنا‮ . ‬فنحن في‮ ‬احتياج الي‮ ‬هذا التأثير‮ ‬،‮ ‬لأننا نسير في‮ ‬هذه الحياة‮ ‬،‮ ‬نشتغل ونرزح تحت ثقل اهتمامات هذا المشهد‮ ‬،‮ ‬ونجد أنفسنا ناسين هذا المستقبل الذي‮ ‬لنا‮ ‬،‮ ‬ونصبح عالميين‮ . ‬فكيف‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون هذا لو كنا متوقعين مجئ المسيح ؟ وكيف نذهب للترفيه العالمي‮ ‬؟ كيف‮ ‬يكون هذا ان كنا منتظرين مجئ الرب‮ ‬يسوع المسيح ؟ لا‮ ! ‬،‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون لسان حالنا‮ : ‬الرب قد‮ ‬يأتي‮ ‬ونحن وسط كل هذا ثم ماذا ؟‮ ‬يقول بطرس‮ "‬لذلك أيها الأحباء إذ أنتم منتظرون هذه اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس ولا عيب في‮ ‬سلام‮" (٢‬بط‮ ‬3‮ : ‬14‮) .‬
أريد أن أقول كلمة بخصوص ظهوره‮ ‬،‮ ‬فسوف نخطف في‮ ‬السحب لملاقاة الرب في‮ ‬الهواء وهكذا نكون كل حين مع الرب‮ .‬
الخطوة الأولي‮  ‬هي‮ ‬أن‮ ‬يدخلنا المسيح الي‮ ‬بيت الآب‮ ‬،‮ ‬وإذا دخلنا معه فلكي‮ ‬نخرج أيضاً‮ ‬معه‮ ! ‬،‮ ‬فإني‮ ‬إذا كنت احب ظهور المسيح فسوف أفرح لمحبته‮ ‬،‮ ‬لا بسبب ما سوف أحصل عليه ولكن بسب ما سوف‮ ‬يحصل عليه هو‮ .‬
أليس من المفرح لنا أن نتذكر هذ المشهد الذي‮ ‬فيه صُلِب ورُفِض وطرد‮ ‬،‮ ‬أنه سينتصر وسيحصل علي‮ ‬حقوقه في‮ ‬نفس ذات المشهد الذي‮ ‬رُفِض فيه‮ ! ‬،‮ ‬لقد قال مرة‮ "‬وأنا إن ارتفعت أجذب إليَّ‮ ‬الجميع‮" ‬وهذا لن‮ ‬يتحقق إلا عندما‮ ‬يعود‮ ‬،‮ ‬فالكل سيجثون له‮ ‬،‮ ‬وكل لسان سيعترف ان المسيح هو رب لمجد الله الآب‮ . ‬فإذا كانت افكاري‮ ‬قاصرة فقط علي‮ ‬مشهد الاختطاف لا أحصل علي‮ ‬رؤية كاملة للمكتوب‮ ‬،‮ ‬ولا أدخل الي‮ ‬شركة مع قلب الله‮ ‬،‮ ‬تذكر هذا ان الكون كله سوف‮ ‬يكتسي‮ ‬بطوفان المجد‮ ‬،‮ ‬أنه طوفان البركة‮ . ‬فقط عند مجئ المسيح مع قديسيه‮ ‬،‮ ‬وعندها فقط سوف‮ ‬يكون الكون كله في‮ ‬توافق مع فكر الله‮ ‬،‮ ‬كل شئ سوف‮ ‬يسبح الذي‮ ‬له المشورة‮ ‬،‮ ‬وسيكون كل شئ في‮ ‬السماء وعلي‮ ‬الأرض تحت رياسة المسيح‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬المستقبل كل شئ في‮ ‬السماء وعلي‮ ‬الأرض سيكون له رأس واحد هو المسيح‮ ‬،‮ ‬وهذا حق‮ ‬يُفرِّح قلوبنا‮ ‬،‮ ‬انه هو الأعظم وسيحتفظ بعظمته حتي‮ ‬نهاية ملكه‮ . ‬ثم في‮ (‬1كو‮ ‬15‮) ‬سوف‮ ‬يعتق ملكوته‮ ‬،‮ ‬بعدما سيكون اخضع كل شئ تحت قدميه‮ ‬،‮ ‬وبتسليمه الملك‮ ‬يكون انتصاره قد اكتمل وقد انتصر ويكن الغرض ان الله الكل في‮ ‬الكل‮ .‬
أمراً آخر جدير بالذكر‮ ‬،‮ ‬أنه ليس هناك ذكر للمسيح في‮ ‬الأبدية‮ ‬،‮ ‬ونحن نعلم أنه سيكون في‮ ‬الأبدية‮ ‬،‮ ‬ولكن هذا هو آخر عمل له في‮ ‬المكتوب‮ ‬،‮ ‬سيسلم الملك لله آلاب‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬يكون الله الكل في‮ ‬الكل،‮ ‬وعندما‮ ‬يذكر الله فهو‮ ‬يقصد الآب والابن والروح القدس‮ .‬
إذاً فلماذا لا‮ ‬يُذكَر المسيح ؟ لماذا لا‮ ‬يوجد وصف له في‮ ‬الأبدية ؟ الذكر الوحيد عن الأبدية هو في‮ (‬رؤ‮ ‬21‮ : ‬1-18‮) ‬هناك الله‮ ‬،‮ ‬ليس هناك ذكر للرب‮ ‬يسوع المسيح‮ ‬،‮ ‬هذا لأنه البكر بين إخوة كثيرين‮ ‬،‮ ‬عندما آتي‮ ‬الي‮ ‬هذا المشهد اصبح إنساناً‮ ‬وسوف‮ ‬يظل إنساناً‮ ‬إلي‮ ‬الأبد‮ ‬،‮ ‬وسيتحرك بين المفديين كبكر لكل المشابهين لصورته‮ ‬،‮ ‬حتي‮ ‬في‮ ‬الأبدية سيكون معنا دائماً‮ ‬وسوف نفرح بمحضر الله‮ ‬،‮ ‬وسوف‮ ‬يكون فرح قلبه وقلوبنا ثم سوف‮ ‬يكون بين جموع المفديين من كل الأزمنة وسوف‮ ‬يري‮ ‬من تعب‮ ‬يديه ويشبع‮ . ‬
والخمس أعداد التالية من الاصحاح تشير الي‮ ‬يوم الرب الذي‮ ‬يبدأ‮  ‬بملك المسيح و هذا اليوم له جانب الدينونة‮ ‬،‮ ‬لأنه عندما‮ ‬يأتي‮ ‬ذلك اليوم فإن المسيح سيخضع كل ما هو ليس مع الله‮ (‬أحد ضد الله‮) ‬أن أول حكم المسيح‮ ‬يأتي‮ ‬للدينونة‮ .‬
اقرأ أشعياء‮ (٢) ‬سوف تري‮ ‬ان‮ ‬يوم الرب هو ضد كل شئ‮ ‬يرفع نفسه ضد جلال الله‮ ‬،‮ ‬كل ما هو ضد الله سيحكم عليه في‮ ‬الدينونة ثم‮ ‬يأتي‮ ‬يوم المسيح عندما‮ ‬يخضع كل شئ له‮ . ‬لذلك‮ ‬يذكرنا الرسول أن‮ ‬يوم الرب سيأتي‮ ‬كلص علي‮ ‬كل الذين لا‮ ‬يسهرون‮ ‬،‮ ‬كل‮ ‬غير المؤمنين‮ ‬،‮ ‬لذلك‮ ‬يسترسل الرسول‮ "‬أما أنتم أيها الإخوة فلستم في‮ ‬ظلمة حتي‮ ‬يدرككم ذلك اليوم كلص‮ ‬،‮ ‬جميعكم ابناء نور وابناء نهار لسنا من ليل ولا ظلمة‮" (‬عددي‮ ‬4‮ ‬،‮ ‬5‮) ‬حيث اننا أولاد نهار‮ ‬،‮ ‬يجب أن نحيي‮ ‬بحسب ذلك اليوم الذي‮ ‬نحن له‮ ‬،‮ ‬فخصائص هذا اليوم‮ ‬يجب أن تكون معلنه فيَّ‮ ‬وبواسطة قديسي‮ ‬الله‮ ‬،‮ ‬ونجد التحريض‮ ‬يأتي‮ ‬في‮ ‬أعقاب ذلك في‮ ‬الأعداد‮ (‬6-10‮) .‬
ثم‮ ‬يأتي‮ ‬تحريض مضاعف في‮ ‬عدد‮ (١١) "‬لذلك عزوا بعضكم بعضاً‮ ‬وابنوا أحدكم الآخر‮" ‬كثير من القديسين قد رقدوا‮ ‬،‮ ‬يجب ألا نجرب بالحزن المفرط عليهم‮ ‬،‮ ‬فالرسول‮ ‬يعطينا كلمة توجيه في‮ ‬آخر عدد من الاصحاح الرابع‮ "‬لذلك عزوا بعضكم بعضاً‮ ‬بهذا الكلام‮" ‬هل ضاعوا لأنهم رقدوا ؟ حاشا لله‮ ‬،‮ ‬لا‮ !‬ لأن أرواحهم هي‮ ‬مع المسيح‮ ‬،‮ ‬اجسادهم في‮ ‬القبور‮ ‬،‮ ‬ولكن نعلم أنه عندما‮ ‬يأتي‮ ‬الرب سوف‮ ‬يدعوهم من قبورهم وسوف‮ ‬يعطيهم اجساد كجسده وتكون الغلبة كاملة‮ ‬،‮ ‬فالانتصار الكامل للمسيح هو في‮ ‬الفداء‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬ذات الوقت‮ "‬عزوا بعضكم بعضاً‮" ‬كما‮ ‬يجب أن نبني‮ ‬بعضنا بعضاً ،‮ ‬نبني‮ ‬بعضنا في‮ ‬الحق الذي‮ ‬أحضره لنا الرسول أمامنا‮ ‬،‮ ‬فياله من رجاء عظيم أن‮ ‬يكون لنا هذا المستقبل‮ ‬،‮ ‬ولو أني‮ ‬أخاف أحياناً‮ ‬ان‮ ‬يكون قد خفت هذا الرجاء من قلوبنا وأذهاننا‮ ‬،‮ ‬أعلم من قلبي‮ ‬كم سهل أن أفقده وأن أشبع بالأشياء هنا‮ ‬،‮ ‬ولكن الله عنده أشياء افضل مخبئة لنا‮ ‬،‮ ‬يجب ألا ننساها‮ ‬،‮ ‬فسوف ندخلها عندما‮ ‬يأتي‮ ‬الوقت‮.‬
ليت الرب‮ ‬يحيي‮ ‬في‮ ‬قلوبنا توقع وانتظار مجئ الرب‮ ‬،‮ ‬وأنا أثق أن هذا الرجاء سينعشنا بصورة رائعة اذا كنت أنا وأنت وكل قديسي‮ ‬الله في‮ ‬قوة مجيئه‮ ‬،‮ ‬فسوف‮ ‬يحررنا من طغيان الأمور الحاضرة‮ ‬،‮ ‬وسوف تنجذب قلوبنا الي‮ ‬حيث المسيح‮ ‬،‮ ‬وسوف نجد هذا المكان هو دائرتنا الحقيقية‮ ‬،‮ ‬حيث هو‮ ‬،‮ ‬لأنه حيث‮ ‬يكون كنزك هناك‮ ‬يكون قلبك أيضاً‮ .‬


بقلم ادوارد دينيت  
ترجمة : عاطف فهيم
 

ليست هناك تعليقات: