(لوقا 12 : 1 - 35)
قبل الخوض في موضوع مجئ الرب أود أن أتحدث عن أمرين :
الأمر الأول : هو أن مجئ ربنا يسوع المسيح ليس تعليماً ، كثيرون يعتبرونه هكذا ، ولذلك تجدهم ببساطة إما يقبلونه أو يرفضونه حسب استحسانهم . ولكنه ليس تعليماً ، إنما هو جزء أساسي من المسيحية ، ويجب أن يفهم الجميع هذه الحقيقة بوضوح ، فإذا استبعدت مجئ الرب يسوع المسيح من المسيحية ، فإنها تنهار حالاً وبشكل مباشر ، فالفداء غير كامل حتي يأتي الرب مرة أخري . وهذا ما نتعلمه من (رومية 8 : 23) "بل نحن الذين لنا باكورة الروح ، نحن أنفسنا أيضاً نئن في أنفسنا ، متوقعين التبني فداء أجسادنا" . إذن المسيحية لا تكون كاملة بدون إعلان تعليم حق مجئ الرب .
أيضاً ، إذا تركت حق مجئ الرب يسوع يفوتك التمتع بقوة القداسة التي دبرها لنا الله لنحيا بها (راجع 1يو 3 : 3) .
الأمر الثاني هو أنه لا نستطيع أن ننتظر مجئ الرب يسوع المسيح عملياً إلا إذا كنا في حالة روحية صحيحة ، وفي هذه الفقرة التي قُرأت في لوقا 12 ، إعلان لنا عن كيفية إعداد الرب لشعبه في حالة انتظار لمجيئه .
إنك لا تستطيع الانتظار لمجرد أنك تؤمن بأن الرب سيعود مرة أخري ، أو لأنك تحاول أن تنتظره ، ولكن عليك أن تكون في الحالة الروحية التي بدونها يكون من المستحيل أن توجد في حالة المنتظر والمتوقع لرجوع الرب مرة أخرى .
هناك البعض الذي سيقر فوراً أنه يؤمن أن الرب يسوع المسيح سوف يجئ ، ولكن يوماً بعد يوم نجد أننا في الواقع غير منتظرين حقيقة مجيئه ! .
دعوني اطرح هذا السؤال كم منكم ردد في قلبه اليوم ، أن اليوم لن ينتهي قبل أن يجئ الرب يسوع المسيح !! .
فالمعرفة تتعدي حالتنا ، لذلك يهتم الرب في هذا الأصحاح أن يعدنا لانتظار مجيئه ، إنه ينزل الي القاع ويبني إلي القمة .
أولاً : هو يسعي كي يحررنا من الخوف من الإنسان ! لماذا يفعل ذلك ؟ لأنه إذا لم تتحرر من الخوف من الإنسان فأنك لن تستطيع أن تعترف بالمسيح ، وإذا لم تعترف بالمسيح يوم بعد الآخر فإنك لن تكون منتظراً له أبداً .
لذلك نجد المبدأ الكتابي الذي يظهر دائماً في كلمة الله التحذير والتشجيع مختلطان معاً .
أولاً يقول "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ... " ، ولكن بعدها يستطرد قائلاً "أقول لكم ممن تخافون ...."
إنه يعطينا التحذير ، لا تنسوا ، إذا أن الله لا يستطيع فقط أن يقتل ولكن أيضاً أن يطرح في جهنم . ولكن بالارتباط بهذا التحذير ، يعطينا من الجهة الأخري تشجيعاً جميلاً ، لا يجب ان تخافوا من الإنسان ، فإنه لا يستطيع أن يلمسكم إلا بسماح إلهي .
"أليست خمسة عصافير تباع بفلسين وواحد منها ليس منسياً أمام الله ؟ بل شعور رؤوسكم أيضاً جميعها محصاة . فلا تخافوا ، أنتم أفضل من عصافير كثيرة" (لو 12 : 6 ، 7) ، الإنسان يستطيع ان يشتعل غضباً ضدنا ، لكنه لا يستطيع أن يمسنا ، بل من المستحيل أن يفعل ذلك دون إذن من الله . لقد رأيت صيادون يخرجون لصيد الطيور وقلت لنفسي قد تكون صياد ماهر ، ولكنك لا تستطيع أن توقع عصفور واحد بدون سماح إلهي . هذا هو ما نتعلمه هنا ، فإن كان الامر هكذا ، فإن المسيح يقول ، تذكر أن الله يحرسك فأنت عزيز وغالي علي قلبه ، حتي شعور رؤوسكم كلها محصاة وأنتم أفضل من عصافير كثيرة .
وبعدها يعطي تشيجع مبارك "وأقول لكم كل من اعترف بي قدام الناس يعترف به ابن الإنسان قدام ملائكة الله"
أريد أن أقول كلمة عن الاعتراف بالمسيح .
افترض أنك ذاهب للمدينة غداً ، وفي الأتوبيس يخرج واحد كتابه المقدس ويقرأ ، قد تقول أني لا أريد أن أتكلم أمام الجميع هكذا ، ولما لا ؟ فإذا كنت أريد أن أحدث البعض عن حالتهم ، فأقول لنفسي اني لا استطيع أن أحدثهم ولكني أريد أن يعلموا أني مؤمناً فأخرج كتابي المقدس ، هل تعتقد أنني مخطئ في ذلك ؟ كلا ! . ولكن تذكر إني إذا كنت افعل هذا حتي يري الناس إني إنسان تقي يكون هذا خطأ ، فالدافع يجب أن يكون تمجيد وتعظيم الرب يسوع المسيح وليس تعظيم نفسي .
هناك طرق كثيرة للاعتراف بالمسيح ، لقد سألت مرة مؤمناً حديث الإيمان : هل اعترفت بالمسيح ؟ فأجاب بنعم ، فسألته هل تعترف به الآن ؟ فلم أحصل منه علي اجابة ، أقصد أنها مسألة يومية ، فالأمر لا يعني أنك تعترف بالمسيح مرة عندما كنت في وسط جماعة الله ، فان الامر اكثر من ذلك ، انها يجب أن تكون عادة حياتنا ، سأقوم بشرح ما اقصد . كنت في زيارة لأحد من أصدقائي وقد كان مريضاً ، وكان علينا ان نستدعي الطبيب ولم يمكث هناك اكثر من دقيقتين وقد عرَّفني بأنه مؤمناً . لقد مجّد الرب عندما لم يقل أني سوف أبذل جهدي لعلاجه ، ولكن قال لي الرب قادر علي شفاءه ، ألا ترون الفرق لقد أرجع الأمر للرب ، وقد تمم الرب شفاؤه وبعدها عرفت عن هذا الطبيب أنه معروف كمؤمن حقيقي تقي .
إذا لم تكن تعترف بالمسيح فنحن لا نريد أن نراه ، وإذا كنت لا تريد أن تراه ففي هذه الحالة تكون غير منتظر له ، لذلك أني أعول كثيراً علي أهمية ما يعلمه الرب في بداية هذا الأصحاح ، ففي المقام الأول ، يجب أن نكون معترفين به . فتشجع الآن علي الاعتراف به ، إننا هنا في حالة الضعف ، ولكن بنعمة الله نستطيع أن نعترف به ، إذا اعترفنا بالمسيح بهذا الأسلوب ، كم يكون ذلك مُشجع ! .
"كل من اعترف بي قدام الناس ..." تخيل للحظة أن الوقت حان ليكافئ الرب شعبه ، وكان هناك مؤمن بسيط كانت له عادة الاعتراف باسم الرب يسوع ، ويجد فرحه في التحدث عن اسمه ، لأن "اسمك دهن مهراق" (نش 1 : 3) ، فسوف يشهد الرب يسوع المسيح باسم هذا المؤمن أمام ملائكة الله . ان الضابط في الجيش ليس له شرف أكرم من ذكر اسمه في أي معركة شهيرة . فبمجرد ذكر اسمه تتم ترقيته ، فهو يتوق للتمييز ، فكم فرح أكبر يكون لمؤمن بسيط ، في أي ظرف وأي مكان يجد فرصه لذكر اسم المسيح . يقول الرب أنه سوف ينطق باسمك أمام ملائكة الله ، ما أعظم هذا الشرف أن تنطق شفاه الرب اسمك في محضر كل الملائكة .
إني أريد أن تتذكروا هذا ، لأن هناك تجارب كثيرة لاخفاء أنكم مؤمنين ، نحن جميعاً نعرف هذه التجارب ، لكن الله يشجعنا بهذا التشجيع المبارك ! ، لا تُخفي انتماءك إليه ، اجعل قلبك مملوء بشخصه وأن تسعد بالحديث عنه وهو في وقته سيعترف بك أمام ملائكة الله .
ثم يأتي الوجه الآخر وهو وفي غاية الاهمية وهو امر لا ينطبق علي المؤمن بأي حال لأن العبارة مطلقة .
"ومن أنكرني قدام الناس يُنكَر قدام ملائكة الله" وقد يكون هناك كثير من المؤمنين الذين يفعلون هذا ، أمر خطير إذا أنكر مؤمن الرب ، ولكن الرب لا يتحدث عن المؤمن في هذا العدد ، فإذا كنت غير معترف بالمسيح فأنت لا تحبه ، فالمودة تكون واهنة عندما لا تعترف باسمه ، وإذا لم تكن معترفاً باسمه لا تكون في حالة انتظار حقيقي لمجيئه .
وفي عدد (13) قال أحدهم للرب "يا معلم قل لأخي أن يقاسمني الميراث" ولكن الرب يقول له "يا إنسان من أقامني عليكما قاضياً أو مقسماً ؟" فالرب لم يأتي لهذا الغرض ، وبعدها يرسم هذا الدرس ، أحذروا من الطمع .
ثم يأتي بمثل في عدد (16) وهذا المثل يشكل أساس مهم ، أن الرجل في هذا المثل كان له حصاد كثير ، ولم يكن له مخازن تكفي ذلك الحصاد . قال لنفسه "ماذا أعمل" اهدم مخازني وأبني مخازن أعظم لأخزن فيها كل ثماري وخيراتي ، وأقول لنفسي ، يانفسي لك خيرات كثيرة موضوعه لسنين عديدة استريحي وكلي واشربي وافرحي ، بمعني أن كل افكاره كانت موجهة للحظة الحاضرة ، لقد أراد ككثيرين منا ليس الفائض في الوقت الحاضر فقط ، ولكن الفائض طالما وجدنا في هذه الحياه . فهذا كان كل اهتمامه ، وأثق أن الكثيرين منا يعرفون جيداً هذه التجربة ، فإذا وضعت قلبك علي الأشياء التي في هذه الحياه ، فأنت تغلق الباب علي مسئوليتك ، وهكذا يكلمك الله بصوت عال في هذا المثل قائلاً : "يا غبي هذه الليلة تُطلَب نفسك منك" والسؤال الذي يطرح نفسه "فهذه التي أعددتها لمن تكون ؟" ، والآن هذا هو الدرس "هكذا الذي يكنز لنفسه وليس هو غنياً لله" .
وأريد أن ألفت نظركم لعدد (٢٢) الذي يبين هذا الارتباط ، يقول الرب لتلاميذه "من أجل هذا أقول لكم : لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون ، ولا للجسد بما تلبسون" إذاً الموضوع كله يدور حول هذه الكلمة "إذاً" إنها الخلاصة التي يستحضرها الرب من هذا المثل الذي رواه .
الدرس الأول : هو التحرر من الخوف من الناس ، أما الدرس الثاني : فهو التحرر من القلق ومن الاهتمام الزائد الذي كثيراً ما يسلبنا سلامنا .
في مثل الزارع ، ماذا يحدث للبذور التي وقعت بين الشوك ؟ لقد اختنقت من اهتمامات ومباهج هذه الحياة . ان الاهتمامات تقع في نفس تصنيف مباهج الحياه . لذلك يدعو الرب تلاميذه أن يتخلصوا من القلق ، حتي يتمكنوا من أن يكون لهم الموقف القلبي لانتظاره ، إذا كانت افكاري في الأسفل في التراب ، كيف يتسني لي أن أوجد منتظراً للمسيح . هو إذاً يسعي أن يحررنا من اهتمامات هذا العالم ، أي قلقنا تجاه احتياجاتنا اليومية .
يجب عدم الاهتمام ، فطيور الحقل تأكل ، وزنابق الحقل تلبس بشكل وبصورة ولا سليمان في أبهج مجده كان يلبس كواحدة منها .
إذا استوعبنا هذا فسوف نعرف كيف أنه من الغباء ان نكون في حالة قلق ، إن الحقيقة هو أننا في اعتماد كلي علي الله في كل الأحوال . بعد ذلك يدلنا علي كيفية التحرر من القلق في عدد (29) يقول "فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا" إذا استطعنا الحياة في هذا الجو سيكون لنا حياة بلا قلق ، ولكنك ستقول "إن لي احتياجات" فأقول لك "الرب يعلم" لا يمكن أن يمس شيئاً واحداً من شعب الله إلا ويمس قلب الله . قد قرأت هذه العبارة وقد اعجبتني " كل ما يمثل اهتمام لك يُنتِج اهتماماً من أجلك في قلب الله" .
وهذه هي الحقيقة ، ألا نقرأ في رسالة بطرس (١بط 5 : 7)"ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم" ، أنه يراقب وينظر حتي أصغر وأقل شئ يمكن أن يقلقنا ، فالآب يعرف أنكم في احتياج لهذه الأشياء ، فهل يمكن أن يتركنا ؟ لا يا أحبائي ، في رسالة العبرانيين يقول الرسول "كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال لا أهملك ولا أتركك ، حتي إننا نقول واثقين الرب معين لي فلا أخاف ماذا يصنع بي إنسان؟" (عب 13 : 5 ، 6) ، إذن فالرب هنا يلقي بنا علي معرفة الآب وقلبه، وبعدها يعطينا السبب لما يجب أن نفعله في العدد التالي : "بل اطلبوا ملكوت الله ، وهذه كلها تزاد لكم" عدد (31) .
دعوني أريكم أمراً جميلا ً في عدد (30) فكل هذه الأشياء (أي الأكل والشرب والملبس) تطلبها الأمم ، والآب يعرف أنكم تحتاجونها ، ولكن اطلبوا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم . ولكن هناك شرطاً ملحقاً لهذا ، اطلبوا ملكوت الله ، بمعني اهتمامات الله ، وكلها تزاد لكم ، إذاً يا أحبائي ، ليس هناك احتياج لأي أحد اليوم أن يذهب إلي بيته وهو منشغل بهَمَّ واحد مهما كان ، ولن ننشغل أبداً إذا وضعنا في قلوبنا أن الله يحبنا ، وأنه يهتم بنا ، ويرعانا لأنه محب وبالتالي لن يسمح أن يحتاج أحد من أبناؤه إذا طلب ملكوت الله وبره . هذا الشرط يوضع أحياناً لأن الله يضطر أن يؤدبنا في بعض الحالات ، عندما يريد أن يحتذبنا إليه ولأموره ، فإذا جعلنا أغراضه وأموره غايتنا لن نحتاج أو يعوزنا شئ ونحن عابرين هذا العالم .
إذاً فأول الدرسين لهذا الأصحاح هما التحرر من الخوف من الإنسان والتحرر من القلق ، فالله يريدنا أن نتحرر منهما ، وكم نكون سعداء لو كان الامر كذلك معنا ! ، لا شك أنك توافق علي ذلك ، أشد المؤمنين فقراً يستطيع أن يقول : إني فقير وليس لي ما استطيع أن أقول أني أملكه ، ولكن لن احتاج أبداً ، لأن الآب يعرف أني احتاج الي كل هذه الأشياء ، الرب يشجع قلوبنا حتي نكون في الحالة الروحية التي تجعلنا ننتظر مجيئه .
هناك أمر آخر ، دعونا نفترض للحظة أن الخوف من الإنسان اختفي ، وأنك تستطيع أن ترتاح علي قلب الله ، وتقول حقيقة أني لا أعرف ماذا سوف يحدث غداً ، أو من أين سيأتي طعام الغد ، ولكن في ذات الوقت أعلم أن الله يهتم بي .
الامر الآخر هو أن الله يسعي لكي يثبتنا في النعمة الآن ، ويجب أن تكون هذه حالتنا ونحن في انتظار لمجئ الرب ، ولذلك نجد "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت" (عدد 32) .
أنه يريد أن يثبت قلوب شعبه في نعمة الآب ، أشير هنا الي أمرين ، الأول أن سرور الآب أن يعطيكم الملكوت ، وهذا يستحضر العلاقة ، فهذا سروره وفرحه ، وذلك مرتبط مباشرة مع ما جاء في (متي 13 : 43) "يضيئ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" عندها سيأتي كشمس البر ، ووقتها فقط سيرتبط بشعبه علناً ، وسوف يملك من النهر الي أقصي الأرض ، وكل شعبه من كل العصور الحالية والماضية أيضاً سوف يظهرون في نفس المجد معه .
"متي أظهر سنكون مثله لأننا سنراه كما هو" (1يو 3 : 2) ويالها من مقابلة انظر الي حالتنا الآن ، فنحن نعلم جيداً سوء الحالة الصحية وضعف الجسد ونحن نمر في هذا العالم .، ولكن ارفع الآن أفكارك وتأمل في ذلك اليوم الذي سيكون فيه كل القديسين مع المسيح وفي نفس المجد الذي له ، "الآب سر ان يعطيكم الملكوت" ان قوة الكتاب كله في هذه الكلمة "يعطيكم" انها نعمة الآب والذي يريده الرب هو أن يثبتنا في روح هذه النعمة التي يتحدث عنها . إذاً لن أنمو في النعمة إلا إذا تثبت في النعمة ، يجب فهم هذه الحقيقة جيداً . إن النفس الناموسية قد تكون تقية ولكنها لن تنمو ! ، لذلك يقول بطرس في نهاية رسالته الثانية ، "انموا في النعمة وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح" (2بط 3 : 18) إذا أردت أن تنمو يجب أن تتثبت في النعمة.
أحياناً عندما يقع احد القديسين في تجربة نعتقد أننا سوف نساعده أكثر إذا استحضرنا قليل من الناموس لنضعه علي كتفيه ، فنشعر أننا يجب أن نكون حادين معه ونشير إلي الخطأ ، لا يا أحبائي فهذا لن يرد نفسه ، يجب أن تذهب بحق النعمة إذا أردت أن تلمس قلبه .
كنت أعرف فتي ، كان أبوه أباً صالحاً ، ولكنه كان حاد جداً مع الفتي ، وعندما كان يخطئ أو لا يطيع كان الآب يؤدبه بشدة وصرامة . وكانت الأم من ناحية أخري تنظر إليه بحنان ، ولكن في ألم ، كانت نظرة محبة ، لقد كانت لها تأثير علي الفتي أكثر من أبوه .لقد كانت تتصرف بنعمة ، أما الآب فكان يتصرف بناموسية وهكذا نحن أحياناً .
لن ننمو إلا إذا ثبتنا في نعمة الله ، وهذا ما يوضحه الكتاب ، في (2تي 2 : 1) عندما فسد كل شئ يكتب الرسول لتيموثاوس "فتقو أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح" هذا هو فقط ما يمكن أن يعطيك القوة أن تتعامل مع النفوس بالنعمة في الأيام الصعبة ، فيجب أن أتثبت في النعمة وعندما أتثبت سوف أنمو ، لأني عندها سوف أكون في الجو المقدس الذي يريدني الله أن أكون فيه ويذوب قلبي بإعلان نعمته لي في الابن المحبوب . وأضيف أننا لا يمكن أن نتثبت في النعمة إلي أن نكون في جانب الله ونري أنفسنا من وجهة الله .
لماذا ولدت في هذا العالم ؟ ، إذا كنت مؤمناً فأنت ولدت لتكون محققاً لغرض الله ، فكلها نعمة ، أنه الله الذي جاء بي في هذا العالم ، الذي أعلن المسيح ، الذي يعضدني كل يوم في اجتيازي في تلك البرية ، وسوف يحفظني حتي هذه اللحظة عندما أري الرب وجهاً لوجه .
أنها نعمة مطلقة ويجب أن أتثبت في النعمة لفهم قلب الله ، واستطيع أن انتظر محبة الرب ، وأريد أن أقف عند أمر آخر وهو إنني إذا تثبت في النعمة يجب ان أكون ممثلاً للنعمة للذين هم من حولي ، والرب يقول بالارتباط بهذا في المكتوب "بيعوا مالكم واعطوا صدقة ...." (عددي 33 ، 34) ، اعتقد انكم ترون بوضوح أنه إذا لم أكن في حق النعمة لا استطيع أن أعبر عن النعمة . والمبدأ الكتابي هو أن المؤمن في أي تدبير يجب عليه أن يعلن الله كما يُعرَف في ذلك التدبير ، بمعني أن اليهودي يجب أن يعلن عن يهوه البار ، ولكن الآن هو مُعلَن كإله كل نعمة ، الله وأبو ربنا يسوع المسيح وإله خلاصنا ، إنه الإله المعطي ، والعطاء هو خاصية يوم النعمة ، ويجب أن نكون معطين أيضاً ، ويجب أن نُعلِن قلب الله في كل تعاملاتنا مع الناس ، أثناء عبورنا في هذا العالم .
ويعود الرب مرة أخري للمبدأ الذي وضعه في نهاية المثل "هكذا الذي يكنز لنفسه وليس هو غنياً لله" إذاً فسوف تحصل علي كنز في السماء "كنز حيث لا يفسد سوس .." ، لقد وضع الرب أمامي اليوم عدداً مرتبطاً بهذا الحق "من يعطي كأس ماء بارد باسمي فلن يضيع أجره" كم هو رائع أن تتقابل مع ابن لله ، تعبان وعطشان ، ومجرد ان تعطيه كأس ماء بارد باسم المسيح! ، يصبح هذا كنزاً في السماء "لا يضيع أجره" فالله يبيِّن نفس هذا الحق هنا ، وسوف يكون هناك كنزاً محفوظاً لكم في السماء . وهذا ما يعلمنا أياه الله هنا ، ثم يضيف "حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً" . اذا كان لك شخصاً عزيز لديك فأنك تفكر فيه دائماً ، لأن أفكارك تتبع كنزك ، والطريق الوحيد لتكون هكذا هو أن تجعل فكرك في الأمور التي هي فوق ، أي ببساطة أن تجعل كنزك في السماء . قد نوافق علي هذا ونقول أن المسيح هو كنزي ! ، ولكن إذا كان المسيح كنزك ، فأفكارك ستكون معه وهذا هو آخر شرط تحتاجه النفس لتكون في حالة انتظار للرب .
خلاصة :
❊ مجئ الرب الثاني ليس تعليماً مسيحياً ، بل أنه جزء أساسي من الإيمان المسيحي ، لأن الفداء لا يكمل إلا بمجئ الرب يسوع المسيح مرة أخري .
❊ إننا لا نستطيع أن ننتظر الرب إلا إذا كنا في حالة روحية سامية .
❊ هناك عدة أمور يجب أن يستوعبها المؤمن ويعيشها لكي يكون في حالة انتظار لمجئ للرب . وهي :
# التحرر من الخوف من الإنسان ، لأنك دون أن تتحرر من ذلك الخوف لن تستطيع أن تعترف بالمسيح علناً ، وإذا لم تشهد له لن تستطيع أن تنتظره .
# التحرر من القلق والخوف من المستقبل والإعداد له وهو كثيراً ما يسلبنا سلامنا .
# فهم المبدأ الكتابي أن علي المؤمن في كل تدبير أن يعلن الله كما يُعرَف في ذلك التدبير ، بمعني أن اليهودي كان عليه أن يعلن عن يهوه البار ، أما الآن فالله يُعلَن عنه كإله كل نعمة ، فالعطاء يجب أن يميز يوم النعمة ، ويجب أن يكون المؤمن "عطَّاء" ليُعلن عن قلب الله .
# إذا لم أثبت في النعمة فلن يكون هناك نمو ، حتي في أيام الخراب ، يشجع بولس تلميذه تيموثاوس علي النمو في النعمة وأن يتقوي فيها . والمؤمن لن يثبت في النعمة إلا عندما يأخذ جانب الله في كل الأمور ويعرف قلب الله .
# وإذا كان المسيح كنز المؤمن ، فأفكاره وعواطفه ستكون معه في السماء وهو سيكون دائماً في حالة انتظار مجيئه الثاني .
"لتكن أحقاؤكم ممنطقة ..." عندما يتحدث أخ عن "الأحقاء الممنطقة" اسـأل كيف يمكن أن نمنطق احقائنا ؟ ، إن لم يكن المسيح كنزي فلن يكون لي الحافز ولا القوة لذلك ، نحن نُقرّ أنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً ، وهذا ما يبين أهمية ان يكون المسيح كنزك في السماء.
أننا كثيراً ما تكون أفكارنا عن الأمور التي هي علي الأرض ، ولكن الله يريد أن يشغلنا بالأمور التي هي في السماء حيث المسيح عن يمين الله ، إذا كنت تريد فكر سماوي فالطريق الوحيد هو أن تضع فكرك علي الأمور التي هي في السماء ، في الانتظار الحقيقي للرب ، تكمن القوة في النفس ، لأن روح الله سوف يقود إليها وسوف يكون هناك سلوك مقدس وحوار سامي "وكل من عنده هذا الرجاء به (بالمسيح) يطهر نفسه كما هو (المسيح) طاهر" (1 يو 3 : 3) .
لوقا (12 : 32 - 40)
إن موضوع الحالة المناسبة لملاقاة الرب عند مجيئه الثاني ، هو ما جعل الرب يعد تلاميذه ليكونوا في الحالة الروحية التي يطلبها .
وكما رأينا في المقام الأول أن الرب يسوع سعي لتحرير تلاميذه من الخوف من الناس ، حتي يكونوا شهادة جريئة لاسمه اثناء مرورهم في ذلك المشهد .
ثم في المقام الثاني سعي الرب لتحريرهم من القلق من أمور هذه الحياة حتي يطلبوا ملكوت الله وبره أولاً ، ثم تزاد لهم الاحتياجات .
ثم رأينا أنه سعي لتثبيتهم في النعمة ، كما نقرأ في عدد 32 "لا تخف أيها القطيع الصغير ...." وقد سعي الرب لا أن يثبتهم في النعمة فقط ، ولكن أيضاً في أن يجعلهم ممثلين للنعمة وهم عابرين في هذا العالم ، "بيعوا مالكم واعطوا صدقة " .
إذا كنا ممثلين لله في النعمة في هذا العالم ، فنحن بدورنا نضع لأنفسنا كنوز في السماء ، وياله من شئ رائع إذا كنا عطَّائين في هذا العالم ، ممثلين لله كالعاطي ، نضع لأنفسنا كنوزاً في السماء . ويجب ألا ننسي أنه عندما نتكلم عن كنز في السماء ، أي أن المسيح هو المركز ، وحيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً . إذاً فالمسيح هو كنزي ، والطريق الوحيد لأكون متفكراً في السماء هو أن يكون قلبي مشغول بالرب . لا شك أن هناك اتفاق في الشئ الغالي هنا علي الأرض ، هو الشئ الذي يجذب انتباهي ، افكاري وعواطفي ، فقلبي هو حيث يكون كنزي ، والرب يطبق هذا المثل بدون شك علي نفسه ، ويقول لنا إذا كان هو كنزنا فأفكارنا سوف تكون معه "لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً" (ع 32) ، هناك ارتباط واضح بين هذه العبارة وما يلي فيقول الرب "منطقوا احقاؤكم ..."(ع35) ، إذا كان كنزك علي الأرض فلا يمكن قطعياً أن تكون احقاؤك ممنطقة ، فهذا مستحيل ، وهناك حاجة قاطعة أن يكون كنزك في السماء إذا كنت تريد أن تكون منتظراً لمجئ الرب يسوع المسيح الثاني ، وللأسف ! فموضوع مجئ الرب الثاني قد اصبح موضوع تعليمي اكثر منه تأثير عملي علي حياتنا اليومية ، فلا يمكننا أن ننتظر الرب إلا إذا كان مالك لقلوبنا ، فيجب أن يمتلك قلوبنا إذا أردنا أن نوجد في حالة الانتظار له ، قد يقول كل منا أنه له الرب يسوع في قلبه ! ، هل هذا صحيح ؟ هل أنت متأكد أن الرب يسوع يسكن في قلوب كل شعبه ؟ إذا كان هكذا ، فلن يخرج من القلوب إلا المسيح ، فلو كان في قلوبنا فلابد أن يُستعلَن ، والأسلوب الوحيد لإعلانه اثناء مرورنا في هذا العالم هو أن نجعله ممتلكاً لعواطفنا . وإذا لم يحدث هذا فلا يكون مُعلناً ، وهذا يوضح مبدأ في غاية الأهمية ، فنحن نعلن عن المسيح علي قدر تشبهنا به ، فلن نستطيع أن نعلن عنه أكثر إذا حاولنا ، فهو يُعلَن علي قدر وجوده داخلنا ، فإذا كان لنا القليل من المسيح ، فلا نستطيع أن نعلن الكثير منه ، ان هذا الأمر مهم للغاية ، فالرب يسوع يستطيع أن يظهر في سيرنا اليومي وفي سلوكنا علي قدر تمثلنا به . وللأسف فنحن لنا القدر القليل من المسيح ، لذا يؤكد حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً ويقول فلتكن احقاؤكم ممنطقة وسرجكم موقدة ، ويقول "وأنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم ....." (ع 36) دعونا نتأمل في هذه العبارة بالتفصيل ، هناك ثلاثة مرات في المكتوب تذكر عبارة "منطقوا احقاؤكم" ، فتذكر هنا ، وفي (أفسس 6 : 14) "فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق .." ، وفي (1بط 1 : 13) "لذلك منطقوا أحقاء ذهنكم صاحين ..." وإذا وضعنا هذه الآيات الثلاثة معاً ، نجد أنه يجب أن نكون ممنطقين داخلياً ، أي في الذهن الروحي وتكون الأحقاء ممنطقة بالحق ، ولكن ما هو الحق ؟ ، إن الحق هو إعلان الله في يسوع المسيح ، وهذا هو ما يجب أن نتمنطق به ، ويقول الرب بوضوح "منطقوا احقاوكم" ، أي ان المنطقة مشدودة بالحق في قوة الروح ، حتي داخلياً وتحت تأثير الحق نكون ممنطقين لكي نكون مستعدين للحرب أو الخدمة أو عندما نكون مدعوين لعمله ، فمهم جداً أن نفهم "ممنطقين أحقاؤكم بالحق" أيضاً هناك امر آخر "وسرجكم موقدة" هل نور كل مؤمن يضيئ ؟ ، فهذا ما يتحدث عنه الرسول في (فيلبي 2 : 15) "تضيئون بينهم كأنوار في العالم...." وكلمة تضيئون هنا هي نفس الكلمة التي تستخدم عن النجوم في السموات ، مثل القمر المنير الذي يسطع ليلاً ، لأنه وضع في مكانه لهذا الغرض ، فكل مؤمن موضوع هنا لكي يشع نوراً ويضيئ ، لكننا للأسف أحياناً لا ننير ، والرب يقول هنا "سرجكم موقدة" ، فأولاً يجب أن نحدد ما هو النور ، إن النور هو المسيح دائماً في العهد الجديد ، إنه النور الوحيد وسط الظلام ، ويتحدث الكتاب عن النور الذي يسطع في الحياة اليومية ، فليس هناك نوراً آخر للبشر ، "لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح" ( 2كو 4 : 6) ، وعندما نقبل هذا في القلب يسطع وينير خارجاً منا في سيرنا ، وفي طرقنا وفي سلوكنا ، وسوف يري الجميع هذا في الحياة المسيحية ، فالنور يجب أن يسطع ، ولكن لماذا لا يسطع نورنا دائماً ؟ ، ففي العهد القديم كان علي هارون أن يستخدم المنافض والملاقط لأجل المنارة ، لماذا ؟ حتي يكون نورها ساطعاً دائماً ، لكي يشع النور بدون عوائق ، وكلنا يعلم كيف أن الفتيلة الطويلة تخفت النور وتقلله ، وتطبيق هذا عملياً هو أن البعض له عادات سيئة ، وهذه العادات تحجب النور ، مثل عادات حدة الطباع أو سرعة الغضب ، فهذا يحجب النور ويعيقه ، أو إذا كنت عالمياً أو ليَّ معاشرات رديئة ، فيجب أن أحكم علي نفسي ، والحكم علي الذات ، حتي لا يكون هناك مكان لأي شئ لا يتوافق مع المسيح ، فكم منا كان سبباً في تعثر مؤمنين ، لأن نورنا لم يسطع بوضوح ، فإذا كنت تحيا وتسلك في قوة الروح القدس ستكون الشهادة معلنة لشخص الرب يسوع وساطعة لكل واحد منا ، فالنور لا يمكن أن يختفي وهذا ما يقوله الرب ، ولماذا ؟ لأن النور الذي كان يشع منه كاملاً ففي انجيل يوحنا " والنور يضيئ في الظلمة ..." (يو1 : 5) فالظلمة قد سعت لكي تطفئ النور ، لذلك صلبوا الرب والمخلص المبارك .
إذا ما هي الشروط لكي يسطع النور ويضيئ ؟ هناك طريق واحد يعطيه الرسول بولس في عبارة عن نفسه في (2كو 4 : 10) "حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا" فما هو موت المسيح ؟ انه ببساطة تطبيق حق الصليب علي ذاتي ، وما يقصده الرسول هنا هو أن لا يظهر أي شئ من بولس بل المسيح فقط في كل ما يقوله أو يفعله . افترض إنني رجلاً ذكياً وسريع البديهة ، وتقابلت معك وجري بيننا حديث ، فإذا لم تكن المحادثة في قوة الروح القدس سأكون في تجربة أن أظهر سرعة بديهتي وذكائي ، وهنا لا يكون المسيح ظاهراً وإنما (الذات) ، لذلك حتي يضيئ النور يجب تطبيق مبدأ الموت علي كل ما أنا عليه ، حتي لا يظهر فيَّ إلا المسيح ، هذا ما أفهمه من القول "يضيئ نوركم" فدعونا نطبق هذا عملياً ، فهناك فرق بين أن أعي المكتوب وأن أكون سالكاً في قوته ، فهل احقاؤنا ممنطقة ؟ وهل سرجنا موقدة ؟ فإذا كان نورك كمؤمن ساطعاً بوضوح وبقوة فإن إنسان العالم سيكرهك ، "فهل يصل الأمر لهذا الحد ؟ نعم ففي حالة الرب المبارك لم يحتمل الناس شدة النور ، لذلك سعوا ان يطفئوا هذا النور بصلبه علي الصليب ، دعونا نتذكر دائماً أنه إذا كنا نريد أن نكون مستعدين لملاقاة الرب يسوع عند مجيئه ، فيجب أن تكون الاحقاء ممنطقة والسرج موقدة . كيف يجب أن يكون موقفنا عندما نتحدث عن المكافأة المباركة التي يعطيها الرب للذين ينتظرون مجيئه . فهذا هو المثال الذي يعطيه الرب لانتظاره كالعبد الذي ينتظر سيده وقد ذهب للعرس وسيعود ثانية ، فهو خادم يقف وواضعاً يده علي مقبض الباب ، منتظراً أول إشارة لمجئ سيده وعند سماع أول قرعة باب لسيده يفتح الباب علي مصراعيه لاستقباله ، فأولاً انهم يريدون مجئ سيدهم وثانياً ينتظرونه ، وهذان الامران متلازمان ، ففي ضوء ما سبق ، هل نحن نرغب أن يأتي الرب سريعاً ؟ ، هل هذه حقاً رغبتك ؟ ، أحياناً لا تكون هذه رغبتنا ، لذلك يشدد الرب علي ضرورة أن نكون في الحالة التي تناسب مجيئه وتوقعنا الدائم لعودته ، لقد طُرح سؤال مرة كم منا يعتقد أن الرب سيأتي قبل أن ينتهي هذا اليوم ، ان الرب يؤكد في المكتوب أنه يجب أن نكون في حالة انتظار وتوقع وأيضاً رغبة في رؤية الرب وجهاً لوجه ، أنه من السهل أن يمر الوقت وننسي ، فالوقت يمر والاحداث اليومية تتوالي ، ولكن قد يحدث فجأة اختطاف شعب الله لملاقاة الرب في الهواء لنكون معه الي الأبد .
ليسأل كل واحد منا نفسه ، هل أنت مستعد لكي تري الرب وجهاً لوجه ؟ ، لنفترض ان هناك زوجة مخلصة ، ورحل زوجها الي بلد بعيد ، وهي لا تعرف موعد رجوعه ، واثناء غيابه لا تتوقف عن محبته ، ولكنها جمعت حولها بعض الأشياء التي قد لا يحبها عند عودته ، فعندما تتلقي الخطاب الذي يبشرها بعودته القريبة ، فماذا يكون أول فكر يتطرق إليها ؟ أنها تنظر حولها وتقول "إن زوجي لن يحب أن يري هذا عندما يجيئ ، فإن كانت زوجة مخلصة فسوف تتخلص من كل ما لا يريد أن يراه ، وأيضاً ستفعل شئ آخر فسوف تحيط نفسها بكل ما تعتقد أنه يريد أن يراه ويفرحه عند عودته .
فإذا كنا ننتظر الرب ، يجب أن نتخلص من كل ما لا يرضي الرب ، وهذا معني الآية في (1يو 3 : 3) "وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر" ، التخلص من كل ما لا يرضيه والوجود في الحالة التي تفرحه ، هذا هو الأسلوب الوحيد لأكون مستعداً لملاقاته ، وهذا ما يبينه الكتاب في "لتكن أحقاؤكم ممنطقة" .
كنت اقرأ عن تاجر كان يبدو عليه العبوس والكآبة عند عودته من الاجتماع ، وعندما سألته زوجته عن السبب صرَّح لها أنه عرف ان الرب سيجئ عن قريب ، وأنه ليس مستعداً لمقابلته بعد ، لأن مجيئه معناه نهاية لمخططاته المستقبلية ، فكل ربحه سيذهب عند عودة الرب ، مع أن هذا الرجل كان مؤمناً ! ، لذلك يجب ألا ننشغل بأي شئ مهما كان ويجعل الرب لا يبتسم في وجوهنا عند مجيئه ، إن هذا الامر عملي وهو موضوع وغرض هذا الاصحاح .
والآن نتحدث عن الناحية الأخري عن مكافأة الرب للذين يكونوا ساهرين ومنتظرين مجيئه ، "طوبي لذلك العبد ......." (ع 37) ، الامر الأول طوبي لهؤلاء العبيد الذين يجدهم سيدهم ساهرين ، كلنا يعرف ما هو السهر ! ، إذا كان لك صديق عزيز وعائداً من مكان بعيد ، وانت تنتظره بجانب النافذة فسوف تكون ساهر ومنتظر ، والرب سوف يعطي مكافأة مباركة للساهرين ، ليتنا نكون جميعاً ساهرين ، فهل نحن حقيقة ساهرين ؟ اذا كنا نريد أن نرضي الرب فيجب أن نكون ساهرين ، إن كل سعادة وفرح في البيت أو خارجه هي عائق لانتظار الرب ، فهل معني ذلك أن هذا ليس جيداً ؟ ! ، إنها شئ جيد مثل وردة في جنة عدن ، ولكن السعادة علي الأرض قد تدخل بين النفس والمسيح ، وكثيراً ما يكون تأثير السعادة عائق لانتظار الرب لذلك أحياناً يحرمنا الله منها فنشعر بالوحدة ونحن في حالة الانتظار ، لأنه لا يستطيع أن يثق في أن يعطينا كثير من السعادة في هذا العالم . فهو يحبنا أكثر من أن يفعل هذا ! ، أنه يحبنا ويغار علينا ويريدنا لنفسه ، هل سمعت تعبير " الغيرة قاسية كالهاوية (كالقبر)" فما معني ذلك ؟ عندما يواري الجسد الميت التراب ، يطبق القبر عليه من كل جهه ويغلق عليه وحده ، القبر يتملك علي الجسد بصورة مطلقة ، هكذا هي غيرة الرب ، هل تعتقد أن الرب لا يأبه عندما تذهب قلوبنا وراء هذا الشئ أو ذاك ؟ إن هذا يكون ضد طبيعته ، فإن كان يحبنا وهو بالفعل كذلك فهو يريد قلوبنا كلها ، ليس أقل من كل القلب يمكن أن يشبعه "طوبي لأولئك العبيد ..." .
والآن نري المكافأة الرائعة "الحق أقول لكم أنه يتمنطق ويتكئهم ويتقدم ويخدمهم" سوف تري أمرين : الامر الأول ان الرب سيمنطق نفسه كخادم ! فقد قال لتلاميذه هنا "أنا جئت لأخدم" الرب المبارك الذي له كل شئ ، الذي خلق كل شئ ، الذي مات علي الصليب ، أخذ مكان الخادم لتلاميذه ، ومن كانوا هؤلاء التلاميذ ؟ أحياناً يقول البعض ، لا استطيع ان أحب فلان ، فسلوكه غريب وسيئ ، ألم يكن الرب محاط بالذين كان مسلكهم غريب ؟ ألم يكن هناك يهوذا وبطرس الذي أنكره ، هل توقف الرب عن محبتهم . كلا فهو يقول كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا ، الطريقة الوحيدة لمحبة شعب الله هو أن نراهم كما يراهم الله ، مقبولين في المسيح ، فنستطيع عندها أن نحبهم ، الرب سيمنطق نفسه ويتكئهم ويخدمهم .بمعني سوف يجعلنا نتناول ما يفرحه وما يلذه ، ما يلذ قلبه سيلذ قلبي وقلبك ، أليس هذا رائعاً ؟ ! سوف نتشارك في أفراحه مع شعبه المحبوب ، وليس هذا فقط بل سيتقدم ليخدمهم ، سوف يقدم هذه الأفراح بنفسه ، فسوف يأخذ أقل مكان ، خادم شعبه ، وسوف يجعلهم يفرحون بمحضره وبالتمتع بمحبته ، ولن يكون له شئ واحد ليس لهم ، لقد تعلمنا ان ليس هناك بركة واحدة في المستقبل لا نستطيع أن نتمتع بها الآن ، علي الأقل بدرجة ما ، فالمجد الذي سوف يأتي به الرب يسوع وسوف يجلس شعبه ليأكل ويتقدم ويخدمهم ، وهذا ما يقدمه لنا الآن ليشجع قلوبنا وليجعلها في المكان الذي هو فيه .
ثم يقول الرب "وانما اعلموا هذا أنه لو عرف رب البيت في أية ساعة يأتي السارق لسهر ، ولم يدع بيته ينقب ، فكونوا أنتم إذاً مستعدين ، لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان" .
ان النقطة المهمة هنا هي "أن نكون دائماً علي استعداد" كيف ؟ ، انها ليست حالة روحية فقط ، إنها بالطبع في غاية الأهمية ، ولكن أيضاً هناك أمور كثيرة يجب أن تسوي ، أن أكون مستعداً معناه أن أكون قد قمت بتسوية كل الأمور ، وكسائح أو غريب أمُّر في هذا العالم بدون أي عائق ، لأنه عندما تكون قلوبنا حيث هو ، يكون كل شئ يدور حوله . يجب أن نسأل أنفسنا : هل يمتلك الرب قلوبنا ؟ اذا كان الامر هكذا ، يكون قلبك حيث هو ، وأن تكون مستعداً لمجيئه الثاني الذي يتحدث عنه ، ليس هناك أهم من أن أجلس في محضره بهدوء ، هل أنا مستعداً للقائه ؟! هل سيجدني ويجد حولي ما يسر ويرضي قلبه ؟ إذا استطعت أن أجيب بنعم أكون في الحالة التي يريدها .
دعوني أراجع ما سبق :
❊ يجب أن أتحرر من الخوف من الناس وهو فخ لكثيرين منا ، لقد انكسرت سفينة الإيمان لمؤمنين أحداث من جهة شهادتهم بسبب هذا الخوف .
❊ يجب أن أتحرر من القلق ، فلا يجب أن يقلقني شئ ، فالرب يعتني بي ، فاترك نفسك له ، أنه يشير الي العصافير وزنابق الحقل حتي يقنعك ان الله يعتني بك ، "أنتم أفضل من عصافير كثيرة" فيجب ان نثق في رعاية الله دائماً .
❊ ثم يجب أن يتثبت القلب في النعمة "لا تخف أيها القطيع الصغير ..." انك لا تستطيع أن تتعب لكي تستحقها أو تحصل عليها ، إن الله سوف يعطيك إياها إذا تثبتت قلوبنا في النعمة الآن ، نستطيع أن نعطي لأن الله معطي ، وعندما نتمثل بالله كمعطي نضع لأنفسنا كنوز في السماء ، ثم قلوبنا سوف تكون هناك وهذا سوف يقودنا للتحضير لملاقاة الرب ، الأحقاء ممنطقة والسرج موقدة .
❊ من الأهمية بمكان وضع الرب أمام قلوبنا بصفة دائمة . ليهبنا ان نحكم علي أنفسنا في أي شئ لا يناسبه ويقودنا أن نتحصل علي كل ما يرضيه ويفرح قلبه من أجل اسمه .
(1تس 4 : 13 - 18) ، (1تس 5 : 1 - 11)
ان موضوع الاختطاف وعلاقته بظهور الرب يسوع المسيح يجب أن يكون ما يميز كل مؤمن منتظر ابن الله من السماء .
"... وكيف رجعتم إلي الله من الأوثان لتعبدوا الله الحي الحقيقي وتنتظروا ابنه من السماء" (1تس 1 : 9 ، 10)
إذاً أن ما يجب أن يميز كل مؤمن حقيقي أو أي معترف هو انتظار مجئ الرب يسوع من السماء .
يجب قبول هذا الحق ، أن هؤلاء المؤمنين الاحداث في تسالونيكي قد تحولوا من الأوثان لهذا الرجاء ليخدموا ويعبدوا الله الحي الحقيقي وينتظروا ابنه من السماء .
أنه أمر في غاية الأهمية ، لأني إذا كنت أنا وأنت نوجد في انتظار لمجئ ابن الله من السماء يجب أن ينعكس هذا علي سلوكي عملياً في الحياة اليومية .
كثيراً ما ننسي أمر مجئ الرب يسوع المسيح . أكرر نفس السؤال : كم من القلوب تنتظر مجئ الرب قبل أن ينتهي هذا اليوم ؟ ، مع أن ما يجب أن يميز كل مؤمن معترف بالمسيح هو انتظار مجئ الرب .
انه ليس مجرد تعليم ، أنه جزء أساسي من المسيحية ، وبالتالي إذا كنت غير منتظراً لمجئ الرب من السماء أكون لست واقفا علي أرضية مسيحية ، وهذه هي أهمية فهم هذا الحق .
إنه ليس أمر يفهمه فقط الكاملين (الناضجين) من المؤمنين . إن مؤمني تسالونيكي كانوا حديثي الإيمان ، أقل من ستة أشهر في الإيمان عندما كتب لهم الرسول هذه الرسالة . كانوا حديثي الإيمان بل كانوا ما نسميهم نحن أطفال في الإيمان ، وكتب لهم الرسول انه يجب أن ينتظروا مجئ ابن الله من السماء . ان هذا ينطبق علي كل مؤمن ، يجب ألا يغيب هذا عن عيوننا ، لأنه لو غاب لفقدنا قوة توقع وانتظار مجئ المسيح .
هناك امرين في هذين الأصحاحين: الأول نتيجة هذا التعليم علي الخدمة "لأن من هو رجاؤنا وفرحنا وإكليل افتخارنا ؟ أم لستم أنتم أيضاً أمام ربنا يسوع المسيح في مجيئه ؟ لأنكم أنتم مجدنا وفرحنا" ،
أننا نري أن أمر مجئ الرب الثاني كان أمام الرسول دائماً ، لذلك فإننا لن نستطيع أن نخدم كما يريدنا أن نخدم دون هذه القوة الحافزة ، إن فكر الرسول وانتظاره لمجئ الرب الثاني يجعله يمتلئ بالقوة والرغبة في إيمان الذين أُرسِل إليهم ، أن يعمل بلا كلل متطلعاً لمجئ الرب ، إني لا استطيع أن أخدم بحق إلي أن أجعل هذا الحق يسيطر علي نفسي ، وفي انتظار مجئ الرب أخدم بإخلاص ولماذا أخدم بإخلاص ؟ لأني أريد أن أرضيه ، لأنه في ظهور الرب يسوع المسيح سوف يتعامل مع مسئولية كل مؤمن . إن الأرض هي مشهد المسئولية ومجئ الرب هو الهدف الذي نسعي إليه كما نقرأ في (1تي 6 : 14) وعندما يعود الرب في مجده سوف يعلن المكافأة ، هذا ما أفهمه من قول الرسول "أنتم مجدنا وفرحنا" ، لننظر الي ما جاء في الأصحاح الثالث وسوف نري انعكاس مجئ المسيح علي الحياة الروحية ...
" والرب ينميكم ويزيدكم في المحبة بعضكم لبعض وللجميع ، كما نحن أيضاً لكم ، لكي يثبت قلوبكم بلا لوم في القداسة ، أمام الله أبينا في مجئ ربنا يسوع المسيح مع جميع قديسيه " (1تس 3 : 12 ، 13) .
هنا نجد أمرين ، نجد القداسة عند مجئ الرب يسوع المسيح مع قديسيه أمام الله أبونا ، ونجد المحبة لبعضنا البعض ، وهذا سر رائع . لأن المحبة لبعضنا البعض هي الطريق للقداسة ، قد تتحدث من الصباح الي المساء عن القداسة ولكن لن تنمو بدون المحبة . لأن المحبة هي من طبيعة الله ، ومحبة الله هي محبة مقدسة ، لذلك يعلمنا الرسول هنا ، أنه كلما أحببنا بعضنا البعض كلما شابهنا صورة المسيح ، وكلما تقدست الحياة ، لأن القداسة هي التشكيل أو التطابق مع صورة المسيح . وليس أقل من هذا ، فإذا تحدثنا عن القداسة يجب أن نقول كقداسة المسيح ، لأن الله لن يقبل أقل من هذا ، فكلما احبنا بعضنا البعض كلما نمونا في القداسة ، لأن هذه هي طبيعة الله ، وهذا ما سيستحضر عند مجئ ربنا يسوع المسيح مع كل قديسه .
إننا نسمع البعض يقول :
"كثيراً ما يعوزنا القوة في الروح" والبعض الآخر يقول "إننا لا نفعل شيئاً للرب" وهذا لأن مجئ الرب ليس أمام نفوسنا ، لأنه لو عشنا في انتظار مجيئه سنكون مخلصين ،
كما يضع الرسول هذا الحق أمامنا " "لأن محبة المسيح تحصرنا ، إذ نحن نحسب هذا : أنه إن كان واحد قد مات لأجل الجميع ، فالجميع إذاً ماتوا ، وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم ، بل للذي مات لأجلهم وقام" (2كو 5 : 14 ، 15) ، فكل ما نحن عليه كابناء آدم قد مات مع المسيح ، والآن المسيح فقط يملأ عيون الله ، والمسيح فقط يستطيع ان يملئ عواطف نفوس شعب الله ، وبعدها عندما تعمل الطبيعة الإلهية بقوة الروح يكون هناك نمو هائل في القداسة ، وانتظار مجئ الرب هو حافز عظيم لهذا ، أنه له تأثير عظيم علي الحياة الروحية ، فلا يستطيع أحد أن يعيش كمؤمن إلا إذا كان انتظار الرب ورؤيته وجهاً لوجه أمامه في كل حين .
يقول الرسول يوحنا : لسنا نعلم ماذا سنكون (فليس هناك علم لأولاد الله لما سوف يكونون عليه) ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله ، ويضيف كل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر ، نعم ! ان انتظار رؤيته وكوننا سنكون مثله سوف تكون القوة العاملة في نفوسنا ، حتي نستطيع ان نتخلص من كل ما لا يرضيه ، وأن نرغب في أن نحصل علي كل ما يرضيه حتي نفرح في يوم ظهوره ، وسوف تري تأثير هذا الحق علي الحياة الروحية .
وموضوع الكلام في تسالونيكي الأولي (٤) ، هو أن البعض قد فهم أن الذين رقدوا ولم يدركوا مجئ الرب قد خسروا ، ولذلك حزنوا كثيراً ، لقد اعتقدوا أنهم لن يكونوا هنا ليشهدوا مجد الملكوت عند مجئ الرب يسوع المسيح الثاني ، وللرد علي ذلك يعلن الرب إعلان خاص لقلب الرسول في عددي 13 ، 14 . "... الذين رقدوا سيحضرهم الله ايضاً معه ..." بمعني عند ظهور الرب يسوع المسيح ، كيف يمكن أن يحدث هذا ، إذا كانوا قد رحلوا ليكونوا مع المسيح ، فكيف سيعودون مع الرب يسوع عند مجيئه الثاني ؟ فبإعلان خاص لتوضيح هذا الامر يستطرد الرسول "فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرب .." (أي بإعلان خاص له) .
وقبل أن نتحدث عن كيفية مجيئه ، نتحدث عن مجموعتين يتكلم عنهما الرسول ، هناك كثيرين قد رقدوا قبل مجئ المسيح ، لقد رحلوا ليكونوا مع المسيح، وليس لنا أي إعلان عن حالتهم إلا أنهم قد رحلوا ليكونوا مع المسيح ، ونعلم فقط أنهم معه ، مباركين لا شك ، ليس لنا وصف أو تفاصيل عن حالتهم ، يقال لنا "متغربين عن الجسد ، مستوطنين عند الرب" وماذا يكون أفضل من أن أرحل وأكون مع المسيح . الامر الوحيد الذي نعلمه هو أن ملايين المؤمنين قد رقدوا ليكونوا مع المسيح وهذا افضل جداً ، إنه أفضل جداً جداً ، قد ينتقل البعض منا ، قبل انقضاء اسبوع واحد وقد يكون البعض منا ليس معنا ، وإذا رأيت مؤمناً يرقد مع آخر نبضة قلب تكون النفس مع المسيح ، إننا نقول انه مع الرب ولا نقول أنه مات ، بل قد ذهب لمكان أفضل وحياة أفضل .
المجموعة الثانية : هي الذين لن يرقدوا قبل مجيئه ، الذين لا زالوا باقين عند مجئ الرب الثاني ، لو ترك الرب لك الامر لتختار ، أن تبقي الي مجيئه أو أن ترقد قبل أن يجئ فما الذي تفضله ، الأفضل أن تقول "كما تريد يارب" .
إن مجئ الرب سيكون هكذا "لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء" انه هتاف للتجمع ، نفس الكلمة المستخدمة لتجميع الجنود ، هو هتاف لتجمع الذين جاء ليآخذهم ، ثم صوت رئيس ملائكة ، بمعني التعبير عن قوته ، ثم بوق الله ، وفي (1كو 15) نقرأ عن البوق الاخير ، ولكن هنا "بوق الله" انها اشارة الرحيل ، لنختطف بقوة إلهية لملاقاة الرب في الهواء ، وهذا يمكن أن يتم في أي لحظة ، ولكن لنتذكر هذا ، فعندما نتحدث عن مجيئه للاختطاف ، فنحن لا نقصد ظهور المسيح المعلن للجميع ، لن يعرف العالم شيئاً عن هذا ، لن يسمعوا هتاف المسيح ، ولا حتي المؤمنين الأحياء الباقين هنا ، هذا الهتاف هو للراقدين لتجميعهم قبل ان يتلاقوا مع الأحياء في الهواء .
هذا هو الامر الأول عند مجئ الرب ، كل الراقدين سوف يقومون من القبور ، ثم لاحظ (عدد 17) "ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء ... " وفي (1كو 15 : 52) ليكن لنا كل الحق المعلن كاملاً "لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير ... لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت ، ، فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة ابتلع الموت الي غلبة" ما أعظم هذه اللحظة ، نحن الباقين سوف نتغير ، موجة من حياة القيامة وقوة ستحل علينا ، كل ما هو مائت وما هو فاسد سوف ينتهي ، وكل منا سيكون مثل الرب ، إن هذا ممكن ان يحدث في أي لحظة ، فإذا عاد الرب في هذه اللحظة كل مؤمن سيكون له جسد كالرب ، وهناك كلمة مهمة جداً هنا في عدد 16 "سنخطف جميعاً معهم" الراقدين سيقومون والأحياء سيتغيرون ويخطفوا معاً في السحاب لملاقاة الرب في الهواء ، ما أعظم هذا ، ان هذا ببساطة ووضوح ما سيحدث ،" إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام ، فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضاً معه " فسوف يُخطِف القديسين في السحب لملاقاة الرب في الهواء ، فسيكونون معه ، وفي الوقت المحدد سيعود مع كل الذين سبق واختطفوا ليكونوا معه .
هناك كلمة جديرة بالذكر عن الأساس الذي يُبني عليه كل هذا في عدد (14) "إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام" فقد اباد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت وحرر الذين بسبب الخوف من الموت كانوا كل حياتهم تحت العبودية" ، ان المسيح قد انتصر نصرة كاملة علي كل قوة العدو بموته ، انه المنتصر والمقام من الأموات ، ليس فقط لنفسه ، لأنه مات من اجل شعبه ، فهو المنتصر علي الموت وعلي القبر من اجلك ومن اجلي . إذاً فكل شئ مؤسس علي موت وقيامة الرب يسوع المسيح ، وهذا هو الأساس الذي تستريح عليه قلوبنا . فإذا مات المسيح وقام فإننا ايضاً متناً وسوف نقوم من القبر ، لأن قيامة القديسين تتبع قيامة المسيح كما يقول الرسول "المسيح باكورة ثم الذين للمسيح في مجيئه" لقد حررنا من قوة العدو ، ويمسكنا بيديه ، حتي ولو متنا فإن يديه ستمتد الي القبر وتقيمنا معه وأجسادنا ستتغير ونكون مثله ، لا استطيع أن أتخيل شئ أعظم من هذا للتأثير علي قلوبنا . فنحن في احتياج الي هذا التأثير ، لأننا نسير في هذه الحياة ، نشتغل ونرزح تحت ثقل اهتمامات هذا المشهد ، ونجد أنفسنا ناسين هذا المستقبل الذي لنا ، ونصبح عالميين . فكيف يمكن أن يكون هذا لو كنا متوقعين مجئ المسيح ؟ وكيف نذهب للترفيه العالمي ؟ كيف يكون هذا ان كنا منتظرين مجئ الرب يسوع المسيح ؟ لا ! ، يجب أن يكون لسان حالنا : الرب قد يأتي ونحن وسط كل هذا ثم ماذا ؟ يقول بطرس "لذلك أيها الأحباء إذ أنتم منتظرون هذه اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس ولا عيب في سلام" (٢بط 3 : 14) .
أريد أن أقول كلمة بخصوص ظهوره ، فسوف نخطف في السحب لملاقاة الرب في الهواء وهكذا نكون كل حين مع الرب .
الخطوة الأولي هي أن يدخلنا المسيح الي بيت الآب ، وإذا دخلنا معه فلكي نخرج أيضاً معه ! ، فإني إذا كنت احب ظهور المسيح فسوف أفرح لمحبته ، لا بسبب ما سوف أحصل عليه ولكن بسب ما سوف يحصل عليه هو .
أليس من المفرح لنا أن نتذكر هذ المشهد الذي فيه صُلِب ورُفِض وطرد ، أنه سينتصر وسيحصل علي حقوقه في نفس ذات المشهد الذي رُفِض فيه ! ، لقد قال مرة "وأنا إن ارتفعت أجذب إليَّ الجميع" وهذا لن يتحقق إلا عندما يعود ، فالكل سيجثون له ، وكل لسان سيعترف ان المسيح هو رب لمجد الله الآب . فإذا كانت افكاري قاصرة فقط علي مشهد الاختطاف لا أحصل علي رؤية كاملة للمكتوب ، ولا أدخل الي شركة مع قلب الله ، تذكر هذا ان الكون كله سوف يكتسي بطوفان المجد ، أنه طوفان البركة . فقط عند مجئ المسيح مع قديسيه ، وعندها فقط سوف يكون الكون كله في توافق مع فكر الله ، كل شئ سوف يسبح الذي له المشورة ، وسيكون كل شئ في السماء وعلي الأرض تحت رياسة المسيح ، ففي المستقبل كل شئ في السماء وعلي الأرض سيكون له رأس واحد هو المسيح ، وهذا حق يُفرِّح قلوبنا ، انه هو الأعظم وسيحتفظ بعظمته حتي نهاية ملكه . ثم في (1كو 15) سوف يعتق ملكوته ، بعدما سيكون اخضع كل شئ تحت قدميه ، وبتسليمه الملك يكون انتصاره قد اكتمل وقد انتصر ويكن الغرض ان الله الكل في الكل .
أمراً آخر جدير بالذكر ، أنه ليس هناك ذكر للمسيح في الأبدية ، ونحن نعلم أنه سيكون في الأبدية ، ولكن هذا هو آخر عمل له في المكتوب ، سيسلم الملك لله آلاب ، حتي يكون الله الكل في الكل، وعندما يذكر الله فهو يقصد الآب والابن والروح القدس .
إذاً فلماذا لا يُذكَر المسيح ؟ لماذا لا يوجد وصف له في الأبدية ؟ الذكر الوحيد عن الأبدية هو في (رؤ 21 : 1-18) هناك الله ، ليس هناك ذكر للرب يسوع المسيح ، هذا لأنه البكر بين إخوة كثيرين ، عندما آتي الي هذا المشهد اصبح إنساناً وسوف يظل إنساناً إلي الأبد ، وسيتحرك بين المفديين كبكر لكل المشابهين لصورته ، حتي في الأبدية سيكون معنا دائماً وسوف نفرح بمحضر الله ، وسوف يكون فرح قلبه وقلوبنا ثم سوف يكون بين جموع المفديين من كل الأزمنة وسوف يري من تعب يديه ويشبع .
والخمس أعداد التالية من الاصحاح تشير الي يوم الرب الذي يبدأ بملك المسيح و هذا اليوم له جانب الدينونة ، لأنه عندما يأتي ذلك اليوم فإن المسيح سيخضع كل ما هو ليس مع الله (أحد ضد الله) أن أول حكم المسيح يأتي للدينونة .
اقرأ أشعياء (٢) سوف تري ان يوم الرب هو ضد كل شئ يرفع نفسه ضد جلال الله ، كل ما هو ضد الله سيحكم عليه في الدينونة ثم يأتي يوم المسيح عندما يخضع كل شئ له . لذلك يذكرنا الرسول أن يوم الرب سيأتي كلص علي كل الذين لا يسهرون ، كل غير المؤمنين ، لذلك يسترسل الرسول "أما أنتم أيها الإخوة فلستم في ظلمة حتي يدرككم ذلك اليوم كلص ، جميعكم ابناء نور وابناء نهار لسنا من ليل ولا ظلمة" (عددي 4 ، 5) حيث اننا أولاد نهار ، يجب أن نحيي بحسب ذلك اليوم الذي نحن له ، فخصائص هذا اليوم يجب أن تكون معلنه فيَّ وبواسطة قديسي الله ، ونجد التحريض يأتي في أعقاب ذلك في الأعداد (6-10) .
ثم يأتي تحريض مضاعف في عدد (١١) "لذلك عزوا بعضكم بعضاً وابنوا أحدكم الآخر" كثير من القديسين قد رقدوا ، يجب ألا نجرب بالحزن المفرط عليهم ، فالرسول يعطينا كلمة توجيه في آخر عدد من الاصحاح الرابع "لذلك عزوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام" هل ضاعوا لأنهم رقدوا ؟ حاشا لله ، لا ! لأن أرواحهم هي مع المسيح ، اجسادهم في القبور ، ولكن نعلم أنه عندما يأتي الرب سوف يدعوهم من قبورهم وسوف يعطيهم اجساد كجسده وتكون الغلبة كاملة ، فالانتصار الكامل للمسيح هو في الفداء ، في ذات الوقت "عزوا بعضكم بعضاً" كما يجب أن نبني بعضنا بعضاً ، نبني بعضنا في الحق الذي أحضره لنا الرسول أمامنا ، فياله من رجاء عظيم أن يكون لنا هذا المستقبل ، ولو أني أخاف أحياناً ان يكون قد خفت هذا الرجاء من قلوبنا وأذهاننا ، أعلم من قلبي كم سهل أن أفقده وأن أشبع بالأشياء هنا ، ولكن الله عنده أشياء افضل مخبئة لنا ، يجب ألا ننساها ، فسوف ندخلها عندما يأتي الوقت.
ليت الرب يحيي في قلوبنا توقع وانتظار مجئ الرب ، وأنا أثق أن هذا الرجاء سينعشنا بصورة رائعة اذا كنت أنا وأنت وكل قديسي الله في قوة مجيئه ، فسوف يحررنا من طغيان الأمور الحاضرة ، وسوف تنجذب قلوبنا الي حيث المسيح ، وسوف نجد هذا المكان هو دائرتنا الحقيقية ، حيث هو ، لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً .
بقلم ادوارد دينيت
ترجمة : عاطف فهيم
ترجمة : عاطف فهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق