الأحد، 29 ديسمبر 2013

سبع محطات راحة يسكن فيها المؤمن

سبع محطات راحة يسكن فيها المؤمن

1 - محبة الرب
2 - رعوية الرب
3 - التسبيح المستمر
4 - ذراع الرب وحمايته الكامله
5 - شركة المحبة الأخوية
6 - صوت الرب
7 - قمة الشركة مع الآب والإبن

أولا - محطة - محبة الرب -
سفر التثنية السفر الخامس والأخير من أسفار موسى رجل الله ص 33 :3, 12 - فأحب الشعب. جميع قديسيه في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك ولبنيامين قال حبيب الرب يسكن لديه آمنا يستره طول النهار وبين منكبيه يسكن - ما أروع الاعلان عن قلب الله - فأحب الشعب - ليس هناك في الشعب أي شيء يجعل قلب الله يتجه إلى ذلك الشعب بالمحبة لكن هذا هو قلبه والجود العظيم الذي في طبيعته لكن الإعلان الثاني عن ذات الله - جميع قديسيه في يدك - موسى يوجه كلامه إلى ذات الله السائر مع الشعب في البرية كما أمسك به في بدء المسيرة - إن لم يسر وجهك فلا تصعدنا من ههنا - خر 33 : 15 -
لكن هنا نجد عبارة عجيبة - جميع قديسيه في يدك - قديسي من ؟ قديسي الله الآب ! في يد من ؟ في يدك أنت الله الابن ! وهذه مع كل إعلانات الوحي المقدس كله ترينا تميز الأقانيم في ذات اللاهوت الواحد وأروع مثل لهذا الإعلان نجده في صلاة الابن المبارك للآب المحب في - يو 17 : 6 - أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم كانوا لك وأعطيتهم لي - وهذا هو التفسير الرائع الجميل - جميع قديسيه - قديسي الله الآب - في يدك - في يدك أنت الله الابن -
ثم الإعلان الثالث عن مخطط الله - حبيب الرب يسكن لديه آمنا - من هو حبيب الرب ؟ الكتاب يعلن عن محبة الله لكل إنسان في العالم - لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلُص به العالم - وبهذا أظهرت محبة الله فينا أن الله أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به, في هذا هي المحبة ليس أننا نحن أحببنا الله بل أن هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا - يو 3 : 16و 17 1يو 4 :9و10 -
إذاً من هو حبيب الرب ؟ هو الذي صدق هذه المحبة ومن أعماق قلبه يهتف أن هذا الفداء العظيم على الصليب كان لأجلي أنا شخصيا - إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي - غل 2 :0 2 - ليت هذه المحبة تحصر قلوبنا وأفكارنا دائما - لأن محبة المسيح تحصرنا - 2 كو5 : 14 , - واحفظوا أنفسكم في محبة الله - يهوذا 12 ليتنا نسكن دائما في هذه المحبة.
ثانيا - محطة رعوية الرب
الرب راعي فلا يعوزني شيء .. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي مسحت بالدهن رأسي كأسي ريا إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي وأسكن في بيت الرب كل أيام حياتي - مز 23 : 1 و5 و6 - محطة الشبع الكامل والقناعة الكاملة والراحة الكاملة والإمداد الكامل والفرح الغامر ونهاية مطاف مجيدة.
لا ننس ترتيب الروح القدس للمزامير, مز 23 رعوية الرب الكاملة تأتي مباشرة بعد مزمور الصليب العجيب مز 22 إذ فيه يصف داود مشهد الصليب بتفصيل مذهل وكما نعلم من التاريخ المقدس أن داود ملك على إسرائيل قبل الصليب بألف سنة إسمعه وهو يقول - ثقبوا يدي ورجلي . يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون - مز 22 : 16, 18 وقد تم حرفيا في الرب يسوع - راجع لو 23 : 34, يو 19 : 23 - ماأروع التقرير - الرب راعي فلا يعوزني شيء - ثم نهاية التقرير - إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي وأسكن في بيت الرب إلى مدي الأيام -
ثالثا - مز 48 محطة التسبيح المستمر
- طوبي للساكنين في بيتك أبدا يسبحونك - محطة التسبيح هنا نري المؤمن مسبحا بلا انقطاع كما يقرر الرسول بولس في - عب 13 :15 - فلنقدم به - أي بربنا يسوع المسيح - في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة باسمه - والفرح والتسبيح المستمر بلا انقطاع هما طابع المسيحي الحقيقي بحسب رسم الكتاب المقدس.
أولا - لأن هذه هي حياة المسيح نفسه هنا على الأرض ورغبة قلبه العميقة لنا - كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا, اثبتوا في محبتي. كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم - يو 15 : 9 - 11 -
ثانيا - هذه هي مشيئة الله لحياتنا - افرحوا كل حين صلوا بلا انقطاع اشكروا في كل شيء لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم - 1تس 5 : 15 - 17 -
ثالثا - الفرح في المسيح هو مصدر قوة لنا بالروح القدس - ثمر الروح محبة فرح سلام - غل 5 : 22 - وفرح الرب هو قوتكم - نح 8 : 10 -
رابعا - محطة ذراع الرب وحمايته الكاملة - مز 91 -
الساكن في ستر العلي في ظل القدير يبيت أقول للرب ملجأي وحصني إلهي فاتكل عليه لأنه ينجيك من فخ الصياد ومن الوبأ الخطر بخوافيه يظللك وتحت أجنحته تحتمي - ترس ومجن حقه لاتخشي من خوف الليل ولامن سهم يطير في النهار ولامن وبأ يسلك في الدجي ولامن هلاك يفسد في الظهيرة .. لأنك قلت أنت يا رب ملجأي جعلت العلي مسكنك لأنه تعلق بي أنجيه أرفعه لأنه عرف اسمي يدعوني فأستجيب له معه أنا في الضيق أنقذه وأمجده -
- أولا - السكن : يتكرر مرتين الأولى في ستر العلي أي تحت حمايته - ع 1 - لكن ع 9 مسكنه في العلي ذاته أي ارتباط قلبي عميق وفي هذا نمو في معرفة الله لأن هذا هو قصد الله أن يكون هو ملء النفس والروح.
- ثانيا - واسطة هذا الارتباط هو الكلمة المقدسة ترس ومجن حقه - إن ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ماتريدون فيكون لكم - يو 15 : 7 - وسر دمار الإنسان وجهله وعبوديته للخطية والشيطان هو إهماله الكلمة - أليس لهذا تضلون إذ لاتعرفون الكتب ولا قوة الله .. فأنتم إذا تضلون كثيرا - مر 12 : 24 - ها قد رفضوا كلمة الرب فأية حكمة لهم - إر 8 : 9 -
- ثالثا - الارتباط بالله في ذهن الملايين أمر يحتاج إلى أعمال عظيمة أو إلى خطوات أو تدريبات على مدي سنين لكن إعلان الوحي المقدس أن الله لا يطلب من الإنسان إلا كلمات فقط. لكن بشرط أن تكون الكلمات الخارجة من الفم تعبر عما في القلب, كلمات نتيجة لعمل كلمته هو في القلب. ما أروع الإعلان هنا - أقول للرب ملجأي وحصني فأتكل عليه - ع2 - وشهادة الله له - ع 9 - لأنك قلت أنت يا رب ملجأي جعلت العلي مسكنك - ثم نري هذا الأمر أيضا في دعوة الرب لإسرائيل في - هو 14 - ارجع يا إسرائيل إلى الرب إلهك لأنك قد تعثرت بإثمك خذوا معكم كلاما وارجعوا إلى الرب قولوا له إرفع كل إثم واقبل حسنا فنقدم عجول شفاهنا -
- رابعا - الحماية الإلهية تشمل 4 جوانب أو 4 أركان العالم
الركن الأول : - لا تخشى من خوف الليل - ظلام العالم. كم من ظلام يسود أفكار البشر والعدو أعمي أذهانهم بخرافات رهيبة تسيطر على حياتهم وتصرفاتهم والانحطاط الأخلاقي يملأ المشهد تماما لكن الذي احتمي في عمل ربنا يسوع المسيح على الصليب يستطيع أن يهتف - شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته - كو 1 : 21 - وإرسالية الرب يسوع المسيح لعبده بولس في لحظة إظهار ذاته له - أنا الآن أرسلك إلى الأمم لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين - أع 26 : 18 -
الركن الثاني : - ولا من سهم يطير في النهار - الذي هو طيش وجنون العالم أي الاندفاع والغرور. والذي تمتع بخلاص الله العظيم بنعمة ربنا يسوع المسيح اختبر أن ذات النعمة المخلصة هي التي تعلمنا نحن المخلصين أن نعيش بالتعقل والبر والتقوى - تي 2 : 11 و12 - والصلوات الحارة في حياة المؤمن يجب أن يسبقها التعقل في الكلام والتصرف مع الناس - وإنما نهاية كل شيء قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات - 1 بط 4 : 7 - ولا توجد عبادة مشبعة لقلب الرب إن لم تقترن بالتعقل في الترنم والصلوات وخدمة الكلمة في الكنيسة - فإني أقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم أن لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي بل يرتئي إلى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الإيمان - رو 21 :3 -
الركن الثالث : ولا من وبأ يسلك في الدجى - الأمراض الروحية المفسدة لحياة الملايين المسكر والمخدرات ومرض الهياج والسخط والتسرع في الكلام - يع 1 : 19 -
الركن الرابع : الخسائر التي قد تصيبنا في العالم - هلاك يفسد في الظهيرة - لأننا نحن المخلصين نعلم - أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله - رو 8 : 28 -
خامسا - محطة شركة المحبة الأخوية - مز 133
- هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معا مثل الدهن الطيب .. مثل ندي حرمون النازل على جبل صهيون لأنه هناك أمر الرب بالبركة حياة إلى الأبد -
- أولا - المحبة الأخوية الصادقة لا يمكن اختبارها إلا بعد التمتع بالفداء بالإيمان القلبي بعمل ربنا يسوع المسيح على الصليب لأجلي أنا شخصيا وهكذا أتمتع بالتبرير الإلهي وهكذا اختبر المحبة الإلهية النابعة من القلب للرب أولا ثم للإخوة - فإذ قد تبررنا بالإيمان فلنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح الذي به قد صار الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ... لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطي لنا - رو 5 : 1 - 5 -
- ثانيا - المحبة الأخوية تحتاج إلى سهر وتطهير القلب باستمرار من أقل تكدير - طهروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الأخوية العديمة الرياء فأحبوا بعضكم بعضا من قلب طاهر بشدة - 1بط 1 : 22 -
- ثالثا - المحبة الأخوية تأتي على قمة فضائل الإيمان - ولهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد قدموا في إيمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة وفي المعرفة تعففا وفي التعفف صبرا وفي الصبر تقوي وفي التقوي مودة أخوية وفي المودة الأخوية محبة - بط 1 : 5 - 7 -
- رابعا - المحبة الأخوية تحتاج إلى التدريب وترتيب البيت على الضيافة - لتثبت المحبة الأخوية لا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لايدرون - عب 13 :1 - لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا كونوا مضيفين بعضكم بعضا بلا دمدمة - 1بط 4 : 8 و9 -
- خامسا - لاننس خطورة هذا الأمر إذ يتوقف عليه شهادتنا لاسم ربنا يسوع المسيح - وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضا بعضكم بعضا بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضا لبعض - يو 13 : 34 و35.
- سادسا - أم 1 : 33 - محطة صوت الرب
- أما المستمع لي فيسكن آمنا ويستريح من خوف الشر - لايمكن أن تحصي البركات التي نحصل عليها من هذه المحطة.
- أولا - التنقية - أنتم الآن أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به - يو 15 : 2 - أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة - أف 5 : 25 -
- ثانيا - حياة الانتصار على العدو - كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير - أف 6 : 15, 1يو 2 : 14 -
- ثالثا - الامتلاء بالروح القدس - لتسكن فيكم كلمة المسيح بغني وأنتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية بنعمة مترنمين في قلوبكم للرب - كو 3 :16 و17, أف 5 : 19 -
- رابعا - النمو في القامة الروحية - في كل كمالات المسيح - وكأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به إن كنتم قد ذقتم أن الرب صالح - 1بط 2 : 3 -
- خامسا - الامتلاء بالتعقل - فتح كلامك ينير يعقل الجهال - مز 911 : 031 - ها قد رفضوا كلمة الرب فأية حكمة لهم - إر 8 : 9 -
- سادسا - حمايتنا من الضلال في التعليم والسلوك - أليس لهذا تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله .. فأنتم إذا تضلون كثيرا - مر 12 : 24 -
- سابعا - استجابة الصلوات - إن ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ماتريدون فيكون لكم - يو 51 : 7 -
سابعا - محطة قمة الشركة مع الآب والإبن - إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلا - يو 14 : 23 -

الاخ / مراد امين

الخميس، 12 ديسمبر 2013

الابوة من منظور الهي

الابوة من منظور الهي

ما هي الأبوة، وما هو الأب الناجح؟

نحيا في مجتمعاً الذي يضع تعريفاً لكل شيء، ليس تعريفاً رسمياً مكتوباً ومنطوقاً وموقع عليه من الجميع، ولكنه تعريفاً حسبما أتفق. سوف أضع تعريف المجتمع والعالم للأب، ولكنه تعريفاً خاطئاً.

التعريف العالمي الخاطئ للأب الناجح:
{{هو ذاك الذي يقود عائلته لحياة سعيدة ويوفر لهم حياة كريمة ويعمل له أولاده ألف حساب، وتتطيعه زوجته الجميلة في كل شيء، ونتيجة تربيته لأولاده يصيرون أطباء ومهندسون ورجال أعمال ناجحون ويمتلكون سيارات وفيلات ويسافرون للتعلم في الخارج ويتزجون زوجات وأزواج من نفس عينتهم الإجتماعية}}
آه كم هي سطحية هذه النظرة… ولكنه للأسف النظرة السائدة… حتى بين المؤمنين الحقيقيين.

والآن هل هناك تعريفاً كتابياً للأب الناجح ذو العائلة السعيدة؟

يقول كاتب المزمور: “طُوبَى لِكُلِّ مَنْ يَتَّقِي الرَّبَّ، وَيَسْلُكُ فِي طُرُقِهِ. لأَنَّكَ تَأْكُلُ تَعَبَ يَدَيْكَ، طُوبَاكَ وَخَيْرٌ لَكَ. امْرَأَتُكَ مِثْلُ كَرْمَةٍ مُثْمِرَةٍ فِي جَوَانِبِ بَيْتِكَ. بَنُوكَ مِثْلُ غُرُوسِ الزَّيْتُونِ حَوْلَ مَائِدَتِكَ. هكَذَا يُبَارَكُ الرَّجُلُ الْمُتَّقِي الرَّبَّ. يُبَارِكُكَ الرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ، وَتُبْصِرُ خَيْرَ أُورُشَلِيمَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ، وَتَرَى بَنِي بَنِيكَ. سَلاَمٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ. | مزمور 128″

وهكذا يصف الحياة السعيدة بحسب فكر الله. لم يقل أنها سوف تكون غنية بالمال والوفرة والغنى والصحة. لكنه قال أن مقوماتها هي رجل يتقي الرب، إمرأة مثل الكرمة المثمرة، بنون مثل غروس الزيتون، أحفاد مثل هؤلاء الأبناء.

الأبوة الحقيقية تبدأ وتستمر في التقوى ومخافة الرب
ولكي تكون مطوباً أو سعيداً يجب أولاً أن تكون تقياً تتقي الرب وتحفظ وصاياه وتعيش سالكاً في طرقه. فإن لم تكن رجلاً قد إختبر نعمة الله وصار إبناً حقيقياً لله يعيش في ضوء حق الله ويسلك كما يحق للإنجيل، فلن تستطيع أن تساعد عائلة ما في أن تصير عائلة سعيد.
إن أعظم ما يمكن ان يعطيه الأب لأولاده ولعائلته هي أن يقودهم لمعرفة حقيقية لله. وأن يقودهم في سلوكهم اليومي معه ويرشدهم في هذا الإتجاه. وأن يعطيهم عصارة خبرة مسيرته مع الرب. ويبدو من سفر الأمثال كيف يعلم الأب ولده ما قد إختبره إذ يقول “يَا ابْنِي، لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ وَلاَ تَكْرَهْ تَوْبِيخَهُ، لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَكَأَبٍ بِابْنٍ يُسَرُّ بِهِ. | أم 3: 11-12″

الأبوة الحقيقية تكون في إنطباع صورة الآب السماوي في حياة الأب

ولكن، لو تأملنا جيداً في هذا العدد من كلمة الله، نجد أن الأب أولاً ينصح ولده بأن لا يتحقر تأديب الرب وتوبيخه، ويؤكد أنه إختبر أن هذا أمر يفعله الله مع من يحبه. ولكنه يعود ويؤكد أن الذي يحبه الرب يسر به كأبٍ بإبنه. وكأن به يقول {{يا ولدي ألا ترى كم أحبك وأسر بك، فكما أحبك وأسر بك هكذا يسر الرب بأولاده، وكما أؤدبك هكذا يؤدب الرب أولاده}}. آه، يا لها من مسئولية عظيمة مهيبة.

إن الأب هنا يحب أولاده. ويسر بأولاده. ولذا إستطاع أن يضرب لهم مثلاً ممثلاً علاقة الإنسان بالله كعلاقة الأب مع ولده. فهل يا قارئي العزيز يستطيع أولادك أن يقولوا أنك تحبهم وتسر بهم. هل تشاركهم ألعابهم مسروراً؟ هل تشاركهم إهتماماتهم؟ هل تضحك معهم وتداعبهم؟ هل تحتضنهم وتدغدغ مشاعرهم بلمساتك الرقيقية؟ هل تحرص على ما يسرهم؟ هل تعلم ما يسرهم في الأساس وتعمله لهم؟

هل تبدي لهم المحبة؟ يقولون أن كلمة محبة بالنسبة للأطفال هجائها كالتالي:
{{و ق ت}}
فالولد أو البنت سوف يدركون أنك تحبهم لما تعطيهم الوقت. ليس الوقت الذي أنت مضطر لأن تقدمه لهم في أن تذهب معهم للطبيب مثلاً وقت مرضهم، وإن كان هذا أمر هام، ولكن الوقت الذي يستمتعون به. أن تلعب معهم الكرة. أن تتأمل رسوماتهم التي لا معنى لها عندك. أن تستمع لحكاياتهم مع أصدقائهم. أن تكون صديقاً لهم.
وإن فعلت هذه يمكنك بكل ثقة أن تؤدبهم وهم واثقون في أنك تحبهم. لهذا قال الكتاب “أَنْتُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ | أف6: “4 إن التأديب من شخص محب متفهم يعطي إحساساً بالأمان والثقة. أما التأديب من شخص قاس لا يظهر سوى وقت العقاب ولا يبدي لهم سوى وجهاً متجهماً لم يروا غيره قط فهو أمر ينتج أشخاصاً مرضى ويجعل من الأب حاكماً بأمر الله يجب تجنبه والإلتفاف حوله. وهو أمر يعطي فقداناً للأمان والثقة وكراهية للمنزل وللعائلة وتوجه للتهرب من التواجد مع العائلة.


الأبوة الحقة تكون في المسير في الإيمان:
ويقول الكتاب عن الرجل الخائف الرب “فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ ثِقَةٌ شَدِيدَةٌ، وَيَكُونُ لِبَنِيهِ مَلْجَأٌ. | أم14: 26″ فالرجل المتعلم مخافة الرب يكون لديه ثقة شديدة وإيمان قوي، ولذا فهذا الرجل يحمي عائلته فيجدون في مثاله الصالح بالثقة في الرب الناتجة من مخافة الرب ملجأ لهم. يتعلمون على يديه أن يثقوا في الرب ثقة شديدة بمخافة الرب.
تأتي الرياح وتعصف بسفينة العائلة. يأتي المرض والضيق والفقر والتهديدات، وتجد العائلة أباً لا يطرح ثقته في الله (عب10: 35). يجدون رجلاً من رجال الله في وسطهم. يأتي العدو يطرح حلولاً للتخلص من الضيق، يقول {{قدم رشوة… أكذب كذبة بيضاء… إنتقم لنفسك…}}. ولكن رجلنا لا يلين ويأبى أن يقدم تنازلات للعدو لكيما يتخلص من المخاوف والضيقات. كم تستريح زوجة وأولاد وبنات في تقي مثل هذا. كم يكون بإيمانه وبثقته ومخافته للرب ملجأ لهم. سيتذكر هؤلاء الأولاد طوال الحياة في مواقف الضيق التي ستلم بهم صورة أبيهم وهو ممسكاً بالثقة ومتمسك بالرب ورافض لكل الحلول التي يقدمها العدو لكي يتخلص من الضيق ويهين الرب.

الأب الكتابي لابد أن يكون مثالاً سلوكياً لأولاده.

ويقول الكتاب “اَلصِّدِّيقُ يَسْلُكُ بِكَمَالِهِ. طُوبَى لِبَنِيهِ بَعْدَهُ. | أم20: 7″ أن الرجل الصديق السالك بالكمال فإن بنيه يكونون سعداء. فإن الرجل الذي يسلك بالكمال في مخافة الرب يعطي مثالاً لأولاده فعندما يقول لهم لا تفعلوا هذا وتلك وإفعلوا هذا وذاك فهم يعلمون أن هذه الآوامر والنواهي ليست حسب هوى الأب، ولكن هي لأنه يعطي حساباً لسلطة أعلى هي الرب. فيجب على الأب أن يذكر بنيه دائماً أن ما يعلمه إياهم هو وصايا الرب.
البعض يقع في مشكلة أن يستغل وصايا الرب في أن يجعل أولاده يطيعون ما يريده هو لا الرب. ويتحدث بإسم الرب دائماً مطالباً الأولاد بطاعة الرب في وصايا محددة ولكنه يريد في الاساس أن يستفيد هو شخصياً من طاعتهم وأن يتخلص من إزعاجهم وأن يتشرف بسلوكهم الجيد أمام الناس. وأما الرب فلا يخطر له على بال. كان الأجدر به أن يسعى لأن يكون سلوك أولاده مرضياً أمام الرب أولاً وقبل كل شيء.

يشعر الأولاد بهذا الأمر ويفهمونه جيداً. فعندما يرون الأب لا يطيع الله في سلوكياته الخاصة. يرونه يكذب، يسيئ لأمهم، يستغل من حوله، يهتم بإحتياجاته الشخصية أولاً وبعد ذلك عائلته، ويلمسون فيه الأنانية، ويجدونه في نفس الوقت يطالبهم بإسم الرب وطاعته أن يقولوا الصدق، ويحسنوا التعامل مع والدتهم، وأن يساعدوا بعضهم البعض، وأن لا يكونوا أنانيين. هذه الإزدواجية تسيئ للأولاد وتسيئ للرب وتسقط صورة الأب في عين الأولاد، وتقضي على سلطان الأب في المنزل إذ تنهار صورته أمامهم. ويستغل العدو هذا الأمر لكي يقنع الأولاد أن كل الذين ينادون بإسم الرب، مثل أبيهم، مزيفون.

الأبوة الحقة عمل شاق ومضني

وكما رأينا في المزمور في أول حديثنا حيث يحدث الروح القدس الأب ويقول له “بَنُوكَ مِثْلُ غُرُوسِ الزَّيْتُونِ حَوْلَ مَائِدَتِكَ”. فالبنين مثل النباتات المغروسة. وكم يحتاج النبات من عناية ورعاية. يحتاج من يسهر عليه ويحميه من الضرر ومن يسقيه ومن يضع السماد عند جذوره، ومن يهذبه ويقطع منه كل فرع مريض.
إن السهر على الأولاد روحياً بالصلاة وبالتعليم هو أحد أهم بل وأكثر أدوار الأب حيوية وخطورة. ألم يقل الرسول أن الخادم هو “الْغَارِسُ وَالسَّاقِي… (وأن) كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ. | 1كو3: 8″ فالغروس الموجودة في بيتك يا أخي تتطلب منك أن تكون خادماً. تخدمها بالصلاة والتعليم. لقد إختفى دور الأب المعلم في المنزل. صارت العائلة تتخلص من الأولاد وتلقي بمسئولية تعليمهم الإيمان للكنيسة ومدارس الأحد. لم يكن الأمر هكذا. كم من الوقت يقابل مدرس مدارس الأحد طفلك. ساعتين أو أربعة أسبوعياً. وكم ساعة تقابله أنت؟؟ أكثر بكثير. وأما مدرس مدارس الأحد، الذي يقوم بواجبه وليباركه الرب، يكون في معظم الأحيان شاباً صغيراً لم تعتركه معارك الحياة مثلك. فالأولاد يحتاجون بالأولى لأب لا لشاب صغير في مقتبل الحياة لكي يعلمهم. يحتاجون لأب لديه السلطة أن يؤدبهم ويقومهم. ولكن مدرس مدارس الأحد مؤهل فقط لكي يكون صديقاً لهم. لهذا قال الرسول للآباء وليس للكنيسة “رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ | أف 6: 4″

إن كنت قد صرت مثالاً جيداً لهم، يمكنك الآن أن تكون معلماً لهم، تسقيهم مفردات الإيمان من الصغر. إنه عمل شاق ومضني ويحتاج منك للصلاة والسهر والتعب. ولكن لا تخف فكلمة الله تقول أن مجهوداتك سوف تلقى القبول والتقدير من الله. فيقول كاتب المزمور “الَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِالدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِالابْتِهَاجِ. الذَّاهِبُ ذَهَابًا بِالْبُكَاءِ حَامِلاً مِبْذَرَ الزَّرْعِ، مَجِيئًا يَجِيءُ بِالتَّرَنُّمِ حَامِلاً حُزَمَهُ. | مز126: 5-6″.

فربما تتعب مع الأولاد كثيراً ولا تجد ثمراً في حينه، وتتعب أياماً وأياماً وهم لا يتعلمون، وتسهر عليهم وتحبهم وتوبخهم وتقومهم وتسر بهم، وتعلمهم مرة تلو الأخرى، وتجدهم لا يتعلمون. تقف أمام الله باكياً وحائراً ثم تذهب وتقوم بواجبك مرة أخرى أمام الرب وتعلم وتحب وتسهر وتسر وتوبخ وتقوم، وهكذاً، وأنت لا ترى ثمراً مباشراً. لكن ثق… سوف يأتي وقت الحصاد يوم أن يثمر تعبك فيهم وأن ترى سلالك مملوءة من ثمر بر أولادك.

خاتمة
نرى مما سبق أنه لكي تكون أباً صالحاً ولكي تنجح في مهمتك ينبغي عليك أن تكون إبناً جيداً. نعم، إبناً جيداً لله. دون أن تكون رجلاً صديقاً تقياً تخاف الله وتعمل وصاياه، دون أن تكون إبناً حقيقياً لله، إختبر عنايته ورعايته وحمايته وتأديبه وسروره بأولاده، لن يمكن أن تكون الأب الذي في فكر الله. قد تكون أباً جيداً في مفاهيم البشر، ولكن في مفهوم الله ستكون فاشلاً


الاخ / هاني رفعت