الخميس، 28 فبراير 2019

الحالة المتردية التي صرنا عليها


الخطاب الثانى
5
وَدَعَوْا اسْمَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بُوكِيمَ (وَمَعْنَاهُ: الْبَاكُونَ) وَقَدَّمُوا هُنَاكَ ذَبَائِحَ لِلرَّبِّ ( قض٢: ٥ (
منذ عدة سنوات عديدة مضت سُمـع صوت بكاء فى بوكيم ، ومن وقتها إنقطع صوت البكاء فالعبيد المحبوبين والأمناء ذهبوا ليرتاحوا عند سيدهم.
ولكن الآن صار هناك عدة أصوات للصراخ ، إنه صراخ الروح القدس فهو يدعونا إلى بوكيم ، فالحزن هو الذي يجمعنا هناك ، لكنه المكان الذى يستطيع الرب أن يجتمع بنا فيه حيث يثقل الحزن قلوب الكثيرين ، فإن افتقدنا بوكيم فسوف نفتقد الرب أيضا ، ذلك لأنه المكان المعين للإجتماع .
هيا أيها الأخوة لنأتى إلى بوكيم
لقد صار الإنحراف فى هذه الأيام أكثر وضوحا حولنا وفى وسطنا ، لقد سمحنا بالإنزلاق رويدا رويدا عن ما تسلمناه من الرب وأزداد كثيرا الان ، لقد فشلنا وبكل حزن فى التدريب العملى والممارسة حتى فى الأمور المتيقنة بين المؤمنين ، إن الإجتهاد فى حفظ وحدانية الروح صار أكثر ضعفا ورباط السلام أصبح أقرب للنسيان ، وروح الإنقسام صارت أعلى وتيرة والحالة الروحية صارت أكثر إنحدارا ، ولم تعد حالتنا ينطبق عليها القول " بل كونوا كاملين فى فكر واحد ورأى واحد " ١كو ١: ١٠، وصرنا نبذل كل الجهد لكى نظل مرتبطين ببعضنا البعض ، ونسينا النعمة وقوة الروح القدس الماكث بيننا ، وصارت حالتنا أقل خضوعا للمسيح عندما نجمع إلى اسمه ، وخدماتنا على مايرام لكنها ليس عمل الإيمان ، والمحبة الأخوية والإتكال أصبحت أضعف ، وأحشاء المسيح صارت متضيقة فينا وبيننا ، ولنا المسيح لكنه ليس أمامنا فى سلوكنا اليومي ، وضعف تكريسنا له وازدادت حالتنا العالمية .
وضلالتنا المحزنة صارت فى طرق متعددة من طرق الشيطان ولم يعد لنا القوة لمواجهتها .
والذى يدعو للأسي والعار أن المتقدمين بيننا بذلوا المساعى بأمانة لعلاج بعض هذة الشرور لكنهم وياللحزن فشلوا ، بل خاطروا بتشويه الشهادة التى إستودعها الرب بين أيدينا .
إنه ليس أوان الجلجال بل الله يأتى بنا إلى بوكيم ، بالتأكيد الرب يدعونا إلى هناك ، إنه يدعو ليس الشيوخ فقط ولا الأحداث فقط إنه يدعو الجميع ، وَمِمَّا لا شك فيه عندما تمس الضمائر فعلى المتقدمين أن يذهبوا أولا "مبتدأٓ من الشيوخ إلى الآخرين" ، ليس البعض بل الرب يدعو الكل ألا نذهب إلى بوكيم ، لكننا نسمع البعض يقول " إنه ليس وقت التذلل والصلاة بل هو وقت العمل " ، آه أليس أول عمل لروح الله هو أن يأتى بركبنا ونعترف بما صرنا عليه من فشل ونحزن على انحرافنا العام الذى أتى بنا إلى هذا الوضع ؟ وإذا لم نأتى إلى بوكيم فلن نستطيع أن نبرر الله ضد أنفسنا .
وفى يشوع ( ٧: ٦- ١٣ ) والذى يجب أن يكون لهذا الجزء التمييز والتقدير الروحى أمام حالتنا ، هل نحن حقا فى الجلجال أم إن بوكيم هو مكاننا ، وهل نضم أنفسنا مع هؤلاء الذين دحرج الله عنهم عار مصر ، ويقودنا فى الإنتصار ضد قوى العدو ؟ وهل أُخذنا وانخدعنا بخطية معينة - وهذا شئ رهيب - ونحتاج قوة لمواجهتها ؟ حاشا إلا أننا نرى يشوع والشيوخ حقا منكفئ على وجهه مبررا حقوق الله ضد نفسه ؟
ولنقرأ بدقة لقد ظل هناك على وجهه أمام الرب وهناك إستطاع أن يتلقى التوجيه والقوة ليعمل ، آه ليت الله يجعلنا نصل إلى تلك النقطة .
هل نحن على كل المستويات لنا التوجيه من الله لنعرف كيف نتصرف ، أم كل واحد له حكمه الخاص أو بالحرى لنا أحكاما مختلفة ، كلا إننا لابد أن يكون لنا الفكر الواحد من الروح الواحد الماكث بيننا ، وبدون ذلك لن تستطيع الكنيسة أن تفعل شئ ، بل سيتغلغل بينها طابع الطائفية وليس طابع الكنيسة ، وإن لم نتصرف هكذا فعلينا أن نذهب إلى بوكيم كأفراد وكجماعة
إننا لم يعد لنا القوة الروحية تحت أى مقياس لنصرخ فى بوكيم ، هل نشعر بالضعف لننحنى هناك لأجل أنفسنا لذاك الذى قوته فى الضعف تُكمل ؟
لنحفظ أنفسنا من الإدعاء الكاذب صارخين هيا هيا نعمل ، وهل صرخنا حقيقة ليحفظنا الرب كاملين فى فكر واحد ورأى واحد ، وهل لنا الشعور بحالتنا لنأخذ مكاننا كباكين أمام الرب ؟ وهل نأتى بوجوهنا فى التراب فى محضره ؟ وهل نأتى إليه بكل أمانة وغيرة ووحدة صارخين وباكين ( عز ٩ : ٤ ) ، ومعترفا بخطيتى وخطية شعبى ( دا ٩: ٢٠ ) ، إنه المكان الذى يتقابل فيه الله مع شعبه فى هذه الأيام المظلمة ، إنه المكان الذى يوجد فيه روح المسيح وحيث يباركنا الله ، إن الشهادة التى أقامها الله لابد أن تبقى إلى أن يجئ ، لكن أول خطوة فى إيقاظها وإتعاشها لابد أن تكون مختلطة بدموع بوكيم .
لكن هل لابد من الحكم على الشر ؟ بلا شك لكن فى طريق نعمة الله وقوته ، لكن أن نفعل هذا دون إتضاع فإن هذا يثير غيرة الرب ، إن الإدعاء بالقوة التى ليست لنا فإننا بذلك نعيد تاريخ حُرمة ، لكن لابد أن يكون لنا المزيد من الإتضاع .
أيها الأخوة ليس لنا مكان إلا بوكيم ، إن لنا كل الحزن بسبب الفشل لكن لابد أن نكون باكين أمام الرب " أما نحن فلنا العار وخزى الوجوه ، هل لنا الأمانة ؟ هل نسير أمام الله ونتطلع إليه كأطفال مفطومين عن أمهاتهم ، فإن لم يكن لنا هذا الحزن أمام الرب فلن يكون لنا إلا الاهانة أمامه .
لكن هناك غفران لهؤلاء الذين يخافونه " إلى هذا أنظر إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامى "
أيها الأحباء لقد عين لن الرب مكانا ليلتقى بنا ألا وهو بوكيم فلا يغيب أحد منا ولا نخسر الرب 

Tomas Neatby
May 1879

منذ أن كتب هذا الخطاب إزداد ضعفنا وصار أكثر إستعلانا ، والعالمية تغلغلت بيننا بوضوح ، والشعور بالغنى والتساهل أزاح من أمامنا التدريبات والإختبارات أمام الرب ، وصرنا فى عدم توافق مع مجد الله وأخذنا مكان لاودكية ، ليساعدنا الرب فى هذه الأيام أن نتفاعل مع الأحزان الإلهية ونتوب

كلمة للمعرب
قصد الرب فى نعمته ومحبته أن يضع لنا هذان الخطابان ، وهو قد قارب مجيئه لإختطافنا لعلنا ننتبه إلى حالتنا وننكسر أمامه بحزن حقيقى وتوبة بعمل إلهى ، حتى ننفض الشرور التى لحقت بنا وندينها ونرجع للرب فهو ينتظر ليترأف علينا ويعيد لمعان الشهادة قبل أن ينطفئ سراج الله ، وإن لم يحدث هذا فما زالت تتردد فى قلبى تلك الكلمات التى قالها أشعياء " لماذا أضللتنا يارب عن طرقك ، قسيت قلوبنا عن مخافتك إرجع من إجل عبيدك أسباط ميراثك " ( اش٦٣: ١٧ )
أعلى النموذج