الأحد، 13 مارس 2011

ما هي مسئولية المؤمنين

منذ زمان عرفت من شهاداتك أنك إلى الدهر أسستها


ما هي‮ ‬مسئوليتي‮ ‬يا تري‮ ‬؟ هل في‮ ‬بذل كل الجهد لأجل الحصول علي‮ ‬الحياة الأبدية عن طريق أعمالي‮ ‬؟ إنني‮ ‬بالفعل لي‮ ‬الحياة الأبدية‮ ‬،‮ ‬هل مسئوليتي‮ ‬هي‮ ‬أن أعمل البر ؟ إنني‮ ‬بر الله في‮ ‬المسيح‮ ‬،‮ ‬لأنه هو بري‮ ‬،‮ ‬بل هل مسئوليتي‮ ‬بأن أفوز برضا الله ؟ إنه قد أحبني‮ ‬وبذل ابنه لأجلي‮ ‬،‮ ‬وإنني‮ ‬مقبول في‮ ‬المحبوب‮ ‬،‮ ‬بل هل مسئوليتي‮ ‬أن أفوز بمركز قدام‮  ‬الله ؟ إن كان هو قد جعلني‮ ‬ابنه‮ ‬،‮ ‬لأنه مكتوب‮ "الآن نحن أولاد الله‮" (‬1يو‮ ‬3‮ : ‬2‮ ) ‬فالسؤال ماذا لي‮ ‬أن أطلب بعد ذلك أو ماذا‮ ‬ينقصني‮ ‬،‮ ‬إن كان مكتوب أيضاً‮ "لأنه كما هو في‮ ‬هذا العالم هكذا نحن أيضاً‮" (‬1يو‮ ‬4‮ : ‬17‮) ‬،‮ ‬إن نفسي‮ ‬تجد السلام هنا‮ ‬،‮ ‬فياله من أمر ثمين‮ ! ‬،‮ ‬إنه السلام مع إلهنا وأبونا‮ ‬،‮ ‬العلاقة الحبية معه‮ ‬،‮ ‬فالمسيح‮  ‬قد ذهب إلي‮ ‬أبيه وأبي‮ ‬أيضاَ‮ ‬،‮ ‬إلهه وإلهي‮ ‬أيضاً ،‮ ‬ويا له من امتياز‮ ‬،‮ ‬بل‮ ‬يا له من مكان للسلام والمحبة بحسب طبيعة الله نفسه‮ ‬،‮ ‬وإعلانه بواسطة ابنه الذي‮ ‬وضعني‮ ‬فيه‮ .‬
ومن هنا أدخل الي‮ ‬نوع المسئولية‮ ‬،‮ ‬فبالنسبه لحالة اليأس والخطية التي‮ ‬أنا فيها‮ ‬،‮ ‬فمسئوليتي‮ ‬هي‮ ‬مسئولية قد حصلت عليها بالسقوط‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬مسئولية بحسب حالتي‮ ‬الهالكة‮ ‬،‮ ‬وهذه نتيجة لخرابي‮ ‬ودينونتي‮ ‬،‮ ‬وأما مسئوليتي‮ ‬الآن فهي‮ ‬نابعة من من المركز الذي‮ ‬لي‮ ‬،‮ ‬إنها مسئولية تأتي‮ ‬في‮ ‬حالة من السلام‮ ‬،‮ ‬مسئولية مثل كل المسئوليات الخاصة بنا بحسب الله لأجل السلوك وفقاً‮ ‬للمركز الجديد الذي‮ ‬أتمتع به الآن بالفعل‮ ‬،‮ ‬كما هو مكتوب‮ "من قال انه ثابت فيه‮ ‬ينبغي‮ ‬أنه كما سلك ذاك هكذا‮ ‬يسلك هو أيضاً‮" (‬1يو‮ ‬2‮ : ‬6‮) ‬أي‮ ‬ابناً‮ ‬لله‮ ‬،‮ ‬وهي‮ ‬حالة للأبد‮ ‬،‮ ‬ينبغي‮ ‬أن أسلك كابن لله‮ "كأولاد أحباء‮" ‬فمسئوليتي‮ ‬هي‮ ‬مسئولية إنسان مسيحي‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬نابعة من كوني‮ ‬مسيحي‮ ‬وليس لكي‮ ‬أكون مسيحياً‮ ‬،‮ ‬فالواقع إنني‮ ‬ابناً‮ ‬للأبد‮ ‬،‮ ‬ولماذا‮ ‬يجب أن أسلك كمسيحي‮ ‬لأن لي‮ ‬طبيعة فاسدة‮ ‬،‮ ‬
وكلمات الرسول في‮ ‬رومية‮ (٦) ‬ليس أنني‮ ‬لا‮ ‬يجب أن أفعل خطية‮ ‬،‮ ‬ولكن لا‮ ‬يمكنني‮ ‬ذلك‮ ‬،‮ ‬فلو كنت ميتاً‮ ‬كيف أحيا لما قد مت عنه‮ "نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها‮" (‬رو‮ ‬6‮ : ‬2‮)‬
فمسئوليتي‮ ‬إذاً‮ ‬ليست عليَّ‮ ‬كإنسان في‮ ‬آدم الأول‮ ‬،‮ ‬بل كمسيحي‮ ‬في‮ ‬آدم الأخير‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬الأول أجدني‮ ‬هالك تماماً‮ ‬،‮ ‬وعبثاً‮ ‬أتحدث عن مسئوليتي‮ ‬،‮ ‬ولكن بالنسبة للثاني‮ ‬فإني‮ ‬قد خلصت الآن وانا ابناً‮ ‬لله في‮ ‬العائلة الإلهية‮ ‬،‮ ‬فإنني‮ ‬أصبحت مسئولاً‮ ‬أن أسلك هكذا‮ ‬،‮ ‬فالأمر‮ ‬غير مرتبط بإمكانية فقدان مركزي‮ ‬أو الحصول علي‮ ‬مركز جديد‮ ‬،‮ ‬لأن المسئولية نابعة من مركزي‮ ‬الجديد‮ ‬،‮ ‬فيجب أن أسلك كابن لله منذ أن حصلت علي‮ ‬هذا المركز الجديد‮ ‬،‮ ‬إنها مسئولية السلام والفرح‮ ‬،‮ ‬وما‮ ‬يسميه‮ ‬يعقوب في‮ ‬رسالته‮ "ناموس الحرية الكامل‮" ( ‬يع‮ ‬1‮ : ‬25‮) ‬لأن طبيعتي‮ ‬الجديدة تجد سرورها فيما‮ ‬يرغبه الله ويأمر به‮ ‬،‮ ‬وتتلذذ بإطاعته‮ ‬،‮ ‬بل وتجد لذة حقيقية في‮ ‬شخصه‮ ‬،‮ ‬ولذا فإن الطبيعة التي‮ ‬قبلتها منه أي‮ ‬الطبيعة الإلهية تجد في‮ ‬اطاعته واطاعة أوامره التعبير عن نفسها‮ ‬،‮ ‬وأيضاً‮ ‬هناك سلطان لتلك الوصايا في‮ ‬ذاتها‮ ‬،‮ ‬إذاً‮ ‬فالوصايا هي‮ ‬التعبير الأدبي‮ ‬عن تلك الطبيعة التي‮ ‬لي‮ ‬وتجد مسرتها فيها أي‮ ‬في‮ ‬تلك الوصايا بل وتجد راحتها في‮ ‬النور والإرشاد الكاملين‮ ‬،‮ ‬وهنا نجد الاختلاف الشاسع بين وصايا الناموس ووصايا المسيح‮ ‬،‮ ‬فالناموس‮ ‬يقول‮ "افعل هذه فتحيا‮"‬،ووصايا المسيح‮  ‬هي‮ ‬التعبير عن تلك الحياة التي‮ ‬له‮ ‬،‮ ‬والمرشد لذلك هي‮ ‬الطبيعة التي‮ ‬أخذتها منه‮ ‬،‮ ‬فالحياة كانت نور الناس‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬التعبير الكامل عن طبيعة الله ومشيئته في‮ ‬الإنسان والتي‮ ‬هي‮ ‬كلماته ووصاياه‮ ‬،‮ ‬والآن‮ ‬يمكننا أن نقول‮ » ‬ما هو حق فيه وفيكم‮" (‬1يو‮ ‬2‮ : ‬8‮) ‬لأنه هو حياتنا بقوة الروح القدس‮ ‬،‮ ‬والمسيح كان هو التعبير الحقيقي‮ ‬عن الحياة الإلهية في‮ ‬إنسان‮ ‬،‮ ‬وتلك هي‮ ‬الحياة الأبدية التي‮ ‬كانت عند الآب وأظهرت لنا‮ ‬،‮ ‬ومن هنا كانت الحياة هي‮ ‬نور الناس‮ ‬،‮ ‬انها كانت في‮ ‬المكان وفي‮ ‬حالة البشر وفي‮ ‬الطاعة والاتكال‮ ‬،‮ ‬وهذا قد ظهر في‮ ‬وقت التجربة‮ ‬،‮ ‬وتلك الحياة هي‮ ‬حياتنا منذ أن تمجد المسيح في‮ ‬الأعالي‮ ‬عندما قدم للآب بر كامل‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬ذلك أنا لي‮ ‬سلام كامل ورضا كامل‮ ‬،‮ ‬ولذا فالآن الشئ الذي‮ ‬أسعي‮ ‬لعمله فقط هو أن أمجده‮ ‬،‮ "لكي‮ ‬تظهر حياة‮ ‬يسوع ايضاً‮ ‬في‮ ‬جسدنا‮" (‬2كو‮ ‬4‮ : ‬10‮) ‬،‮ ‬ولذا‮ ‬يمكنني‮ ‬أن أقول‮ "إنني‮ ‬ثابت فيه‮" ‬حال كونه أمام الآب‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬كماله قدامه‮ - ‬انه مكان الفرح والسلام والشهادة عن المحبة الأبدية‮ ‬،‮ ‬ولذا فيجب أن أسلك كما سلك هو‮ ‬،‮ ‬إذاً فمسئولية المؤمن هي‮ ‬مسئولية شخص مسيحي‮ ‬،‮ ‬فنسلك لأننا في‮ ‬المسيح وكما سلك هو‮ ‬،‮ ‬لأن المسيح أيضاً‮ ‬يسكن فينا‮ .‬
فمكاننا الآن أمام الله هو المسيح‮ ‬،‮ ‬ونصيبنا أن نظهر المسيح قدام الناس‮ ‬،‮ ‬هذا بالرغم أن الجسد لازال فينا‮ ‬،‮ ‬والعالم من حولنا‮ ‬،‮ ‬ولذا فنحن في‮ ‬حاجة الي‮ ‬الصليب اليومي‮ ‬،‮ "حاملين في‮ ‬الجسد كل حين اماتة الرب‮ ‬يسوع لكي‮ ‬تظهر حياة‮ ‬يسوع أيضاً‮ ‬في‮ ‬جسدنا‮ " (‬2كو‮ ‬4‮ : ‬10‮) ‬إذاً‮ ‬فمسئوليتنا ليست هي‮ ‬البلوغ‮ ‬للحياة‮ ‬،‮ ‬ولكن بالأحري‮ ‬اظهارها‮ ‬،‮ ‬بالرغم من المعوقات الكثيرة المحيطة بنا‮ ‬،‮ ‬وبالرغم من أننا في‮ ‬وسط العالم‮ ‬،‮ ‬وهناك شيئان‮ ‬يجب ملاحظتهما هنا‮ ‬،‮ ‬أولاً‮ ‬إظهار الحياة الإلهية من خلال الروح القدس الذي‮ ‬اتحدنا بالمسيح‮ ‬،‮ ‬وأثناء الدخول في‮ ‬التجربة ونظراً‮ ‬لوجود الطبيعة العتيقة فينا‮ ‬،‮ ‬لأن الجسد فينا‮ ‬،‮ ‬وعن طريق الجسد‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون كل شئ في‮ ‬العالم بمثابة تجربة لنا‮ ‬،‮ ‬ومن خلال الشركة مع الآب وابنه‮ ‬يسوع المسيح فإن إظهار الحياة الإلهية‮ ‬يمكن فقط أن‮ ‬يتم طالما‮ ‬يكبح جماح هذا الجسد عملياً‮ ‬،‮ ‬ونحن لنا القوة أن نفعل ذلك بالموت‮ "حاملين في‮ ‬الجسد كل حين اماتة الرب‮ ‬يسوع لكي‮ ‬تظهر حياة‮ ‬يسوع أيضاً‮ ‬في‮ ‬جسدنا‮" (‬2كو‮ ‬4‮ : ‬10‮) .‬
وهنا نجد التدريب اليومي‮ ‬لتلك الحياة التي‮ ‬حصلنا عليها‮ ‬،‮ ‬والتي‮ ‬نري‮ ‬فيها أنفسنا من الوجهة العملية‮ ‬،‮ ‬ونري‮ ‬أيضاً‮ ‬محبة الله وأمانته ونعمته خلال اختبارنا اليومي‮ ‬،‮ ‬ونشعر بها ونتدرب علي‮ ‬الإحساس بالخير والشر‮ ‬،‮ ‬ونري‮ ‬المفارقة العظمي‮ ‬بين الله والجسد الذي‮ ‬فينا‮ ‬،‮ ‬والتفرغ‮ ‬من الذات‮ ‬،‮ ‬وكيف عن طريق التدريب المرير‮ ‬يصبح المسيح لنا الكل في‮ ‬الكل‮ ‬،‮ ‬لأن النفس تشبع به‮ ‬،‮  ‬وبالإتضاع والعين البسيطة نميز ما هو من الجسد ونتجنبه‮ .‬
وأمران‮ ‬يعملهما الله لكي‮ ‬يحملنا كمفديين خلال البرية‮ ‬،‮ ‬وهما كلمة الله‮ ‬،‮ ‬وكهنوت المسيح‮ ‬،‮ ‬ونجدهما في‮ (‬عب‮ ‬4‮ : ‬12-16‮) ‬،‮ ‬وكلمة الله هي‮ ‬السلاح الذي‮ ‬يُفرِّق بين ما هو من الروح وما هو من الإرادة الجسدية‮ ‬،‮ ‬أو من الطبيعة والذي‮ ‬هو بمثابة فخ لنا‮ ‬،‮ ‬فنحتاج الي‮ ‬تطبيق كلمة الله‮ ‬،‮ ‬وقوة الروح القدس لأجل التمييز‮ ‬،‮ ‬لأن الجسد والروح متضادان‮ ‬،‮ ‬ولأن الله ليس في‮ ‬الجسد‮ ‬،‮ ‬ولكن نري‮ ‬الارادة البشرية بالحري‮ ‬فيه‮ ‬،‮ ‬ولكن الله في‮ ‬الروح القدس‮ ‬،‮ ‬وكلمة الله هي‮ ‬أمضي‮ ‬من كل سيف ذي‮ ‬حدين‮ ‬،‮ ‬إنها سيف الروح الحقيقي‮ ‬،‮ ‬اي‮ ‬الحق‮ ‬يُستحضَر إلينا بالكلمة الحية‮ ‬،‮ ‬والرب‮ ‬يسوع قد قدس ذاته لأجلنا‮ ‬،‮ ‬إنها الوسيلة الفعالة التي‮ ‬يستخدمها الله عند سقوطنا في‮ ‬البرية‮ ‬،‮ ‬ولأجل الضعف والفشل الذي‮ ‬ينتابنا في‮ ‬طريقنا‮ ‬يأتي‮ ‬الكهنوت الذي‮ ‬قبل كل شئ‮ ‬يضعنا في‮ ‬حالة الاتكال الكامل علي‮ ‬الله فيتنقي‮ ‬القلب تماماً‮ ‬من الناحية العملية بفضل ذلك الكهنوت‮ ‬،‮ ‬فهو ليس تدريب لأجل الحصول علي‮ ‬البر ولا اقترابنا الي‮ ‬الله‮ ‬،‮ ‬بل هو مؤسس علي‮ ‬البر الكامل والكفارة التي‮ ‬صنعت لأجل خطايانا وهذا لأجل حفظ الشركة وردها ثانية للمؤمن اثناء سلوكه وضعفه والنور الكامل الذي‮ ‬استحضر اليه بواسطة البر والكفارة‮ ‬،‮ ‬وشفاعة المسيح لا تبدأ بعد توبة المؤمن لأن هذا معناه عدم‮  ‬الثقة في‮ ‬محبة الآب الذي‮ ‬استحضرنا إليه كأولاد‮ ‬،‮ ‬ولكن شفاعته تتم حتي‮ ‬يمكننا أن نتوب ولأجل رد نفوسنا بالنعمة الي‮ ‬الشركة وحفظها‮ ‬،‮ ‬فالشفاعة لأجل المؤمنين وكلمة الله لأجل الضعف والفشل وكذا أيضاً‮ ‬كهنوت المسيح‮ .‬
والنقطة الأخري‮ ‬التي‮ ‬أريد التلميح إليها لأجل تشجيعنا في‮ ‬طريقنا‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬الوعود والمكافآت التي‮ ‬يمارسها الآب في‮ ‬سياسته الأمينة معنا‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يؤدبنا عندما تستدعي‮ ‬الحالة ذلك‮ ‬،‮ ‬فالله في‮ ‬كامل سلطانه المطلق‮ ‬يعلن صلاحه للقلب ويعرف متي‮ ‬يمنحه‮ ‬،‮ ‬ولكنه أعلن مبادئ سياسته‮ "الذي‮ ‬يحبني‮ ‬يحبه أبي‮ ‬وأنا أحبه وأظهر له ذاتي‮" (‬يو‮ ‬14‮ : ‬21‮) ‬،‮ ‬وأيضاً‮ "إن أحبني‮ ‬أحد‮ ‬يحفظ كلامي‮ ‬ويحبه أبي‮ ‬وإليه نأتي‮ ‬وعنده نصنع منزلاً‮" (‬يو‮ ‬14‮ : ‬23‮) ‬فمن الواضح هنا ان الله لا‮ ‬يمكن أن تكون له شركة مع فكر شرير واحد‮ ‬،‮ ‬والمسيح لم‮ ‬يقل تلك الكلمات عن الخلاص‮ ‬،‮ ‬إذا أحبني‮ ‬أحد فالله سيحبه‮ ‬،‮ "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً‮" ‬فسمة محبة الله أنه هو احبنا عندما كنا خطاة‮ ‬،‮ ‬ولكن علي‮ ‬الرغم من أن الله‮ ‬يفتقدنا ويرد شركتنا بالنعمة‮ ‬،‮ ‬إلا أن الشركة معه هي‮ ‬في‮ ‬منتهي‮  ‬القداسة ويجب أن تكون لنا الطاعة الحقيقية للرب أيضاً‮ ‬ونحن نتكل علي‮ ‬الله بالنعمة لأجل هذين الأمرين أي‮ ‬القداسة والطاعة‮ .‬
ونأتي‮ ‬أيضاً‮ ‬الي‮ ‬كلمة عن المكافآت‮ ‬،‮ ‬ففيما‮ ‬يختص بالبر والخلاص فهذه امتيازات كاملة في‮ ‬المسيح‮ ‬،‮ ‬فهي‮ ‬مكافأة لعمله هو علي‮ ‬الصليب وتعبه‮ ‬،‮ ‬أما إذا كانت مكافأة الرب ليَّ‮ ‬في‮ ‬نهاية الطريق هي‮ ‬الدافع لأجل العمل والخدمة فهذا مبدأ فاشل تماماً ،‮ ‬وإنما المحبة والطاعة هي‮ ‬الدوافع الوحيدة لأجل ذلك كما وجدت في‮ ‬المسيح نفسه‮ ‬،‮ ‬يقول الرب‮ "ليفهم العالم أني‮ ‬أحب الآب وكما أوصاني‮ ‬هكذا أفعل‮" (‬يو‮ ‬14‮ : ‬31‮) ‬وأيضاً‮ "طعامي‮ ‬أن أعمل مشيئة الذي‮ ‬أرسلني‮ ‬وأتمم عمله‮" (‬يو‮ ‬4‮ : ‬34‮) ‬ولكن المكافآت تقدم كتشجيع لأجل الصعوبات التي‮ ‬تواجهنا في‮ ‬الطريق التي‮ ‬تدخلنا فيها المحبة والطاعة‮ ‬،‮ ‬وهذا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقال تماماً عن المسيح‮ "فلأجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً‮ ‬بالخزي‮ ‬فجلس في‮ ‬يمين عرش الله‮" (‬عب‮ ‬12‮ : ‬2‮) ‬ويقال عن موسي‮ ‬أيضاً‮ ‬بالروح القدس‮ ‬،‮ "لأنه كان‮ ‬ينظر الي‮ ‬المجازاة‮" (‬عب‮ ‬11‮ : ‬26‮) ‬ومكتوب‮ "ولكن كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه‮" (‬1كو‮ ‬3‮ : ‬8‮) ‬فالتسالونيكيين هم اكليل مجد لبولس وليسوا لنا‮ . ‬فالله في‮ ‬مكافأته لخدامه‮ ‬يعمل ما‮ ‬يشاء بخاصته‮ ‬،‮ ‬ولكن في‮ ‬نعمته المتفاضلة للجلوس عن‮ ‬يمين المسيح ويساره فهذا للذين أعد لهم من أبيه‮ ‬،‮ ‬ولكن بالنسبة للبر والخلاص فالكل سواسية‮ ‬،‮ ‬فنحن سنكون مشابهين صورة ابن الله‮ .‬
فالمؤمن‮ ‬يقدر أن‮ ‬يقول‮ "ولكن بنعمة الله أنا ما أنا‮" (‬1كو‮ ‬15‮ : ‬10‮) ‬أنه لديه الإحساس العميق بمسئوليته وهذا‮ ‬يجعله‮ ‬يستند تماماً‮ ‬علي‮ ‬نعمة الله‮ ‬،‮ ‬وهذه الأمور اذا اختلطت بأمر‮  ‬الخلاص‮ ‬يحدث التشويش‮ ‬،‮ ‬وتدريب القلب في‮ ‬تلك الأمور في‮ ‬غاية الأهمية لأنه‮ ‬يؤدي‮ ‬الي‮ ‬الشعور بالإتكال الكامل علي‮ ‬الله والثقة في‮ ‬ذاك الذي‮ ‬يباركنا‮ . ‬والإحساس بأنه‮ ‬يوجد إله حي‮ ‬فلا‮ ‬يمكننا ان نفعل شئ بذواتنا بدون المسيح وهذا‮ ‬يجعلنا نتضع ويقودنا الي‮ ‬الثقة والاتكال اليومي‮ ‬المستمر علي‮ ‬الله‮ .‬
وهذا‮ ‬يجعلني‮ ‬أكرر مرة أخري‮ ‬بأن المكافأة في‮ ‬المكتوب لا تأتي‮ ‬أبداً‮ ‬كالباعث علي‮ ‬الخدمة أو العمل‮ ‬،‮ ‬ولكن دائماً‮ ‬هي‮ ‬تشجيع للشخص التاعب لأجل بواعث أخري‮ ‬،‮ ‬وما هي‮ ‬تلك البواعث ؟ إنها المحبة والطاعة للمسيح‮  ‬،‮ ‬كما كان المسيح سالكاً‮ ‬في‮ ‬هذا العالم محباً‮ ‬للآب ومطيعاً‮ ‬له وقاده ذلك في‮ ‬طريق الاحزان‮ ‬،‮ ‬ولأجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب‮ ‬،‮ ‬فموسي‮ ‬يفتقد اخوته لأن الله وضع علي‮ ‬قلبه ان‮ ‬يختار الآلام مع شعب الله علي‮ ‬أن‮ ‬يحيا حياة رفاهية في‮ ‬القصر‮ ‬،‮ ‬فهو احتمل وتشدد كأنه‮ ‬يري‮ ‬من لا‮ ‬يُري‮ ‬لأنه كان‮ ‬ينظر الي‮ ‬المجازاة‮ .‬
يقول الرسول‮ "لأننا سنحصد في‮ ‬وقته إن كنا لا نكِّل‮" (‬غل‮ ‬6‮ : ‬9‮) ‬فمحبة المسيح كانت تحصره‮ ‬،‮ ‬وأيضاً‮ ‬فضائل معرفة المسيح وهو قد علم انه قد وضع له أكليل البر الذي‮ ‬يهبه الرب الديان العادل في‮ ‬ذلك اليوم‮ ‬،‮ ‬لكن هل كان اكليل البر هو الدافع لذلك العمل‮ ‬،‮ ‬كلا‮ "ولكن الرب إله كل نعمة‮ ‬يشجعنا في‮ ‬عملنا باستحسانه ووعده بالمكافأة في‮ ‬نهاية الطريق‮ ‬،‮ ‬ونحن نؤمن بأنه هو الذي‮ ‬يكافأ الذين‮ ‬يطلبونه باجتهاد‮ .‬
ان علاقتنا مع الله أساسها البر الإلهي‮ ‬الكامل فهي‮ ‬إلهية ومحبته الكاملة نتمتع بها بعلاقة معروفة وبطريقة إلهية‮ ‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإن المشاعر المقدسة حرة‮ ‬،‮ ‬والله ممجد‮ ‬،‮ ‬فالكل من الله ومتطابق معه‮ ‬،‮ ‬فليس هناك بر بدون المسيح‮ ‬،‮ ‬مبارك ا لله‮ ‬،‮ ‬فهي‮ ‬علاقة نشعر بحلاوتها‮ ‬،‮ ‬ويقول الرسول بولس افعل شئ واحد‮ "أسعي‮ ‬نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في‮ ‬المسيح‮ ‬يسوع‮ .. " (‬في‮ ‬3‮ : ‬14‮) . ‬فرسالة فيلبي‮ ‬تتحدث عن هذا الأساس فتتحدث عن السعي‮ ‬،‮ ‬فالنمو الأدبي‮ ‬مرتبط بالمسئولية الشخصية تحت النعمة وتحت عين الآب المنعم والقدوس‮ ‬،‮ ‬فنحن موضعون في‮ ‬نفس الطريق التي‮ ‬سلك فيها المسيح لكي‮ ‬نتبع خطواته‮ ‬،‮ ‬وياله من امتياز فهذا الخادم‮ ‬يسلك في‮ ‬نفس الطريق الذي‮ ‬سلك فيه سيده‮ ‬،‮ ‬وسيكون حيث سيده وستكون كلمات سيده في‮ ‬النهاية‮ "نعماً‮ ‬أيها العبد الصالح والأمين‮" (‬لو‮ ‬19‮ : ‬17‮)  ‬كلمات حلوه علي‮ ‬مسمعه‮ ‬،‮ ‬فإذا لم نكن له فلا‮ ‬يمكن أن نخدمه‮ ‬،‮ ‬فنحن له بالحياة الجديدة وبالشراء بدمه‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬الخدمة الكل متعلق بالنعمة اليومية وبالمكان الذي‮ ‬اعطانا اياه‮ ‬،‮ ‬والمجد الخاص الذي‮ ‬سيناله كل خادم أمين له سيكون جزء من قصد الله وعمله‮ ‬،‮ ‬وأعمال الرجاء الحي‮ ‬والسهر وحفظ الجسد لأننا نحتاج أن نحارب محاربة الإيمان الحسنة ونمسك بالحياة الأبدية‮ .‬
إن بولس قد رأي‮ ‬المسيح في‮ ‬المجد وبالتالي‮ ‬كانت تلك هي‮ ‬نقطة النهاية لتبريره بالناموس وكان هناك‮ ‬غرض للمجد أمامه‮ ‬،‮ ‬والكل دون ذلك نفاية لكي‮ ‬يفوز بالمسيح ولو كلفه ذلك حياته فليكن‮ ‬،‮ ‬لأجل القيامة من بين الاموات‮ ‬،‮ ‬وهذا ليس مسئولية‮ ‬يقوم بإتمامها فقط كأنه شخص تحت التزام او ناموس ليتمم أوامره أو قد‮ ‬يفشل‮ ‬،‮ ‬ولكنه تحالف وارتباط القلب تماماً‮ ‬بالمسيح‮ ‬،‮ ‬لكي‮ ‬يربح المسيح‮ ‬،‮ ‬فالمسيح قد أمسك ببولس وبالتالي‮ ‬بولس‮ ‬يتوق أن‮ ‬يحصل علي‮ ‬تلك الجعالة‮ .‬
وهذا‮ ‬يعيننا لفهم سياسة الله‮ ‬،‮ ‬لأن الجسد لا‮ ‬يقدر أن‮ ‬يخدم‮  ‬المسيح‮ ‬،‮ ‬أنه فقط‮ ‬يعيق الخدمة‮ ‬،‮ ‬ولكي‮ ‬نكون أواني‮ ‬للكرامة‮ ‬يجب أن نكون طاهرين‮ ‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬بولس كان حاكماً‮ ‬علي‮ ‬جسده ولذا‮ ‬يقول بطرس‮ "إن كنتم تدعون أباً‮ ‬الذي‮ ‬يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان‮ ‬غربتكم بخوف‮"  (‬1بط‮ ‬1‮ : ‬18‮) ‬فالآب لم‮ ‬يحكم بعد علي‮ ‬عمل كل واحد الحكم النهائي‮ ‬،‮ ‬لأن بطرس‮ ‬يقول‮ "‬سيروا زمان‮ ‬غربتكم بخوف‮" ‬،‮ ‬فهل الخوف هنا من أن لا‮ ‬يكون لي‮ ‬نصيب في‮ ‬الفداء ؟ كلا مطلقاًَ‮ ‬،‮ ‬لأن هذا أساسه الفداء العظيم‮ ‬،‮ ‬بل بالحري‮ ‬العمق الأدبي‮ ‬لحكم الله علي‮ ‬الخير والشر‮ ‬،‮ ‬ويستطرد الرسول فيقول‮ "لأنكم افتديتم لا بأشياء تفني‮ ‬بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي‮ ‬تقلدتموها من الآباء بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم‮  ‬المسيح‮" (‬1بط‮ ‬1‮ : ‬18‮) ‬هذه هي‮ ‬قوة الرجاء وفرح الشركة وحلاوة الاستناد علي‮ ‬الرب وسهر الخوف المقدس لأجل الوقوف بجانب الله في‮ ‬الحرب مع الشر‮ ‬،‮ ‬وكل هذا مؤسس علي‮ ‬النعمة‮ ‬،‮ ‬فكل نمو روحي‮ ‬وكمال أدبي‮ ‬مصدره الله لنكون علي‮ ‬صورة المسيح الذي‮ ‬هو النموذج الكامل للمؤمن في‮ ‬شركته مع الآب‮ ‬،‮ ‬فننمو الي‮ ‬قياس قامة ملء المسيح‮ .‬
إن البرية تجعلنا نعرف قلوبنا علي‮ ‬حقيقتها كما أنها ايضاً‮ ‬تجعل الله معروفاً‮ ‬لقلوبنا وبالتالي‮ ‬نتمتع بالفرح الكامل‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬الرمز وفي‮ ‬الحقيقة نري‮ ‬أن كل ذلك علي‮ ‬أساس الفداء الكامل‮ ‬،‮ ‬فاسرائيل‮ ‬يرنم بعد عبوره البحر الأحمر وخلاصه الذي‮ ‬حققه له الله‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬النهاية نري‮ ‬بلعام‮ ‬يشهد بأنه لم‮ ‬يري‮ ‬اثماً‮ ‬في‮ ‬يعقوب ولا رأي‮ ‬تعباً‮ ‬في‮ ‬اسرائيل فالله لم‮ ‬يري‮ ‬أي‮ ‬فساد في‮ ‬اسرائيل ولا رأي‮ ‬اثماً‮ ‬في‮ ‬يعقوب‮ ‬،‮ ‬ولكن الله سيتعامل مع اسرائيل بسبب أخطائه بحكمته هو الخاصة‮ ‬،‮ ‬ولكن ليس هناك اتهام أو إدانة‮ ‬يقبلها علي‮ ‬يعقوب‮ ‬،‮ ‬فمن الجميل أن نري‮ ‬الله‮ ‬يجاوب بالنيابة عن اسرائيل في‮ ‬الأعالي‮ ‬بالرغم من أن‮ ‬يعقوب هنا لا‮ ‬يظهر إلا الغباء والتذمر والجهل وعدم الطاعة‮ .‬
وأخيراً‮ ‬هذه هي‮ ‬النعمة فالله‮ ‬يعطي‮ ‬السبب لأجل الحكم علي‮ ‬هذا الشعب‮ "وقال الرب لموسي‮ ‬رأيت هذا الشعب وإذا هو شعب صلب الرقبة‮ ‬،‮ ‬فالآن‮  ‬اتركني‮ ‬ليحمي‮ ‬غضبي‮ ‬عليهم وأفنيهم‮" (‬خر‮ ‬32‮ : ‬9‮ ‬،‮ ‬10‮) ‬ولكن بالنعمة‮ ‬يستطيع موسي‮ ‬أن‮ ‬يستخدم نفس هذا السبب لأجل مصاحبة الرب لهم فيقول‮ "ان وجدت نعمة في‮ ‬عينيك أيها السيد فليسر السيد في‮ ‬وسطنا‮ ‬،‮ ‬فإنه شعب صلب الرقبة‮ ‬،‮ ‬واغفر اثمنا وخطيتنا واتِّخذنا ملكاً‮" (‬خر‮ ‬34‮ : ‬9‮) .‬

يوحنا داربي

ليست هناك تعليقات: