ما هي مسئوليتي يا تري ؟ هل في بذل كل الجهد لأجل الحصول علي الحياة الأبدية عن طريق أعمالي ؟ إنني بالفعل لي الحياة الأبدية ، هل مسئوليتي هي أن أعمل البر ؟ إنني بر الله في المسيح ، لأنه هو بري ، بل هل مسئوليتي بأن أفوز برضا الله ؟ إنه قد أحبني وبذل ابنه لأجلي ، وإنني مقبول في المحبوب ، بل هل مسئوليتي أن أفوز بمركز قدام الله ؟ إن كان هو قد جعلني ابنه ، لأنه مكتوب "الآن نحن أولاد الله" (1يو 3 : 2 ) فالسؤال ماذا لي أن أطلب بعد ذلك أو ماذا ينقصني ، إن كان مكتوب أيضاً "لأنه كما هو في هذا العالم هكذا نحن أيضاً" (1يو 4 : 17) ، إن نفسي تجد السلام هنا ، فياله من أمر ثمين ! ، إنه السلام مع إلهنا وأبونا ، العلاقة الحبية معه ، فالمسيح قد ذهب إلي أبيه وأبي أيضاَ ، إلهه وإلهي أيضاً ، ويا له من امتياز ، بل يا له من مكان للسلام والمحبة بحسب طبيعة الله نفسه ، وإعلانه بواسطة ابنه الذي وضعني فيه .
ومن هنا أدخل الي نوع المسئولية ، فبالنسبه لحالة اليأس والخطية التي أنا فيها ، فمسئوليتي هي مسئولية قد حصلت عليها بالسقوط ، أي مسئولية بحسب حالتي الهالكة ، وهذه نتيجة لخرابي ودينونتي ، وأما مسئوليتي الآن فهي نابعة من من المركز الذي لي ، إنها مسئولية تأتي في حالة من السلام ، مسئولية مثل كل المسئوليات الخاصة بنا بحسب الله لأجل السلوك وفقاً للمركز الجديد الذي أتمتع به الآن بالفعل ، كما هو مكتوب "من قال انه ثابت فيه ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضاً" (1يو 2 : 6) أي ابناً لله ، وهي حالة للأبد ، ينبغي أن أسلك كابن لله "كأولاد أحباء" فمسئوليتي هي مسئولية إنسان مسيحي ، أي نابعة من كوني مسيحي وليس لكي أكون مسيحياً ، فالواقع إنني ابناً للأبد ، ولماذا يجب أن أسلك كمسيحي لأن لي طبيعة فاسدة ،
وكلمات الرسول في رومية (٦) ليس أنني لا يجب أن أفعل خطية ، ولكن لا يمكنني ذلك ، فلو كنت ميتاً كيف أحيا لما قد مت عنه "نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها" (رو 6 : 2)
فمسئوليتي إذاً ليست عليَّ كإنسان في آدم الأول ، بل كمسيحي في آدم الأخير ، ففي الأول أجدني هالك تماماً ، وعبثاً أتحدث عن مسئوليتي ، ولكن بالنسبة للثاني فإني قد خلصت الآن وانا ابناً لله في العائلة الإلهية ، فإنني أصبحت مسئولاً أن أسلك هكذا ، فالأمر غير مرتبط بإمكانية فقدان مركزي أو الحصول علي مركز جديد ، لأن المسئولية نابعة من مركزي الجديد ، فيجب أن أسلك كابن لله منذ أن حصلت علي هذا المركز الجديد ، إنها مسئولية السلام والفرح ، وما يسميه يعقوب في رسالته "ناموس الحرية الكامل" ( يع 1 : 25) لأن طبيعتي الجديدة تجد سرورها فيما يرغبه الله ويأمر به ، وتتلذذ بإطاعته ، بل وتجد لذة حقيقية في شخصه ، ولذا فإن الطبيعة التي قبلتها منه أي الطبيعة الإلهية تجد في اطاعته واطاعة أوامره التعبير عن نفسها ، وأيضاً هناك سلطان لتلك الوصايا في ذاتها ، إذاً فالوصايا هي التعبير الأدبي عن تلك الطبيعة التي لي وتجد مسرتها فيها أي في تلك الوصايا بل وتجد راحتها في النور والإرشاد الكاملين ، وهنا نجد الاختلاف الشاسع بين وصايا الناموس ووصايا المسيح ، فالناموس يقول "افعل هذه فتحيا"،ووصايا المسيح هي التعبير عن تلك الحياة التي له ، والمرشد لذلك هي الطبيعة التي أخذتها منه ، فالحياة كانت نور الناس ، أي التعبير الكامل عن طبيعة الله ومشيئته في الإنسان والتي هي كلماته ووصاياه ، والآن يمكننا أن نقول » ما هو حق فيه وفيكم" (1يو 2 : 8) لأنه هو حياتنا بقوة الروح القدس ، والمسيح كان هو التعبير الحقيقي عن الحياة الإلهية في إنسان ، وتلك هي الحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا ، ومن هنا كانت الحياة هي نور الناس ، انها كانت في المكان وفي حالة البشر وفي الطاعة والاتكال ، وهذا قد ظهر في وقت التجربة ، وتلك الحياة هي حياتنا منذ أن تمجد المسيح في الأعالي عندما قدم للآب بر كامل ، وفي ذلك أنا لي سلام كامل ورضا كامل ، ولذا فالآن الشئ الذي أسعي لعمله فقط هو أن أمجده ، "لكي تظهر حياة يسوع ايضاً في جسدنا" (2كو 4 : 10) ، ولذا يمكنني أن أقول "إنني ثابت فيه" حال كونه أمام الآب ، وفي كماله قدامه - انه مكان الفرح والسلام والشهادة عن المحبة الأبدية ، ولذا فيجب أن أسلك كما سلك هو ، إذاً فمسئولية المؤمن هي مسئولية شخص مسيحي ، فنسلك لأننا في المسيح وكما سلك هو ، لأن المسيح أيضاً يسكن فينا .
فمكاننا الآن أمام الله هو المسيح ، ونصيبنا أن نظهر المسيح قدام الناس ، هذا بالرغم أن الجسد لازال فينا ، والعالم من حولنا ، ولذا فنحن في حاجة الي الصليب اليومي ، "حاملين في الجسد كل حين اماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا " (2كو 4 : 10) إذاً فمسئوليتنا ليست هي البلوغ للحياة ، ولكن بالأحري اظهارها ، بالرغم من المعوقات الكثيرة المحيطة بنا ، وبالرغم من أننا في وسط العالم ، وهناك شيئان يجب ملاحظتهما هنا ، أولاً إظهار الحياة الإلهية من خلال الروح القدس الذي اتحدنا بالمسيح ، وأثناء الدخول في التجربة ونظراً لوجود الطبيعة العتيقة فينا ، لأن الجسد فينا ، وعن طريق الجسد يمكن أن يكون كل شئ في العالم بمثابة تجربة لنا ، ومن خلال الشركة مع الآب وابنه يسوع المسيح فإن إظهار الحياة الإلهية يمكن فقط أن يتم طالما يكبح جماح هذا الجسد عملياً ، ونحن لنا القوة أن نفعل ذلك بالموت "حاملين في الجسد كل حين اماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا" (2كو 4 : 10) .
وهنا نجد التدريب اليومي لتلك الحياة التي حصلنا عليها ، والتي نري فيها أنفسنا من الوجهة العملية ، ونري أيضاً محبة الله وأمانته ونعمته خلال اختبارنا اليومي ، ونشعر بها ونتدرب علي الإحساس بالخير والشر ، ونري المفارقة العظمي بين الله والجسد الذي فينا ، والتفرغ من الذات ، وكيف عن طريق التدريب المرير يصبح المسيح لنا الكل في الكل ، لأن النفس تشبع به ، وبالإتضاع والعين البسيطة نميز ما هو من الجسد ونتجنبه .
وأمران يعملهما الله لكي يحملنا كمفديين خلال البرية ، وهما كلمة الله ، وكهنوت المسيح ، ونجدهما في (عب 4 : 12-16) ، وكلمة الله هي السلاح الذي يُفرِّق بين ما هو من الروح وما هو من الإرادة الجسدية ، أو من الطبيعة والذي هو بمثابة فخ لنا ، فنحتاج الي تطبيق كلمة الله ، وقوة الروح القدس لأجل التمييز ، لأن الجسد والروح متضادان ، ولأن الله ليس في الجسد ، ولكن نري الارادة البشرية بالحري فيه ، ولكن الله في الروح القدس ، وكلمة الله هي أمضي من كل سيف ذي حدين ، إنها سيف الروح الحقيقي ، اي الحق يُستحضَر إلينا بالكلمة الحية ، والرب يسوع قد قدس ذاته لأجلنا ، إنها الوسيلة الفعالة التي يستخدمها الله عند سقوطنا في البرية ، ولأجل الضعف والفشل الذي ينتابنا في طريقنا يأتي الكهنوت الذي قبل كل شئ يضعنا في حالة الاتكال الكامل علي الله فيتنقي القلب تماماً من الناحية العملية بفضل ذلك الكهنوت ، فهو ليس تدريب لأجل الحصول علي البر ولا اقترابنا الي الله ، بل هو مؤسس علي البر الكامل والكفارة التي صنعت لأجل خطايانا وهذا لأجل حفظ الشركة وردها ثانية للمؤمن اثناء سلوكه وضعفه والنور الكامل الذي استحضر اليه بواسطة البر والكفارة ، وشفاعة المسيح لا تبدأ بعد توبة المؤمن لأن هذا معناه عدم الثقة في محبة الآب الذي استحضرنا إليه كأولاد ، ولكن شفاعته تتم حتي يمكننا أن نتوب ولأجل رد نفوسنا بالنعمة الي الشركة وحفظها ، فالشفاعة لأجل المؤمنين وكلمة الله لأجل الضعف والفشل وكذا أيضاً كهنوت المسيح .
والنقطة الأخري التي أريد التلميح إليها لأجل تشجيعنا في طريقنا ، في الوعود والمكافآت التي يمارسها الآب في سياسته الأمينة معنا ، فهو يؤدبنا عندما تستدعي الحالة ذلك ، فالله في كامل سلطانه المطلق يعلن صلاحه للقلب ويعرف متي يمنحه ، ولكنه أعلن مبادئ سياسته "الذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي" (يو 14 : 21) ، وأيضاً "إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً" (يو 14 : 23) فمن الواضح هنا ان الله لا يمكن أن تكون له شركة مع فكر شرير واحد ، والمسيح لم يقل تلك الكلمات عن الخلاص ، إذا أحبني أحد فالله سيحبه ، "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً" فسمة محبة الله أنه هو احبنا عندما كنا خطاة ، ولكن علي الرغم من أن الله يفتقدنا ويرد شركتنا بالنعمة ، إلا أن الشركة معه هي في منتهي القداسة ويجب أن تكون لنا الطاعة الحقيقية للرب أيضاً ونحن نتكل علي الله بالنعمة لأجل هذين الأمرين أي القداسة والطاعة .
ونأتي أيضاً الي كلمة عن المكافآت ، ففيما يختص بالبر والخلاص فهذه امتيازات كاملة في المسيح ، فهي مكافأة لعمله هو علي الصليب وتعبه ، أما إذا كانت مكافأة الرب ليَّ في نهاية الطريق هي الدافع لأجل العمل والخدمة فهذا مبدأ فاشل تماماً ، وإنما المحبة والطاعة هي الدوافع الوحيدة لأجل ذلك كما وجدت في المسيح نفسه ، يقول الرب "ليفهم العالم أني أحب الآب وكما أوصاني هكذا أفعل" (يو 14 : 31) وأيضاً "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله" (يو 4 : 34) ولكن المكافآت تقدم كتشجيع لأجل الصعوبات التي تواجهنا في الطريق التي تدخلنا فيها المحبة والطاعة ، وهذا يمكن أن يقال تماماً عن المسيح "فلأجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي فجلس في يمين عرش الله" (عب 12 : 2) ويقال عن موسي أيضاً بالروح القدس ، "لأنه كان ينظر الي المجازاة" (عب 11 : 26) ومكتوب "ولكن كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه" (1كو 3 : 8) فالتسالونيكيين هم اكليل مجد لبولس وليسوا لنا . فالله في مكافأته لخدامه يعمل ما يشاء بخاصته ، ولكن في نعمته المتفاضلة للجلوس عن يمين المسيح ويساره فهذا للذين أعد لهم من أبيه ، ولكن بالنسبة للبر والخلاص فالكل سواسية ، فنحن سنكون مشابهين صورة ابن الله .
فالمؤمن يقدر أن يقول "ولكن بنعمة الله أنا ما أنا" (1كو 15 : 10) أنه لديه الإحساس العميق بمسئوليته وهذا يجعله يستند تماماً علي نعمة الله ، وهذه الأمور اذا اختلطت بأمر الخلاص يحدث التشويش ، وتدريب القلب في تلك الأمور في غاية الأهمية لأنه يؤدي الي الشعور بالإتكال الكامل علي الله والثقة في ذاك الذي يباركنا . والإحساس بأنه يوجد إله حي فلا يمكننا ان نفعل شئ بذواتنا بدون المسيح وهذا يجعلنا نتضع ويقودنا الي الثقة والاتكال اليومي المستمر علي الله .
وهذا يجعلني أكرر مرة أخري بأن المكافأة في المكتوب لا تأتي أبداً كالباعث علي الخدمة أو العمل ، ولكن دائماً هي تشجيع للشخص التاعب لأجل بواعث أخري ، وما هي تلك البواعث ؟ إنها المحبة والطاعة للمسيح ، كما كان المسيح سالكاً في هذا العالم محباً للآب ومطيعاً له وقاده ذلك في طريق الاحزان ، ولأجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب ، فموسي يفتقد اخوته لأن الله وضع علي قلبه ان يختار الآلام مع شعب الله علي أن يحيا حياة رفاهية في القصر ، فهو احتمل وتشدد كأنه يري من لا يُري لأنه كان ينظر الي المجازاة .
يقول الرسول "لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكِّل" (غل 6 : 9) فمحبة المسيح كانت تحصره ، وأيضاً فضائل معرفة المسيح وهو قد علم انه قد وضع له أكليل البر الذي يهبه الرب الديان العادل في ذلك اليوم ، لكن هل كان اكليل البر هو الدافع لذلك العمل ، كلا "ولكن الرب إله كل نعمة يشجعنا في عملنا باستحسانه ووعده بالمكافأة في نهاية الطريق ، ونحن نؤمن بأنه هو الذي يكافأ الذين يطلبونه باجتهاد .
ان علاقتنا مع الله أساسها البر الإلهي الكامل فهي إلهية ومحبته الكاملة نتمتع بها بعلاقة معروفة وبطريقة إلهية ، وبالتالي فإن المشاعر المقدسة حرة ، والله ممجد ، فالكل من الله ومتطابق معه ، فليس هناك بر بدون المسيح ، مبارك ا لله ، فهي علاقة نشعر بحلاوتها ، ويقول الرسول بولس افعل شئ واحد "أسعي نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع .. " (في 3 : 14) . فرسالة فيلبي تتحدث عن هذا الأساس فتتحدث عن السعي ، فالنمو الأدبي مرتبط بالمسئولية الشخصية تحت النعمة وتحت عين الآب المنعم والقدوس ، فنحن موضعون في نفس الطريق التي سلك فيها المسيح لكي نتبع خطواته ، وياله من امتياز فهذا الخادم يسلك في نفس الطريق الذي سلك فيه سيده ، وسيكون حيث سيده وستكون كلمات سيده في النهاية "نعماً أيها العبد الصالح والأمين" (لو 19 : 17) كلمات حلوه علي مسمعه ، فإذا لم نكن له فلا يمكن أن نخدمه ، فنحن له بالحياة الجديدة وبالشراء بدمه ، وفي الخدمة الكل متعلق بالنعمة اليومية وبالمكان الذي اعطانا اياه ، والمجد الخاص الذي سيناله كل خادم أمين له سيكون جزء من قصد الله وعمله ، وأعمال الرجاء الحي والسهر وحفظ الجسد لأننا نحتاج أن نحارب محاربة الإيمان الحسنة ونمسك بالحياة الأبدية .
إن بولس قد رأي المسيح في المجد وبالتالي كانت تلك هي نقطة النهاية لتبريره بالناموس وكان هناك غرض للمجد أمامه ، والكل دون ذلك نفاية لكي يفوز بالمسيح ولو كلفه ذلك حياته فليكن ، لأجل القيامة من بين الاموات ، وهذا ليس مسئولية يقوم بإتمامها فقط كأنه شخص تحت التزام او ناموس ليتمم أوامره أو قد يفشل ، ولكنه تحالف وارتباط القلب تماماً بالمسيح ، لكي يربح المسيح ، فالمسيح قد أمسك ببولس وبالتالي بولس يتوق أن يحصل علي تلك الجعالة .
وهذا يعيننا لفهم سياسة الله ، لأن الجسد لا يقدر أن يخدم المسيح ، أنه فقط يعيق الخدمة ، ولكي نكون أواني للكرامة يجب أن نكون طاهرين ، وبالتالي بولس كان حاكماً علي جسده ولذا يقول بطرس "إن كنتم تدعون أباً الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف" (1بط 1 : 18) فالآب لم يحكم بعد علي عمل كل واحد الحكم النهائي ، لأن بطرس يقول "سيروا زمان غربتكم بخوف" ، فهل الخوف هنا من أن لا يكون لي نصيب في الفداء ؟ كلا مطلقاًَ ، لأن هذا أساسه الفداء العظيم ، بل بالحري العمق الأدبي لحكم الله علي الخير والشر ، ويستطرد الرسول فيقول "لأنكم افتديتم لا بأشياء تفني بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح" (1بط 1 : 18) هذه هي قوة الرجاء وفرح الشركة وحلاوة الاستناد علي الرب وسهر الخوف المقدس لأجل الوقوف بجانب الله في الحرب مع الشر ، وكل هذا مؤسس علي النعمة ، فكل نمو روحي وكمال أدبي مصدره الله لنكون علي صورة المسيح الذي هو النموذج الكامل للمؤمن في شركته مع الآب ، فننمو الي قياس قامة ملء المسيح .
إن البرية تجعلنا نعرف قلوبنا علي حقيقتها كما أنها ايضاً تجعل الله معروفاً لقلوبنا وبالتالي نتمتع بالفرح الكامل ، ففي الرمز وفي الحقيقة نري أن كل ذلك علي أساس الفداء الكامل ، فاسرائيل يرنم بعد عبوره البحر الأحمر وخلاصه الذي حققه له الله ، وفي النهاية نري بلعام يشهد بأنه لم يري اثماً في يعقوب ولا رأي تعباً في اسرائيل فالله لم يري أي فساد في اسرائيل ولا رأي اثماً في يعقوب ، ولكن الله سيتعامل مع اسرائيل بسبب أخطائه بحكمته هو الخاصة ، ولكن ليس هناك اتهام أو إدانة يقبلها علي يعقوب ، فمن الجميل أن نري الله يجاوب بالنيابة عن اسرائيل في الأعالي بالرغم من أن يعقوب هنا لا يظهر إلا الغباء والتذمر والجهل وعدم الطاعة .
وأخيراً هذه هي النعمة فالله يعطي السبب لأجل الحكم علي هذا الشعب "وقال الرب لموسي رأيت هذا الشعب وإذا هو شعب صلب الرقبة ، فالآن اتركني ليحمي غضبي عليهم وأفنيهم" (خر 32 : 9 ، 10) ولكن بالنعمة يستطيع موسي أن يستخدم نفس هذا السبب لأجل مصاحبة الرب لهم فيقول "ان وجدت نعمة في عينيك أيها السيد فليسر السيد في وسطنا ، فإنه شعب صلب الرقبة ، واغفر اثمنا وخطيتنا واتِّخذنا ملكاً" (خر 34 : 9) .
يوحنا داربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق