الخميس، 30 يونيو 2011

محادثة في الكمال المسيحي عند الوسليين (9)

وسلي  - أظن أنا فهمت غرضك . أنت تقصد أن تقول أن المسيحي له في نفسه "قوة القيامة" ، فلا يكتفي إلا بما هو حسب تلك القوة . ومع أنه يجتهد أن يُطهِّر نفسه كما المسيح في المجد ، إلا أنه لا يحسب نفسه قد بلغ غايته مع أن حياة المسيح حياته ، بل منذ الآن يتغير من مجد إلي مجد حسب صورة المسيح نفسها (2كو 3 : 14) ، هذا كل ما قد فهمته ، ولكنه يبدو لي أنك إذا قلت للمسيحي أنت لا تستطيع الوصول إلي غرضك هنا ، كأنك تُثبِّط همته .

داربي  - كلا ، لأنه واثق أنه لابد من وصوله إلي غرضه يوماً ، وبحسب كلمة الله نجد أن مبدءاً كهذا عوضاً عن أن يثبط أو يثني العزيمة ، فهو ينشطها ويدفعها إلي الأمام "كل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر" (1يو 3 : 3)، والرسول بولس يقول "أنا لست أحسب نفسي إني أدركت ولكني أفعل شيئاً واحداً إذ أنا أنسي ما هو وراء وامتد إلي ما هو قدام أسعي نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع" (في 3 : 13،14) ، فبحسب معتقدك هذا المبدأ يضعف الهمة، ولكن ذلك لأن مسيحيتك هي مسيحية إنسانية لا مسيحية إلهية ، فهي تعمل للحصول علي الحياة ليس أنها نالت الحياة . والذي يجب أن نقوله ليس أن ندرك هنا علي الأرض الكمال ، بل كما يقول الرسول "لعلي أدرك الذي لأجله أدركني المسيح يسوع" (في 3 : 12) ، ويجب أن نؤمن أننا بنعمة الله لنا حياة يسوع نفسه فينا . لنا حياة أبدية واتحاد مع المسيح . لنا فيه كل شئ وارثون معه ، محبوبون من الله مثل محبة يسوع المسيح ، وهكذا بفرح وابتهاج قلب نسعي إلي الأمام مادمنا هنا علي الأرض متجهين نحو المجد . وبقوة الروح القدس نتغير الي تلك الصورة عينها من مجد إلي مجد . فنحن بالإيمان لنا شركة في كمالٍ سيُعلَن بملئه متي جاء يسوع المسيح ثانية "فإن سيرتنا نحن هي في السموات التي منها أيضاً ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون علي صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شئ" (في 3 : 20 ، 21) .
ونحن لا نقول أبداً أننا لابد أن نسقط ، أو يجب أن نعثر ، لأنه من الوجهة النظرية كيف لا استطيع أن أسلك بالروح دائماً ؟ ! ، ولكننا بالاختبار نعلم عمليا "أننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا" (يع 3 : 6) ، ومع أننا نعترف بتقصيرنا وأننا بلا عذر ، إلا أننا نعلم أن الله أمين وأنه لا يدعنا نُجَرَب فوق ما نستطيع أن نحتمل . فالله الذي يحبنا والذي يقدر أن يُخرِج من الشر خيراً ، مع أنه لا يبرر الشر إلا أنه يُصغِّر نفوسنا إما بواسطة روحه القدوس ، وإما بواسطة تأديباته ، وفي الوقت نفسه يُعمِّق ادراكنا الروحي لفهم غني نعمته الذي لا يحد ، وهذا القول لا ينطبق فقط علي السقطات الخارجية ، وليس غرضي أن أثبت أن سقطاتنا لازمة لنمونا في الادراك ، ولكن غرضي أن أقول أننا نتعلم من أمانة الهنا ورعايته لنا أن نعمته تكفينا وأن قوته تكمل في ضعفاتنا ، أما معتقدكم فيُخفِّض من قيمة المسيحية ، إذ يجعلها كثيرة الانتفاخ حتي أن سهركم نفسه ليس هو من أثمار الثقة في محبة الله أو التمتع بقداسته ، بل هو نتيجة خوف بحيث أن ذلك الكامل بينكم اليوم ربما وجد نفسه في جهنم غداً . حيث أن واحداً من أعظم المعلمين المشهورين بينكم مع انه ابن حقيقي لله ولكنه أربع مرات يبلغ الكمال ويسقط ، والغريب في الأمر هو قوله أن سبب السقوط عدم أمانته في السلوك ، بينما كان كاملاً ثم أنكم تسخرون بقول القائلين أن الذي دخل دائرة النعمة لا يمكن أن يسقط منها ، بل لابد له من الوصول الي المجد ، مع أن الروح يعطي تعزية لمثل هؤلاء . علي أن المستر وسلي الذي كان يظن أولاً أن الإنسان الكامل لا يمكنه أن يسقط ، عاد فأقرّ بخطأه .
 (يتبع)