الاثنين، 12 مارس 2012

كيف تعرف مشيئة الله لحياتك (4)

(٢) أن نشكره
دعونا نقرأ (1تس 5 : 18) "أشكروا في كل شئ لأن هذه هي مشيئـة الله في المسيح يسوع من جهتكم" .
وهنا نجد الامر الثاني الذي يشير إلي مشيئة  الله لحياتنا ، وهو أن نشكر في كل شئ ، فياله من امتياز ! ، وأحد الأشياء التي يمكنك أن تشكر الله عليها في  المكانة الأولي هو موت المسيح لأجلك علي الصليب ، فهل شكرت الرب يسوع لأنه أخذ مكانك علي الصليب وتألم لأجل خطاياك ، ومات لأجلك ؟ ، إنه الشئ المجيد الذي يجب أن تبدأ به ! ، إنه الشئ الذي يجب أن نفعله كل يوم من أيام حياتنا ! ، إنها مشيئة الله .
ويوجد طريق خاص جداً للشكر أيضاَ وهو عشاء الرب أي كسر الخبز ، إن الغرض لهذا الاجتماع هو أن نتذكر الرب في موته ، ونحن لا يمكننا التفكر في محبته وبذل نفسه لأجلنا بالموت بدون أن ترتفع قلوبنا بالتسبيح والشكر ، وياله من امتياز أن نتجاوب مع مطاليب محبته في أن نتذكره في موته ، ونعطيه شكراً يليق  به .
ولكن الله لا يريدنا أن نشكر فقط علي ما عمله علي  الصليب لأجل خلاصنا ، ولكن العدد الذي نحن بصدده يقول "اشكروا في كل شئ" وهذا يعني أن  نشكر لأجل كل تفاصيل حياتنا ، حتي علي الأشياء التي لا ندركها ، فالله يعمل لأجل غرض نهائي لحياتنا ، ومهما يسمح لنا في طريقنا فهو بحسب مشيئته ، وهو يريدنا أن نشكره علي ذلك ، "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير الذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده" (رو 8 : 28) .
توجد أمور كثيرة محيرة تحدث في حياتنا لا ندركها ولانفهم لماذا يسمح بها الرب ، ولكننا نحتاج الي أن نثق فيه ونشكره لأجل كل شئ . وتذكر المكتوب في (يو 13 : 7) "لست تعلم أنت الآن ما أنا أصنع ولكنك ستفهم فيما بعد" أنه يعلم أفضل الأشياء لنا وكل ما يسمح لنا به سيؤدي لخيرنا في النهاية ، والشاهد الذي في (رو 8 : 28) لا يقول أن كل شئ هو خير ولكن بالأحري كل الأشياء تعمل معاً للخير ، وهذا يعني حرفياً أن يستخدم أشياء لكي تؤدي الي تلك النتيجة النهائية ، وفي الواقع من الممكن أن يستخدم أشياء ليست مفرحة ، مثل الأحزان والمآسي ...الخ ، فمثلاً أن تُكسَر ساق إنسان فهذا ليس خيراً في حد ذاته ، ولكن قد يكون هذا الامر "يعمل معاً للخير" لحياتك ، فإذا قبلنا هذا من يد محبته وتدربنا علي ذلك فسيؤول ذلك للخير "وأما أخيراً فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام" (عب 12 : 11) ، فعندما نري ذلك بحسب مشيئة الله وهو قد سمح بذلك لخيرنا وتشكيلنا وهو يريد بركة لنا في ذلك يمكننا أن نشكره لأجل ذلك .

(٣) أن تعطي نفسك للرب
دعونا  نقرأ (2كو  8 : 4 ، 5) "ملتمسين منا بطلبة كثيرة أن نقبل النعمة وشركة الخدمة التي للقديسين وليس كما رجونا بل اعطوا أنفسهم أولاً للرب ولنا بمشيئة الله" .
وهنا نجد أمراً ثالثاً واضحاً وهو مشيئة الله لحياتنا ، في أن نعطي أنفسنا للرب ! ، فبولس هنا يمدح قديسي مكدونية لأنهم اعطوا أنفسهم للرب ، فهو قد أُخبر أن الكورنثيين اعطوا انفسهم للرب بلا تحفظ ، وإحدي النتائج العملية للتكريس هي أنهم اعطوا خدمة مادية لأجل بشارة الإنجيل .
فإذا كنت راغباً في أن تعرف مشيئة الله لأجل حياتك فاعطي نفسك للرب يسوع ولخدمته ، وهذا ما يدعي التكريس ، إنه يذكرنا بأمثال 23 : 26 "يا ابني اعطني قلبك" فعندما نأتي للرب أولاً ونخلص ، وتُغفَر خطايانا نحصل علي بهجة الخلاص العجيب كبداية ، ولكن لكي نختبر الفرح والسعادة الحقيقية في الحياة المسيحية يجب التخلي عن ارادتنا وتسليم حياتنا للرب ، فالتكريس يجب أن يأتي في وقت الخلاص ولكن غالباً ما يكون هناك فترة زمنية في حياة المؤمنين قبل تسليم حياتهم للرب ، ولكنك ربما تقول "إنني أريد أن أعرف مشيئة الله لحياتي" حسناً فهذه هي مشيئة الله لحياتك ! . فالمؤمنون الذين وهبوا أنفسهم للرب هم السعداء والمثمرون لأجل مجد الرب ! .
وتسليم حياتنا للرب يتضمن اعطائه أوقاتنا وطاقاتنا ، وأموالنا ، أي كل ما نملك نحوله للرب ، لأن كل ذلك لم يعد ملكي الخاص ، ولكني فقط وكيل له علي تلك الأشياء ! ، ويكون لساني حالي قائلاً : (أنني أريد أن أعمل مشيئتك في حياتي باعطائك نفسي وكل ما أملك لكي يُستخدََم لأجل مجدك) .
أتذكر مرة ما في اجتماع تبشيري منذ عدة سنوات حيث كان مستر "مودي" يبشر فسأله أحد الأشخاص عن الذين اهتدوا ورجعوا للرب بواسطة الخدمة التبشيرية ، فقال (اثنين ونصف) ، فعلق الشخص الذي يسأل قائلاً أنت تعني رجلين وطفل ، فقال لا ، ولكني أقصد طفلين ورجل ، والسبب الذي من أجله دعا الرجل نصف ، لأن الرجل قد قضي وعاش نصف حياته بالفعل ! ، ، فهل فكرت في ذلك الامر من قبل ؟ ، فالرجال الذين هم في نصف أعمارهم قد ذهب النصف من العمر بالفعل ، ولكن ماذا عنك أنت أيها الشاب ؟ فأنت تقدر أن تعطي كل حياتك للرب ، إذا جئت للرب في مرحلة الشباب ! .
 والآن ربما تقول (أنا لست أدرك ماذا يريد الرب أن يفعل بحياتي ، فأنا مؤمن عادي ، وليس لديَّ موهبة خاصة ، إنني أخشي حتي أن أصلي في اجتماع الصلاة !) ، عزيزي الشاب إنني أود أن أقول لك لا تقلق من جهة هذا ، وما يريده  الله منك هو أن تسلم حياتك للرب يسوع ، وهو سيوجهك بحسب ما يراه ملائماً بالنسبة لك ، وسوف تري ماذا يمكن أن يفعله معك ، وسوف تفاجأ بذلك ! ، وكل واحد منا قد اُعطي موهبة ونعمة لكي نشغل مكاننا في جسد المسيح ، وموهبتك ستظهر ذاتها كلما كرست نفسك للرب ، وفي الوقت المناسب ستصير واضحة ، وهو سيقودك ويجعل حياتك بركة ، ولكن كل شئ يبدأ عن طريق تسليم حياتك للرب .
ونحن قد تكلمنا عن تسليم حياتنا للرب بدون الإشارة للصليب ، إن الدافع المحرك لتسليم حياتنا للرب يأتي من المحبة والنعمة التي ظهرت هناك ، أنه في ظل الصليب يمكننا أن نتخذ القرار لتسليم حياتنا له ، فإذا أدركت قلوبنا مغزي الصليب فسندرك ما فعله الرب لأجلنا ، وسوف لا يكون لدينا مشكلة في تسليم ذواتنا للرب ، ولا نجد مشكلة في وضع ثقتنا فيه عندما نري محبة مثل هذه ! ، واعتقد أنه خمس مرات في العهد الجديد قيل "بذل نفسه لأجلنا" ، والآن هذا ما يجب أن يحركنا لأجل  تسليم أنفسنا له .
إن صلاتنا لأجل كل واحد منا أن يفعل الرب في كل حياتنا ما هو بحسب مشيئته ! ، يوجد أخ تحدث عن (مؤمني الميل الواحد) (مت 5 : 41) ، وتحدث بعد ذلك عن (مؤمنين يسيرون ميلين) ، أي الذين يفعلون أكثر مما يُطلَب منهم ، وبعد ذلك قال لي أخ ولكن ماذا عن الذين يسيرون نصف ميل فقط ، قلت له نعم فأنا أعرف  البعض في مثل هذه الحالة ، ولكن  الله يريدنا أن نكون مؤمنين في ملء السعادة والبركة بأن نسير في طريقه .
يتبع