الخميس، 24 نوفمبر 2011

التعزية في التجارب

لأنه في ما هو قد تألم مُجرَّبًا يقدر أن يُعين المجرَّبين (عب 2 : 18)

إن ربنا ومخلِّصنا المبارك ستَر أمجاد اللاهوت في حجاب الناسوت عندما صار إنسانًا كاملاً، وفي عبوره في العالم واجه كل ما نلاقيه نحن من صعوبات وآلام. يعلم ما هو الألم وما هو الحزن وما هو البكاء. علم ما معنى المقاومة والبُغضة وسوء المعاملة. جاع وتعب وافتقر وهو يعرف ما معنى كل هذا. لم يكن له أين يُسند رأسه، فهو يعرف معنى الألم الجسماني، كما يعرف ضيق النفس. يعرف معنى تجربة إبليس ومعنى بصق الناس وسخريتهم واستهزائهم. ولا يوجد نوع من الآلام والأحزان البشرية إلا وقد ذاقه، بلا خطية. لم يعرف خطية، ولم يعمل خطية، ولكنه حمل خطايانا في جسده على الصليب "تأديب سلامنا عليه وبُحبُره شُفينا"  (أش 53 : 5) لم يكن مُلتزمًا أن يحتمل كل هذه، لم تكن هناك ضرورة لأن يترك الأمجاد السماوية ويصير إنسانًا، إلا بدافع المحبة "محبة المسيح الفائقة المعرفة) " أف 3 : 19) ومحبة الله الذي أراد أن يجعلنا أولادًا له في المجد الأبدي (عب 2 : 10) نعم قبل أن يتمكن من أخذ مكانه كرئيس خلاصنا، كان يجب أن يتألم. ولم يتألم في صُنعه الفداء على الصليب فقط، بل تألم مُجربًا في كل شيء، ويستطيع أن يرثي لنا نحن المجرَّبين. إننا لا نكون وحدنا في الآلام، بل هو معنا دائمًا، شاعرًا في أعماق قلبه، قلب الشفقة والمحبة، بما يؤلمنا. نظن أحيانًا أننا منفردون، ولكن هذا الشعور خاطئ، وما هو سوي نتيجة لعدم إيماننا ولعدم التجائنا إليه لنوال العون الذي هو على استعداد أن يهبه لنا. فإذا أتينا إليه لنوال التعزية والمعونة اللتين نحن في حاجة إليها، فهو يشعر معنا شعورًا عميقًا بما نجوز خلاله من تجارب. وكم من متاعب وجهود ضائعة كنا نوفرها على أنفسنا لو التجأنا إليه مباشرةً عندما يصادفنا شيء يُتعب قلوبنا، أو أية تجربة يريد بها العدو قطع شركتنا وانعدام أفراحنا فيه! إن ركضنا إليه لا شك يجعلنا نغني في الليل   أي 35 : 10 ولذة حضرته تملأ نفوسنا. ليتنا نتعلم الهروب إليه في كل ضيقة إذ " باطل هو خلاص الإنسان  (مز 60 : 11 ) فإن فعلنا هذا نجد التعزية والفرح. يقول داود عن اختبار: "لأنك كنت عونًا لي، وبظل جناحيك أبتهج" ويقول أيضًا "بك احتمت نفسي، وبظل جناحيك أحتمي إلى أن تعبر المصائب" (مز 63 : 7 , مز 57 : 1)

أدولف سفير

السبت، 12 نوفمبر 2011

المخدع المهجور

يا رب، اهدني إلى برِّكَ ... سهِّل قدامي طريقك ( مز 5: 8 )

ذهبت مرة سيدة مؤمنة، إلى أحد رجال الله، تشكو إليه قلة صلاتها، وعدم شعورها فيها باللذة التي كانت تشعر بها في أيامها الأولى، وأنها قد جاهدت كثيرًا لكي تسترجع حرارة الصلاة الأولى فلم تقدر. فقال لها: ماذا عملتِ؟
قالت: جرّبت كل طريقة  ممكنة ولكن فشلت.
قال: كيف صرتِ مسيحية؟
قالت: اجتهدت أولاً لأحرر نفسي من الخطية ولكن فشلت، ولما وجدت ألاّ فائدة من كل مجهود، طرحت نفسي عند قدمي الرب، وآمنت أنه قادر أن يمنحني غفرانًا وسلامًا، فنلت ذلك بسرعة من السيد الكريم.
قال: جرِّبي هذا الأمر عينه في أمر الصلاة. فعند شعورك بالجمود والظلام لا تجتهدي أن تغيري هذه الحالة بقوتك بل ارتمي أمام السيد مؤمنة بمحبته وقيمة دمه لقبولك لدى الله، وعظمة شخصه كالكاهن العظيم الذي يترفق بالجهّال والضعفاء وهو كفيل بما بقي.
فذهبت من عنده، وبعد أيام أخبرته بأن نصيحته أتت بالثمر المرجو، وأن الإيمان بمحبة وعظمة شخص المخلِّص هو العلاج الشافي لجمود القلب وظلامه.
يا أخي العزيز: إن كنت تريد أن تخلص من حالة الجمود الروحي والصلاة الباردة، الهزيلة، الضئيلة، فلا تستطيع ذلك بناموس موسى، بل بنعمة ذلك الذي أحبك فضلاً، ويحبك فضلاً، وسيحبك فضلاً. إن خلاص الله هبة مجانية، للمؤمن العاثر كما للخاطئ الفاجر "لا تضطرِب قلوبكم .. آمنوا بِي"
لا يضطرب قلبك، جزعًا على حالتك، أو يأسًا من شفائك واستعادة روحانيتك ... آمن بالرب يسوع المسيح، الصديق القديم، فتخلص من هذه الحالة، وثق أنه قادر أن يخلِّص إلى التمام ( عب 7: 25 ). وأنه لأجلك «حي في كل حين» وأنه «واقف على الباب يقرع»، فادخل مخدعك واغلق بابك، وصلِ إلى أبيك الذي في الخفاء، ولا تنسَ أن تأخذ معك الكتاب المقدس لأن  منه سيكلِّمك الله. اقرأ بعض أعداد منه حسب ترتيب قراءتك اليومية، مؤكدًا أن الله يتكلم إليك منه. طبّقه على حياتك ثم أجب الرب، أو أعطِهِ جوابًا عن نفسك، عن حاجتك، عن ضروراتك، مُسلِّمًا له كل شيء، وليكن طلبك مُحددًا واضحًا، مقدمًا الشكر للسيد لأنه سمعك واستجاب لك

أندرو موراي