الخميس، 20 أكتوبر 2011

فهمني لماذا تخاصمني؟

قد كرهت نفسي حياتي. أُسيِّب شكواي. أتكلم في مرارة نفسي قائلاً لله : لا تستذنبني. فهمني لماذا تخاصمني) ! أي 10 : 1-2)


آه أيتها النفس المُتعبة، ارفعي الرأس عاليًا، فلربما قد صنع الرب معكِ هكذا ليُضاعف فيكِ فضائلك.
توجد بعض الفضائل التي لا يمكن أن تظهر لولا هذه التجارب المُرَّة. ألا تعرفين أن إيمانك لا ينمو ويخضَّر زاهيًا في شمس الصيف الوهاجة مثلما يزدهر في الشتاء؟ والإيمان عادةً يبدو كفتيلة مُدخنة لا تعطي نورها إلا في الظلمة المُحيطة. والرجاء في القلب مثل النجم الذي لا يُعطي ويُظهر نوره في ضوء الشمس الساطع. والسلام الإلهي لا يُختبر إلا على أمواج عاتية، أما سلام المياه الساكنة فهو سلام العالم. والقوة لا تُستدعى إلا في زمن الحرب، أما في زمن السلام فالقوة لا تفرق عن الضعف. والنجوم لا تظهر إلا بالليل وكأنها جواهر مرصوصة على ملاءة سوداء، وكثيرًا ما يسمح الله لنا بملاءة سوداء ليرص عليها جواهره.
قد تكون ـ منذ مدة قصيرة ـ قد ركعت على ركبتيك طالبًا من الرب أن يزيد إيمانك أو رجاءك أو سلامك أو قوتك، واستجاب لك الرب. هل ندمت على هذه الطلبة؟ لا. لا تندم أبدًا، فهو لا يمنحك مع هذه الجواهر الثمينة ضررًا على الإطلاق. أبدًا فالعكس صحيح. فحتى لو تأذيت بسبب التجربة، فتيقن أنها تعمل لخيرك، وأن الخسارة اللاحقة بك هي مكسب حقيقي.
أنت لا ترى هذا؟؟ قد لا تراه. ولكن ثق أنه لخيرك حتى ولو بدا عكس ذلك. كيف؟؟ لا يهم أن تعرف كيف. آمن فقط.
قد تقول : ولكن حملي ثقيل جدًا. حسنٌ. إن السواعد لا تتشدد بالحِمل الهيّن، بل بالأحمال الثقيلة. قد تقول تجربتي مُرَّة جدًا. نعم، والدواء النافع قد يكون مُرًا جدًا. قد تقول : لقد أدمَت قدميَّ أشواك الطريق. إنني أصدقك، ولكن انظر، فالورد أصبح دانيًا منك لتقتطفه في غير عناء.
أخي: هل تمر بتجربةٍ ما؟ هل تسأل الله نفس السؤال الذي في مطلع موضوعنا؟ إذًا فهاك هي الإجابة:
الضيق قد جعل الوعود ثمينةً
الضيق قد جعل النجوم مضيئةً
الضيق قد شدّد في كياني سواعدا
وأرى الخسارة فيه ربحًا قد غدا
الضيق علَّمني الترنم في المسا
وشفا بمُرّ دوائه داءً قسا


سبرجن

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

كفاكم

كفاكم

لأن زمان الحياة الذي مضى يكفينا لنكون قد عملنا إرادة الأمم ( 1بط 4: 3 ) كفاكم دوران بهذا الجبل.. ( تث 2: 3 )..كفاكم قُعُودٌ في هذا الجبل ( تث 1: 6 )

ثلاث آيات من كلمة الله، تربط بينهما كلمة واحدة، صغيرة في حجمها، كبيرة في معناها؛ هي كلمة «كفاكم»، من خلالها يوجه إلينا الرب رسالة هامة لتغيير مسار حياتنا نحو الأفضل في العلاقة الحية معه.
أولاً: زمان الحياة الذي مضى يكفينا: إن أثمن ما نملكه هو عمرنا، وما يمر منه لن يعود، وكل شيء نفقده على الأرض من الماديات يمكن أن نعوضه، إلا العمر فهو لا يُعوَّض، فإن كانت كل حياة القارئ العزيز، حتى هذه اللحظة، هي أنه يعيش يعمل إرادته وإرادة الناس، فهو خاسر زمنيًا، وهالك أبديًا لا محالة إن استمر في طريقه. ليتك تستمع لقول الله لك: «كفى». فلماذا لا توقف نزيف الخسارة الآن وفورًا. على أننا كمؤمنين أيضًا، كثيرًا ما نحيا عاملين إرادتنا أو إرادة الناس، مستقلين عن إرادة الله، وهذه هي الخطية. فهل ما يحكم قراراتنا هو رغبات المسيح أم رغباتنا؟ إنها فرصتنا اليوم لنستفيق ونعدل مسار خطواتنا بمعونة إلهنا.
ثانيًا: كفاكم دوران. كثيرًا ما ندور حول أنفسنا، وتقدير الناس لنا، أو حول رغباتنا، ربما حتى المشروعة أو المُلحّة علينا، وهذا معناه التقوقع، ونتيجته الحزن والكآبة وحرمان أنفسنا من التقدم إلى الأمام نحو الهدف ( في 3: 14 )، ويجعلنا نخسر نمونا الروحي ونحن نسعى خلف المسيح لنعرفه أعمق ( 1بط 4: 3 ). كفاكم دوران حول النفس أو حول الرغبات أو حول الناس! تقدموا إلى الأمام يا شعب الله! إن أمامكم رحلة، وأمامكم بركات تنتظر الامتلاك ومن ثم التمتع، فلماذا يضيع العمر هباءً؟!
ثالثًا: كفاكم قعودًا. وهذه الحالة قد تصور لنا الكسل وحب الاسترخاء من جهة، وقد تمثل لنا ـ من الناحية الشخصية ـ تعبًا أو فشلاً أو سقوطًا، دون أن يعاود الإنسان القيام لاستكمال المسيرة وكلا الأمرين قطعًا مُحزن. تمر السنون والحال على ما هو عليه، لا تقدم ولا نمو ولا امتداد للخدمة، ولا تمتع بالبركة، بل انكفاء على النفس واكتفاء بما وصلنا إليه! أية حياة هذه؟ وأية لذة تحملها إلى صاحبها؟ وأية بركات يجنيها مَن حوله منها؟ إنها والعَدَم سواء!
ليت الرب يعود فيُحيينا، ولنسمع تحريض الوحي الثمين "استيقظ أيها النائم، وقُم من الأموات فيُضيء لك المسيح" أف 5: 14 ).

بقلم / اسحق ايليا

الأحد، 2 أكتوبر 2011

تضرعنا وكفايته

تضرعنا وكفايته

تضرعت إلى الرب.... ولم يسمع لي بل قال .... كفاك
 ( تث 3: 23 ، 26) من جهة هذا تضرعت إلى الرب .. فقال لي تكفيك نعمتي
 ( 2كو 12: 8 ، 9)


ما أجمل اللجوء إلى الرب عند الضيق الشديد، أو الاحتياج المُلِّح، لنفرِّغ ما بنا أمامه على انفراد في عرش النعمة، ليس فقط لكينطلب“ مرة، بل ولنتضرع؛ أي نرفع توسلاتنا الحارة، وابتهالاتنا القوية لا مرة بل مرات. فليس مثل الله يقدِّر ويعرف ما بنا، كما أنه ليس مثله قادر على أن يُجيب طلباتنا بكلمة منه إن هو أراد.
وفي كلمة الله نقرأ هذه الكلمة صغيرة الحجم، عظيمة القيمة «تضرعت» ـ بحصر اللفظ ـ سبع مرات. المرة الأولى جاءت بخصوص موسى ورغبته في أن يدخل الأرض. والمرة الأخيرة كانت بالارتباط ببولس والشوكة التي في جسده. في حالة موسى كان هناك زلل قد حدث منه عندما فرَّط بشفتيه وبعصا غير مناسبة ضرب الصخرة مرتين عوضًا أن يكلمها كما أمره الرب. أما في حالة بولس فلم تكن المسألة زلة، بل كانت فرط إعلانات إلهية! وفي كِلا المشهدين المؤثرين لنا جملة دروس نافعة.

فسواء كان هناك خطأ من جانبنا أم لا، فإن الرب غير مُلزَم بالاستجابة لتضرعاتنا بالصورة التي نريدها. وهذان المشهدان يؤكدان بكل وضوح أن الصلاة لا تغير مشيئة الله مُطلقًا، بل هي بالحري تؤهلنا نحن لقبول هذه المشيئة؛ الإرادة الصالحة المرضية الكاملة ( رو 12: 2 ). وليست المسألة قط مرتبطة بالمستوى الروحي الراقي للمُصلي، ففي اليهودية لا نظير لموسى، كاتب أول خمسة أسفار في الوحي، وأول مَن حَمل هذا الوصف الشريف «رجل الله» في كل الكتاب. كما أنه بين كل الخدام والرسل في كنيسة الله لا نظير لبولس، رسول الأمم، ومِقدام الخدمة المسيحية في شتى صورها، وأكثر مَنْ استخدمه الرب في كتابة رسائل الوحي.
على أن الأمر المشجع أنه في كِلتا الحالتين، لم يتأخر الرب عن الاستجابة والرد، وإن كان بالرفض. ومن المعزي أن الرب في كِلا المشهدين قام بتعويض المتضرعين إليه، فعوَّض موسى عن عدم دخوله الأرض بأن رآها بعينيه، ثم أكرمه بأن دفنه بنفسه بعد ذلك، وفي نعمته أدخله إليها برفقته على جبل التجلي بعد نحو 1500 سنة. أما بولس فكان تعويض الرب له بأن «تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل»؛ مزيد من النعمة يملأ فراغ الحرمان، ويشفي آلام الاحتياج

إسحق إيليا