الخميس، 17 مارس 2011

غربلة كالحنطة - سمعان بطرس

لوقا‮ ‬22‮ : ‬14‮-‬34

ياله من شئ‮ ‬غالي‮ ‬وثمين جداً‮ ‬أن نتطلع الي‮ ‬الرب في‮ ‬كل الأوقات‮ ‬،‮ ‬لأنه لو تثبتت العين علي‮ ‬الذات دائماً‮ ‬فليس فقط سوف لا‮ ‬يكون تقدم بل إننا سنُحبَط بسبب فكر الشر الذي‮ ‬في‮ ‬داخلنا‮ ‬،‮ ‬لأنه بهذا سوف نحصر أنفسنا في‮ ‬فكرة الشر‮ ‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬نحرم أنفسنا من القوة التي‮ ‬تنتصر علي‮ ‬هذا الشر‮ ‬.
فيجب ان نلاحط طبيعة الجسد وحالة عمي‮ ‬قلب الإنسان‮ ‬،‮ ‬والأشياء الرزيلة التي‮ ‬تأتي‮ ‬بيننا وبين الله لكي‮ ‬تحجب عنا الأشياء التي‮ ‬يجب أن ننظر إليها‮ ‬،‮ ‬فشئ عجيب أننا بفعل الافكار التي‮ ‬هي‮ ‬للقلب الطبيعي‮ (‬حتي‮ ‬والرب قريب منا‮) ‬تحرمنا من الشعور بالأشياء الثمينة التي‮ ‬هي‮ ‬قريبة جداً‮ ‬منا‮ ‬،‮ ‬وتؤثر علينا‮ ‬.
كان الرب‮ ‬يسوع علي‮ ‬وشك اتمام العمل الذي‮ ‬لا‮ ‬يمكن مقارنته بعمل آخر‮  ‬،‮ ‬إنه كان مزمعاً‮ ‬ان‮ ‬يحمل‮ ‬غضب الله لأجلنا نحن الخطاة المساكين‮ ‬،‮ ‬فإنه كان‮ ‬يجتاز موقفاً‮ ‬كان‮ ‬يجب ان‮ ‬يكون له تأثيره علي‮ ‬قلب التلاميذ‮ ‬،‮ ‬فقد كانت كلماته مؤثرة جداً عن رغبته في‮ ‬أن‮ ‬يتناول الفصح مرة أخيرة قبل أن‮ ‬يتألم‮ ‬،‮ ‬وتحدث أيضاً‮ ‬عن الشحص المزمع أن‮ ‬يسلمه‮ ‬،‮ ‬فكان‮ ‬يجب أن تؤثر تلك الكلمات علي‮ ‬أذهان التلاميذ وتملأ قلوبهم‮ ‬،‮ ‬ولكن‮ ‬ياتري‮ ‬ماذا حدث ؟ لقد كانت هناك مشاجرة فيما بينهم عمن‮ ‬يكون الأكبر‮ ‬.
لقد أزيل الحجاب عنا‮ ‬،‮ ‬إذ عندما نقرأ تلك‮  ‬الحقيقة‮ ‬،‮ ‬يمكننا فهمها جيداً‮ ‬،‮ ‬كيف كانوا مشغولين بتلك الأشياء ؟‮! ‬فنحن نعلم ماذا كان سيحدث‮ ‬،‮ ‬فكم من الأشياء التي‮ ‬لها سلطان علي‮ ‬أنفسنا‮ (‬نحن الذين لنا نور أكثر من هؤلاء‮) ‬تختلف تماماً عن تلك الأشياء التي‮ ‬تملأ قلب‮ ‬يسوع‮ ! ‬،‮ ‬هكذا هو حال قلب الإنسان في‮ ‬محضر أخطر وأعظم الأشياء علي‮ ‬الاطلاق‮ ‬،‮ ‬فياتري‮ ‬موت‮ ‬يسوع له نفس التأثير علي‮ ‬قلوبنا كما كان علي‮ ‬قلب التلاميذ ؟‮! ‬،‮ ‬ليت هذا الأمر‮ ‬يكون له‮ ‬غلاوته علي‮ ‬قلوبنا‮ ‬.
إن الرب‮ ‬يكون حاضراً‮ ‬معنا نحن أيضاً‮ ‬عندما‮ ‬يجتمع اثنان أو ثلاثة إلي‮ ‬أسمه‮ ‬،‮ ‬ونحن نعرف جيداً‮ ‬ما هي‮ ‬الافكار التي‮ ‬تشغل قلوبنا وأذهاننا ونحن في‮ ‬محضره‮ ‬،‮ ‬إننا نري‮ ‬نفس الشئ‮ ‬يحدث معنا نحن نفس الظروف عندما تتلامس قلوبنا مع أخطر وأعظم حق هناك‮ ‬،‮ ‬فيسوع‮ ‬يخبر تلاميذه‮ "‬بأن دممه سيسفك لأجلهم‮" ‬،‮ ‬وأن‮ ‬يد الذي‮ ‬يسلمه معه علي‮ ‬نفس المائدة‮ ‬،‮ ‬ولكن ويل لذلك الإنسان الذي‮ ‬يسلمه‮ ‬،‮ "‬فابتدأوا‮ ‬يتساءلون فيما بينهم من تري‮ ‬منهم هو المزمع أن‮ ‬يفعل هذا؟‮" ‬كان من‮  ‬المتوقع أن لا‮ ‬يفكروا في‮ ‬شئ الآن سوي‮ ‬موت سيدهم المبارك‮ ‬،‮ ‬ويحدث أحياناً‮ ‬أن تكون لنا مشاعر حقيقية تحمل شهادة عن محبتنا للرب‮ ‬يسوع ولكن أيضاً‮ ‬ربما تكون مختلطة وفي‮ ‬نفس الوقت بأشياء أخري‮ ‬،‮ ‬مثل مشاجرة التلاميذ هذه‮ ‬،‮ ‬يالغباوة وحماقة قلب الإنسان‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬يُحسَب مثل‮ ‬غبار الميزان‮ ‬.
ولكن الرب المملوء نعمة ووداعة‮ ‬ينسي‮ ‬نفسه في‮ ‬اعتنائه بتلاميذه قائلاً‮ ‬لهم‮ "‬الكبير فيكم ليكن كالأصغر والمتقدم كالخادم‮" ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يعلم جيداً‮ ‬كيف‮ ‬يعلمهم بواسطة شخصه كالمثال الكامل‮ ‬،‮ ‬فيالعظم محبة الله‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬نفس الوقت‮ ‬يريهم النعمة والأمانة التي‮ ‬كانوا مدينون بها له‮ ‬،‮ ‬فهو لسان حاله‮ (‬أنتم‮ ‬غير محتاجين ان ترفعوا أنفسكم لأن أبي‮ ‬سيرفعكم‮) ‬،‮ "‬أنتم الذين ثبتوا معي‮ ‬في‮ ‬تجاربي‮ ‬،‮ ‬وأنا أجعل لكم كما جعل لي‮ ‬أبي‮ ‬ملكوتاً‮ ‬لتأكلوا وتشربوا علي‮ ‬مائدتي‮ ‬في‮ ‬ملكوتي‮ ‬،‮ ‬وتجلسوا علي‮ ‬كراسيَّ‮ ‬تدينون أسباط اسرائيل الاثني‮ ‬عشر‮" (‬لو‮ ‬22‮ : ‬28‮ ‬-‮ ‬30‮) ‬.
وبدلاً من ان‮ ‬يغضب الرب لأجل هذا التصرف الردئ من تلاميذه فهو‮ ‬يظهر لهم انه ليس هناك نعمة في‮ ‬البشر‮ ‬،‮ ‬ولكن توجد نعمة في‮ ‬هذا الإنسان الوحيد الذي‮ ‬هو نفسه‮ ‬،‮ ‬فهذه النعمة الكاملة هي‮ ‬في‮ ‬يسوع‮ ‬،‮ ‬وهو‮ ‬يضع تلاميذه فيها بغض النظر عن تصرفهم تجاهه‮ ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يثبتهم راسخين علي‮ ‬مبدأ النعمة بدلاً من تصرفات الجسد الغبية التي‮ ‬ظهرت فيما بينهم‮ ‬،‮ ‬كما قال هو إنني‮ ‬مملوء بالنعمة تجاهكم وإنني‮ ‬واثق بأن الملكوت هو لكم‮ ‬.
فنحن موضعون تحت النعمة وصوتها دائماً‮ ‬يُسمَع‮ ‬،‮ ‬إنها تفترض أننا لا نصمد أمام ضعفاتنا‮ ‬،‮ ‬ولكننا نثبت مع‮ ‬يسوع‮ ‬،‮ ‬وهو‮ ‬يعطي‮ ‬لنا ملكوت كما أعطي‮ ‬الآب له ملكوت‮ ‬،‮ ‬وعلاوة علي‮ ‬ذلك فإن النفس التي‮ ‬تتمتع بتلك الأشياء‮ ‬يجب أن تتدرب‮ ‬،‮ ‬والجسد لابد أن‮ ‬يصير ظاهراً‮ ‬لنا ومن خلال ذلك نري‮ ‬الأعواز خلال التجارب التي‮ ‬نتعرض لها‮ ‬،‮ ‬ولكن‮ ‬يسوع‮ ‬يجعلنا نثبت معه‮ ‬،‮ ‬لأننا ننتمي‮ ‬إليه‮ ‬،‮ ‬فإذا كان‮ ‬يقول لتلاميذه‮ "‬اجعل لكم ملكوتاً‮ ‬لتجلسوا علي‮ ‬كراسيَّ‮ ‬....‮" ‬فهو في‮ ‬نفس الوقت مهتم بإظهار ما هو الجسد الذي‮ ‬فيهم‮ ‬.
وقال الرب‮ "‬سمعان سمعان هوذا الشيطان طلبكم لكي‮ ‬يغربلكم كالحنطة ولكني‮ ‬طلبت من أجلك لكي‮ ‬لا‮ ‬يفني‮ ‬ايمانك‮" (‬لو‮ ‬22‮ : ‬31‮ ‬،‮ ‬32‮) ‬،‮ ‬فلم‮ ‬يقل له أنك سوف لا تُجرَب‮ ‬،‮  ‬أو أنني‮ ‬سأمنع الشيطان من أن‮ ‬يجربك‮ ‬،‮ ‬لم‮ ‬يقل ولم‮ ‬يفعل هذا‮ ‬،‮ ‬فنري‮ ‬هنا ان الله‮ ‬غالباً‮ ‬ما‮ ‬يترك تلاميذه في‮ ‬مواجهة عدوهم‮ ‬،‮ ‬ولكنه لا‮ ‬يهلكهم‮ ‬،‮ ‬ولكن‮ ‬يُترَكون الي‮ ‬حين في‮ ‬مواجهة العدو‮ ‬،‮ ‬ولكن في‮ ‬نفس الوقت عين الرب لا تتحول عنهم خلال ذلك كما نري‮ ‬في‮ (‬رؤ‮ ‬2‮ : ‬10‮) "‬هوذا إبليس مزمع أن‮ ‬يلقي‮ ‬بعضاً منكم في‮ ‬السجن لكي‮ ‬تُجرَبوا‮ ‬،‮ ‬ويكون لكم ضيق عشرة أيام‮ ‬،‮ ‬كن أميناً‮ ‬إلي‮ ‬الموت فسأعطيك أكليل الحياة‮" ‬.
ولربما بطرس‮ ‬يسأل الرب ألم تقدر أن تنجيني‮ ‬من تلك الغربلة‮ ‬،‮ ‬مثل مرثا ومريم اللتين أمنوا أن الرب قادر علي‮ ‬أن‮ ‬يمنع موت لعازر‮ ‬،‮ ‬وحقاً‮ ‬هو قادر علي‮ ‬فعل هذا‮ ‬،‮ ‬لأن الذي‮ ‬يعطي‮ ‬اكليل الحياة قادر علي‮ ‬أن‮ ‬يمنع من الدخول إلى التجربة‮ ‬،‮ ‬ولكنه لا‮ ‬يفعل ذلك‮ ‬،‮ ‬لكي‮ ‬نُجرَّب‮ ‬،‮ ‬فقد رغب الشيطان أن‮ ‬يغربل أيوب مثل الحنطة وسمح الله له بذلك كما‮ ‬يحدث لنا نحن أيضاً‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬اثناء ذلك نري‮ ‬ما في‮ ‬داخل أنفسنا‮ ‬،‮ ‬فلماذا هو‮ ‬يتعامل معي‮ ‬بمثل هذه الطريقة ؟ ولماذا‮ ‬يضعني‮ ‬في‮ ‬مثل هذه البوتقة ؟ آه إنها رغبة الشيطان‮ ‬،‮ ‬والله هو الذي‮ ‬يسمح له بذلك‮ ‬،‮ ‬فتوجد أمور كثيرة تحدث لنا ونحن لا ندركها‮ ‬،‮ ‬ولكن تلك الامور تُظهِر لنا ما هو الجسد‮ ‬.
وعندما‮ ‬يريد الله أن‮ ‬يستخدم انسان مؤمن في‮ ‬عمله فإنه‮ ‬يأخذ إنسان قد تألم بما فيه الكفاية من خلال التجارب‮ ‬،‮ ‬كما هو مكتوب هنا‮ "‬هوذا الشيطان قد طلبكم لكي‮ ‬يغربلكم‮" ‬إن الخطر هو أمام الجميع ولكن هنا‮ ‬يتحدث الي‮ ‬بطرس‮ "‬طلبت لأجلك‮" ‬لأجلك أنت بصفة خاصة لأنه كان مزمعاً‮ ‬أن‮ ‬يأخذ مكانه اكثر مسئولية من الآخرين‮ ‬،‮ ‬فعلي‮ ‬الرغم من أن الجميع قد تعرضوا للغربلة عند موت المسيح‮ ‬،‮ ‬إلا أن بطرس كان معرضاً‮ ‬للخطر أكثر منهم‮ ‬.
فيقول الرب لبطرس‮ "‬وأنت متي‮ ‬رجعت ثبِّت اخوتك‮" ‬فالرب لم‮ ‬يجنب أياً‮ ‬من تلاميذه من تلك الغربلة‮ ‬،‮ ‬ولكن بطرس كان أكثر تميزاً‮ ‬في‮ ‬التجربة لكي‮ ‬يكون مؤهلاً‮ ‬أن‮ ‬يُثبِّت اخوته‮ ‬،‮ ‬فقد كان بطرس مليئاً‮ ‬من الثقة في‮ ‬الذات‮ ‬،‮ "‬يارب اني‮ ‬مستعد أن أمضي‮ ‬معك حتي‮ ‬الي‮ ‬السجن وإلي‮ ‬الموت‮" (‬لو‮ ‬22‮ : ‬33‮) ‬،‮ ‬ولكن‮ ‬يجيب‮ ‬يسوع‮ "‬لا‮ ‬يصبح الديك اليوم حتي‮ ‬تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني‮" (‬لو‮ ‬22‮ : ‬34‮) ‬.
فقد كانت قوة‮  ‬الجسد في‮ ‬بطرس كافية فقط بأن تلقيه في‮ ‬التجربة‮ ‬،‮ ‬ولكنه‮ ‬يفشل هناك‮ ‬،‮ ‬لقد‮  ‬انكر بطرس الرب‮ ‬يسوع حتي‮ ‬في‮ ‬محضره‮ ‬،‮ ‬فالتفت الرب ونظر الي‮ ‬بطرس عندما أنكره أمام جارية قائلاً‮ "‬لست اعرفه‮" ‬،‮ ‬فعلي‮ ‬الرغم من أن الرب قد حذره‮ ‬،‮ ‬ولكن الرب لم‮ ‬يسمح بأن‮ ‬يُحفَظ بطرس بواسطة العناية الإلهية في‮ ‬تلك اللحظة‮ ‬،‮ ‬لأنه كان محتاجاً أن‮ ‬يتعلم بالاختبار ما هو في‮ ‬ذاته ونفسه‮ ‬.
وإذا لاحظنا كل ما صنعه المسيح‮ ‬،‮ ‬سنري‮ ‬كيف كانت عينه علي‮ ‬بطرس في‮ ‬ذلك الوقت‮ ‬،‮ ‬إن نعمة المسيح قد التقت ببطرس هناك وقد رافقته خلال التجربة بأكملها‮ ‬،‮ ‬فالشئ الأول الذي‮ ‬فعله‮ ‬يسوع أنه صلي‮ ‬لأجله‮ ‬،‮ ‬ليس توبة بطرس هي‮ ‬التي‮ ‬قادت‮ ‬يسوع ليتشفع فيه‮ ‬،‮ ‬بل إن شفاعة‮ ‬يسوع هي‮ ‬التي‮ ‬قادت بطرس الي‮ ‬التوبة‮ ‬،‮ "‬طلبت لأجلك‮" ‬،‮ "‬فالتفت الرب ونظر الي‮ ‬بطرس‮" ‬،‮ ‬ان‮ ‬يهوذا قد أنكر الرب وعندما استيقظ ضميره مضي‮ ‬وقتل نفسه‮ ‬،‮ ‬ولكن هنا نري‮ ‬تأثير صلاة‮ ‬يسوع لحفظ الإيمان في‮ ‬قلب بطرس‮ ‬،‮ ‬وعندما نظر إليه‮ ‬يسوع كُسر قلبه وبكي‮ ‬.
فأول شئ‮ ‬يجب أن نلاحظه هنا ان الرب صلي‮ ‬من أجل بطرس‮ ‬،‮ ‬والشئ الثاني‮ ‬أنه دائماً‮ ‬كانت عينه علي‮ ‬تلميذه‮ ‬،‮ ‬وبمجرد صياح الديك نظر‮ ‬يسوع اليه فبكي‮ ‬بطرس بكاءاً‮ ‬مراً‮ ‬،‮ ‬وهكذا‮ ‬يتعامل الرب معنا بنفس الطريقة‮ ‬،‮ ‬انه‮ ‬يصلي‮ ‬لأجلنا‮ ‬،‮ ‬ويسمح لنا بالدخول الي‮ ‬التجربة والله‮ ‬يسمح لنا بذلك لأنه‮ ‬يري‮ ‬النتيجة من وراء ذلك‮ ‬،‮ ‬فلو كان بطرس لديه الشعور بضعفه ما كان محتاجاً‮ ‬لتلك التجربة‮ ‬،‮ ‬فهذه التجربة هي‮ ‬النتيجة الطبيعية لما كان في‮ ‬الجسد‮ ‬،‮ ‬فقد كان الله قاصداً‮ ‬ان‮ ‬يستخدمه‮ ‬،‮ ‬ويعطيه مكانة مميزة لأجل خدمته‮ ‬،‮ ‬فالسبب في‮ ‬السقوط هي‮ ‬الثقة الذاتية‮ ‬،‮ ‬ولأن الجسد كان فعَّالاً‮ ‬.
إن الله فعل كل شئ حسناً‮ ‬لبطرس‮ ‬،‮ ‬وقد رأي‮ ‬بطرس قوة الشيطان اثناء الغربلة‮ ‬،‮ ‬إن باقي‮ ‬التلاميذ ليس لهم نفس القوة الجسدية‮ ‬،‮ ‬لأنهم هربوا حالاً‮ ‬،‮ ‬فلم‮ ‬يكن لديهم الثقة الكثيرة بالجسد مثل بطرس‮ ‬،‮ ‬فالله ترك بطرس للجهاد ضد الشيطان‮ ‬،‮ ‬ويسوع قد صلي‮ ‬لأجله بالرغم من سقوطه لكي‮ ‬لا‮ ‬يفني‮ ‬إيمانه‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬لحظة سقوط بطرس تحولت إليه عين‮ ‬يسوع مباشرة‮ ‬،‮ ‬إن هذه النظرة لم تعطه سلام‮ ‬،‮ ‬بل اضطراب الوجه‮ ‬،‮ ‬ولذا خرج وبكي‮ ‬بكاءاً‮ ‬مراً‮ ‬،‮ ‬فقد تعلَّم ذاته ونفسه‮ ‬،‮ ‬فعن طريق ارتكابه للخطية تعلم فشله‮ ‬،‮ ‬ولم‮ ‬يستطع بطرس ان‮ ‬ينسي‮ ‬أنه قد أنكر الرب‮ ‬،‮ ‬ولكن الرب قد استخدم سقوطه هذا في‮ ‬علاج حالته‮ ‬.
إنه نفس الشئ‮ ‬يحدث معنا‮ ‬،‮ ‬فنحن‮ ‬غالباً‮ ‬نسقط في‮ ‬الأخطاء التي‮ ‬لا‮ ‬يمكن علاجها بسبب الثقة الجسدية‮ ‬،‮ ‬فماذا‮ ‬يفعل الإنسان عندما لا تكون هناك امكانية لإصلاح الخطأ الذي‮ ‬ارتكبه ؟ ليس له إلا بأن‮ ‬يلقي‮  ‬نفسه علي‮ ‬نعمة الله‮ ‬،‮ ‬وعندما‮ ‬يكون الجسد قوياً‮ ‬يسمح الله لنا بالسقوط‮ ‬،‮ ‬لأننا عندئذ لا نكون في‮ ‬حالة الاتكال التي‮ ‬نكون فيها محفوظين بنعمة الرب‮ ‬،‮ ‬إن‮ ‬يعقوب كذلك كان خائفاً‮ ‬من عيسو أخيه‮ ‬،‮ ‬ولكن الله لم‮ ‬يتركه ليد‮  ‬أخيه‮ ‬،‮ ‬بل اعطاه ايماناً‮ ‬كافياً‮ ‬لاجتياز تلك الصعوبة‮ ‬،‮ ‬وقد صارع الله مع‮ ‬يعقوب‮ ‬،‮ ‬وقد‮ ‬غلب‮ ‬يعقوب‮ ‬،‮ ‬ولكن كان لابد أن‮ ‬يشعر‮ ‬يعقوب في‮ ‬قلبه بآلام تلك الصعوبة‮ ‬،‮ ‬والله قد حفظه من بغضة عيسو أخيه‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬نهاية ذلك الطريق استطاع‮ ‬يعقوب ان‮ ‬يقول‮ "‬الله الذي‮ ‬رعاني‮ ‬منذ وجودي‮ ‬الي‮ ‬هذا اليوم‮ ‬،‮ ‬الملاك الذي‮ ‬خلَّصني‮ ‬من كل شر‮ " (‬تك‮ ‬48‮ : ‬15‮ ‬،‮ ‬16‮) ‬.
وعندما‮ ‬يسمح الله لقلب المؤمن ان‮ ‬يجتاز التجربة فهو‮ ‬غالباً‮ ‬يترك القلب لأيدي‮ ‬الشيطان‮ ‬،‮ ‬ولكنه لا‮ ‬يترك ضمائر أولاده أبداً‮ ‬ليد العدو‮ ‬،‮ ‬إن ضمير‮ ‬يهوذا كان في‮ ‬يد الشيطان‮ ‬،‮ ‬ولهذا قد سقط في‮ ‬بالوعة اليأس‮ ‬،‮ ‬فقلب بطرس كان في‮ ‬يد الشيطان الي‮ ‬حين‮ ‬،‮ ‬أما ضميره فلا‮ ‬،‮ ‬لذا فبدلاً‮ ‬من أن‮ ‬ييأس بطرس عبَّرت محبة المسيح له بنظرة كانت فيها القوة لتتلامس مع قلبه‮ ‬.
ان نعمة الله عندما تعمل في‮  ‬القلب فهي‮ ‬تعطي‮ ‬الشعور بالخطية‮ ‬،‮ ‬ولكن في‮ ‬نفس الوقت تصل محبة المسيح الي‮ ‬الضمير لتعمِّق الشعور بالخطية اكثر‮ ‬،‮ ‬واذا كان هذا الشعور عميق فهذا لأن الشعور بمحبة المسيح‮ ‬يكون عميقاً‮ ‬أيضاً‮ ‬،‮ ‬وقد كان رد نفس بطرس كاملاً‮ ‬،‮ ‬إنه لم‮ ‬يستطع أن‮ ‬ينسي‮ ‬خطيته‮ ‬،‮ ‬فليس فقط قد‮ ‬غُفرَت خطيته تماماً‮ ‬،‮ ‬ولكن ضميره ايضاً‮ ‬كان في‮ ‬يد الرب عندما أعلن الروح القدس له كمال قلب‮ ‬يسوع‮ ‬،‮ ‬وضميره كان قد تطهر تماماً‮ ‬حتي‮ ‬أنه استطاع ان‮ ‬يقف ويدين اليهود في‮ ‬نفس الخطية التي‮ ‬كان قد ارتكبها هو شخصياً‮ ‬في‮ ‬ظروف شائكة‮ ‬،‮ "‬أنكرتم القدوس البار‮" (‬أع‮ ‬3‮ : ‬14‮) ‬،‮ ‬فتلك كانت كلماته‮ ‬،‮ ‬لأن دم المسيح قد طهَّر ضميره تماماً ،‮ ‬فإذا سألناه عن قوته الجسدية‮ ‬،‮ ‬لأجاب إنني‮ ‬قد أنكرت الرب‮ ‬،‮ ‬ولكن لولا نعمته المُطهِّرة لما قدرت أن أفتح فمي‮ ‬.
ولم‮ ‬يعيِّر الرب بطرس بخطيته عندما كان له حديث معه فيما بعد علي‮ ‬بحر طبرية‮ ‬،‮ ‬لقد انتهي‮ ‬هذا الامر فلم‮ ‬يقل له لماذا أنكرتني‮ ‬؟ كلا‮ ‬،‮ ‬فلا‮ ‬يمكن ان‮ ‬يذكِّره الرب بفشله مرة أخري‮ ‬،‮ ‬ولكن علي‮ ‬النقيض من هذا كان تصرف المسيح معه بحسب تلك المحبة المكتوب عنها‮ "‬لن اذكر خطاياهم وتعدياتهم فيما بعد‮" ( ‬عب‮ ‬10‮ : ‬17‮ ) ‬فيسوع قد نسي‮ ‬الكل‮ ‬،‮ ‬ولكن تبقي‮ ‬شئ واحد‮ ‬يجب أن‮ ‬يظهر لبطرس‮ ‬،‮ ‬أنه أصل أو جذر الخطية‮ ‬،‮ ‬النقطة التي‮ ‬سقط عندها‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬تجربة الشيطان له عندما كان له الرغبة الحارة في‮ ‬محبة‮ ‬يسوع وكان سبب سقوطه هو الثقة في‮  ‬الجسد‮ ‬،‮ ‬ولكن الآن قد تحطمت تلك الثقة‮ ‬،‮ ‬وضميره الآن قد مُسّ‮ ‬،‮ ‬وهذا كان مهماً‮ ‬جداً‮ ‬لادراكه الروحي‮ ‬وتشكيله‮ ‬،‮ ‬فبطرس الذي‮ ‬افتخر بمحبته ليسوع اكثر من الجميع كان قد سقط اكثر من الكل‮ ‬.
فسأله‮ ‬يسوع‮ "‬هل تحبني‮ ‬اكثر من هؤلاء؟‮" ‬فأين الآن ثقة بطرس الذاتية ؟‮ ‬،‮ ‬ويكرر‮ ‬يسوع السؤال ثلاث مرات‮ ‬،‮ ‬هل تحبني‮ ‬؟‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬نفس الوقت لم‮ ‬يرد الرب تذكرته بتاريخه‮ ‬،‮ ‬فكانت اجابة بطرس‮ "‬أنت تعلم كل شئ‮ ‬،‮ ‬أنت تعلم أني‮ ‬أحبك‮" ‬،‮ ‬فهو‮ ‬يترك الحُكم للرب ولمعرفته الإلهية‮ ‬،‮ "‬فأنت تعلم أني‮ ‬أحبك‮" ‬هذا ما قد فعله الرب لبطرس‮ ‬،‮ ‬وهذا بعد سقوطه‮ ‬.
إن الرب الذي‮ ‬كان قد سبق وأخبر بطرس بفشله‮ ‬يسأله الآن‮ "‬هل تحبني‮ ‬أكثر من هؤلاء ؟‮ " ‬فلم‮ ‬يستطع بطرس أن‮ ‬يجيب بشئ سوي‮ ‬انه كان قد تعلَّم ضعفه‮ ‬،‮ ‬وانه احب‮ ‬يسوع اقل من باقي‮ ‬التلاميذ‮ ‬،‮ ‬فالعلاقة بين الرب وبطرس كانت في‮ ‬نعمة كاملة‮ ‬،‮ ‬فليس هناك مصدر اخر سوي‮ ‬الثقة في‮ ‬الرب‮ ‬يسوع‮ ‬،‮ ‬وهو الآن استطاع ان‮ ‬يكون شاهداً‮ ‬للرب‮ ‬،‮ ‬لأنه كان قد شعر بنظرة القوة التي‮ ‬كان‮ ‬يسوع قد نظر بها إليه‮ ‬.
وكأن لسان حال بطرس إنني‮ ‬أثق فيك أنت الذي‮ ‬تعلم كيف إني‮ ‬أنكرتك‮ ‬،‮ ‬فاعمل معي‮ ‬ما تراه صالحاً‮ ‬،‮ ‬ومن هنا نري‮ ‬الرب‮ ‬يعضد قلب تلميذه المحبوب‮ ‬،‮ ‬ولذا قال له الرب‮ "‬وأنت متي‮ ‬رجعت ثبِّت اخوتك‮" ‬،‮ ‬ما الذي‮ ‬جعل بطرس قادراً‮ ‬علي‮ ‬أن‮ ‬يُثبِّت اخوته ؟ ان انكاره للرب قد علمه ما هو الجسد‮ ‬،‮ ‬فلم‮ ‬يعد‮ ‬يثق في‮ ‬نفسه بأي‮ ‬شئ‮ ‬،‮ ‬لقد تعلم انه‮ ‬غير قادر علي‮ ‬فعل أي‮ ‬شئ إلا بأن‮ ‬يثق في‮ ‬الله‮ ‬،‮ ‬فمهما كان عجزه وضعفه في‮ ‬مقاومة الشيطان‮ ‬،‮ ‬فإنه استطاع ان‮ ‬يحتكم لنعمة الذي‮ ‬يعرف كل شئ‮ ‬،‮ ‬ان معرفة الشخص الذي‮ ‬استطاع أن‮ ‬يثق في‮ ‬الرب هي‮ ‬التي‮ ‬تجعله قوياً‮ ‬،‮ ‬فبعد أن تعلِّم بطرس عجزه في‮  ‬فعل أي‮ ‬شئ بالجسد‮ ‬،‮ ‬استطاع الرب بعدها ان‮ ‬يأتمنه علي‮ ‬خرافه الخاصة‮ "‬ارعي‮ ‬غنمي‮" ‬،‮ ‬فليس قبل ذلك‮ ‬يستطيع ان‮ ‬يُثبّت اخوته‮ ‬،‮ ‬إن الجسد له ثقة في‮ ‬الجسد‮ ‬،‮ ‬وهذه هي‮ ‬الحماقة التي‮ ‬غالباً ما نسقط فيها‮ ‬،‮ ‬فمن الضروري‮ ‬أن نتعلم أنفسنا من خلال المعركة مع الشيطان‮ ‬،‮ ‬فكل مسيحي‮ ‬يجب ان‮ ‬يتعلم ما بداخله من خلال الظروف التي‮ ‬يجتاز خلالها‮ ‬،‮ ‬والله‮ ‬يتركنا لغربلة الشيطان حتي‮ ‬نتعلم ما بقلوبنا‮ ‬،‮ ‬فيا تري‮ ‬هل لنا الاتضاع الكافي‮ ‬والأمانة لنقول له‮ (‬إنني‮ ‬لا استطيع فعل شئ بدونك‮) ‬،‮ ‬فالله لا‮ ‬يريد ان‮ ‬يتركنا لهذا الاختبار المؤلم لنتعلم ضعفنا إن كنا ضعفاء حقيقة‮ ‬،‮ ‬ان الله لا‮ ‬يتركنا ابداً‮ ‬،‮ ‬ولكن عندما نكون‮ ‬غير شاعرين بضعفاتنا فيجب ان نتعلم ذلك عن طريق الاختبار‮ ‬.
فاذا لم‮ ‬يسلك المسيحي‮ ‬بالشعور الدائم بضعفه‮ ‬يتركه الله لمواجهة الشيطان لكي‮ ‬يتعلم ذلك‮ ‬،‮ ‬وغالباً‮ ‬الشخص‮ ‬يسقط في‮ ‬اخطاء لها نتائج‮ ‬غير قابلة للإصلاح‮ ‬،‮ ‬وهذا هو أصعب ما في‮ ‬الأمر‮ ‬.
إن‮ ‬يعقوب كان أعرج كل ايام حياته‮ ‬،‮ ‬ولماذا صار ذلك ؟ لأنه كان أعرج من الناحية الأدبية لمدة واحد وعشرين سنة‮ ‬،‮ ‬وقد صارع مع الله القدير‮ ‬،‮ ‬فكان‮ ‬يجب ان‮ ‬يشعر كم هو ضعيف في‮ ‬الجسد‮ ‬،‮ ‬والله لم‮ ‬يتركه ليتصارع مع عيسو‮ ‬،‮ ‬ونحن بدورنا لا‮ ‬يجب ان نندهش اذا كان الرب‮ ‬يتركنا لصعوبة ما‮ ‬،‮ ‬لأنه‮ ‬يفعل هذا لأن هناك شئ ما لم‮ ‬يُكسَر فينا‮ ‬،‮ ‬فنحن في‮ ‬احتياج ان نكون حساسين لذلك‮ ‬،‮ ‬ولكن النعمة دائماً‮ ‬هي‮ ‬وراء كل هذا‮ ‬،‮ ‬فالمسيح كُلِّي‮ ‬النعمة‮ ‬،‮ ‬فاذا كان‮ ‬يظهر لنا أحياناً‮ ‬أنه‮ ‬يتركنا لكي‮ ‬يعلمنا ضعفنا‮ ‬،‮ ‬ولكنه لا‮ ‬يزال كلي‮ ‬النعمة والنعمة الكاملة تجاهنا‮ ‬.
إنه ليس عندما التفت بطرس الي‮ ‬الرب نظر الرب إليه‮ ‬،‮ ‬ولكن هنا نري‮ ‬أن الرب‮ ‬يسوع قد قال له قبل أن‮ ‬يسقط‮ "‬طلبت لأجلك‮" ‬،‮ ‬لأن النعمة دائماً‮ ‬تتقدمنا‮ ‬،‮ ‬فيسوع‮ ‬يري‮ ‬رغبة الشيطان ويتركنا لتلك الرغبة‮ ‬،‮ ‬ولكنه‮ ‬يعتني‮ ‬بنا ويحفظنا خلال ذلك‮ ‬،‮ ‬انه ليس عندما نظر بطرس الي‮ ‬يسوع‮ ‬،‮ ‬ولكن عندما نظر‮ ‬يسوع الي‮ ‬بطرس خرج وبكي‮ ‬بكاءاً‮ ‬مراً‮ ‬،‮ ‬ان محبة المسيح دائماً‮ ‬تسبق خاصته وتحتضنهم‮ ‬،‮ ‬تسبقنا في‮ ‬كل صعوباتنا‮ ‬،‮ ‬وتحملنا خلال كل العقبات‮ ‬،‮ ‬فبينما تتركنا تلك المحبة في‮ ‬أيدي‮ ‬الشيطان الي‮ ‬حين كي‮ ‬ما نتعلم اختبارياً‮ ‬ما نحن عليه في‮ ‬ذواتنا‮ ‬،‮ ‬إلا أنها دائماً‮ ‬قريبة منا وتعلم جيداً‮ ‬كيف تحفظنا من حيِّل العدو‮ ‬،‮ ‬فهنا نري‮ ‬بوضوح الصلاح الكامل والنعمة التي‮ ‬لهذا الشخص الذي‮ ‬يحبنا‮ ‬،‮ ‬ليس فقط عندما تتحول قلوبنا عنه‮ ‬،‮ ‬ولكنه‮ ‬يكيِّف نفسه كي‮ ‬ما‮ ‬يتعامل مع كل عيب فينا كي‮ ‬يصيِّرنا كاملين ومباركين تماماً‮ ‬بحسب مقاصد الله‮ ‬.
ان كل هذا‮ ‬يعلمنا ان نتضع تحت‮ ‬يد الله القوية لكي‮ ‬يرفعنا في‮ ‬حينه‮ ‬،‮ ‬وعندما اشعر بالانطراح والحزن في‮ ‬التفكير في‮ ‬ذاتي‮ ‬بعد السقوط فلا‮ ‬يجب أن أطلب الراحة بحسب الجسد علي‮ ‬الفور‮ ‬،‮ ‬بل بالأحري‮ ‬يجب أن اطلب اول كل شئ المسيح‮  ‬واستيعاب الدرس الذي‮ ‬يريد الله أن‮ ‬يعلمني‮ ‬اياه‮ ‬.
أحياناً‮ ‬في‮ ‬وسط الظروف المؤلمة‮ ‬يقول المؤمن إنني‮ ‬غير قادر علي‮ ‬فهم ذلك التعليم الذي‮ ‬يريد الرب ان‮ ‬يعلمني‮ ‬اياه بواسطة هذا‮ ‬،‮ ‬لا بأس فالله‮ ‬يعرف كل شئ‮ ‬،‮ ‬وهو‮ ‬يتركك هناك للغربلة لكي‮ ‬يأتي‮ ‬بك الي‮ ‬معرفة أعمق بشخصه وبذاتك ايضاً‮ ‬،‮ ‬انه‮ ‬يرغب ان‮ ‬يظهر لك كل ما هو في‮ ‬ذاته ويظهر عمله من خلالك‮ ‬،‮ ‬ولذا‮ ‬يجب ان لا تتنصل من تلك الغربلة أو تحاول التخلص منها‮ ‬،‮ ‬بل بالحري‮ ‬نقبل التعليم الثمين الذي‮ ‬يريد الرب أن‮ ‬يقدمه لنا من خلال ذلك‮ ‬،‮ ‬فنحن سنحصل علي‮ ‬معرفة أعمق للرب ومعرفة أعمق لذواتنا‮ ‬.
نحن‮ ‬يجب ان نتعلم ان نُخضِع ذواتنا ليده القوية حتي‮ ‬يرفعنا هو‮ ‬،‮ ‬ياليب الرب‮ ‬يعطينا نعمة لكي‮ ‬نعرفه هو وحده‮ ! ‬،‮ ‬فإذا تعلمنا ما نحن عليه فقط فلسوف ننطرح الي‮ ‬بالوعة اليأس‮ ‬،‮ ‬ولكن‮ ‬غرضه هو أن‮ ‬يعطينا معرفة لذواتنا ومعرفة نعمته التي‮ ‬تجعلنا نصل الي‮ ‬النتيجة المتوقعة‮ ‬،‮ ‬وبذا نستطيع ان نقول مع المرنم‮ "‬إنما خير ورحمة‮ ‬يتبعانني‮ ‬كل أيام حياتي‮ ‬،‮ ‬واسكن في‮ ‬بيت الـرب الي‮ ‬مدي‮ ‬الايــام‮" ( ‬مز‮ ‬23‮ : ‬6‮ ) ‬.



بقلم يوحنا داربي  
ترجمة : عاطف فهيم

ليست هناك تعليقات: