الخميس، 17 مارس 2011

كلمة تحريض كتبها يوحنا داربي في اواخر ايامه


إن‮ ‬يوم الارتداد قادم سريعاً‮ ‬بخطوات واسعة جداً‮ ‬،‮ ‬وكذا اللحظة التي‮ ‬فيها‮ ‬يأتي‮ ‬الرب ليختطف خاصته‮ ‬،‮ ‬ورجال الله الأتقياء في‮ ‬كل مكان الذين‮ ‬يراقبون علامات الأزمنة‮ ‬يرون سرعة قرب اللحظة التي‮ ‬ستنهي‮ ‬التدبير الحاضر الذي‮ ‬فيه‮ ‬يتعامل الله مع البشر بالنعمة‮.‬
بهذه النعمة أيها الإخوة الأعزاء قد جمعكم الله من وسط خرب المسيحية وما فيها من وثنية وشرور‮ ‬،‮ ‬ومن العالم المقضي‮ ‬عليه بهلاك ودينونة سدوم وعمورة قديماً‮- ‬فهل لديكم أيها الأحباء الشعور الكافي‮ ‬بمسئوليتكم التي‮ ‬تتناسب مع‮ ‬غبطة الأساس المبارك الذي‮ ‬أنتم عليه؟ هل تسلكون كرجال ونساء لهم العيون المفتوحة التي‮ ‬لا‮ ‬يغيب عنها الحق الخاص بالأيام التي‮ ‬نعيش فيها ؟
صدقوني‮ ‬إنكم معرضون لخطر عظيم هو خطر التحول عن مركز الشهادة السامي‮ ‬،‮ ‬لأن الشيطان مشغول بكم أكثر من‮ ‬غيركم‮ ‬،‮ ‬ويجب أن لا نستهين به بل لنعمل حساباً‮ ‬لحيله لأن كل‮ ‬غرضه أن‮ ‬يحوِّل أنظاركم عن المسيح‮ ‬،‮ ‬إذ في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تتصورون فيه أنكم في‮ ‬مأمن من مكايده لأنكم واقفون علي‮ ‬صخرة الحق الإلهي‮ ‬في‮ ‬ذلك الوقت عينه‮ ‬يسعي‮ ‬عدوكم لإفساد شهادتكم وإتلاف حياتكم الروحية مستخدماً‮ ‬في‮ ‬ذلك ذات الحق المتعلق بمقامكم ومركزكم‮ .‬
عليكم أن تشهدوا ضد حيّل ذلك العدو الخبيث‮ ‬،‮ ‬لأنه لا‮ ‬يمكن أن تأمنوا مكايده بالرغم من صحة الأساس الذي‮ ‬أنتم عليه‮ ‬،‮ ‬إلا إذا لم‮ ‬يكن هناك شئ‮ ‬يفصل بين نفوسكم وبين المسيح أما إذا سمحتم لأي‮ ‬شئ مهما كان صغيراً‮ ‬لأن‮ ‬يدخل بين نفوسكم والمسيح فلابد أن فيلادلفيتكم تصير لاودكية‮ ‬،‮ ‬ولا تكونوا‮ (‬مع أن أساسكم الكتابي‮ ‬صحيح‮) ‬أكثر أمناً‮ ‬من بقية المسيحية‮ ‬،‮ ‬ولابد أن تفارقكم قوتكم وتصيرون ضعفاء كأي‮ ‬إنسان آخر‮ .‬
إن الشيطان‮ ‬يستخدم العالم بأي‮ ‬شكل من الأشكال ليدخل بينكم وبين المسيح‮ ‬،‮ ‬وإذا علمتم بأن أصغر الأشياء العالمية تخدم‮ ‬غرض العدو لعشتم بأكثر احتراس‮ ‬،‮ ‬فهو لا‮ ‬يستخدم الأشياء الفظيعة بل أشياء زهيدة تبدو وكأن لا ضرر من ورائها‮ ‬،‮ ‬لإتلاف شهادتكم وفصلكم عن المسيح‮ .‬
أيها الإخوة والأخوات إني‮ ‬أخاف لئلا تكونوا قد أصبتم بعدوي‮ ‬الروح العالمية السامة‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬كل اجتماع‮ ‬،‮ ‬لباسكم وسلوككم وحديثكم ونقص روحانتيكم هي‮ ‬سبب انحطاطكم وضعفكم‮ ‬،‮ ‬ألستم تشعرون بثقل وجفاف أو بالحري‮ ‬سآمة وفتور في‮ ‬الاجتماعات‮ ‬،‮ ‬وكأن حالة قلوبكم أصبحت مكشوفة ؟ أو أن صورة التقوي‮ ‬بدون قوتها قد بدأت تُري‮ ‬بينكم كما سادت بصفة عامة في‮ ‬وسط المسيحية ؟
تذكروا بأنكم إذا مازجتم العالم فمركزكم الممتاز الذي‮ ‬تشغلونه‮ "‬خارج المحلة‮" ‬بدلا من أن‮ ‬يكون سياجاً‮ ‬لكم‮ ‬يصبح سبب دينونة لكم‮ ‬،‮ ‬لأن الله الأب الذي‮ ‬يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يسمح لكم بأن تزنوا عن نعمته وأن تمتزجوا بالعالم الذي‮ ‬فصلكم عنه‮ .‬
ولا‮ ‬يوجد أسمي‮ ‬ولا أعلي‮ ‬من الاحتفاظ بمركز الشهادة للرب الذي‮ ‬دعيتم لأن تشغلوه في‮ ‬هذه الأيام الختامية لهذا الدهر‮ - ‬الأيام الخطرة والصعبة التي‮ ‬فيها أضداد كثيرون للمسيح‮ ‬،‮ ‬تفكروا في‮ ‬رجال الأمناء الذين وقفوا بكل ثبات أمام قوات العدو وهجماته العنيفة ضد الحق المسيحي‮ ‬،‮ ‬وكيف كانوا كحُرَّاس أمناء علي‮ ‬وديعة الحق الإلهي‮ ‬علي‮ ‬مرّ‮ ‬الأيام والليالي‮ ‬المضيئة في‮ ‬كل الثمانية عشر جيلاً‮ ‬الماضية‮ ‬،‮ ‬أما أنتم فلم‮ ‬يبق أمامكم سوي‮ ‬بوق النصرة إذ تذهبون لامتلاك ميراثكم في‮ ‬المجد‮ ‬،‮ ‬ولكنكم عوضا عن السهر وانتظار تلك اللحظة السعيدة فقد تلهيتم في‮ ‬مغازلة دليلة أو نمتم بكل تراخ‮ ‬،‮ ‬نمتم في‮ ‬بلاد العدو‮ .‬
فياقديسي‮ ‬الرب المحبوبين‮ - ‬استيقظوا من سباتكم ولا تناموا كالباقين‮ . ‬اعزلوا عنكم أوثانكم وألهتكم الغريبة‮ - ‬وتطهروا وابدلوا ثيابكم وارجعوا إلي‮ ‬بيت إيل حيث تجدون إلهكم وتذوقون صلاحه وتختبرون حلاوته بكيفية لم تعرفوها من قبل‮ .‬
اطرحوا عنكم آخر بقية من الحياة العالمية‮ - ‬واسهروا علي‮ ‬ألسنتكم حتي‮ ‬يكون حديثكم المستمر عن المسيح وما‮ ‬يهم المسيح‮ ‬،‮ ‬فلا تتحدثوا عن كل شئ كما‮ ‬يحدث كثيراً‮ ‬إلا عن المسيح‮ - ‬ولتمتزج صلواتكم الحارة بكل مثابرة بصلوات‮ ‬غيركم من القديسين في‮ ‬اجتماعات الصلاة‮ - ‬تلك الاجتماعات التي‮ ‬لم تحتاجوا إليها في‮ ‬أي‮ ‬وقت بقدر حاجتكم الشديدة إليها في‮ ‬الوقت الحاضر‮ - ‬لا تهملوا أية فرصة فيها تجمعون لأنفسكم التعاليم والإرشادات من كلمة الله التي‮ ‬وحدها تستطيع أن تحفظنا من طرق المُهلِك‮ ‬،‮ ‬ولتظهر في‮ ‬حياتكم تلك اللآلئ التي‮ ‬تلتقطونها من سماعكم المواعظ من اجتماعات درس الكتاب المقدس أو من تأملاتكم السرية قدام الرب‮ - ‬إذا كنتم تريدون أن تمارسوا عملا‮ ‬يعود عليكم بالمكافأة المجيدة من السيد المحبوب فاسألوا ذلك السيد أن‮ ‬يهيئ لكم عملاً مرضياً‮ ‬وممجداً‮ ‬له‮ ‬،‮ ‬فلا‮ ‬يمكن أن تأسفوا أو تندموا علي‮ ‬مثل ذلك العمل لا في‮ ‬الدهر الحاضر ولا في‮ ‬الآتي‮ .‬
أرجو أن تحتملوا كلمة الوعظ هذه لأنها صادرة من محبة قلبية لنفوسكم‮ - ‬أنتم للمسيح والمسيح لكم فلا تفصموا عري‮ ‬هذه الشركة المقدسة بعيشتكم لذواتكم أو للعالم‮ - ‬لا تجعلوا العذراء المخطوبة‮ ‬غير أمينة لعريسها‮ ‬،‮ ‬بل بالحري‮ ‬اهتموا لكي‮ ‬تصيروا مرضيين لربكم‮ ‬،‮ ‬وتذكروا بأن كل ثمر البر والنعمة الذي‮ ‬يقصد الروح القدس أن‮ ‬ينشئه فيكم‮ ‬يزيد في‮ ‬حُسنكم وجمالكم في‮ ‬عيني‮ ‬ذاك الذي‮ ‬خطبكم لنفسه فلا تحرموه لذَّاته فيكم‮ - ‬تفكروا في‮ ‬محبته لكم وفي‮ ‬آلامه لأجلكم‮ ‬،‮ ‬وأنكم قد استغنيتم بآلامه ودمه فلا تسمحوا للعالم بأن‮ ‬ينساب إلي‮ ‬قلوبكم فيبقي‮ ‬الرب خارج أبواب قلوبكم وحياتكم مُحتقراً‮ ‬ومُهملاً‮ ‬أو منسياً‮.‬
- هيا بنا إذن نطرح أعمال الظلمة الغير مثمرة ونخلع الثياب المدنسة من الجسد
- ‬علينا أن نلتصق بالرب بعزم القلب فيضئ نور شهادة الروح القدس من مصابيحنا وعندئذ‮ ‬يزداد فرحنا بسرعة مجئ الرب فلا نخجل منه في‮ ‬مجيئه‮ .‬

يوحنا داربي

ليست هناك تعليقات: