الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

بوكيم موضوع الوقت الحاضر 

خطاب لمستر داربى

إن الإعتراف والمذلة لابد أن تكون هى الحالة التى تميز اولاد الله فى هذه الأيام ، فلا مجد الله ولا إكرام المسيح ولا حضور الروح القدس صار لهم الإعتبار من جهتنا فى هذه الأيام ، بل وأيضاً لم نعد نهتم بأين كنيسة الله وما حالتها على الأرض ؟ 
أنا لا أتكلم هنا على المستوى الواسع للمسيحية ، ولا حتى على المستوى الأضيق فى إنجلترا
أليس هناك ما يُستدعى للمذلة والإعتراف بين هؤلاء الذين فى الدائرة الضيقة التى أكتب إليها ( يقصد جماعة الأخوة وقتها ) ؟  لكن لأجل أى شئ المذلة والإتضاع ؟ ليجاوب كل واحد حيثما يفكر وحيثما يتكلم ولتكن إجابته بإخلاص من نحو الله والمسيح ومن نحو نفسه ، لكنى هنا أجاوب لأجل نفسى ، وليرى الآخرون كيفما يروا
لقد أسلم الرب يسوع نفسه لأجل خطايانا ، لينقذنا من العالم الحاضر الشرير ، إن محبة العالم عداوة لله ، وأن الإنشغال بالأمور الأرضية هو عداوة لصليب المسيح
والآن إن كنت تكلمت عن الله والمسيح لكن ماذا أقول لنفسى ولإخوتى ، هل نحن عمليا وقلبيا وفكريا وفعليا نحيا فى الروح وليس فى العالم ، كما كان المسيح تبارك اسمه يحيا على الارض .
أنا هنا لا أتكلم عن الأشخاص العالميين الذين يعيشون فى العالم ولا حتى عن هؤلاء المسيحيين الذين فى العالم ، بل عن هؤلاء الذين يعيشون فى الأقداس فى عالم الله
لقد كان لبطرس الاكتفاء والاستناد بالذات وفى ذات الوقت الطاقة القوية والمحبة الشديدة لسيده ( حيث كانت تعمل تلك الدوافع مختلطة بقلب غير متضع ) ، وكل هذا قاده ليستخدم السيف ويقطع أذن عبد رئيس الكهنة ، فعندما تقتحم الذات والعالمية الأقداس فإن الوضع المناسب لنا هو أن ندين ونحكم على أنفسنا ونتذلل أمام الرب ، فالغيرة والإخلاص بدون المعرفة وإن كانا صحيحين فى الغرض ، لكنها تجعلنا ندافع عن أخطاء جسيمة بسبب الذات ، ويلاحقها إيضا أساليب مرتبطة بالاكتفاء والإستناد على الذات فى كافة تصرفاتنا
وقناعتى أن حالتنا العالمية وأفكارنا الأرضية أعمت عيوننا وقست قلوبنا ، والتى كان من نتيجتها لم يعد أحد يتعرض للحالة الأدبية التى صارت عليها الكنيسة والتى يحكم عليها بكل إنصاف من مؤمنين كثيرين ، وقليلين فقط لم يعد لهم فكرة عن هذه الأمور التى لا تحصى الحادثة بيننا ، فعواطفنا من جهة المسيح لم تعد حية بما يكفى لندين مثل هذة الإهانات التى تلحق بالمسيح ، وتجعلنا نقف بعيدا وننفصل عنها ، تلك الأمور التى تجعلنا نصادق على الإهانة للمسيح . إن الرب يرفض بشدة إن نستخدم الأساليب العالمية والأفكار البشرية والإدعاء ، كعباءة وغطاء لعواطف قلوبنا الباردة من نحو المسيح وعدم لمعاننا وغيرتنا ، وانفصالنا عن كل مايهين اسمه وإصرارنا ان نعمل بكل حرية بعيدا عن هذه الأمور لمجده 
والآن بينما يتضح لى السلوك الذى يتعارض مع المسيح ، وهؤلاء الذين يندفعوا وراء حريتهم ليفعلوا إرادتهم ، يبقى السؤال ماذا بعد ؟ هل يروا ان كل هذا يعطل ويمنع هؤلاء الاحباء الى قلوبنا وللمسيح أيضا وأن فى هذا أيضا تعدى على كرامة المسيح ؟ ان الإجابة هنا وأقول بكل خشوع ويقين ان ثمار اعمالنا هى نتاج أفكارنا البشرية وحالتنا العالمية ، 
أما من جهتى فلقد صرت أكثر يقين أنه على أن ازداد كل يوم فى السلوك كنذير ، قد يكون للبعض هذا الامر لينفصلوا وقد يكون للبعض شجاعة وجسارة أكثر ، لكن على كل واحد إن يسلك بمفرده
لقد حدث التعدى على كرامة المسيح وصارت الحالة الأدبية للكنيسة متعديا عليها أيضا سواء عن طريق مباشر من البعض أو غير مباشر من الآخرين ، والذين لا يهتمون بما لسيدهم لم يعد فى بالهم فى أن ينفصلوا عن ارتباطهم بهؤلاء الذين يجدفون عليه .
وأنا أدرك هذا المبدأ فإنه طالما لم يحكم القديسين على الحالة العالمية والأفكار البشرية فستكون النتيجة لا محالة هى إحزان الروح القدس وانطفاؤه
إننى أفضل أن إتذلل جدا وأنحنى الى أقصى ما يمكن محتملا الكل بل وأيضاً كل اللوم من الآخرين ، عَلى إن أرتبط بكل ما يفسد الكنيسة أدبيا ، أو أتساهل مع كل مايهين مجد المسيح أو أرتبط بهؤلاء الذين لا يهمهم مجد المسيح ولا الوضع الأدبى للكنيسة ولا وحدانيتها .

٢٣ يناير ١٨٥٧
J.N . Darby