الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

التوجه الصحيح في التواصل مع الاخرين (3)

جدعـون
دعونا نقرأ (قض 8 : 1-3)
"وَقَالَ لَهُ رِجَالُ أَفْرَايِمَ: «مَا هذَا الأَمْرُ الَّذِي فَعَلْتَ بِنَا، إِذْ لَمْ تَدْعُنَا عِنْدَ ذِهَابِكَ لِمُحَارَبَةِ الْمِدْيَانِيِّينَ؟». وَخَاصَمُوهُ بِشِدَّةٍ. ٢ فَقَالَ لَهُمْ: «مَاذَا فَعَلْتُ الآنَ نَظِيرَكُمْ؟ أَلَيْسَ خُصَاصَةُ أَفْرَايِمَ خَيْرًا مِنْ قَِطَافِ أَبِيعَزَرَ؟ ٣ لِيَدِكُمْ دَفَعَ اللهُ أَمِيرَيِ الْمِدْيَانِيِّينَ غُرَابًا وَذِئْبًا. وَمَاذَا قَدِرْتُ أَنْ أَعْمَلَ نَظِيرَكُمْ؟». حِينَئِذٍ ارْتَخَتْ رُوحُهُمْ عَنْهُ عِنْدَمَا تَكَلَّمَ بِهذَا الْكَلاَمِ"
لنقدم ايضاحاً عن كيفية التعامل مع الاضطرابات التي تحدث بين الاخوة "وقال له رجال افرايم , ما هذا الامر الذي فعلت بنا , إذ لم تدعنا عند ذهابك لمحاربة المديانيين؟ وخاصموه بشدة فقال لهم "ماذا فعلت الان نظيركم؟ أليس خصاصة افرايم خيراً من قطاف ابيعزر ؟ ليدكم دفع الله اميري المديانيين غراباً وذئباً , وماذا قدرت ان اعمل نظيركم ؟ حينئذا ارتخت روحهم عنه عندما تكلم بهذا الكلام" .
ان شعب افرايم شعب يفتخر بذاته وهم الذين قالوا عن انفسهم "وأنا شعب عظيم" (يش 17 : 14) فهم كانوا الاكثر عدداً وبالتالي كان لهم النصيب الاكبر في الارض والميراث , وقد كان لهم الخيمة في احد مدنهم (شيلوه) حيث ينبغي ان كل الاسباط يأتون اليها لكي يسجدوا , وهذه الاشياء جعلتهم يتكبرون وهذا جعلهم يعتقدون ان أي شيء يعمل في اسرائيل يجب ان يعمل بهم ولهم , وبعد هذا وعندما انتصر جدعون لاجل الله وحقق غلبه عظيمة علي المديانين اراد بنو افرايم ان يكون لهم نصيب في هذا المجد , وهنا نري صورة لارتفاع النفس وحب الظهور , وهذا ما كنا نتحدث عنه وأحياناً يكون في الاجتماعات اشخاص بنفس هذه النوعية ويكونوا سبب امتحان لأخرين .
وياتري كيف واجه جدعون هؤلاء الاشخاص ؟ قابلهم "بوداعة المسيح وحلمه" (2كو 10 : 1) ويقول الكتاب "الجواب اللين يصرف الغضب" (أم 15 : 1) وهذا ما حدث هنا فقد اسكت جدعون الافرايميين بجوابه وقد فعل ما قال عنه الرسول بولس لأهل فيلبي "حاسبين بعضكم البعض افضل من انفسهم " فقد كان لسان حاله ماذا فعلت بالمقارنة بكم ؟ فأنتم عملتم العمل الاعظم مني , اليس خصاصة (فضلات الحصاد) العنب في حصاد افرايم اعظم بكثير جداً من كل حصاد ابيعزر (مدينة جدعون) , فهو يقصد هنا سبيهم لرؤساء مديان (غراب وذئب) والذين كانوا اشخاص عظماء بالنسبه لهذا الجيش فنسب العمل الافضل لهم .
وهنا نجد ان توجه جدعون كان صحيحاً , ولكن هذا لا يعفي افرايم من التوجه السيئ الذي له , وإذا لم ندن انفسنا فإن اجلاً أو عاجلاً سوف نواجه تلك المواجهة السيئة لانفسنا , وهذا ما حدث بالضبط مع افرايم في اصحاح (12) فهم واجهوا انسان اخر (يفتاح) ولم يكن يفتاح مثل جدعون وابتدأت الشرارة تشتعل وأدي الامر الي اشتعال الحرب بين شعب الله وقتل الكثيرين وهذا أولي الحروب في اسرائيل بين الشعب واخوتهم للمطالبة بحقوقهم .
وإذا قارنا بعض الفصول في اماكن اخري في سفر القضاة سنعرف ان هناك شعوب سيئة اخري اختلطوا مع افرايم ففي (قض 12 : 15) نجد ان العمالة سكنوا مع شعب افرايم , فلما دخل سبط افرايم ليأخذوا نصيبهم في الارض نقرأ في (يش 17 : 13) "لم يطردوهم طرداً" , فقد تركوا بعضا من العمالة فنقرأ في (قض 5 : 14) ان بعضاً منهم كان لهم جذور في عماليق لانهم تزوجوا من العمالقة وهذا كان امر حتمي فأولاً السكني معهم وبعد ذلك كان لابد ان يتزوجوا منهم , وكما نعلم من الكتب ان عماليق يرمز الي الجسد واعمال الشيطان , وهذا يبين لنا لماذا كان سبط افرايم جسدي .
وأجدني غير محتاج ان اخبرك باننا لابد مواجهين امور خاصة بالذات في الاجتماع وهي تحتاج نعمة لكي نتعامل معها بروح صحيحة . وإذا لم نفعل فسيكون من السهل جداً ان ندمر وحدة الكنيسة ولابد ان يكون هناك افرايم الجسدي في الاجتماع ولابد ان الله سيؤدبهم في وقته ان اجلاً او عاجلاً سيواجهون بيفتاح الخاص بهم , و لكن لا تكن انت يفتاح , لأن الله ليس غير مبال بظلم شعبه , فليس هناك شئ في الكنيسة يمكن أن يمر دون ملاحظة الرب وإذا كانوا بحاجة الي التعامل معهم فسيتعامل معهم بطريقته وفي وقته .

الروح الصحيحة عندما يتم تصحيحنا بواسطة الاخرين
دعونا نقرأ (غل 6 : 18) "نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم ايها الاخوة"
وهنا نجد نفس التحريض المعطي لاجل غلاطية , ولكن لسبب مختلف تماماً , فإن الغلاطيون كانوا قد استقوا بعض التعاليم الخاطئة والخاصة بالخلط بين الناموس والنعمة , فكانوا يحتاجون الي تصحيح بواسطة الرسول بولس فكتب اليهم هذه الرسالة لكي يصحح هذا الخطأ وقبلما يختم الرسالة اعطي هذه الكلمة التي كانوا بحاجة اليها , وبعلمه ميول الطبيعة البشرية , كان يعتقد انه من الجائز ان يستاءوا من كلمته اليهم , ولذلك ختم رسالته بتلك الكلمة التحذيرية , فكان راغباً ان يقبلوا هذا التصحيح بروح صحيحة ولا يستاءوا مما قال .
فيا اخوتي إننا بحاجة الي ان نكون راغبين في التصحيح , لأنه يوجد ميل طبيعي (جسدي) في قلوبنا ان نقابل التوجيه بطريقة خاطئة عندما يلومنا احد بصدد خطأ ما , فمن الجائز ان نخفي مشاعر الغيظ في داخلنا , فلا أحد منا يحب ان يُصحَح لأن كبرياءنا تأبي ذلك , وكلما تقدمنا في العمر كلما كان اصعب علينا ان نقبل التصحيح والتوجيه , فيا اخوتي الشباب هذا يعني انكم في وقت تحتاجون ان تتعلموا الحق وأنتم في سن مبكر , لأنه عندما تتقدمون في العمر سيكون هذا أصعب لكم ان تقبلوا التصحيح , ولكن لا يجب ان يكون الحال هكذا بيننا لأنه كلما كنا ناضجين في عائلة الله فيجب ان نكون اكثر مرونة في تقبل التصحيح والتوجيه ولكن للأسف عادة لا يكون حالنا هكذا ! , وقد اعتدت ان اقول هذه الجملة "لا يمكنك ان تقبل التصحيح بعد عمر 50 سنة" وانا نفسي عمري الان اكثر من 50 سنة , واعرف مدي صعوبة هذا الامر , كان هناك احد المبشرين المتقدمين في العمر صلي تلك الصلاة قبل ان يلقي خدمته قائلاً " يارب ساعدني ان أقبل بأن أقول إنني مخطئ" وصدقوني يا اخوتي ان هذا المبشر ليس هو الوحيد الذي يواجه تلك الصعوبة ! .
وانا أعتقد انك تعلم جيداً ماذا أعني بهذا , ان اصعب كلمتين موجودتين في أي لغة هما "إنني مخطئ" انه من الصعب ان اقول تلك الكلمة لزوجتي , واذا كان من الصعب عليَّ ان اقولها لزوجتي فكم يكون من الأصعب ان اقولها لإخوتي ؟ ياليت الرب يساعدنا ان نفعل هذا .
(يتبع)

الاثنين، 15 أغسطس 2011

التوجه الصحيح في التواصل مع الاخرين (2)

إيـلــيا
وكما قلت سأوضح كلتا الحالتين برمز من العهد القديم , ولتوضيح الحالة الأولي اريد ان اتأمل في ايليا , وهو يوضح لنا كلا هذين الاتجاهين الخطأ اللذان تحدثنا عنهما , ولننظر الي (1مل 19 : 1-10) "وَأَخْبَرَ أَخْآبُ إِيزَابَلَ بِكُلِّ مَا عَمِلَ إِيلِيَّا، وَكَيْفَ أَنَّهُ قَتَلَ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ بِالسَّيْفِ. ٢ فَأَرْسَلَتْ إِيزَابَلُ رَسُولاً إِلَى إِيلِيَّا تَقُولُ: «هكَذَا تَفْعَلُ الآلِهَةُ وَهكَذَا تَزِيدُ، إِنْ لَمْ أَجْعَلْ نَفْسَكَ كَنَفْسِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَحْوِ هذَا الْوَقْتِ غَدًا». ٣ فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ قَامَ وَمَضَى لأَجْلِ نَفْسِهِ، وَأَتَى إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ الَّتِي لِيَهُوذَا وَتَرَكَ غُلاَمَهُ هُنَاكَ. ٤ ثُمَّ سَارَ فِي الْبَرِّيَّةِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، حَتَّى أَتَى وَجَلَسَ تَحْتَ رَتَمَةٍ وَطَلَبَ الْمَوْتَ لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: «قَدْ كَفَى الآنَ يَا رَبُّ. خُذْ نَفْسِي لأَنِّي لَسْتُ خَيْرًا مِنْ آبَائِي». ٥ وَاضْطَجَعَ وَنَامَ تَحْتَ الرَّتَمَةِ. وَإِذَا بِمَلاَكٍ قَدْ مَسَّهُ وَقَالَ: «قُمْ وَكُلْ».٦ فَتَطَلَّعَ وَإِذَا كَعْكَةُ رَضْفٍ وَكُوزُ مَاءٍ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ رَجَعَ فَاضْطَجَعَ. ٧ ثُمَّ عَادَ مَلاَكُ الرَّبِّ ثَانِيَةً فَمَسَّهُ وَقَالَ: «قُمْ وَكُلْ، لأَنَّ الْمَسَافَةَ كَثِيرَةٌ عَلَيْكَ».٨ فَقَامَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ، وَسَارَ بِقُوَّةِ تِلْكَ الأَكْلَةِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَى جَبَلِ اللهِ حُورِيبَ، ٩ وَدَخَلَ هُنَاكَ الْمُغَارَةَ وَبَاتَ فِيهَا. َكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ يَقُولُ: «مَا لَكَ ههُنَا يَا إِيلِيَّا؟» ١٠ فَقَالَ: «قَدْ غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلهِ الْجُنُودِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ، وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا».
كان ايليا محبطاً وايضاً انتفخ بالكبرياء , واحباطه كان بسبب بنو اسرائيل الذين تحولوا الي عبادة البعل التي اتت به ايزابل , وقد سعي ايليا بكل شئء ممكن لكي ينحي الشعب عن تلك العبادة الباطلة , ولم يفلح , فمع انه قد ذبح انبياء البعل , ولكن لازال الشعب قلبه متعلق به , وهذه المرأة الشريرة ايزابل التي كانت تتحكم في الامبراطورية كانت تسعي وراء ايليا لقتله , وياله من يوم كان ايليا محبطاً فيه جداً علي الرغم من انه كان يريد ان يرضي الرب , ولم يستطع ايليا ان يكمل ولكن ايمانه قد فشل , وبالتالي هرب لأجل حياته , ففي اصحاح (17) وقف امام الله , وفي اصحاح (18) وقف قدام اخاب وكل شعب اسرائيل , لكن في اصحاح (19) هرب من امرأة .
فيترك ايليا ارض اسرائيل ويمضي منعزلاً وحده ,  واضطجع تحت الرتمة في غاية الاحباط ولكن الجميل أن نري الرب يعتني به عناية خاصة , فيأتي الرب بالنعمة ويتقابل مع ايليا في احباطه ويعطيه مؤونة ليقويه حتي يقدر ان يعود الي ارض اسرائيل ويستمر كنبي للرب , ويرسل الرب ملاك ليأتي بطعام لإيليا , ولكن إيليا يستمر في خطأه ,  وقد سار في طريق طويل الي جبل سيناء الذي اعطي الرب الناموس عليه واستمر الي ان دخل المغارة لينزوي بعيداً عن الكل .
وطبعاً هذا الانزواء ليس حسناً بالطبع , ونحن غير مدعوين بان ننعزل , لأن الكتاب يخبرنا " غَيْرَ تَارِكِينَ اجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ " (عب 10 : 25) , واستسلم ايليا لاحباطه وهذا جعله ينزوي بعيداً بفعل الارادة الذاتية , فقد اخذ الطعام والماء الذي اعطاه إياه الرب مستخدماً له بذهابه بعيداً عن مكان الشهادة ! , فالله يعرفنا جيداً ويعرف ان يشجعنا في وقت احباطنا ويقترب الينا بطريقة خاصة , ولكن لنعلم ان كنا نسير في طريق فعل الااردة الذاتية فإننا نتوقع ان الرب سوف لا يٌسر بنا , وإيليا يوضح لنا هذا الاتجاه تماماً في احباطه .
وفي عدد (10) عندما يتحدث اليه الرب يظهر اتجاه كبريائه قائلاً "قد غرت غيرة للرب إله الجنود" . ولاحظ هنا انه يتحدث عن غيرته وأمانته الخاصة , فنجد هنا الأنا وعملها المريع , فقد كان مفتخراً بأمانته وهذا  ليس حسناً , ويستطرد فيقول ٍلأن بني اسرائيل قد تركوا عهدك , ونقضوا مذابحك وقتلوا انبياءك بالسيف" وقد كان هذا حقيقياً تماماً , لكنه يجد من عدم امانة اخوته سبباً لادانتهم , وهذا ليس بصالح , وبعدها يستطرد قائلاً  "فبقيت انا وحدي" وهنا يعتقد انه هو الوحيد الذي في حالة صحيحة ! , وهذا امر محزن فلم يكن له روح صحيحة , وقد اخبره الرب انه ليس هو الوحيد الذي في حالة صحية , ولكن كان للرب "سبعة الاف في اسرائيل" الذين لم يحنوا ربكة لبعل (عدد 18) , وهذا يظهر لنا انه في أحلك الأوقات نجد ان الرب له خاصة تسير معه .
ونري هنا أن تلك الروح من الكبرياء وهي خطيرة جداً , ونري موقف الرب من تلك الروح هنا , فهو ينحي ايليا كنبي له ! , فأيام الخدمة الجهارية لإيليا في اسرائيل قد عبرت , وأخبره الرب أن يذهب ليمسح أليشع نبي عوضاً عنه (عدد 16) , والدرس الهام الذي يجب ان نتعلمه هنا هو ان الله لا يستطيع ان يستخدمنا إذا كنا نشعر بتفوقنا أو سمونا , ولعل بولس كان يخشي علي تيموثاوس من ان يسقط في هذا التوجه , لأنه إذا كانت له هذه الروح السيئة فسوف لا يكون مفيداً للشهادة المسيحية ولذا اعطاه تلك النصيحة "الرب يسوع المسيح مع روحك" .
فمن الممكن ان يكون لنا هذا الاتجاه مثل إيليا ويبعدنا عن الاجتماع , لأنه من الجائز ان يغربلنا الرب ان كان لنا تلك الروح وسأعطيك شاهد يوضح ذلك " لأَنِّي حِينَئِذٍ أَنْزِعُ مِنْ وَسَطِكِ مُبْتَهِجِي كِبْرِيَائِكِ، وَلَنْ تَعُودِي بَعْدُ إِلَى التَّكَبُّرِ فِي جَبَلِ قُدْسِي. ١٢ وَأُبْقِي فِي وَسَطِكِ شَعْبًا بَائِسًا وَمِسْكِينًا، فَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ" (صف 3 : 11-12) ياليتنا ايها الاخوة ان يكون لنا الروح الصحيحة في كل الأوقات

الروح الصحيحة خلال مواقف الشدة في الاجتماع المحلي

(في 4 : 23) دعونا نتأمل في كلمات بولس الي فيلبي "ٍنعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم (روحكم)"
والقرينة هنا تشير الي شئ مختلف تماماً عما جاء في تيموثاوس الثانية , لأن وحدة الكنيسة في فيلبي كانت مهددة ولذا قد ختم بولس الرسالة بهذا التحريض , فكان هناك في فيلبي أختان علي غير وفاق (في 4 : 2) , وبولس قد علم ذلك وإذا لم يهتم جيداً بالامر فيمكن للاخوة في فيلبي ان ينقسموا هناك الي قسمين , ويمكن لاحد ان يسأل انه مجرد اختلاف في الفكر بين اختين فكيف يمكن لهذا الشئ البسيط ان يؤثر علي الكنيسة هكذا ؟ ان هذا يبيِّن كيف ان المشاكل التي في الاجتماعات قد تبدأ بشئ صغير , فنحن نؤثر احدنا في الاخر سواء ادركنا هذا أم لم ندرك , ويقول الكتاب , " لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَعِيشُ لِذَاتِهِ، وَلاَ أَحَدٌ يَمُوتُ لِذَاتِهِ" (رو 14 : 7) , وقدم بولس لأهل فيلبي العلاج لهذه المشكلة , لكي لا تؤدي الي نتائج سيئة , فيقول " إِذًا يَا أَحِبَّائِي، كَمَا أَطَعْتُمْ كُلَّ حِينٍ، لَيْسَ كَمَا فِي حُضُورِي فَقَطْ، بَلِ الآنَ بِالأَوْلَى جِدًّا فِي غِيَابِي، تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ" (في 2 : 12) , ان هذا يشير الي الجانب العملي من الخلاص الجماعي للكنيسة الذي كان يجب علي اهل فيلبي ان يتمموه مع بعضهم البعض في غياب الرسول بولس .
كثير من المسيحيين يفهمون هذا العدد خارج عن قرينته , فهم لا يدركون انه توجد انواع عديدة من الخلاص في الكتاب , فعندما تأتي كلمة خلص أو خلاص , فهم يتصورون انه يجب ان يشير الي خلاص النفوس من الخطايا كما هو معلن في الانجيل , فهم يستنتجون ان الرسول كان يتحدث مع اهل فيلبي عن الخلاص الذي قبوله بالإيمان والذي يظهر في حياتهم ليراه الاخرين , والناس يقدرون ان يدركوا انهم مؤمنين حقيقيين بالرب يسوع , وهذا فكر جميل , ولكن هذا العدد لا يحدثنا عن ذلك لأن القرينة هنا لا يراد بها ذلك .
ولكن الموضوع هنا يتحدث بطريقة عملية عن الخلاص الجماعي للكنيسة من هجمات العدو , فالشيطان كان متربصاً للكنيسة هناك كي يدمرها من خلال كسر الوحدة بينهم وزرع الانشقاقات , ويمكننا ان نسأل "كيف يمكنهم ان يتمموا خلاصهم؟" فقد اخبرهم الرسول في الاصحاح الثاني ان العلاج هو في اتباع الرب يسوع في اتضاعه كالمثال الكامل و انكار الذات (الاعداد من 5 – 8) ولذا قال الرسول انهم يحتاجون ان يتبعوا نفس المثال حتي يتمموا خلاصهم بين بعضهم البعض .
وأنا اعلم جيداً ان الكنائس تواجه مشاكل واضطرابات عديدة من وقت الي اخر ولكن لا يأتي من خلال بطل مغوار يأتي بسيف الي الكنيسة , كلا فالله لا يسمح بأن يأتي اخ زائر من خارج الاجتماع المحلي لكي يتأتي لهم بالنصرة , ولكنه يرغب من هؤلاء الذين هم اعضاء الاجتماع المحلي ان يتمموا خلاصهم فيما بينهم عن طريق ان يتبعوا طريق الرب الذي هو المثال الكامل للتواضع , لأنه نزل ونزل ويذكر في هذا الاصحاح انه نزل سبع مرات , واني لا اتردد ان اقول ان الكنيسة في فيلبي كانت بصفة عامة في حالة جيدة , ولكن كان يداهمهم خطر كسر الوحدة .
وكثير من المشاكل والاضطرابات في الكنائس تأتي من أمور بسيطة جداً مثل كلمات تقال بدون تحفظ ففي (امثال 18 : 8) "كلام النمام مثل لقم حلوة وهو ينزل الي مخادع البطن" وأحياناً الكلمات تسبب جرح للمشاعر , وفي احيان كثيرة الناس لا يقدرون ان يتغاضوا عنها , فالنميمة شئ في منتهي الخطورة , فيا اخوتي يجب ان نتحذر جداً من هذه العادة , وأود ان أحذر نفسي قبل أن أحذركم , ويوجد مثل قديم (ليس في الكتاب) يقول "من يتحدث بسؤ عن شخص ما إليك سوف يتحدث عنك لأخر بعد ذلك"  وهذا حقيقي .
"تمموا خلاصكم بخوف ورعدة" ياتري الخوف من ماذا ؟ نحن نحتاج ان نخاف من العدو في وسطنا لأنه يريد ان يحطم كل سعادة وسلام , ويوجد الجسد الذي فينا وهو قادر علي ان يحطم كل الاجتماع ! , والشيطان يريد ان يستخدم الجسد الذي فينا ليصل الي تلك الغاية ان امكن .
ان العدو الاول للوحدة هو حب الظهور والارتفاع , وهذا لا يجب ان يكون له مكان في الاجتماع , فنحتاج الي ما يقوله بولس هنا "حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ" وأفضل ايضاح لهذا نجده في حزقيا النبي عندما يقول في (حز 14 : 14) "وكان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة نوح ودانيال وايوب ...." فهو قد وضع دانيال الذي كان معاصراً له وقت كتابة تلك النبوة بنفس القدر مع اباء العهد القديم فتحدث عن نوح ودانيال وايوب , ولم يكن هناك اية غيرة في قلب حزقيال , فهو كان يحب دانيال ويقدِره وتحدث عن تكافؤه مع نوح وايوب , وهذه الروح التي نحتاجها ايها الاخوة في اجتماعنا اليوم , فيكون لنا نفس الموقف تجاه اخوتنا .
فنحن يجب ان ننزل الي اسفل ونأخذ المكان الاخير فعندما تحدث أي مشكلة في الاجتماع الحل الامثل لكل واحد هو النزول أي ان نأخذ ادني مكان وندع الاخوة يتخطون فوقنا .
(يتبع)

الأحد، 14 أغسطس 2011

التوجه الصحيح في التواصل مع الاخرين (1)

بقلم : بروس انيستي
ترجمة : عاطف فهيم
"أهمية ان يكون لنا روح صحيحة"

(2تي 4 : 22)  "اَلرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ مَعَ رُوحِكَ. اَلنِّعْمَةُ مَعَكُمْ. آمِينَ"
(في 4 : 23) "نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ"
(غل 6 : 18) "نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. آمِينَ"
( فيل  25 ) "نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ. آمِينَ"

مهم لنا ان نلاحظ ان بولس الرسول يختم اربع رسائل له بهذا التحذير , وهو امتلاك الروح الصحيحة , وهو امر نحتاج له بشدة , وتلك العبارات ليست عبارات زائدة , لأنه ليست هناك عبارات زائدة في كلمة الله , بل كتبت لاربع فئات مختلفة من الناس ولأجل اربع اسباب مختلفة , فالأربع شواهد هذه كتبت في ظروف مختلفة لتمس جوانب حساسة في الحياة , امور يجب علينا ان نأخذها بعين الاعتبار لكي يكون لنا الروح الصحيحة .
وأود ان اتأمل في هذه المواقف بغرض ان نتعلم من كل شاهد من هذه شئ لحياتنا , وأشير ايضاً الي اربع شخصيات في العهد القديم لتوضيح تلك المواقف العملية .
فنحن بحاجة الي تلك التحريضات ولاسيما في ختام ايام الكنيسة كما في أولها عندما كتب بولس تلك الكلمات .
فدعونا نتأمل في تلك الآيات لعلنا نجد بها دروساً هامة لنا .



الروح الصحيحة للمؤمن في ايام الخراب
(الشهادة الخربة) (2تي 4 : 22)
"الرب يسوع المسيح مع روحك" ان بولس اعطي هذا التحريض لابنه تيموثاوس في ايام الخراب والفشل الذي تفشي في الشهادة المسيحية في الايام الاخيرة , فقد اخبره بحالة الخراب الأتية حتماً ولا علاج لها , وحذره من الشرور المزمعة ان تخترق المسيحية كلها , فاعطاه بيان تفصيلي لكل اشكال الانحراف , ولم تكن صورة حسنة علي الاطلاق , فسيكون الانحراف التام عن حق الله , واشياء كثيرة سيتم عملها تحت اسم المسيح بصورة جهارية , ولكن ستجلب الاهانة علي هذا الاسم الحسن .
فالمسيحيين اليوم منقسمون لآراء وتعاليم متنوعة  , ومن الصعب علي الانسان ان يدرك الان ما هي حقيقة المسيحية بالضبط , لأنه للأسف قد دخلت اليها اليوم كل انواع الشرور , الي درجة هائلة من الارتباك للمسيحي , ويجب علينا ان نحني رؤوسنا خجلاً لأننا جزء من الشهادة الفاسدة والتي جلبت العار علي سيدنا وربنا .
وهذه الرسالة يقدمها بولس لتيموثاوس كي يشجعه علي الخدمة لأجل هذا الوقت العصيب الذي هو حتما سيأتي , ويقدم بولس لتيموثاوس معونة كثيرة لاجل ارشاده في الخدمة , وبالنظر الي كل ما هو ات من خراب يجب علي المسيحي ان يسلك بحرص لئلا يأتي بالأهانة علي اسم الرب يسوع المسيح .
فليس هناك وقت نجد المؤمن فيه أحوج ما يكون لامتلاك هذه الروح الصحيحة مثل اليوم , وبالتالي قبل ان يختم الرسول رسالته الثانية الي تيموثاوس قدم له هذا التحذير "الرب يسوع مع روحك" .
وهناك اتجاهين في منتهي الاهمية نحتاج ان نحترس منهما جيداً في هذا الوقت وهما :


1 – الاحباط :
نستطيع ان ندرك قدر الاحباط الذي كان يحيط بتيموثاوس عندما ندرك الفشل الذي كان مزمعاً ان يأتي علي الشهادة المسيحية , انه الوقت المكتوب عنه "فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ" (2تي 4:4) وتلك هي الأيام التي نعيش فيها الأن , وأنت عرضة لأن تجرب بأن ترفع يديك وتقول لا فائدة , وليس هناك حل من تلك الحالة , لأنك عندما تقدم الحق لأي شخص تجده يرفض , وربما الكثيرين منا قد تعرضوا لهذ الاختبار , وبالتالي نري كم نحن معرضون ان نمر في حالة قاسية من الاحباط والفشل الشديد في تلك الايام التي نعيش فيها .
وعندما نري تلك الحالات الميئوس منها حولنا تجدنا عرضة بأن نميل الي الاعتزال وان ننزوي بدلاً من محاولة السير مع شعب الله , فهل خطر ببالك فكر مثل هذا ؟ فمع محاولات كثيرة منا مع المسيحيين ومواقف عديدة نحبط فيها نجد انفسنا ميالون للعزلة ,  ولكن ليست العزلة هي الحل , فبولس لم يدع هذا الاختيار امام تيموثاوس , كلا بل ان الحل هو أن يكون لتيموثاوس الروح الصحيحة , فإذا سمحنا للأشياء المحيطة بنا ان تأخذنا الي حالة من الاحباط الي الدرجة الني نجد فيها انفسنا راغبين في ان نتخلي عن الكل فإن هذا خطأ .
إن الخطر وكل الخطر في أن ننشغل بالفشل , فدعونا نحترس ونسهر ضد هذا الامر , لأن الذين اعتادوا علي المشغولية بالفشل سيصبحون مع الوقت فاشلين , بل نحن أحوج ما يكون الي المشغولية بالرب يسوع المسيح والمشغولية بما يخصه في الأرض ويعود الي مجده , فهذا ما يجب ان يكون شغلنا الشاغل وليس ان ننشغل بحالة الفشل والخراب بين شعب الله , ويوجد البعض من الناس لديهم صعوبة اكثر من الاخرين بهذا الشأن , فتجدهم ميالون اكثر الي الحديث عن المشاكل التي توجد بين الاخوة , وأود ان اخبرك بحق ان هذه ليست حالة صحيحة علي الاطلاق ياعزيزي . كان هناك احد الاخوة الذي كان يعاني من حالة مثل هذه , فقال له الاخ جودرن هاي هو "اذا كان يجب ان تكون ازرق فكن ازرق جميلاً" من الصحيح ان الله يريدنا ان نشعر بالحالة الصحيحة تجاه الاشياء , ولكن ليس للدرجة التي تؤدي بنا الي الانعزالية .
نحن بحق نحتاج ان نصلي لاجل الحالة التي نعيش فيها الان , ونعلن مشاركتنا في هذا الفشل كما فعل دانيال عندما كان شعب اسرائيل في حالة من الفشل (دانيال 9) , فدعونا نصلي من اجل اذان تسمع وعيون تري لأن الله لازال يعمل في هذه الايام , فلازال يوجد البعض الذين يقبلون الحق علي الرغم من ان الغالبية العظمي لا يفعلون ذلك .
وأحد الاسباب التي تجعلنا نتحذر من روح الاحباط هو ان الاحباط هو الطريق الجاهز والأسهل علينا ويمكننا بسهولة ايضاً ان نحبط الاخرين وبطرس كان مثالاً عملياً لذلك , فقد كان محبطاً وأصابه الفشل وبالتالي اثر ذلك علي الاخرين , وقال لهم "أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ" (يو 21 : 3) وكأن لسان حاله (إنني سأعود الي وظيفتي السابقة لأنني فشلت , ولا أظن أن الرب سيستخدمني ثانية) وقد قال له التلاميذ الاخرين "نذهب نحن أيضاً معك" وياله من امر محزن ان نجد ان احباط بطرس انتقل الي اخوته وقد تحول سبعة من التلاميذ عن العمل الذي دعاهم الرب إليه , وأود ان اخبرك ان الاحباط هو مرض مُعدِ , فلنحرص عندما نأتي الي الاجتماعات ان تكون سبب تشجيع لاخوتنا وليس سبب فشل واحباط لهم .
2 - الكبرياء
ان الاتجاه الاخر الذي نحتاج إليه هو ان نحترس من الكبرياء , لأن هذا يتسلل إلينا دون ان ندري , فإذا كان هناك أي نوع من الامانة من جانبنا , فهناك ميل عندنا بأن نحطّ من شأن اخوتنا الذين ليس لهم نفس الاهتمامات التي عندنا , ولذا يجب ان نسهر ضد هذا الامر فهناك خطر من ان ننتفخ ونتكبر ظانين أننا افضل من اخوتنا ونحن عرضة للسقوط متي كانت هذه حالتنا لأنه "قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أم 16 : 18) .
ولذا يجب ألا ننشغل بالفشل المحيط بنا وأيضاً لا ننشغل بأمانتنا ان كان هناك بعض الامانة في حياتنا , ونستطيع ان ندرك السبب الذي لأجله قال بولس لتيموثاوس ان الكثيرين ارتدوا عنه فقال "جَمِيعَ الَّذِينَ فِي أَسِيَّا ارْتَدُّوا عَنِّي" (2تي 1 : 15) , وقال ايضاً "لوقا وحده معي" (2تي 4 : 11) , أي انه ليس الكثيرين كانوا راغبين في خدمة الرب بالطريقة التي كان بولس يريدها وبالتالي كان هناك خطر علي تيموثاوس بان يظن انه افضل من اخوته .
ولذا نري بأن الاتجاه بأننا افضل شئ خطير بين شعب الرب , والقديسين المجتمعين الي اسم الرب بصفة خاصة يحتاجون ان يتحذروا من هذا الخطر , لئلا يظنوا انهم افضل من اخوتهم لأن لهم امتياز افضل ولديهم حق اكثر , فيمكن ان يكون لنا هذا الاتجاه وهذا لا يرضي الرب  , لأنه من الجائز ان يكون لدينا فكر بأننا افضل من اخوتنا الذين في الطوائف المتعددة ونعتقد أننا "البقية الامينة" , ومن الجائز ان يكون هذا صحيحاً من جهة المبدأ وصحيحاً ايضاً من جهة الشكل الخارجي ولكن يكون خطأ في الجوهر , وان كان حالنا كذلك فسنكون سبب عثرة وليس سبب جاذبية لإخوتنا .
ان عبد الرب يحتاج ان يدرك دائماً ان أي امانة في حياته هي من عمل نعمة الله المطلقة ليس إلا , ونحتاج ان نعبد بهذا الاحساس العميق في أنفسنا أننا ليس افضل من اخوتنا الذين في الطوائف قدر ذرة واحدة , فليس لنا شئ نفتخر به بالمرة ولكن هي نعمة الله المطلقة دائماً .

(يتبع)