الاثنين، 20 يونيو 2011

محادثة في الكمال المسيحي عند الوسليين (2)



وسلي - هذا ليس غرضي تماما ، ولكني أقصد أنكم تقولون أن المسيحي يعيش يخطئ إلي آخر يوم من حياته ، فكأن الموت هو الذي يخلصه من الخطية .

داربي - ولكننا لا نقول ذلك مطلقاً يا عزيزي . والذي نقوله هو أن أصل الخطية يبقي فينا إلي أن نخلع هذا الجسد ونلبس فوقه ، إذ نحن متوقعون التبني فداء أجسادنا (رو 8 : 13) الأمر الذي لم يتم بعد ، ولكننا لا نقول أنه ينبغي أن نسلك بحسب هذا الأصل الشرير بل بالعكس نقول أنه ينبغي أن نسلك "بالروح" مع أن "الجسد" فينا .

وسلي - أنا لا أفهم ما هو قصدك بالجسد . أما قيل في (1تس 5 : 23) "وإله السلام  يقدّسكم بالتمام جسداً ونفساً وروحاً ، وإن "الله أمين الذي سيفعل أيضاً" فماذا يوجد في الإنسان غير الجسد والنفس والروح؟ . وإذا كنت حسب قولك ينبغي أن أسلك بالروح (غل 5 : 16 ) ، فيكون كلامك متناقضاً .

داربي - أبداً لأنك متي قلت في نفسك أننا نقدر أن نكون كاملين وأن الخطية ليست بعد فيك ، في الحال تُهجِم عليك جملة أمور تسميها كلمة الله خطية ، وأنت بالنظر إلي معتقدك لا تريد أن تسميها خطية فينحط قياس القداسة في نظرك ، والفرق الذي بينك وبين المسيح يصبح غير
محسوس عندك ، فتتاسهل في الخطية لأن معتقدك صغَّرها في عينيك ،إذ خَفَّض قانون وقياس القداسة . وهذا ما أقاومه بكل قوتي ، إذ أن الأمر ليس درجة المعرفة بل ما هي الخطية ، ومعلوم أن هذا الأمر خطير جداً وهو مبدأ أساسي وتعليم جوهري .
وعندما تقول لي أن الجسد (الجسم) والنفس والروح هي كل ما في الإنسان ، فجوابي لك بكل أسف لا . فقبل السقوط كان لآدم جسد ونفس وروح ، أما بعد السقوط فقد صارت له أيضاَ إرادة عاصية ضد الله ، إذ وُجِدَت فيه الخطية التي تعبر عنها كلمة الله بالجسد (مت 26 : 41) ، أي جسد الخطية ، وهو ما "يشتهي ضد الروح" (غل 5 : 17) ، "أذ ليس هو خاضعاً لناموس الله لأنه أيضاً لا يستطيع" (رو 8 : 7) ، هذا هو الحق الذي يحاول الكارزون بالكمال اخفاءه ، مع أنه الحق المقترن بتعليم "الإنسان الجديد" ، فقولك إذن أنك لا تعرف ما هو الجسد (وهو اصطلاح نسمعه من أفواه كل الذين قبلوا هذا التعليم) صورة محزنة لتأثير ذلك التعليم ، إذ أنه واضح في كلمة الله أن الجسد من الألفاظ التي كَثُرَ وُرودها في الإنجيل ، بل أن موضوع الجسد من أوسع الموضوعات انتشاراً في العهد الجديد إذ هو المبدأ الذي يقاوم ويحارب روح المسيح ، ولا يستطيع أن يخضع لناموس الله إذا كنا تحت الناموس .

وسلي - نحن لا ننكر أنه مادام الجسد موجوداً فلا يستطيع أن يخضع لناموس الله . ولكننا تحت ناموس المحبة ، وغير ممكن للمسيح وبليعال أن يسكنا في هيكل واحد الذي هو جسدنا (جسمنا).

داربي - أنا لا أحب أن تُحرَّف كلمة الله بهذه الصورة لكي تكسوها ثوباً يوافق فكرك الذي لا ينطبق علي كلمة الله . فكون أن المسيح وبليعال يسكنان معاً ، فقد كانا موجودين في العالم معاً ، والمسيح مدة حياته علي الأرض يشهد ان بليعال كان رئيس العالم . ولكن الآية التي تقصد الاستشهاد بها (2كو 6 : 15) تقول "أي اتفاق للمسيح مع بليعال" وهو قول عكس قولك . إن أجسادنا ليست هيكلا لبليعال بل هي هيكل للروح القدس ، علي الرغم من أن أصل الخطية باق فينا ، وهذا هو الفرق الذي بيننا وبين المسيح يسوع حسب الجسد ، فهو كان مولوداً من الروح القدس حتي بجسده ، أما نحن فبالخطية حُبِل بنا (مز 51 : 5) ، أنا أعترف لك يا أخي أن تحرِّيف كلمة الله يؤلمني ويحزنني جداً ، لأني اعتبره ذَرّ رماد في عيون القراء الذين لم يتعمقوا في الكتاب . نعم إننا تحت ناموس المحبة كما تقول وهذا تعبير لا يغيظني ، ولكنه يلوِّح لي أن لك غرضا في ذكر الجملة بهذه الصورة . وأما من جهة قياس وقانون قداستنا فان لنا في تمزيق الحجاب قانوناً  أسمي (عب 6 : 19 وص 10 : 20) ، وإذ صرنا شركاء الطبيعة الإلهية نحكم علي كل شئ لم يكن في المسيح مدة وجوده علي الأرض أنه خطية ، إذ أن المسيح بعدما قام  لا يمكن أن يصادق عليه ، ثم إني في الوقت نفسه أري أن قداسة أشخاصنا بالتمام هي بدم الخروف أما تعليمكم فيخفِّض من قياس مسئوليتنا نحن البشر ، إذ تجعلون الإنجيل يعلمنا أن نستخف بالخطايا التي هي خطايا تحت الناموس ، مع أن نور قداسة الله كان يجب أن يجعلنا نحكم علي كل شئ لا ينطبق علي ذلك النور ولكنكم تقولون لنا أننا تحت ناموس المحبة نحسب بعض الخطايا أنها ليست خطايا بالمرة ، وكأن الإنجيل بحسب هذا التعليم ليس خلاصاً بالنعمة بل بموجب قانون أسهل وأخف ، فكما قلت لك كأن التساهل مع الخطية صار إلي حد لا يمكن تـَصورُه ، ثم إنك تقول في بداية كلامك "مادام الجسد موجوداً" ، فأين تجد في كلمة الله أن الجسد أصبح لا وجود له ؟ إني اقرأ في (غل 5 : 17) "أن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر" وأقرأ في (2كو 12 : 7) أن بولس لَـزَمت له شوكة في الجسد ، ملاك الشيطان ليلطمه لئلا يرتفع بفرط الاعلانات ، كأن الإنسان حتي إذا اختطف الي السماء الثالثة لا تتغير الطبيعة التي فيه ، بل يبقي الجسد ميَّالا إلي مقاومة الله وإنكار الجميل والانتفاخ ، وقد تعلَّم بطرس هذا الدرس باختبار مُرّ (غل 2 : 11) ، إذ مع أنه كان ممتلئاً بالروح أبي أن يأكل مع الأمم ولم يسلك باستقامة ، فالرسول بولس لم يتساهل معه في هذه القضية التي لم يعتبرها بطرس خطية ، بل قاومه مواجهة ووبخه أمام الجميع لأنه كان ملوماً (غل 2 : 14) .
(يتبع)

ليست هناك تعليقات: