الأربعاء، 22 يونيو 2011

محادثة في الكمال المسيحي عند الوسليين (3)

وسلي - أنا لا أنكر أنه توجد حرب بين الجسد والروح في بعض المسيحيين وعليهم أن يتغلبوا علي الخطية . ولكن الذن قبلوا المسيح قداستهم قد ماتوا عن الخطية ، فلا توجد معهم محاربة فيما بعد . إذ هم صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات ، والآيات التي تثبت صحة هذا القول عديدة ، أما الآية التي اقتبستها من رسالة غلاطية فكان يجب أن تذكر أن الغلاطيين قد "سقطوا من النعمة"، ولا يصح أن تستنتج من جماعة كهؤلاء ما يجب أن يكون عليه المسيحي الذي قد قَبْلَ المسيح تماماً . والرسول في نفس هذه الرسالة يقول في (ص 6 : 14) عندما تكلم عن نفسه، أنه لا يفتخر إلا بالصليب إذ صُلِب الإنسان العتيق (ص 2 : 20)، فما عاد يحيا هو ، بل المسيح يحيا فيه . وفي رسالته إلي رومية يقول احسبوا أنفسكم أمواتاً . والرسول يوحنا في رسالته الأولي (ص 3 : 9) يؤكد لنا أن المولود من الله لا يستطيع أن يخطئ .

داربي - إذاً أنت لا تنكر ما سبقت وأنكرته وهو أن بليعال وروح المسيح لا يمكن أن يسكنا معاً في شخص واحد . لأنك لا تنكر وجود حرب بين الجسد والروح ، وما دام يوجد مسيحيون الروح فيهم ضد الجسد ، فواضح أن مبدأك الأول غير صحيح . وإذا قلت لي أن الحرب ليست ضد الروح بل ضد الإنسان المتجدد ، فأجاوبك من الكلمة التي تقول "إن الجسد يشتهي ضد الروح" ، وليس ضد ضمير الإنسان المتجدد . أما قولك أن هذه الآية تنطبق علي الغلاطيين دون سواهم ، فجوابي علي ذلك أن الرسول يُردِف هذه الآية بكلام عمومي بقوله "وهذان يقاوم أحدهما الآخر"، مع أنه يعود فيوجه خطابه إلي أهل غلاطية إذ يقول "حتي تفعلون ما لا تريدون" ، ولكنه لا ينبههم إلي قوة انقاذهم من هذه الحالة ، بل يتكلم عن مبدأ جديد للتصرف "ولكن إذا انقدتم بالروح فلستم تحت الناموس" (عدد 11) ، وحاشا أن يكون الرسول متكلما عن نفسه وحده عندما قال "مع المسيح صلبت" ، أو عن قداسته هو دون بقية المسيحيين لأنه كان أميناً وهو يعرف تمام المعرفة أن كل المسيحيين قد صُلبوا معه . لأنه في نفس هذا الاصحاح (ص 5 : 24) يؤكد لنا أن كل "الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" ،  فليس الأمر هو نمو مسيحي أو قبول المسيح بصفة خصوصية عند بعض النفوس كقداستهم ، بل يتكلم الرسول عما ينطبق علي كل مسيحي . وقد شرح الرسول هذا الحق شرحاً مستوفياً في الاصحاح السادس من رسالة رومية في الأعداد (1 - 11) حيث يقول "كل من اعتمد" لاحظ التعميم جيداً "كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته ، فدفنا معه (المسيح) بالمعمودية للموت . . .  عالمين هذا أن أنساننا العتيق قد صُلِب معه ليبطُل جسد الخطية . . . لأن الذي مات قد تبرأ من الخطية" ، ومن هذه الحقائق يستنتج الرسول أمراً واجباً علي كل المسيحيين  (ليس أنه لا يوجد فيهم ميل للخطية فيما بعد ، أو  أنهم قد ماتوا عن كل شهوة بالتمام ) ، "إذاً لا تملكَّن الخطية في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته" ، وهي نتيجة بلا معني ونصيحة بلا فائدة وأمر غير لازم عند الذين يظنون أن الخطية لا تسكن فيهم فيما بعد ما داموا قد صلبوا مع المسيح ، ولكننا نحن نفهم لها معني ونقبلها من كل قلوبنا بالنعمة مع أنها تختلف عما تستنتجونه منها اختلافا كلياً ، بل في حقيقة الأمر تناقضه علي خط مستقيم . لأنه إذا كانت الخطية ليست بعد فينا فلا معني لقوله "إذاً لا تملكَّن" ، فالنصيحة لا تنطبق علي الواقع إذا كانت الخطية غير موجودة فعلا ، وهذه النتيجة التي يقررها الرسول هنا يقررها الوحي في مواضع كثيرة من كلمة الله .
اسمع مثلا كلام الرسول لأهل كولوسي 3 : 13 "قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله" ، ومن هذه القضية الشرعية يستنتج الرسول في عدد 5 "فأميتوا أعضاءكم التي علي الأرض" ، وإذا أردت أن تعرف كيف مات المسيحي ، فما عليك إلا أن تقرأ عددي 11 و 12 من الاصحاح الثاني من هذه الرسالة عينها ، إذن بحسب فكر الله جميع المسيحيين قد ماتوا ومن الخطأ أن نورد هذه الآيات بقصد الاستشهاد بها عن حالة بعض المسيحيين دون البعض الآخر ، وهكذا أيضا من جهة الجملة التي ذكرتها من (1يو 3 : 9)، لأنك إذا راجعت القرينة وجدت أن الرسول لا يتكلم عن بعض مسيحيين قبلوا المسيح كقداستهم ، بحيث أنهم هم وحدهم دون سواهم أصبحوا كاملين ، بل أن الرسول يتكلم عن كافة المسيحيين علي الاطلاق ، لأنه إذ يقارن بين أولاد الله وأولاد إبليس يذكر صفات الطبيعة التي نالها أولاد الله من المسيح من جهة الحياة والتصرف ..الخ (عدد 9) ، وكما قلت أن الاستشهاد بمثل هذه الآيات لإثبات وجود بعض مسيحيين ممتازين عن غيرهم خطأ ، وهي أقل لفظة يمكن التعبير بها عن عمل كهذا .
(يتبع)

ليست هناك تعليقات: