السبت، 4 يونيو 2011

التلمذة الحقيقية للمسيح (3)

(٤) نحتاج الي تقدير حقيقي لقوة العدو
دعونا نتطلع الي شرط آخر للتلمذة الحقيقية الذي يضعه الرب في عددي 31 ، 32 ، أنه يستخدم ايضاح آخر قائلاً أنه إذا أردنا أن نكون تلاميذه فسنكون مثل "ملك ذهب لمقاتلة ملك آخر في حرب" فمن هو الملك الذي له ضعف القوة المقاتلة لكي يقابل بها ملك آخر ، هذا هو الملك الذي يريد أن يكون متيقناً وعارفاً لما يعمل ، مشتبكاً في معركة بحكمة ، فالنقطة هنا أننا نحتاج ان نقدر حقيقة  ماهي قوة العدو (الشرير) والذي مزمعين أن نكون ضده ، أما عن أنفسنا فنحن لا نقدر ، أن نواجه عدو مثل هذا فهو أقوي كثيراً مما نتصور ، إننا لسنا ذاهبين في نزهة عندما نواجه عدو مثل هذا ، فإذا امتلأنا من الثقة الذاتية واعتقدنا أننا قادرين علي مواجهة هذا العدو وبقدرتنا فبالتأكيد سنفشل ، فنحن نحتاج باستمرار أن نتذكر إننا في أرض العدو والحرب أعظم بكثير من أن نكسبها بأنفسنا ، ولكن شكراً لله "الذي فيكم أعظم من الذي في العالم" (1يو 4 : 4) فنحن لنا الرب الذي هو أقوي من العدو وهو في صفنا .

فعندما نقُدرِّ قوة العدو حق قدرها سنلقي بأنفسنا علي الرب في اتكال تام ، وبالتالي سنكون محفوظين "حبيب الرب يسكن لديه آمناً يستره طول النهار وبين منكبيه يسكن" (تث 33 : 12) ، "اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع" (أم 18 : 10) ، فالاستناد علي الرب في منتهي الأهمية في طريق التلمذة ، فإذا كنا قريبين بكفاية  الي الرب فبالتأكيد سوف ننتصر في المعركة وسنكون غالبين في حياتنا المسيحية .

ولكن أخشي أن لا ندرك قوة العدو كما يجب ، ولاحظ ماذا حدث في عدد (32) من أصحاحنا أن الملك لم يعتبر قوة الملك الآخر ، وفي وقت خطر  المعركة في لحظة الحسم "يسـأل ما هو للصلح" أن تعمل صلح مع عدو نفسك هو بالطبع أن تقبل حل وسط وتسلم بالهزيمة ، ونحن بالتأكيد لا نريد ذلك ، مع أنه يوجد مؤمنين كثيرين قد وقعوا في ذلك ! ، فبطريقة ما أو بأخري باعوا أنفسهم ليد العدو عن طريق المساومة معه ، ياله من أمر محزن أن يعمل المسيحي صلحاً مع عدوه .

فمرات عديدة سمعت عن مؤمنين شباب لديهم الثقة في ذواتهم وقد عرفوا ان يحيوا حياة مسيحية لأجل مجد الله ، ولكن لم يدركوا مقدار قوة العدو ، وقد صرََّحوا بأنهم في طريقهم لفعل ما هو حسن لأجل المسيح ، وقد كانوا يذهبون الي أماكن حيث لا يجب أن يتواجد فيها مسيحي ، وحاولوا أن يتكلموا ويعيشوا لأجل المسيح ، وكان غرضهم أن يظهروا للناس محبة الله ، وبعد ذلك سمعنا أنهم لم يقدروا أن يثبتوا ضد التأثيرات المحيطة بهم ، وقد هزموا وكانت نهايتهم المساومة مع العدو ، المشكلة الحقيقية لم تكن في دوافعهم (لأنهم كانوا يقصدون حقاً أن يعيشوا ويشهدوا للمسيح) لكنهم لم يقدِّروا قوة العدو .

إن هذه  الحوادث في المعركة يجب أن تكون بمثابة تحذير لنا لكي نُقدِّر قوة العدو ، وأن نكون في قرب كافي واستناد كامل علي الرب ، ونحتاج أن نضع هذا نصب عيوننا في بداية طريقنا المسيحي ، لأنه يوجد عدو حقيقي وقد حقق نجاح لا يُصدّق مع المؤمن غير الحذر ، ولذا يقول الرب "فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله (كل ما يملك) لا يقدر أن يكون لي تلميذا" (لو 14 : 33) فإذا كنا لا نترك كل الأشياء وبقلب كامل لأجل الرب لا يمكننا أن نثبت في يوم الحرب ، والله سوف يعطينا نعمة لكي نغلب ، ولكن فقط إذا كنا قريبين من الرب.

(٥) يجب أن نثبت في كلمته
والآن نأتي للشرط الآخر للتلمذة وهو موجود في انجيل يوحنا الأصحاح الثامن وعدد (31) ، "فقال يسوع لليهود الذين آمنوا إن ثبتم فيَْ وثبات كلامي فيكم تكونون تلاميذي" وهنا يحدد الرب تلميذه الحقيقي بأن يثبت في كلمته ، وبكلمات أخري لا يقبل أي مساومة في التعليم .
فتلميذ الرب الحقيقي له محبة لكلمة الله ، وله شهية لا تشبع تجاه تلك الكلمة ، ويخضع لسلطانها ويطبق ما تعلمه فيها وهذا فرح تام له .

ويمكنني أن أعطيك سبعة أسباب لكي يقرأ التلميذ كلمة الله :-

١ - يقرأ الكلمة لكي يعرف ويتعلم أكثر عن المسيح، "فتشوا  الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهي  التي تشهد لي" (يو 5 : 39 ، لو 24 : 25 - 27 ، 44) ، فالمسيح هو موضوع كل الكتاب ، فعندما كتب الله الكتب كان ابنه أمامه دائماً ! ، وهو قد قصد ذلك لكي يكون المسيح أمام أعيننا ونحن نقرأ الكتب ، وإذا كان لنا الرب يسوع المسيح أمام نفوسنا عندما نقرأ المكتوب فبالتأكيد ستكون لنا بركة حقيقية في هذه الكتب .

٢ - يقرأ التلميذ الكلمة لكي يجد نوراً وإرشاداً خلال الطريق ، كما يقول  الكتاب "لحفظك من طرق المعتنف (المدمر) (مز 17 : 4 ، مز 19 : 7 ، مز 119 : 105 ، 130 ، 2مل 6 : 8 - 12 ، 2تي 3 : 15) .

٣ - يقرأ الكتب لكي ينمو روحياً في نعمة الله ولكي يتصور المسيح فيه (1بط 2 : 2 ، 2كو 3 : 18) .

٤ - يقرأ كلمة الله لكي يتعلم بركاته الروحية التي لنا في المسيح حيث يُبنيَ ويتأسس في الإيمان الأقدس .

٥ - يقرأ الكتب ليجد راحة وقوة وتعزية وفرح في وقت التجربة والحزن (رو 15 : 4 ، مز 119 : 49 ، 50 ، مز 119 : 28 ، مز 1 : 2-3) .

٦ - يقرأ الكلمة ليطهر نفسه من الدنس والخطية بواسطة غسل الماء بالكلمة ، وهذا ينتج توبة واعتراف ورد نفس للرب ، فالكتب هي الطريق لتطهير النفس بطريقة عملية (مز 119 : 9 ، أف 5 : 26 ، مز 19 : 7) .


٧ - يقرأ الكلمة ليتعلم أحداث المستقبل حيث يتعلم قصد الله لأجل تمجيد ابنه في دائرتين "دائرة العالم العتيد" في السماء وعلي الأرض (2بط 1 : 19 - 21 ، رؤ 1 : 1 - 3 ، أف 1 : 10) .

إن كلمة الله تمتحن حقيقة اعترافنا كتلاميذ حقيقيين للمسيح ، فالكثيرين عندما وضعوا في الامتحان في السلوك في الحق الذي أُعلِن لهم لم يتجاوبوا معه ، ربما توجد أشياء بسيطة يجب أن تفعلها في الاجتماع أو في حياتك العملية ، وعلي أي حال إذا لم نسلك في الحق الذي نعرفه لا نكون ثابتين في كلمته .

وكما قلت أن التلميذ الحقيقي للرب يسوع لا يقبل المساومة في التعليم ، ومن المحزن أن نقول أن الكثيرين من المسيحيين اليوم لا يسلكوا بحسب التعليم الصحيح ، البعض يعتقدون أن الله غير مهتم بما نؤمن بل بكيفية حياتنا ، فهم يعتقدون أنه لو كان لنا حباً لأحدنا الآخر فهذا هو الأهم ، ولكننا نجد في (أع 2 : 42) أن التعليم له المكانة الفائقة قبل الشركة ، ولهذا يأتي أول الأشياء التي يجب أن نثبت فيها "وكانوا يواظبون علي تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" فالتعليم هو أساس شركتنا ، ومستر براون اعتاد أن يقول أن الله مهتم بما تؤمن لأنك لا تستطيع أن تحيا صحيحاً لو لم يكن إيمانك صحيح ! ، فالتعليم مهم لأنه يشكل سلوكنا ، فلماذا لا أكون في شركة مع مؤمن من الطوائف ببساطة بسبب التعليم ، فالتلميذ الحقيقي يعطي أهمية عظمي للتعليم ، فالشخص الغير ملم بالتعليم "سيكون طفلاً مضطرباً ومحمول بكل ريح تعليم" (أف 4 : 14) ، فالشخص المأخوذ بحيلة الناس - في العقيدة أو غير ذلك - سوف لا يكون تلميذاً حقيقياً للرب يسوع .

(يتبع)

ليست هناك تعليقات: