(٢) يجب ان تكون لنا الرغبة في أن نتحد مع المسيح في رفضه
الرب يستمر يقول "ومن لا يحمل صليبه ويتبعني لا يقدر أن يكون لي تلميذ" إن العالم لم يعطي للرب إلا صليب ، وهذا معناه الرفض المطلق من العالم ، ولاحظ أن الرب لم يقل لتلاميذه أن يحملوا صليبه هو ، كلا ، لأنه هو فقط الذي يستطيع أن يحمل ذلك الصليب ، لكن كل واحد منا عندما يتبعه له صليب خاص به ليحمله ، وبكلمات أخري نحن نتوقع أن نجد نفس المعاملة التي قد تعامل بها العالم مع المسيح ، فإن كنا تلاميذه فسوف يكون من نصيبنا الرفض كما كان له ، لأنه قال "إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم (يو 15 : 18) وأيضاً "إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم" (يو 15 : 20) .
يجب ان يعي الشخص التابع للمسيح هذه النقطة وهو أننا نتبع مخلص مرفوض ، ويجب ان نرغب في أن نأخذ مكان الرفض ، إنها مسيحية طبيعية أن نتألم ونحتمل التعيير والرفض (عب 13 : 13) ، ولا يمكننا الابتعاد عن ذلك لأنه إن كنا أمناء فهذا هو نصيبنا لو كنا تلاميذه ، لأنه يقول "جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوي في المسيح يسوع يضطهدون" (2تي 3 : 12) ، وما نقوله إن هذا ليس شيئاً مفضلاً بالنسبة للمؤمن ، فإذا كان أحد يظن أن الطريق المسيحي شيئاً سهلاً أو محبوباً فهذا محض خطأ ، فأنت تحتاج أن تعرف هذه النقطة لو كنت تعتقد أنك يجب أن تحافظ علي ارتباطاتك مع الناس العالميين في المدرسة أو في العمل ، ويجب أن تتثبت هذه النقطة في ذهنك ، إن المسيح مخلص مرفوض فإذا كنت تتبعه فإنك سوف لا تكون محبوباً ! ، فأنت لا تقدر أن تكون في اسم حسن مع هؤلاء الناس وتكون أميناً وتلميذ حقيقي للرب يسوع ، فهذا لايمكن أن يكون .
إن الناس عندما يحصلون علي الخلاص ربما لا يدركون الحياة المسيحية حق تقديرها في البداية ، لأنه أحياناً تقدم خدمة الانجيل مثل طلب الهروب من مبني يشتعل ويجب أن تنجو بحياتك قبل أن تصلك النار ، فالإنسان يسر بأن ينجو من الجحيم بالإيمان بالرب يسوع ، ولكن ربما لم يتم التركيز علي التوبة وحقوق المسيح كما يجب ، وكنتيجة لذلك يظلوا يمارسوا أمورهم كما كانوا يمارسونها من قبل الحصول علي الخلاص ، فهم لم يدركوا أنهم يجب أن يُتحِدوا أنفسهم مع مخلص مرفوض ، وهذا من الممكن أن يولد مشاكل واضطرابات بعد المرور في هذا الطريق ، فالبعض يعتقدون أنهم سيجدون راحة وسهولة بعد ذلك ، وقد كان هذا يبدو لمريم عندما ظنت أن الرب هو البستاني عند القيامة فقد اخطأت في هذا (يو 20 : 15) ، أي الشخص الذي يُزيِّن كل شئ في حياتها ويجعله جميلاً ولطيفاً .
لكن الرب لم يكن هو البستاني ، بل أنه مخلصنا ، ومرشدنا ، ومعيننا وحبيبنا وهو الذي سيكون معنا خلال كل صعوبات الطريق ، ولكن لم يعدنا بزوال الضيقات التي في الحياة ولكنه سيساعدنا خلالها ، وكما قلنا أن الطريق لاتباع المسيح ليس سهلاً ، ولكنه طريق السعادة الحقيقية إن كنا نظل قريبين منه .
ونحن الآن أيها الاحباء نقول أن اتباع المسيح يتطلب حمل صليب الذي يحدثنا عن الرفض ، فهل نحن جاهزين لذلك ؟ فأنت سوف لا تكون محبوباً فيوجد لك هناك تعيير من العالم وإذا كنت تريد أن تحافظ علي علاقتك المحمومة مع العالم كمسيحي فإني أقول بأنك تساوم بمبادئ التلمذة لأجل الحصول علي ذلك .
(٣) التلمذة هي أن نستودع حياتنا بجملتها له :
الشرط الثالث للتملذة نجده في عدد (28 - 30) أنه خاص ببناء برج والأهمية هي أن نكمل ما قد بدأنا في بناءه ، والنقطة هنا هي أن الباني يجب أن "يحسب النفقة" فعندما يبتدئ يتيقن من أنه قادر علي أن ينهي هذا البناء ، والرب يستخدم هذا كإيضاح لشهادة المؤمن الفردية في هذا العالم كتلميذ له ، ونحن جميعاً نبني لأنفسنا شهادة فردية ، وعندما خلصنا فنحن بالفعل قد وضعنا الأساس ، وعندما نستمر لأجل الرب فنحن نبني برجاً ، وعندما نكمل طريقنا في هذا العالم فيأتي إلينا الرب أو نذهب نحن إليه بالرقاد فعندها نكون قد أكملنا ما قد بنيناه .
فعندما نبدأ في أن نكون تلاميذ للرب يسوع ، فنحن يجب أن نحسب النفقة بأننا نستودع حياتنا بجملتها بين يدي الرب ، ونأتمنه عليها ، فالتلمذة الحقيقية هي إيداع الحياة بجملتها ! ، وإما أن نترك خلفنا شهادة من الفشل ، وهذا يهين الرب والرب لا يريدنا أن نترك ذكري من الفشل خلفنا ، مثل الإنسان الذي بني نصف برج ولم يكمل عمله ولذا يقول "فيبتدئ جميع الناظرين يهزأون" وهذا يبين لنا أنه عندما يفشل شعب الله فهذا يعطي الفرصة للعالم لكي يشيروا إليهم بالأصبع ، وعدد آخر يقول "لأن اسم الله يجدف عليه بسببكم بين الأمم" (رو 2 : 24) ونحن لا نرغب أن نعطي فرصة للعالم لكي يسخر من شهادة المسيحي .
ولكن نحن نعلم ان هذا يحدث لبعض التلاميذ ، هم يأخذون بإتباع المسيح ، وفي وقت ما تجدهم يفشلون بالسير في الطريق ، ويجدون الأعذار بالطبع لأنفسهم ، وهذا لأنهم لم يجلسوا أو يحسبوا النفقة لاتباع مخلص مرفوض ، فعندما حصلوا علي الخلاص فهم قد وهبوا الحياة بطولها بين يدي الرب ، ونحن لا ننتقدهم لأنه يمكننا جميعاً أن نفشل في الطريق ، ولكن ما أريد التركيز عليه هنا أننا نحتاج أن نتحذر ونعتبر صعوبات الطريق عندما نستودع كل حياتنا في اتباع الرب ، واستيداع حياتنا ليس مثل النذير في عدد (٦) الذي يكرس جزء من حياته في خدمة الله وبعد ذلك يعود إلي حياته العادية ، فاستيداع حياتنا يجب أن يكون كل مدة حياتنا .
والآن إذا كنت تعتقد أن تكلفة التلمذة عالية جداً فأود أن أقول لك أنك لم تحسب النفقة في ملء نور وقوة نعمة الله ، لأن النعمة والتلمذة يسيران جنباً إلي جنب ، والرغبة فإن تكون تلميذاً حقيقاً للرب يسوع المسيح تنبع من عمل النعمة في قلب المؤمن ، لأن قلبه يتجاوب مع المحبة ، والنعمة التي ظهرت نحوه وما عمله المسيح لأجله علي الصليب ، والنتيجة المنطقية للفداء هي أن يقودنا الي تكريس حياتنا للمسيح في هذا العالم ، وهذه هي المسيحية الحقيقية ! فأنت لا تتكلف شيئاً لتكون مؤمناً ، ولكن لكي تكون تلميذاً حقيقياً فلابد أن تتكلف شيئاً ما ، ولكن كما قلت أنه الطريق الوحيد والآمن والسعيد للمؤمن .
ولكن ماذا يحدث لو لم نحسب النفقة وتوقفنا عن بناء برجنا ؟ إن هؤلاء الذين لاحظونا في طرقنا كمؤمنين سيسخرون منا (ربما من وراء ظهورنا) أو هذا ما يقوله الرب هنا في تلك الاعداد فربما شخص كان حاملاً الانجيل محدثاً الناس عن الرب يسوع لكن الآن يروه العالم وقد ترك هذا وتحول الي العالم فيأتي باللوم والإهانة علي اسم الرب يسوع ، وهذا يعني أننا يجب أن نتحذر عندما نبدأ في الطريق المسيحي فيوجد الاستمرارية في أن نضع حياتنا ونسلمها تماماً للرب .
فالكثيرين قد بدأوا حسناً لكنهم لم يستمروا ، وياللأسف ! إنني متيقن ان هذا يحزن الرب ، وبولس يقول لتيموثاوس "اثبت فيما تعلمت وأيقنت عارفاً ممن تعلمت" (2تتي 3 : 14) ننطرح علي الرب ليحملنا كل أيام حياتنا ، لأنه بدونه لايمكننا فعل أي شئ (يو 15 : 5).
(يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق