الأحد، 19 يونيو 2011

محادثة في الكمال المسيحي عند الوسليين (1)


محادثة
في الكمال المسيحي عند الوسليين
ما بين يوحنا داربي واحد اتباع وسلي


داربي - نهارك سعيد يا أخي . لقد سررت بمقابلتك لأني كنت مشتاقا أن أراك منذ سمعت عن تمسكك بالمعتقد الجديد ، وأحب أن أسمع من فمك عن رأيك فيه ، وأما أنا فبحسب كلمة الله لا استطيع أن أقبله .

وسلي - ولكن لماذا تدعوه معتقداً جديداً وهو الحق الإلهي ، ألا يأمرنا الله أن نكون قديسين كما هو قدوس؟ ، كاملين كما أن أبانا الذي في السماء هو كامل؟ ، أم تريد منا أن نكرز للناس بالخطية ، وننادي بالمسيحيين أنه يلزم أن يعيشوا في الخطية إلي آخر يوم من حياتهم كأن الموت هو مخلصهم؟ ، أما أنا فالحمد لله لا أصادق علي أفكار كهذه . إذ يجب أن اتخلص من الخطية وإن كنت لم أتحرر منها بعد فقد وعدني الله بالحرية ، وهو قادر أن يتمم وعده بل أمرني بذلك ، وهو لا يأمر بالمستحيل ، وكلمة الله مشحونة بطلب الكمال منا . ثم أنظر إلي اتباع هذا التعليم ونتائجه فيهم . فكم من الغيرة وكم من القداسة وكم من المحبة ! بل انظر إلي عدد الشهود إلي نعمة الله هذه تجد نحو مليون ومائتي ألف مسيحي يشهدون لصحة هذا التعليم .

داربي - رويداً يا أخي العزيز . فقد سردت من الأمـور في وقت واحد ما يستلزم وقتاً طويلا ً للرد علي ما فيها . أما من جهة نتائج التعليم وأثماره فيمن قبلوه التي تكلمت عنها فلست معك فيها واحسبها من باب الافتخار . أنا لا أنكر وجود مسيحيين أعزاء كثيرين بين الوسليين ولكني اعتقد أن كنيسة المسيح علي وجه العموم في الوقت الحاضر في حالة الضعف ، فالحرية قليلة والفرح قليل ، وبحسب فكري بالنسبة إلي الضعف السائد في التبشير فلا عجب إذا كانت المناداة بتعاليم تُرغِّبْ السامعين في شئ أفضل يكون لها هذا التأثير ! ، فالكرازة للخطاة بمحبة الله إليهم وتقديم المسيح واسطة الخلاص الوحيدة يسد نقصاً في طريقة التبشير التي كانت متبعة عند الكثيرين .

وسلي - فكيف إذاً تحكم علي  التعليم أنه غريب وأنت تعترف له بكل هذه المزايا ؟

داربي  - أنا مستعد أن أشرح لك ذلك . هم يقولون مثلا "أنه لا ينبغي لنا أن نسعي وراء الحصول علي القداسة ، بل متي قبلنا المسيح قداستنا تُستَأصل الخطية منا فنصبح قديسين بالتمام وبلا خطية أو شهوة أو ميل إلي الشر" ، أما قولهم أننا لا نستطيع الحصول علي القداسة بجهدنا أو سعينا ، فهذا صحيح فالنظر إلي المسيح وحده يجعل فينا قوة حياة ونبع قداسة ، وأنا أصادق أيضاً علي القول إن النفس التي تحت الناموس وهي تئن تحت ثقل شقائها لا تستفيد شيئاً من محاولة النجاة ، ولكن هذا كله لا يمنع القول أن التعليم علي وجه الاجمال غير صحيح ، فالقول بإمكانية الحصول علي الكمال المطلق هنا علي الأرض وإنتهاء أصل الخطية من طبيعتنا بمجرد قبولنا المسيح كقداستنا ليس له نصيب من الصحة ، بل أن هذه الغلطة تقود إلي جملة غلطات أخري مقترنة بها ، والوقوع فيها يبطل حقائق معزية ومهمة وثمينة في الإنجيل ، ويضر كثيراً قداستنا نفسها .

وسلي - وكيف يمكن أن تُضَرَّ القداسة ؟

داربي - قبل الجواب علي هذا السؤال اسمح لي أن أسرد لك بالاختصار تاريخ الوسليين . إن حال خراب الكنيسة الذي وُجِدت فيه منذ قرن تقريباً ، كان بنعمة الله سبب نهضة كبيرة ، فقام بعض الأتقياء يكرزون بالإنجيل وينادون بالتوبة لمغرفة الخطايا . ولكن البعض لم يقف عند حد نص كلمة الله ، بل رتبوا لأنفسهم مجموعة من التعاليم والقيود (نعم أن بين تلك التعاليم الخلاص بيسوع ، ولكنهم أنكروا حقائق أخري مختصة بالخلاص) توافق ذوق أهل العالم لتوسيع نطاق جمعيتهم بدون أن يكترثوا بالضرر الذي يلحق بالنفوس من هذه التعاليم . ومع أنهم يشهدون لأنفسهم كثيراً ، ولكني واثق أن المسيحيين الذين ليسوا معهم ويعرفونهم شخصياً ينكرون عليهم شهادتهم لأنفسهم .
وقبل أن أذكر لك التعليم الصحيح حسب ما ورد في كلمة الله ، أحب أن ألفت نظرك إلي أن اللوم الذي تعلمت أن تسنده إلي المبشرين بالإنجيل لا يظهر لي أنه ثمر الروح القدس ، إذ تقول عنهم مثلا أنهم يكرزون بالخطية . فهل أنت معتقد إذن أن كل الذين لا يتَّبعون تعاليم وسلي يحبون الخطية وينادون للناس بالخطية ؟.
(يتبع)

ليست هناك تعليقات: