بقلم : يوحنا داربي
ترجمة : عاطف فهيم
عـــبـداً إلــــى الأبـــــد (الجزء الاول)
لوقا 12 : 35-41
إن تلك الأعداد بل نقول أن كل هذا الاصحاح يبيِّن لنا أن القديسين منفصلين عن هذا العالم . فعلي الرغم من المؤامرات التي تحيط بهم إلا أنهم لا يخافون "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر" (لو 12 : 4) ، لكن هناك شئ يجب أن يخافوا منه ألا وهو الرياء لأن الكل سوف يُستعلَن (لو 12 : 1) أنه يشدِّد هنا علي أنه يجب أن يكون كنزهم في السماء ، إذ ليس كما يدَّعي الناس بقولهم (حيثما يكون قلبك فهناك يكون كنزك أيضاً) ولكن ما يصح هو "حيثما يكون كنزك فهناك يكون قلبك أيضاً" (لو 12 : 34) فإنهم قد اختيروا من هذا العالم لكي يخدموه ههنا وبالتالي هو يشجعهم بأن تكون لهم الثقة في عناية ومحبة الله الساهرة عليهم ، ويخبرهم بأن لهم قيمة خاصة لدي الله ، لأنه لا يسقط عصفور علي الأرض بدون أبيكم فلذا "لا تخافوا أنتم أفضل من عصافير كثيرة" (لو 12 : 7) ، أنه هو أبيكم "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سُرَّ بأن يعطيكم الملكوت" (لو12 : 32) ولذا فأنتم يجب أن تثقوا فيه ، ويجب في الوقت الحالي أن تكون أحقائكم ممنطقة لأنه الآن ليس وقت للراحة ، فيجب أن يشمروا عن السواعد للاستعداد للعمل والخدمة فمصابيحهم موقدة وهم في حالة من السهر والاستعداد لسيدهم وربهم . فهذه هي سمتهم في هذا العالم لأنهم ينتمون إلي عالم آخر فهم ينتمون للآب وهو مشغول بهم في هذا العالم ويعتني بهم ههنا ولذا يجب أن نثبت في محبته .
إن ابن الله قد أخذ "صورة عبد" وهو مزمع أن لا يتخلي عن تلك الصفة أبداً ، أنه الرب يسوع المسيح الذي هو واحد مع الآب ، الله الذي علي الكل المبارك إلي الأبد ، لكن كل هذا يعطيه قوة أكثر لكي يكون خادماً ، أن أذنه قد ثقبت بالمثقب عند قوائم الباب أنه العبد العبراني الذي عندما خدم سبع سنين قال بعدها "أحب سيدي وامرأتي وأولادي لا أخرج حراً" (خر 21 : 5) فيصبح عبداً إلي الأبد وأذنه علامة علي تلك الطاعة ، لأنها قد ثقبت ، وهذا ما قد فعله بل وهذا هو مجده ، ناسوت خارجي ولكن مجد ومحبة إلهية .
إن المحبة تُسرَّ دائماً أن تخدِم ولكن الذات تُسرَ أن تُخدَم ، أنه محبة ، وهو يُسرَّ أن يخدِم ، وبما أنه يخدمنا فكان يجب أن ينزل فهو يأتي لنا بالمحبة التي تسمو فوق كل العوائق ، والأكثر أنه وضع نفسه ، إنني أري محبة لا يمكن أن تكون إلا من الله! ، إننا نلمسها في حياته . فنحن نراه يجلس مُتعباً من الرحلة علي البئر ويقول "لو كنتِ تعلمين عطية الله ومن هو الذي يقول لكِ اعطيني لأشرب لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماء حياً" ،(يو 4 : 10) أنه الشخص الإلهي جالساً يتحدث إليها فقد كان خادماً لها ، وهو يقول أيضاً "أنا بينكم كالذي يخدم" ( لو 22 : 27) فقد كان هو سيدهم الوحيد وربهم ولكن فوق الكل كان له امتياز أن يأخذ لقب عبد (خادم) وقد رفض أن يخرج حراً وأخذ مكان خدمة المحبة هذه إلي الأبد ، فهذا هو مجده وهذا لا يمس لاهوته إلا بإظهار كل النعمة المطلقة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق