وسلي - ولكن هذا كان تحت الناموس
داربي - صحيح . ولكن هل الخطية في نظرك الآن وقد ازدادت معرفتك بالله أقل شناعة ؟ وهل القياس انحطَّ ، والقداسة انخفضت ، والكمال نقص ، والتدقيق َبطُل؟ أري في هذا خطأ المبدأ الذي تقول به مدعياً أن الشهوة ليست خطية، والغلطات والسهوات التي تستحق الدينونة الأبدية ليست خطية ، وبالاختصار فإنك لا تعتبر شيئاً أنه خطية سوي التعدي الاختياري ضد ناموس الله ، أما أنا فبخلاف ذلك مقتنع تمام الاقتناع أن أي شئ يسبب انفصال قلبي عن الشركة مع الله لأنه يحزن روح الله القدوس فيَّ هو خطية ، ومهما كان نوعه فهو صادر من طبيعتي الفاسدة وأنا لا أريد أن اُخفِّض من قياس القداسة ، لكي أتخلص من وخز الضمير ، وفضلا عن ذلك فإن أساس سلامي يختلف عن أساس سلامك ، إذ أنا أبني علي يقيني بمحبة الله المتجهة نحوي كخاطئ ، تلك المحبة التي اُظهِرت لي بينما كنت في خطاياي،. وأبني علي يقيني بأني قد قمت مع يسوع بايمان عمل الله الذي أقامه من الأموات واجلسني معه في السمويات بحيث أني مثله أمام الله أبيه .
أنا أعرف أنكم لا تطالعون العهد القديم إلا فيما ندر ، ولكن أما لاحظت أن القرص الذي كان يشر إلي المسيح لم يُقرَّب معه خمير لأنه كان قرباناً للرب رائحة زكية ، أما قرص يوم الخمسين فكان يُقرَّب معه خمير ؟ لأن هذا القرص كان يشير إلي الكنيسة الجاري جَمعُها وبسبب وجود الخمير غير ممكن تقديمه ذبيحة للرب رائحة طيبة (لا 2 ، 7 : 13).
علي أني أريد أن تفهم جيداً أن وجه اعتراضي علي معتقدكم مبني علي تعريفكم للخطية ، لأنه يحُطّ قياس القداسة أما قداستنا فيجب أن تكون (بل هي) مؤسسة علي اقتراننا بيسوع المسيح المقام والممجد في السماء، الأمر الذي نتعلم منه أن نطهر ذواتنا كما هو طاهر لا أننا نَدَّعي كما تقولون بأن الخطية نزعت منا ، ثم نرتكب أموراً تستحق الدينونة الأبدية .
وإذا كنت فهمت ما قلته لك عن قيامة يسوع المسيح ، فبكل سهولة تقدر أن تفهم مضمون الاصحاح الثالث من رسالة فيلبي ، وخلاصته أن المسيحي الكامل هو الذي أدرك قضية القيامة ، وليس هو الذي أدرك الكمال هنا في الجسد ، فهو قد تجدد في المعرفة حسب صورة خالقه ، ليس أنه قد أدرك الغرض إذ هو لا يعرف له غرضاً إلا جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع ، وهو لا يحسب نفسه أنه مثل يسوع المسيح لما كان هنا علي الأرض إذ من جهة مخلصنا المحبوب يقول الرسول بولس ما معناه "وإن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد فلسنا نعرفه بعد" .
وسلي - يظهر لي أنك معارض أفكارنا من جهة الكمال ، لأنك تطلب قداسة أكمل أو كمالاً أسمي مما نتكلم عنه .
داربي - وهذا هو الصواب ، ولكني أيضاً أعترض علي أفكاركم من جهة الخطية التي تقللون من شناعتها لكي تطابق كمالكم الناقص ، فأنتم تبدأون بالقول أنكم كاملون ، وتستنتجون من هذا الكمال الناقص أنكم بلا خطية ، وإذ تفرزون فريقا من المسيحيين تقولون عنهم أنهم أبرار مثل الله ، وأنهم في العالم مثله ، وإذ لا تجدون حالتهم تنطبق علي هذا الوصف ، تعودون إلي القول أن هؤلاء الناس الكاملين يرتكبون أموراً لولا كفارة المسيح لأودت بهم الي الهلاك الأبدي ، وفي سبيل اثبات هذا الرأي تُخرجِون الآيات عن قرائتها وتحرِّفون الكلام عن مواضعه .
وسلي - ولكني أحب أن أسألك عن بعض آيات أخري ، منها ما ورد في حز 36 : 25 ، 26 حيث قيل "من نجاستكم ومن كل أصنامكم اطهركم وأعطيكم قلباً جديداً ... وانزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم" وما هو مكتوب في 1يو 1 : 7 "دم يسوع المسيح يطهرنا من كل خطية" .
داربي - يا أخي العزيز . إن الجملة الأولي عبارة عن وعدٌ من الله لأمة اليهود في الأزمنة الأخيرة . ويمكن لك أن تدرك ذلك إذا طالعت الفصل كله . فان الوعد مقترن بالبركات الأرضية ، لا سيما من جهة رجوعهم إلي أرضهم ، وقد وعدهم الله أن ينزع منهم قساوة قلوبهم ويعطيهم قلوباً رقيقة تقبل تعاليم الرب . ولا دخل لهذا في موضوع نزع الخطية . وهذا الوعد يتم فينا بمجرد ولادتنا من الله . ويظهر لي أن الرب له المجد كان يشير إلي هذا الفصل في حديثه مع نيقوديموس (يو 3)، وواضح أن تلك الأقوال تنطبق علي الذين لم تُنزَع منهم الخطية ، لأن جوهرها نوال حياة جديدة لا نزع الإنسان العتيق وابادته .
أما التطهير من كل خطية بدم يسوع المسيح فهذا ما صنعه المسيح ، بتقديم الكفارة . ولكن التغيير أي التجديد منسوب في كلمة الله إلي عمل الروح القدس بواسطة الكلمة ، كما قال المسيح في يو 13 : 10 " الذي اغتسل ليس له حاجة إلا إلي غسل رجيله" وهذا هو عمل المسيح كشفيع .
(يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق