الاثنين، 4 أبريل 2011

العائلة (2)


سلسلة مقالات كتاب العائلة
(2)

كلمة موجهة للاباء

والأمر الثاني أن الله أبونا يرغب أن تكون لنا علاقة وثيقة به أو شركة معه في أفكاره باعتبارنا
أولاده . إنه يريد أن يشركنا معه في أفكاره - وأي أفكار هذه ! إنها تدور جميعها حول إبنه ،  ونحن كأولاده بوركنا بالارتباط به - حقاً إنه شئ ثمين ! وعليه فإنه يجب أن نسعي لكي نُشرِك أولادنا في أفكارنا ، وأن نجعل أطفالنا يعرفون هذه الأفكار . وهل هناك شئ أكثر غلاوة عندنا من معرفة المسيح كمخصلنا ؟ ولهذا يجب أن يتعلَّموا ذلك أولاً ، وبعد ذلك كلما كبروا فعلينا أن نشترك معهم في كل مسرات الحياة . إنه يجب أن نأتي بهم - كلما أمكن ذلك - إلي كل أفراحنا لكي يدخلوا إليها في صحبتنا . فإن لم نفعل ذلك فإنهم سيبحثون عن مسراتهم وسعادتهم في أماكن أخري خارجاً عن البيت .

ولذلك نقرأ " "ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملاً" 1يوحنا 1 : 4 . إن الله أبينا يريد أن يكون فرحنا كاملاً ، هذا بالإضافة إلي أنه يريد أن نعرف أن هذه هي رغبته من نحونا وأنه يوفر لنا معونة كاملة لذلك . ونحن بدورنا علينا أن نُعرِّف أولادنا بأننا نسعي دائماً إلي فرحهم الحقيقي وسعادتهم في الحياة ، حتي تقويمنا وتأديبنا لهم يهدف إلي تلك الغاية . فأي شئ يؤدي إلي خيرهم المطلق ويقود إلي سعادتهم الحقيقية فإننا نجتهد أو نوفره لهم (كما سنري فيما بعد) طالما لا يتعارض مع صفة الله كالنور ، فإنه يجب أن يتصف البيت المسيحي بهذين الشيئين النور والمحبة . وأحيانا نحن كآباء نتصرف بمعزل عن أولادنا دون أن نُعرِّفهم شيئاً - وهذا يخالف حقاً سعينا لفرحهم وسعادتهم . ودعونا نؤكد لهم أننا إذا اضطررنا أن نحرمهم من أشياء لمجد الله ، فإن هذا لخيرهم وبركتهم ، ليتنا لا نتواني في ذلك . والبيت يجب أن يكون هو المكان السعيد لهم ويحمل لهم السرور وسعادة الذكريات لطفولتهم .

فأي تعليم هذا لنا نحن الآباء ! فأولاً يلزم أن أطفالنا يعرفوننا جيداً ، وثانياً يجب أن يتعلَّموا ويتشاركوا في أفكارنا ، وثالثاً أن يعرفوا سعينا واجتهادنا لفرحهم الكامل وسعادتهم . وأنا أؤمن أن هذه الأشياء الثلاثة لها أهمية قصوي إن أردنا بداية صحيحة مع عائلاتنا . فليست المسألة مطلقاً "افعل هذا ولا تفعل تلك" . فالمحبة هي المحرك الرئيسي وبدونه لا يصح شيئاً علي الاطلاق ، فالطاعة التامة للمسيحي مؤسسة علي المحبة . قال الرب يسوع "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي" يوحنا 14 : 15 . وكل طاعة حقيقية في البيت المسيحي ، من جانب الأولاد ، يجب أن تؤسس علي المحبة .

والآن نأتي إلي صفة الله أبينا باعتباره النور "الله نور وليس فيه ظلمة البتة ، إن قلنا أن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق" . إن الله أبانا يريدنا أن نعرف صفته كالنور إذا أردنا أن تكون لنا شركة معه ، هذه الشركة التي تقوم علي قداسته ، ولا يمكن أن تكون لنا شركة معه بأي طريقة أخري .

وهذا له أهمية قصوي مع أولادنا وبحسب الترتيب الصحيح أيضاً . فبعد أن يتعلموا الأشياء الثلاثة السابقة التي ذكرناها (ويمكنهم أن يتعلّموها وهم صغار جداً) ، فإنه يجب أن يتعلموا أن هناك صفة مطلوبة لبيوتنا كبيوت مسيحية . يلزم أن تتوفر الطاعة مع القداسة . إن الخطية والسعادة لا تسيران في حياتنا معاً ، ولا يمكن أن تسيرا معاً في بيوتنا . ومالم نستحضر أولادنا لكي يعرفوا معنا هذه الحقيقة فإننا لن نصل إلي الشركة الحقيقية والسعادة معهم . ولابد أن يتحققوا من هذا الأمر أنهم لن يستمتعوا بشركتهم معنا طالما يسيرون في إرادتهم الذاتية وفي العصيان . وعلينا أن نحتفظ دائماً في بيوتنا بصفة التقوي . إن الكثير من الآباء المسيحيين يحصدون بالأسي لأنهم يقللون مستوي السلوك المسيحي لأولادهم ويسمحون لأشياء تخالف كلمة الله أن تستمر في بيوتهم . إن الله أبانا لا يخفض مستوي السلوك لعائلته . ليته يساعدنا في أن نحفظ هذا الأمر في بيوتنا .

وهذا يأتي بنا إلي نقطة أخري ، فإن الله يريد الحقيقة ، إذ يقول لنا أن إدعّاء الشخص بما ليس فيه حقيقة فهو إدعاءٌ كاذب ، وأن الذين يسلكون في الظلمة ليست لهم شركة معه . وبعض الآباء يقولون أننا إذا جعلنا مستوي القداسة عالياً جداً فإن أولادنا سيفعلون ما هو ممنوع سراً . وقد قادنا الله إلي فكره من جهة هذه المسألة إذ يجب أن نتبع ليس أفكارنا بل النموذج الذي رسمه لنا .  فإذا عرف أولادنا قلوبنا حقاً لإنهم سيطلبون شركتنا فوق كل شئ آخر . وسيشعرون أنهم ليس بمقدورهم أن يخفوا أو يدّعوا بما ليس فيهم أمامنا . ومع أن نور الله في حضرة أبينا يُظهر الخطية . إلا أننا لا يمكننا أن نخفي شيئاً في حضرته ، لماذا ؟ لأن محبته الكاملة وجدت طريقاً - "ودم يسوع المسيح ابنه يُطهر من كل خطية" شئ عجيب حقاً ! فأي ثقة لنا نجدها في هذه الكلمة .

وبعد ذلك فلنا المؤونة والعون وقت فشلنا باعتبارنا أولاد الله "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتي يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" . كذلك في بيوتنا فحيث يكون النور والمحبة في مكانهما الصحيح فكل شئ يُكشَف ويتم التعامل معه بالنور والمحبة . وعندما يعرف أولادنا أنهم فعلوا الخطأ فعلينا أن نسامحهم كما أن الله أبانا يسامحنا أيضاً. والغفران في قلوبنا دائماً ، أما الحكم فلا نظهره إلي أن يتم الاعتراف بخطاياهم .

ليست هناك تعليقات: