الأربعاء، 27 أبريل 2011

لماذا يسمح الله لنا بالتجارب (7)


٥ - لكي يقربنا لبعضنا البعض :

دعونا نري سبب آخر من اسباب التجارب التي يسمح بها الرب لنا ، وهو كي يقربنا الي اخوتنا كل واحد للآخر ، إن الاخوة في الاجتماع المحلي ربما يكونوا مشغولين في امورهم الخاصة ، والنتيجة هي الانحراف بطريقة عملية علي الرغم من استمرارهم في حضور الاجتماعات معاً ، وفي تلك الحالة فإن الرب يرسل تجربة قوية لحياة الشخص لعله يستفيق من المشغولية باموره ، وليكون غرضه مساعدة الشخص المتألم والذي يحتاج لمعونه ، وهذه التجربة للأخ الواحد لها طريقها لتؤثر في الجماعة ككل ، وليس فقط المتألم ، لأن الكتاب يقول "الأخ ليوم الشدة يولد" (ام 17 : 17) ، ان نصيبنا هنا هو ان نعضد اخوتنا الذين يجتازون في الضيقات ، وقد قال أيوب "حق المحزون معروف عند صاحبه وإن ترك خشية القدير" (أيوب 6 : 14) .
في (1أخ 7 : 20-22) لنا مثال يقول "وبنو افرايم شوتالح وبرد ابنه وتحث ابنه ، والعاد ابنه وتحث ابنه ، وزاباد ابنه وشوتالح ابنه وعزرا والعاد ، وقتلهم رجال جت المولودون في الأرض لأنهم نزلوا ليسوقوا ماشيتهم ، وناح افرايم أبوهم اياماً كثيرة وأتي إخوته ليعزوه"
ويالها من كارثة عظيمة أتت علي بيت افرايم (عدد23) فاولاده قتلوا في محاولة لسرقة الماشية وعندما سمعوا اخوته بحزنه اجتمعوا حوله ليعزوه ، وفي محاولتهم لتعزيته قد توحدوا .
افترض ان عائلة ما قد فقدت ابنها أو ابنتها الي العالم وقد طرحوا بعيداً ، وعلي الرغم
من ان الأسرة قد تكون مسئولة الي حد ما علي ما حدث ولكن يجب عند حدوث ذلك ألا توجه إليهم ادانة في ذلك الوقت ولكن يجب كاخوة ان نأتي لتعزيتهم علي فقدانهم وتلك الاحزان تجعلنا نتقارب من بعضنا البعض .
وفي (قض 20 : 1) "فخرج جميع بني اسرائيل واجتمعت الجماعة كرجل واحد من دان الي بئر سبع مع ارض جلعاد الي الرب في المصفاة ، وهذا كان نتيجة فعل فاضح وشر أدبي سقط فيه بنو اسرائيل ، فقد اصطفوا كرجل واحد لازاحة الشر ، ولكن اثناء عمل ذلك أراد الرب ان يعلمهم دروس خاصة لأنهم كانوا أقل وحدة ، ولا شئ مثل التجارب تشفي اختلافاتنا وانقساماتنا وتجعلنا بروح واحد ، وأود أن اقول انه اذا كانت حالتنا في انقسام رأي مثل هذا وعدم وحدة فإن الرب يستخدم طرق مثل هذه ليُحدِّثنا بها .

 6- يوسع طاقاتنا لأجل التسبيح والمجد الأبدي

توجد اسباب اخري للتجارب ولكن ليس لأجل الوقت الحاضر بل للمستقبل ، ان الله له مستقبل بالنظر الي كل ما نجتاز فيه الآن ! ، ففي كل اختبار نجتاز فيه هنا يريد أن يعدنا لأجل الغرض الموضوع امامنا في اليوم الآتي .

وكما تعرف يوجد نوعين من الصلاة لبولس في الرسالة الي افسس ، ففي الأصحاح الأول يصلي لأجل القديسين ليعرفوا غني البركات التي لهم (أف 1 : 16 - 23) . وفي الأصحاح الثالث يصلي لأجل اتساع طاقة القديسين لأجل الامور الإلهية حتي يدركوا الامجاد المحيطة بالمسيح ومكاننا معه فيها .

ويصلي حتي يعرفوا المحبة التي منحتنا هذا (أف 3 : 14 - 21) فالصلاة الأولي موضوعية والثانية نظرية ، فالأصحاح الثالث يختتم بتلك العبارة "له المجد في الكنيسة في المسيح يسوع الي جميع اجيال دهر الدهور آمين" (عدد 21) فإن روح الله يبين بصلاة بولس باعطاء المجد ليظهر ان القلب عندما يمتلئ بالأمور الإلهية ينتج التسبيح.
والرسول لا يذكر الآلام او التجارب هنا في صلاته في أفسس (لأن الموضوع هنا ليس الحديث عن البرية) ولكن اتساع طاقاتنا في المحبة بالارتباط بالتجارب الني نعبر فيها وكاتب المزمور يقول "في الضيق رحبت لي" (مز 4 :1) وهذا الاتساع سنأخذه معنا الي الابدية ، فإذا كانت المكافآت التي سنحصل عليها امام كرسي المسيح ستكون فقط في الملك الألفي ، ولكن طاقاتنا التي تتكون الآن ستكون للأبدية ، ويقول بولس ايضاً "لذلك لا نفشل بل وإن كان إنساننا الخارج يفني فالداخل يتجدد يوماً فيوماً لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد أبدي" (2كو 4 : 16 - 17) ولاحظ هنا فهو لا يقول "تنشئ لنا ثقل مجد للملك الألفي" ولكن "ثقل مجد أبدي" فستمتلئ كؤوسنا بالفرح ، ولكن البعض ستكون كؤوسهم أعمق من الآخرين لأن سعة المؤمنين ستكون مختلفة ، فطاقاتنا تتكون منذ الآن عن طريق تعليم الحق الذي نتعلمه وعن طريق التجارب التي نمر فيها ، فالاختبارات ستضع الأساس لأجل مجدنا الأبدي .

7 - هذه التجارب ستأتي بالمجد للمسيح في يوم ظهوره .

يوجد هناك سبب آخر للتجارب أود أن أتحدث عنه قبل الختام وهو أن تلك التجارب ستعود بالمجد للمسيح في يوم استعلانه أمام العالم ، دعونا نقرأ (2تس 1 : 10) " متي جاء ليتمجد في قديسيه ويُتعجَب منه في جميع المؤمنين (لأن شهادتنا عندكم قد صدقت) في ذلك اليوم" فعندما يأتي الرب في ظهوره مع قديسيه ، سيرانا العالم في تلك الحالة المجيدة التي لنا ويمجدوه ! ، فهم سوف لا يتعجبون منا شخصياً ، ولكن ما عملته نعمة الله معنا ، ففي ذلك اليوم سيقال عنا "ما فعل الله" (عدد 23 : 23) .

فالله مزمع ان يحول مجد المسيح خلال كل الكون الي الكنيسة ، ليس فقط كجماعة وكجسد بل من خلال كل واحد منا علي حده ، وعلي قدر قياس ما انتفعنا به من التجارب المتنوعة والاختبارات سنعكس مجده ، وكل منا سيختلف في مجد ذلك اليوم الذي هو يوم الظهور وكل هذا سيحدِّث بنعمة الله الفائقة (رو 8 : 19) فإذا لم نستفد من الاشياء التي يريد أن يعملها فينا من خلال التجارب التي نختبرها سوف لا نعكس مجده بلمعان خاص مثل الآخرين .

(1بط 1 : 6 -7) يقول "الذي به تبتهجون مع أنكم - ان كان يجب - تحزنون يسيراً بتجارب متنوعة لكي تكون تزكية ايمانكم وهي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بنار توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح" .

وهذا الفصل يبين لنا ان الاشياء التي نجتاز فيها الآن سيكون لها مجد في النهاية ، ولاحظ قوله ".... توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح" فعندما يري العالم ما قد عمله الله فينا سيكون هناك مدح لله ومجد للمسيح .

انه ليس اننا سننال مديح من العالم في ذلك اليوم ، علي الرغم من اننا سنقبل مديح من الله امام كرسي المسيح قبل ذلك (1كو 4 : 5 ،  مت 25 : 21 ، 23) وانما المدح والكرامة والمجد سيكون للرب يسوع المسيح .

انني اقصد ان اقول يا احبائي لو قبلنا تجاربنا من يد الله ، واعطينا الفرصة له أن يعمل فينا ما يريد أن يتممه ، فسيؤول هذا الي مجد اكثر للمسيح في ذلك اليوم ! ، وإذا كان هذا صحيحاً فكم تكون عظيمة قيمة هذه التجارب التي تأتي علينا .

الأسباب التي تجعل الله يسمح لنا بالتجارب
والآن نلخص تلك الاسباب التي تدعو الله ان يسمح بالتجارب في حياة المؤمنين :
 1- لأجل مجد الله
2 - نُستحضَر لكي نعرف الرب أفضل
3 - تجعلنا اكثر تشبهاً بالمسيح
4 - لأجل تصحيحنا
5 - تقربنا أحدنا الي الآخر
6 - تزيد اتساعنا لأجل مدح مجده
7 - تعود بالمجد للمسيح في يوم استعلانه

فدعونا اذاً لا ننحني من وطأة التجربة إلا علي ركبنا ! ، ففي كل ظروف الحياة واضطراباتها يجب ان نلقي بأنفسنا علي حقيقة ان "الله طريقه كامل" (مز 18 : 30) ان الامر يحتاج الي ايمان لكي نصدق هذا لأنه حقيقي ، واتذكر انني سمعت قصة عن أحد النفوس المضطربة كان ينظر الي عمل صناعة النسيج في مصنع فرأي كتلة من الخيوط المتشابكة المعقدة في الخلف لا تعطيك أي احساس بالجمال ، ولكن عندما تطلع الي الجانب الآخر رأي عمل جميل من النسيج الرائع . وحالتنا في الحياة يمكن ان تكون مثل هذا الامر ، ونحن نري الامور من الجانب الخلفي الآن فنتطلع ونجد اضطراب من الاشياء التي يسمح لنا بها الرب في حياتنا ، ولكن تذكر ان هذا هو المنظر الخلفي للعمل ، فانتظر اليوم الآتي عندما نؤخذ الي الجانب الآخر مع الرب وعندئذ سيرينا الرب ما كان يعمله فينا لأجل مجده ، وسنكون في غاية السرور لأنه عمل معنا هكذا ، وسنقدِّر ذلك العمل جداً عندما نراه .

بقلم : بروس انيستي
ترجمة : عاطف فهيم


ليست هناك تعليقات: