الثلاثاء، 19 أبريل 2011

لماذا يسمح الله لنا بالتجارب (4)

 2- عن طريق التجربة سنعرف الرب أكثر

دعونا نقرأ (أرميا 9 : 23 - 24) "هكذا قال الرب : لا يفتخرن الحكيم بحكمته ، ولا يفتخر الجبار بجبروته ، ولا يفتخر الغني بغناه ، بل بهذا ليفتخرن المفتخر ، بأنه يفهم ويعرفني أني أنا الرب الصانع رحمة وقضاء وعدلاً في الأرض ، لأن بهذه أسرُّ ، يقول الرب"

من هذه الاعداد نفهم ان الرب يريدنا أن نعرفه اكثر ، وأحد الطرق التي يستحضرنا بها أن ندركه اكثر هي تجارب وظروف الحياة ، وهذا سبب ثاني لأجله يسمح لنا الرب بالتجارب في حياتنا ، فهو لا يريد ان تكون علاقته سطحية مع شعبه ، بل يرغب لنا أن نعرف قلبه المحب بأكثر عمق ، والتجارب طريق لاتمام ذلك ، انها تُعمِّق علاقتنا بالرب ، كما قال مستر داربي "ليكون الله له مكان عظيم في  قلوبنا" .

هناك جوانب معينة في هذا الإله العظيم يمكننا تعلمها فقط من خلال الاختبار ، وهذه الأشياء نتعلمها عندما نجتاز في تجارب معه ، وكما قلنا ان هذا ليس له مجال أن يحدث إلا هنا علي الأض ، لأنه في السماء لا مجال لمواجهة تلك الظروف الصعبة ، ولكن هنا خلال تلك الظروف المعاكسة يرغب الله أن يُعلمنا شئ لا يمكننا تَعلمهُ بطريقة أخري .

بولس كان راغباً أن يعرف الرب بأكثر عمقاً  فقال "لأعرفه" (في 3 : 10) ، وعندما قال بولس ذلك كان قد عرف الرب منذ اكثر من 25 أو 30 سنه ، ولكن كان راغباً أن يعرفه اكثر أو أفضل ، وهذه يجب ان تكون رغبة كل مؤمن ، ولكي نعرف الرب بطريقة عملية فإن هذا يأتي من اجتيازنا في اختبارات متنوعة معه ، انها المعرفة الاختبارية ، فيمكننا ان نتعلم الكثير عن الله من خلال الكتاب المقدس ، ولكن يوجد جانب آخر لمعرفته يتطلب اجتيازنا خلال ظروف معينة نجتازها معه ، فالمعرفة الأولي معرفة موضوعية  والثانية معرفة شخصية ، وأود أن أشير إلي بعض الخصائص في إلهنا نتعلمها بأكثر عمق من خلال التجارب والضيقات .

- إله المحبة
دعونا نقرأ أولاً (رو 5 : 3-5) "وليس ذلك فقط بل نفتخر أيضاً في الضيقات عالمين أن  الضيق ينشئ صبراً ، والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزي لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطي لنا" هذه الاعداد تحدثنا عن انه في الضيقات والتجارب نتعلم محبته ، وباجتيازنا هذه الاختبارات فإن تلك المحبة قد انسكبت في قلوبنا بالروح المقدس المعطي لنا ، ولذا فنحن نعرفها بأكثر عمق ، ففي البداية عندما نؤمن نعرف أن الرب قد أحبنا ولكن خلال سيرنا هنا وسلوكنا معه ومن خلال تجارب الحياة وعنايته فإننا نكتشف أنه يحبنا اكثر جداً مما كنا ندرك ، أحد المؤمنين قال هذه العبارة " أنا عرفت انه احبني ولكنني لم اعرف انه احبني بهذا القدر" وأحد النتائج العظيمة للاختبارات التي نجتاز فيها ان يصبح الرب غالي جداً علي قلوبنا ، وهذا ما أشار إليه بطرس عندما قال "ان كان يجب تحزنون يسيراً بتجارب متنوعة لكي تكون تزكية ايمانكم وهي أثمن من الذهب الفاني مع أنه يمتحن بالنار ، توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح" (1بط 1 : 8) ، وبعدها يستطرد قائلاً "الذي وان لم تروه تحبونه" فبتعلمنا محبة الله لنا اثناء تجاربنا يجعل قلوبنا تنجذب إليه أكثر ويصبح الرب غالي علينا جداً أكثر من ذي قبل .

- إله كل نعمة
نقرأ في (1بط 5 : 10) "وإله كل نعمة الذي دعانا الي مجده الأبدي في المسيح يسوع بعدما تألمتم يسيراً هو يُكمِّلكم ويثبِّتكم ويقوِّيكم ويمكِّنكم" وهنا نري الرب من خلال آلام التجارب كإله كل نعمة والنعمة هي احسان الله إلينا ونحن غير مستحقين ، وهذا ما يمنحه لنا خلال سيرنا هنا في طريق الإيمان بكل  تجاربه وصعوباته ، فهو يعطينا امداد خاص من النعمة لكل واحد من خاصته لأجل ظروف محددة نجتاز فيها حتي يعود المجد إليه في هذا "والله قادر أن يزيدكم كل نعمة" (2كو 9 : 8) .
شكراً للرب لأن لنا إله كل نعمة ! ، فهو يعطينا نعمة ومعونة في وقت الحاجة ، وهذا يمكِّننا ان نعبر خلال تجارب الحياة ، فمن حكمته ان يجيزنا في ظروف وصعوبات لكي نعرفه كإله كل نعمة ، وهذا لا يمكننا ان نتعلمه في السماء ، لأنه لا توجد ظروف مثل هذه هناك ، ولكن فرصة ان نتعلم ذلك هنا في هذا العالم فنعرف عظمة إلهنا ونعمته .

- إله كل تعزية
دعونا نقرأ (2كو 1 : 3-4) "مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح ابو الرأفة وإله كل تعزية الذي يعزينا في كل ضيقتنا" وهنا نجد سمة أخري لإلهنا نعرفها خلال التجارب فهو إله كل تعزية ، وهو يسمح لنا بالصعوبات التي نجتاز فيها كي يعزينا ، وياله من معزي عظيم ! . ومرة اخري لا يمكن ان نتعلم ذلك في السماء لأنه ليست هناك احزان من اي نوع ، والتعزية التي يمنحنا اياها هي الاحساس العميق بحضوره معنا في أوقات التجارب "إذا اجتزت في المياه فأنا معك وفي الأنهار فلا تغمرك إذا مشيت في النار فلا تلذع واللهيب لا يحرقك" (أش 43 : 2) وايضاً يقول "الإله القديم (الأزلي) ملجأ والأذرع الابدية من تحت" (تث 33 : 27) ، مثل هذه التعزيات تأتي من اقترابه إلينا ولا يمكن ان نتعلمها بذكائنا ، ولكن يمكن ان نتعلمها بالاختبار ، وقد قال احدهم يا لقيمة الاحزان والجروح لأننا فيها نختبر حنان الرب وتعزيته وشفاءه .

إله الرحمة  -
نقرأ عن سمة اخري لإلهنا في (مز 59 : 17) "يا قوتي لك أرنم لأن الله ملجأي ، إله رحمتي" وهنا الرب يقدم لنا كإله الرحمة ، والرحمة كما نعلم هي أن لا نُعطي ما نستحق ، وفي السماء سوف لا يكون هناك ظرف يحتاج رحمته ، ولكن هنا في هذا العالم يختلف الامر ، من المحزن ان نقول أنه غالباً ما نفشل هنا ونعمل أشياء تحزنه وهذه نحتاج فيها الي رحمته وشكراً لله لأنه "غني في الرحمة" (أف 2 : 4) فرحمة الله العظيمة هذه متوفرة لنا بالرغم من كل تقصيراتنا وفشلنا ! .

- إله السلام
يقول في (في 4 : 9) "وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورأيتموه فيَّ فهذا افعلوا وإله السلام يكون معكم" في ظروف الحياة وقلقها عندما نلقي التجربة علي الرب بالصلاة في أوقات القلق والتجارب سنختبر يقين السلام الكامل لأن السلام الذي يسكن فيه الله نفسه سيكون معنا (في 4 : 7) والاكثر من ذلك أن إله السلام نفسه سيكون معنا أيضاً ! .

واثناء سيرنا معه الذي هو إله السلام سنتعلم بطريقة عملية كيف نحيا ونختبر السلام الكامل الذي لله نفسه ، وكم نحتاج ذلك في أوقات التجربة ، بل ايضاً هذا الشئ لا يمكن تعلمه بالانفصال عن الاجتياز في التجربة مع الرب .

إله الرجاء -
دعونا نقرأ (رو 15 : 13) "وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس" .

الرجاء في الكتاب يعني اليقين ، فكل ما تضعه أمامنا كلمة الله من مواعيد فيما يختص بأمجادنا هو يقيني ، والله يريد أن يُعمِّق فينا الرجاء ويزداد والتجارب من الأشياء التي تتمم ذلك ، فهي تحوِّل قلوبنا الي السماء ويصبح رجاءنا بأن نكون مع المسيح ومثله اكثر اشراقاً واكثر حقيقة في نفوسنا ويصبح الرب "إله الرجاء" لنا بطريقة عملية اكثر ، فبانتظارنا للرب أن يأتي وسيرنا في شركة مع الله نعرف الرب في تلك السمة اكثر .

(يتبع)


ليست هناك تعليقات: