السبت، 2 أبريل 2011

الاجتماع الي اسم الرب في أيام الارتداد والخراب



إن الرب يسوع قد قام ببناء الكنيسة التي هي بيت الله من حجارة حية (مت 16 : 18 , 1بط 2 : 4-7) , ولم يكن في هذا البيت أي عيب فكيف يمكن للأيدي البشرية ان تمس هذا البناء !؟ .

وفي (1كو 3 : 9 – 17) هنا نجد حديث اخر عن بيت الله , ولكن الباني هنا ليس هو الرب يسوع , بل بولس نفسه فإنه يضع الأساس الصالح لهذا البيت والأخرين يبنون بعده , ولكن يجب ان يتحذر جداً كل واحد سيبني علي هذا الأساس , وهنا نجد بيت الله موضوع تحت مسئولية الإنسان , وسيعطوا حساباً عما يفعلون , وسيكون الامتحان بواسطة النار , وهي الوسيلة الإلهية لاجراء الامتحان , فعملهم سيٌختبر , ونري النتيجة لهذا البناء داخل المسيحية الاسمية , وهو بناء مكوناً ليس فقط من الحجارة الحية (الذين هم المؤمنون المولودين من الروح القدس) بل ايضاً الجزء الأكبر منه يتكون من حجارة ميتة (المسيحيين بالاسم) , وبعض الذين يبنون قد هاجموا الأساس الصالح نفسه محاولين أن يفسدوا هذا الأساس , وهنا نجد الإنسان وفشله الزريع كما هو الحال دائماً يفسد
ما أوكله الله إليه .
ويحذر الروح القدس كل إنسان سيبني علي هذا الأساس مستخدماً بولس الرسول فيقول "كبناء حكيم قد وضعت أساساً وأخر يبني عليه" (1كو 3 : 10) فهو قد وضع الأساس الصالح الذي هو يسوع المسيح , والاخرون سيقومون بالبناء علي هذا الأساس, وهذا يمكن ان يحدث من خلال ثلاث طرق وهي كالأتي :
·       يمكن ان يتم البناء عن طريق مادة جيدة وهي (ذهب – فضة – حجارة كريمة) وهذه المواد يمكن ان تثبت خلال امتحانها بالنار , والباني في هذه الحالة سينال مكافأة .
·       ويمكن ايضاً أن يتم البناء عن طريق مواد غير جيدة مثل ( الخشب – العشب – القش) وهذه المواد لا يمكنها ان تثبت عندما تمتحن بالنار بل سوف تحترق , أي بناء لا فائدة منه , بل أيضاً يعوق البناء الجيد , والباني هنا سوف لا ينال أي اجرة , ولكن هو نفسه سيخلص  " كما بنار" (1كو 3 : 15) , فخدمة هذا الشخص بلا فائدة وسيقف امام الله فارغ اليدين .
·       أما النوع الثالث فهو أسوأ من الكل , لانه يهاجم الأساس الصالح ويسعي لافساد البناء ككل بما فيه الحجارة الحية , ودينونة الله ستنصب علي هذا النوع من البنائيين , "ان كان احد يفسد هيكل الله فسيفسده الله , لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو" (1كو 3 : 17) .

في الرسالة الأولي الي تيموثاوس نري بيت الله لا يزال في مجده الأول كما كان قد بني بواسطة بولس وأمناء آخرين , فعلي الرغم من الاخطار المحيطة بهذا البيت من الخراب والارتداد إلا انه لا يزال "عمود الحق وقاعدته" (1تي 3 : 15) , وقد كان بولس يعطي التعليمات الخاصة للمؤمن لكيفية التصرف داخل هذا البيت .
من ناحية اخري نجد رسالته الثانية لتيموثاوس وهي أخر ما كتب ان الموقف اصبح مختلفاً , فالله قد سمح بأن الشر ينتشر , ونجد التعليمات الخاصة بكيفية سلوك المؤمن في ظل هذه الظروف الخاصة حيث دخل الي المشهد بنائيين فاسدين وهم مسيحيين بالاسم (2تي 2 : 6-18) , حتي ان جميع الذين هم في أسيا قد ارتدوا عن بولس , وفي اصحاحه الأول لم يحضر معه احد بل الجميع تركوه .
ففي (اع 2 : 42 – 47) لنا صورة جميلة عن الكنيسة في بدايتها حيث ان جميع الذين أمنوا كانوا معاً "وكان عندهم كل شيء مشتركاً" (أع 5 : 13) "واما الاخرون فلم يكن احد منهم يجسر ان يلتصق بهم" أي كان معروفاً للكل ان كان هذا الشخص مؤمناً ام لا , فكل شخص اعترف بإيمانه كان مسيحياً , اما عندما كتب بولس رسالته الثانية لم يعد الامر هكذا , فكيف يتسني للمؤمن وهو يعيش في وسط الخراب ان يميز من ينتمي للرب حقاً ؟ الاجابة هي " يعلم الرب الذين هم له" (2تي 2 : 19-23) , فالإنسان لا يعرفهم, فليس له القدرة علي ذلك في حالة اعتراف الكل , فكيف نعرف من هو مولود حقاً وسط هذا التشويش , وأقول ليس من الضروري ان نعرف ذلك , بل نترك هذا للذي يفحص القلوب , فنحن لا نعلم مدي صحة الذين يدعون انهم مسيحيين , ولكن الرب يعلم الكل وهو لا ينسي احد .
ولكن هذا لا يعني اننا يجب ان نتصرف وكأن شئ لم يحدث , فالخراب يعم الأن , ويجب ان اسلك بمنتهي الحذر , صحيح ان الرب يحكم علي هؤلاء المعترفين ان كانوا ينتمون حقاً إليه أم لا , ولكن من الجانب الأخر فإن الروح القدس يقول لي  "وليتجنب الاثم كل من يسمي اسم المسيح" (2تي 2 : 19) .
في الاعداد التالية نستوضح بأن بيت الله اصبح بيتاً كبيراً وفي هذا البيت أواني كثيرة ليست من ذهب وفضة فقط بل من خشب وخزف أيضاًَ وهذه للكرامة وتلك للهوان , لا يمكنني ان أترك البيت  , وإلا علي ان اترك المسيحية وأصير يهودياً أو وثنياً , ولكن ما يجب علي
هو ان أطهر نفسي من اواني الهوان , لكي اكون اناءاً للكرامة مقدساً نافعاً للسيد ومستعداً لكل عمل صالح , والتطهير الخارجي من كل الشوائب يتبعه ايضاً وحتماً تطهير داخلي "اما الشهوات الشبابية فاهرب منها " وبعد ذلك اتحد نفسك مع هؤلاء "الذين يدعون الرب من قلب نقلي" .
ويجب ان نلاحظ هنا جيداً أنه لم يقل ان المسيحيين بالاسم هم اواني الهوان , والمؤمنين هم اواني للكرامة , وهو امر طبيعي ان يكون هناك اواني ذهبية واواني خزفية , ولكن المقياس هنا لكي احكم ان كان هذا الإناء للكرامة هو ان " ان طهر احد نفسه من هذه (أي بالانفصال عن اواني الهوان ".
ففي 2تي 2 المقابلة هنا ليس بين المؤمنين وغير المؤمنين , فليس هذا هو الموضوع هنا ولكن المقابلة هي بين الخدام الامناء والخدام غير الامناء , ولاحظ (عدد 2) (أناساً أمناء) , وعدد 3 (جندي صالح) .
وحتي عندما يتحدث في عددي 17 , 18 عن هيمنايس وفيليتس لا يقول انهم غير مؤمنين , بل يتحدث عن عملهم الخبيث  , ولهذا فهم خدام غير أمناء الذين "انكسرت بهم السفينة من جهة الإيمان" فعلي الرغم من ان لهم الحقائق المسيحية الاساسية , إلا انهم حتي في الاعداد (20 – 26) لا يقول إذا كانوا مؤمنين او غير مؤمنين , بل خدام امناء او غير امناء , اعني اواني الكرامة او اواني الهوان , فالمسألة هنا ليست المادة التي يصنع منها الإناء بل هل هو اناء نظيف أم لا , فإن كان اناء نقياً فهو اناء للكرامة , ومن الجائز ان تكون الاواني الذهبية والفضية اواني قذرة  , أو ملقاة في مكان متسخ , وهذا ليس للكرامة , وأنت لا يمكن ان تستخدمها في بيتك الخاص لأنها غير نظيفة فلا يليق بأن تضعه في غرفة معيشتك , لأن الاناء الذي يليق وهو للكرامة ان يكون نظيفاً , فالمسألة هنا ليس هي عمل الروح القدس في الخاطئ الهالك , بل مسئولية الشخص الذي يدعو نفسه مسيحياً (ان طهر احد نفسه من هذه أي بالانفصال عنها) , وفي هذه الحالة يكون خادماً أميناً ويتمجد من خلاله  اسم الرب , فهو اناء للكرامة . فسواء كانت تلك الاواني هي في الإيمان ام لا فإن ذلك ليس هو مسئوليتي للحكم عليها , بل الرب هو الذي يحكم علي ذلك لأنه "يعلم الرب الذين هم له" وإيماننا انه يوجد الكثيرين من المؤمنين بينهم , وشكراً لله علي ذلك , ولكن من الجانب الاخر نحن نأسف انهم لا زالوا مرتبطين باواني الهوان , وبالتالي فهم انفسهم يهينون الرب بمجرد ارتباطهم بهؤلاء (اواني الهوان) , ونرجو من الله ان يستخدمهم لاجل اعمال صالحة , ولكن بحسب عدد (21) فقط الذين طهروا انفسهم من اواني الهوان هم في وضع الاستعداد لأجل كل عمل صالح , ولاحظ هنا ايضاً ان التطهير الخارجي يأتي أولاً قبل التطهير الداخلي , ونحن عادة نفترض انه اذا كان هناك تطهير داخلي من الشر فإن الانفصال الخارجي ليس مهم جداً , ولكن الله يضع التطهير الخارجي في المكانة الأولي .
وإذا فكرنا في هذا لأتضح الامر تماماً امامنا , فلو اننا لم نطع فيما يختص بالتطهير الخارجي , فكيف يمكننا ان نكون انقياء في بيئة غير نقية , فدعونا اولاً نطهر انفسنا من هناك " اما الشهوات الشبابية فاهرب منها" , وياله من شئ مرعب ان نتطهر خارجياً دون تطهير داخلي حقيقي , وهذا محض رياء .
وبعد هذا التطهير الذي تحدثنا عنه سابقاً (أي التطهير الخارجي بالانفصال عن الانظمة البشرية ) هناك جانب ايجابي , وهو "واتبع البر والإيمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي" (2تي 2 : 22) وهذه هي الاشياء الجميلة التي نحرض عليها ان "نتبع" وما هي إلا ثمار الروح القدس .
ونحن نسير في هذا الطريق الضيق من الانفصال في طاعة الرب سنجد انفسنا لا نسير فيه بمفردنا , ولكن مع "الذين يدعون الرب من قلب نقي" أي الذين هم اواني للكرامة قد طهروا انفسهم من اواني الهوان والذين تطهروا داخلياً  , وهنا نجد انفسنا مسئولون عن الحكم , إذ كيف يكون شخص بلا حياة من الله ويكون مستعداً لكل عمل صالح ؟ وهل يمكن لشخص غير مؤمن ان يتطهر خارجيا وداخلياً , فنحن هنا مسئولون ان نحكم ان كان الشخص له حياة من الله ام لا .
هناك الذين ينكرون اننا مسئولون عن ذلك , فهل الله يدعو اولاده لفعل شئ هم غير قادرين علي تنفيذه ؟ فمن يجرؤ ان يدعي ذلك ؟ بالتأكيد لا , فبما ان لنا حياة جديدة بالإيمان بها نقدر علي التمييز كأناس ذوي خبرة في المسيح وفهم مستنير بالروح القدس , فنحن قادرون علي تمييز أين توجد الحياة واين يوجد الموت .
ان مجرد الاعتراف بالإيمان ليس دليلاً كافياً في وقت الخراب , ومن يحمل لقب أياً كان فعليه ان يثبت ذلك , ففي يوم عزرا كان الكاهن الذي لم يوجد اسمه مكتوب في سلسلة النسب يرذل من الكهنوت (عزرا 2 : 62)  , ويقول يعقوب "ارني ايمانك بدون اعمالك وانا أريك بأعمالي إيماني" (يع 2 : 18) , وعندما يكون الاعتراف مصحوباً بسلوك الإيمان , فهذه هي الحياة الإلهية , ولكن ان لم نري تلك الحياة الإلهية كنتيجة للضعف السائد , "فالرب يعلم الذين هم له" وفي هذه الحالة لا نفترض ان هذا الشخص حقيقي ام لا ولكن لا يمكن ان نتعامل معه في تلك الحياة كإناء للكرامة .

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الخاتمة :
اذا الانفصال عن كل ما هو غير طاهر , والاتحاد مع الذين يدعون الرب من قلب نقي , ونستطيع ان نتبع توجيهات الرب نفسه , لأننا خرجنا خارج المحلة (عب 13 : 13) , فنحتاج الي ان نرجع "للذي كان من البدء" (1يو 1 : 1 , 2 : 7 , 2 : 24  2يو 5 , 6) , فنجتمع بالروح القدس الي اسم الرب يسوع المسيح , ونتمتع بمحضره المجيد في الوسط , حتي لو كان عددنا اثنين او ثلاثة (مت 18 : 20) , وهكذا نخبر بموته الي ان يجيئ (1كو 11 : 26) , فيجب علينا ان نحفظ كلمته ولا ننكر اسمه , ونحفظ كلمة صبره (رؤ 3 : 8 – 11) , ووعده المجيد الذي ننتظره بشوق "ها انا أتي سريعاً تمسك بما عندك لئلا يأخذ احد اكليك" (رؤ 3 : 11) .
ففي ايام الخراب التي نعيش فيها يجب ان يكون مكان اجتماعنا هو مكان اجتماع اولاد الله الذين يجتمعون "مع الذين يدعون الرب من قلب نقي" علي اساس الكنيسة الواحدة خارج المحلة , علي مائدة الرب , حيث ان الرب يسوع نفسه له كل المجد يكون في وسطهم .

بقلم : هايكوب
ترجمة : عاطف فهيم








ليست هناك تعليقات: