الثلاثاء، 26 أبريل 2011

لماذا يسمح الله لنا بالتجارب (6)

 4- لأجل تصحيحنا :

دعونا نقرأ (مز 119 : 67 ، 68) "قبل ان أذلل أنا ضللت أما الآن فحفظت قولك ، صالح أنت ومحسن علمني فرائضك" الله مزمع ان يستخدم التجربة لأجل تصحيحنا إذا كانت هناك حاجة لذلك ، فمن الجائز ان نكون سائرين في طريق الارادة الذاتية ، ونحتاج الي رد النفس ، فلا يوجد مثل التجربة الخطيرة التي تجعلنا نسلك مستقيماً ونسمع لصوته ، فالرب يستخدم التجربة لتأديبنا واصلاح طرقنا ، وفي سفر يونان واجه البحارة تجربة مريعة ، فالسفينة كادت تنكسر من العاصفة الشديدة (يونان 1 : 4) ، فالله ارسل تلك التجربة لتصحيح يونان ، لعله يتحول ويطيع الرب .

عزيزي المؤمن اذا كنت تجتاز في تجربة وكنت لا تسير في طريق الطاعة ، فإن هذه التجربة قد أرسلت من الرب لتحولك اليه مرة اخري ، فقط تذكر ان اليد التي تصححك هي اليد التي سُمِّرت علي الصليب لأجلك ، ان الرب يحبك وقد تكلف تكلفة باهظة لأجلك ، ومن محبته لا يدعك تسير في طريق الأنانية إلي الأبد ، فإنه سيوقفك لأنه يريد أن يباركك عملياً في الحياة ، وهذا شئ لا يمكن ان يعمله معك اذا كنت سائراً في طريق العصيان ، فأنه لو باركك وأنت سائر في طريق الارادة الذاتية ، فإن هذا سيجعلك تتمادي في نفس هذا الاتجاه ، لأن الرب يقول "لأني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لأعطيكم آخرة ورجاء" (أر 29 : 11) ، فإذا سمعت لصوته وصححت طرقك الخاطئة ، فإنه يوعدك ان يباركك ، ما أعظم إلهنا وما أعجبه .

حتي وان كانت حياتنا لا تتسم بالسلوك في طريق الارادة الذاتية ، لكن الرب وأموره تأتي في الخلف ، فالرب سيستخدم التجارب ليساعدنا علي ترتيب الأولويات في حياتنا  ، وأنا متأكد أن الكثيرين منا يحتاجون الي ضبط أولوياتهم .
دعونا نقرأ (حجي  1 : 3 - 11) لنري كيف يستخدم الله التجارب في حياة أولاده للوصول الي هذا الغرض .

فكانت كلمة الرب عن يد حجي النبي قائلاً : "هل الوقت لكم أنتم ان تسكنوا في بيوتكم المغشاة وهذا البيت خراب ؟ والآن فهكذا قال رب الجنود اجعلوا قلبكم علي طرقكم ، زرعتم كثيراً ودخَّلتم قليلاً ، تأكلون وليس الي الشبع ، تشربون ولا تروون ، تكتسون ولا تدفأون والآخذ اجرة يأخذ اجرة لكيس منقوب ، هكذا قال رب الجنود اجعلوا قلبكم علي طرقكم ، اصعدوا الي الجبل وأتوا بخشب وابنوا البيت ، فأرضي عليه وأتمجد قال الرب انتظرتم كثيراً وإذ هو قليل ولما ادخلتموه البيت نفخت عليه لماذا ؟ يقول رب الجنود لأجل بيتي الذي هو خراب وأنتم راكضون كل انسان الي بيته، لذلك منعت السماوات من فوقكم الندي ومنعت الأرض غلتها ودعوت بالحر علي الأرض ، وعلي الجبال وعلي الحنطة وعلي المسطار وعلي الزيت وعلي ما تنبته الأرض وعلي الناس وعلي البهائم ، وعلي كل اتعاب اليدين" .

كان اليهود الذين رجعوا من بابل مشغولين في الأرض وبناء بيوتهم وحياتهم ، وفي اثناء ذلك اصبحوا مشغولين بامورهم الخاصة لراحة انفسهم وقد نسوا الرب واستحقاقاته ! ، وبالاختصار كانت أولوياتهم خاطئة . وهذا فخ خطير يمكننا السقوط فيه بسهولة ، وعلي كل حال نحن مطالبون بأن نهتم بعائلاتنا ، والكتاب يلوم من لا يفعل ذلك (1تي 5 : 8) فمن الطبيعي ان نهتم بحياتنا بارتباطها بالأشياء الطبيعية ، ولكن نحن عرضه للانهماك في تلك الأشياء الي درجة ان يبقي الرب خارجاً ، وفيما يختص بهذا الموضوع قد وضع الرب مبدأ لتلاميذه كما انه ينطبق علينا ايضاً ، فقد اخبرهم ان يضعوا الله واهتماماته أولاً في حياتهم ، وهو سيهتم بكل الاشياء الاخري في حياتهم ، فلا تطلبوا انتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا ، فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم ، وأما أنتم فأبوكم يعلم انكم تحتاجون الي هذه ، بل اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم" (لو 12 : 29 ، 30) ، وهذا يعني انه يجب ان يكون للمسيح المكانة الأولي قبل كل شئ ، فإذا توفر ذلك في حياتنا سنختبر النجاح روحياً .

وهذا كان مفتقد في حياة البقية من اليهود الراجعين من سبي بابل ، فلم يضعوا الرب واهتماماته أولاً في حياتهم ، لأن إلهنا إله غيور ، هو غيور علي عواطفنا ، ولذا يقول "يا ابني  اعطني قلبك" (أم 23 : 26) ولكن ان تركنا قلوبنا تذهب وراء أشياء أخري سواه ، حتي وان كانت تلك الاشياء ليست خاطئة في حد ذاتها ، ولكنها ستأخذ مكان الرب في عواطفنا ، وتجعل الرب خارجاً فسيعمل في تلك الحالة علي ضبط الأولويات في حياتنا.

أيها الاخوة ان الرب يريد عواطفنا ، فإذا سهونا عن ذلك بأشياء اخري فإنه سيعمل علي رد عواطفنا اليه ، ومن الجائز ان يستخدم معنا اشياء مؤلمة ! ، ففي حالة اليهود هنا قد سمح الرب في أمانته وحكمته الفائقة ان يستخدم تجربة تمس حياتهم حتي يعيدوا ترتيب أولوياتهم ، وهنا نري سبب آخر لأجله يسمح لنا الرب بالتجارب في حياتنا ، انه يرغب ان يساعدنا في ضبط أولوياتنا ! . فعندما يشعل الرب نار التجربة ، فإن هذا كي نفحص قلوبنا ويكون له المكانة الأولي في حياتنا بطريقة عملية .

فالتجربة بالنسبة لهؤلاء اليهود كان لها طابع مادي ، فقد زرعوا كثيراً وكان الدخل قليلاً ، بكلمات اخري كانوا يعملون عملاً شاقاً ولم يجدوا النتيجة المرجوة ، فقد ارسل الرب حجي النبي ليخبرهم بذلك فقد أرادوا ان يعلموا لماذا كانت لديهم تلك الاضطرابات ، فاخبرهم بانهم وجهوا كل قوتهم وطاقاتهم لبناء بيوتهم الخاصة بدلاً من بيت الرب .

فالرب يرغب ان يعمل نفس الشئ معنا ، لأنه يحبنا كثيراً لدرجة انه لا يدعنا نسير وراء أشياء تشغل قلوبنا عنه ، فعندما تنشغل قلوبنا بأشياء اخري ربما يسمح لنا بالتجربة كي يجعلنا اكثر قرباً إليه ، وليست بالضرورة تكون تجربة خاصة بالأمور المادية او المالية فمن الجائز ان يختار مساحة اخري من حياتنا ، ولماذا يسمح بذلك ؟ لأنه يحبنا ويرغب في شركتنا ! ، فهو قد مات ليربح قلوبنا ، ولكن لو تركناه خارجاً عن حياتنا فهو مزمع ان يعمل عمله ليقربنا اليه حتي لو سمح بأن يزيد من  احزاننا ، فمن الممكن ان يزيد من اثقالنا وتجاربنا لكي لا نجد سواه بديل ، أما إذا تحولنا إليه باخلاص وطلبناه فهو أمين وصالح ليأتي ويحملنا ويحمل اثقالنا ايضاً .

فدعونا اذاً نضع أولوياتنا في ترتيبها الصحيح ، فالرب يجب ان يكون أولاً ، لأنه قال "حاشا لي ! ، فإني أكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون"  (1صم 2 : 30) فهل نأخذ وقت لننفرد مع الرب كل يوم ، وهل نقرأ الكلمة ؟ هل نذهب الي الاجتماعات ، بصفة منتظمة ؟ ام هناك اشياء اخري نضعها قبل ذلك أم عندما لا يكون عندنا اي ارتباطات اخري نذهب للاجتماع ؟ فاذا كانت حياتك هكذا ، فهي ليست كما يريدها الرب ، فالرب يريد أن يتواجد في حياتنا عملياً ، ويرغب ان يساعدنا ويرشدنا في كل امور حياتنا ، وان لم يكن هو الغرض لحياتنا فبالتأكيد سنكون في حالة ارتباك وتشويش .

وربما نعتقد اننا لسنا تاركين الرب خارجاً ، لأننا يمكننا ان نشير الي اشياء في حياتنا نعملها للرب ، وأود أن اقول انه من الطبيعي ان نري انفسنا في حالة صحيحة "كل طرق الانسان نقية في عيني نفسه والرب وازن الأرواح" (أم 16 : 2) وبالتأكيد نحن في حاجة الي الدخول الي محضر الرب ونزن تلك الامور في محضره ، إننا بحاجة الي ان نسأله هل التجربة التي نجتاز فيها هي بسبب اننا لم نعطه المكان اللائق في حياتنا .

وكانت كلمة النبي الي الشعب أنهم يجب أن يصعدوا الي الجبل ويحضروا خشباً ويبنوا البيت لله ، فهم كانوا لا يعملون في بيت الله لمدة 14 أو 15 سنة (عزرا 4 : 24) وهذا يبين لنا صبر الرب وطول أناته معنا .

ان حجي وزكريا شجعوا الشعب أن يبدأوا في بناء بيت الرب قبل بيوتهم الخاصة ويعطوا الرب مكانته اللائقة به (عزرا 5 : 1) أي أن حجي طلب منهم ان يرتبوا أولوياتهم ، بينما زكريا حوَّل نظرهم الي المستقبل الي المجد العتيد لبيت الرب حيث سيحكم المسيا (حجي 1) ان الشعب "أطاعوا صوت الرب الههم" وعملوا كما قال لهم النبي ، والرب قد سُرَّ بذلك ، وياله من امر عظيم عندما يسمع شعب الرب صوت الرب اثناء التجربة ويطيعوا صوته ويعيدوا ترتيب أولوياتهم ليعطوه المكانة الصحيحة في حياتهم .

ايها الأخ ان الرب يرغب ان يباركك ويجعلك بركة بصورة عملية ولكن يجب ان تعطه أولاً المكانة المستحقة له ، وقد قال الرب في ملاخي "هاتوا جميع العشور الي الخزنة ليكون في بيتي طعام وجربوني بهذا قال رب الجنود ان كنت لا افتح لكم كوي السماوات وأفيض عليكم بركة حتي لا توسع" (ملا 3 : 10) لاحظ ان الشعب عندما يعطوا الرب أولاً حينئذاً "سيفتح كوي السماوات" فهل نود ان تنسكب البركة علي الشعب فإن هذا كلام الرب .

وحتي ان كنا غير سائرين في طريق الارادة الذاتية ونطلب بأن نعطي الرب مكانه الصحيح في حياتنا ، فنحن لازلنا نحتاج الي طرق التصحيح بطريقة أو بأخري ، فجميعنا لنا اخطاء تعطل ظهور المسيح في حياتنا ، وتلك الاخطاء يجب ان تزال حتي يُري المسيح في حياتنا بكل وضوح .

وكما ذكرنا آنفاً ان الله بروحه القدوس يصوِّر المسيح فينا ، فهو قد كتب المسيح علي ألواح قلوبنا (2كو 3 : 3) ، وعندما يكون المسيح في قلوبنا وعواطفنا فستظهر طبيعته في تصرفاتنا ، ولكن غالباً ما توجد اشياء تعوق ظهوره ، وتلك الاخطاء تعطل شهادتنا الفردية ، فلو كنا لا نري تلك الاشياء لكن الله يراها (وغالباً اخوتنا يلاحظونها فينا ايضاً) وهو سيعمل علي ازالة تلك المعوقات بواسطة التأديب المطهر عن طريق التجارب ، وتلك التأديبات لا تصور فينا المسيح بل انها تدربنا كي نتطهر من سمات الانسان العتيق الذي فينا .

ونري هذا الامر واضحاً في ايوب ، فهو قد كان كاملاً ومستقيماً يتقي الله ويحيد عن الشر (ايو 1 : 1) وبالتأكيد لم يكن سائراً في طريق الارادة الذاتية والخطية ، فلم يكن هناك خطأ واضح في تصرفاته ، ولكن روحه كانت بحاجة الي الضبط ، فقد كان لديه اتجاه للغرور الذاتي ، وهذا كان يريد الرب ان يزيله من حياته وقد استخدم الرب معه التجارب المذلة لتنقيته ، وفي النهاية نري ايوب يتوب ويحكم علي ذاته ، ويكون شخصاً صالحاً بواسطة هذا ، ونحن ربما لا ندري اهمية هذه الاتجاهات ولكن الكتاب يبين لنا ان الله يري اشياء فينا تحتاج الي تصحيح ربما لا نراها نحن في أنفسنا ، وبالتالي سيعمل علي تصحيح هذه الاتجاهات الخاطئة في اولاده ، ولذا مكتوب "نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم" (فيلمون 25 ، غل 6 : 18 ،  في 4 : 23  ،  2تي 4 : 22) .

إنني اتذكر قصة سمعتها عن احد النحَّاتين كان قد قام بنحت أسد ، وكان علي وشك عرضه امام الجمهور ، وفي يوم عرضه لذاك الأسد وجه إليه سؤال من الجمهور  ، كيف امكنك ان تصنع تلك التحفة الفنية الرائعة لذاك الأسد ؟ ، فأجاب " إنني فقط قمت باستبعاد كل شئ لا يشبه الأسد !" وانت تعلم ان هذا بالضبط ما يفعله الله مع كل واحد منا ، لأنه يوجد اشياء كثيرة فينا لا تشبه المسيح ، ونحن بحاجة الي ازالتها بعيداً عنا ، ومن خلال التجارب والتدريب الإلهي بطريقة او بأخري يزيل الرب تلك الأشياء من حياتنا لأنها تتعارض مع طبيعة المسيح.

ويحدثنا الكتاب عن هذا العمل المطهر بطرق عديدة مستخدماً العديد من الصور المختلفة وهي :

الكرَّام :
مكتوب في (يو 15 : 1-2) "أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرام ، كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر اكثر"
وهنا نجد صورة الكرام تستخدم لايضاح طرق الله المطهرة معنا ، فالآب يتطلع الي الثمر فينا ، ثمر يظهر حياة المسيح في قديسيه ، فالكرام يُقلِّم ويُشذِّب كرمته لكي تنتج ثمر اكثر ، وإذا لم يفعل ذلك فإن الكرمة ستستخدم طاقتها لإنتاج أغصان اكثر (وبما انه توجد اغصان لا تحمل ثمر ) والنتيجة سيكون ثمر أقل ، وكما ان الكرام يقطع بعض الأشياء العديمة النفع من كرمته ، هكذا الآب يعمل في حياتنا بنفس الطريقة ، فبالنسبة لنا يوجد في حياتنا ما يعطل إنتاج الثمر وهي بحاجة الي قطعها ، وبالطبع عملية القطع هذه مؤلمة للغاية ، ولكن الله يسمح بأن يبعد تلك الاشياء عنا لكي تظهر حياة المسيح فينا بصورة أكثر وضوح .

الفلاح :
(مز 139 : 2 - 3) "يارب قد اختبرتني وعرفتني انت عرفت جلوسي وقيامي فهمت فكري من بعيد مسلكي ومربضي ذرَّيت" وعملية التذرية هذه عملية يستخدمها الفلاح منذ وقت بعيد كي يفصل الحنطة عن التبن في وقت الحصاد ، وهذه العملية تتم عن طريق رفع الحنطة الي أعلي وقلبها في الهواء ، وهذا يجعل الريح تستبعد التبن ، وهذه العملية تتم عادة فوق اكمة عالية بالنسبة للأرض حيث يسمح لهبوب الريح بأن تقوم بذلك ، لأنه يعرف جلوسي وقيامي ويعلم بالضبط ما نحتاج اليه والنتيجة النهائية هي ان يُبقِي فقط علي ما للمسيح فينا والتي تعتبر الحنطة رمز له .

صائغ الفضة :
في (أم 25 : 4) "أزل الزغل من الفضة فيخرج إناء للصائغ" وهنا نري صورة مأخوذة من استخراج المعادن ، فالصائغ يشعل النيران في المعدن لكي يحرق الشوائب ، وهو يحركها بلطف اثناء الاشتعال الي ان يري انعكاس صورته علي الفضة المنصهرة ومن هنا يعرف ان الشوائب قد تم احراقها ، وهي الآن جاهزة ان يصنع منها الاناء الذي يختاره ، وبالمثل فإن الرب يستخدم الآلام والتجارب المحرقة لكي يتمم قصده بانعكاس صورته علينا "ويجلس ممحصاً ومنقياً للفضة فينقي بني لاوي ويصفيهم كالذهب والفضة ليكونوا مقربين للرب تقدمة بالبر" (ملا 3 : 3) .

تاجر الخمور :
نقرأ في (أر 48 : 11) "مستريح موآب منذ صباه وهو مستقر علي درديه ولم يفرغ من إناء إلي إناء ولم يذهب الي السبي لذلك بقي طعمه فيه ورائحته لم تتغير" .
وهنا نجد النبي يتحدث عن نقص التدريب لموآب ، ولهذا نجد عدم التمييز وعدم النضوج في الامور الإلهية ، وعملية التفريغ من إناء إلي إناء مأخوذة من صانع الخمور ، فهو يملأ الإناء بالخمر وينتظر حتي يتم ترسيب كل الرواسب الي اسفل الاناء وايضاً يقوم بسكب الإناء بعناية مرة اخري إلي إناء آخر ويكرر تلك العملية عدة مرات الي أن لا يكون هناك رواسب في الخمر ، وعملية التفريغ هذه من إناء إلي إناء تحدث عن طريق الرب في ادخالنا في تجارب متنوعة لكي يخلصنا من تلك الرواسب التي في طبيعتنا ، والنتيجة النهائية يتطلع الي المسيح كي يُري بوضوح فينا .

الآب :
(عب 12 : 9-10) "ثم قد كان لنا آباء اجسادنا مُؤدبين وكنا نهابهم ، أفلا نخضع بالأولي جداً لأبي الأرواح فنحيا ، لأن اولئك ادبونا اياماً قليلة حسب استحسانهم ، وأما هذا فلأجل المنفعة  لكي نشترك في قداسته" ، وهنا نري الآباء الجسديين في محاولة تصحيح اولادهم صورة لله أبينا مدرباً أرواحنا ، فإذا كان هناك ابن له روح سيئه ، او اتجاه مثل ذلك ، فإذا كان الآب أميناً فانه سيؤدب ابنه بوسائل تأديب لتصحيحه ، وكذلك بالمثل أبينا سيمارس بعض اشكال التأديب المصححة لأجل تدريبنا لازالة الروح الخاطئة او الاتجاهات التي فينا ، وهذا يأتي في صورة تجربة تأتي علينا .

الفخاري :
(أر 18 : 3-6) "فنزلت الي بيت الفخاري وإذا هو يصنع عملاً علي الدولاب ففسد الوعاء الذي كان يصنعه فصار إليَّ كلام الرب قائلاً أما استطيع ان أصنع بكم كهذا الفخاري يا بيت اسرائيل يقول الرب هوذا كالطين بيد الفخاري انتم هكذا بيدي يا بيت اسرائيل" .
وهنا نجد عمل الفخاري يُستخدَم لإيضاح تعاملات الرب مع شعبه ، ان الرب هو الفخاري لنا ونحن الطين بيديه (رو 9 : 20-21) ، فهو يشكِّلنا بحسب صورته ، وكما تعلم ان الطين يصير اكثر ليونه عندما يضع الفخاري الماء عليه ، فعملية العجن للطين تمثل ضغط التجارب علينا ، فعندما نجتاز في الضغوط نصبح اكثر مرونه في يد السيد ، غالباً الفخاري عندما يري ان الإناء الذي صنعه ليس بحسب ما يريد يعود فيعمله وعاء آخر لأنه يري فيه عيب سيلوث النتيجة النهائية للإناء ، وبطريقة مشابهة يستخدم الرب الضيقات في هذه الحياة ليكسرنا ويزيل بعض الصفات منا لكي يعمل منا إناء مستعداً لاستخدام السيد (٢تي 2 : 21) .
فمن خلال تجاربنا وضيقاتنا يهدف الرب ان يستحضر كل منا الي الكمال الأدبي (١بط 5 : 10) "كاملاً" .

ليست هناك تعليقات: