الأربعاء، 6 أبريل 2011

العائلة (3)

 
وهذه المجموعة الثانية لثلاثة أشياء هامة بالارتباط مع عائلة الله والتي يجب علي كل منا أن يطبقها كنموذح للبيت المسيحي . كنا قد رأينا ثلاثة أشياء قبلها وهي : معرفة الآب وشركتنا مع الآب ومعرفتنا بأن الله أبانا يطلب فرحنا الكامل . أما المجموعة الثانية فهي : معرفتنا بأن الله أبانا هو قدوس ، وأنه يجب أن نكون حقيقيين (صادقين) وألا نخفي شيئاً ، وأن نعرف بأن الله جهز لنا ما يضمن مؤازرتنا وقت فشلنا ، وإظهاره للغفران عندما ندرك ذلك . إنها ستة نقط والرب يسوع المسيح هو المركز والذي يكمل هذه النقط . تماماً مثل المنارة ذات السبعة السرج التي كانت في خيمة الاجتماع (خروج 25 : 32) ، فقد كانت واحدة في المركز وفي كل جانب ثلاثة شُعب . هكذا هنا . فالمسيح هو المركز ويجب أن تكون له الأولوية . إنه "الكل في الكل" في المسيحية ، وبدون أن يصبح المسيح هو مركز أنشطة البيت فإنه سيُهدم إن آجلاً أم عاجلاً . ستة هو رقم الإنسان (رؤ 13 : 18) - وسبعة هو رقم الكمال .

وأنا أؤمن أنه بمقدورنا أيضاً أن نقارن هذه الأشياء بالأعمدة السبعة للحكمة التي يتكلم عنها في أمثال 9 : 1 حيث نقرأ : "الحكمة بنت بيتها ، نحتت أعمدتها السبعة" ففي السبعة الأصحاحات الأولي لسفر الأمثال نجد تعليم الأب لابنه ، وفي الأصحاح الثامن يُستحضر المسيح كالحكمة . أما الأصحاح التاسع فيبدأ بهذه الأعمدة السبعة والوليمة التي تُقدَّم فيها هذه الأشياء الممتازة . فكم من أهمية لهذه الأعمدة في بيوتنا ، وكم هو جميل أن تُستحضر أمامنا هنا في رسالة يوحنا كما رأينا قبلاً ! والجزء المتبقي في الرسالة هو التطبيق العملي لهذه الأشياء لحياتنا اليومية العملية . فإن كان يوحنا يعطينا النموذج كما رأينا قبلاً ، ويرينا مسلك عائلة الله ، فأي دروس لنا كآباء عندما تطبق علي عائلاتنا وكيفية سلوكنا معهم ! .

وفي الأصحاح الثاني من الرسالة نري الرب يسوع ابن الله الأزلي مُستحضر أمامنا كالنموذج الكامل في السلوك . لذلك نقرأ : "من قال إنه ثابت فيه ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضاً" ، لقد كان ولا يزال في كماله يُظهر صفة الله أبيه ، فهو إبن الله الوحيد الذي وجد الآب فيه كل مسرته التامة ، وهو الآن المثال الكامل لنا .وكم هو حلو لنا ، لا أن نقيم أنفسنا أو أولادنا كأمثلة أمام عائلاتنا بل إبن الله المحبوب . وكم نقترف من خطأ عندما نضع أولاداً آخرين كأمثلة أمام أولادنا الصغار فيضلون بعيداً . إن إبن الله وحده هو المثال الكامل لأولادنا - ولأنفسنا أيضاً ! وكم هو جميل لنا أن نعرف كأولاد الله أن لنا حياة المسيح نفسه ، لذلك أمكن أن يُقال هنا "ما هو حق فيه وفيكم" . فالمؤمن له حياة لا تخطئ ولا تستطيع أن تخطئ (1يوحنا 3 : 9) ، فلماذا نُضعف هذا المستوي إذا كانت هذه هي حياة المؤمن ؟ ليتنا نُظهِر أكثر هذه الحياة الجديدة أمام أولادنا يوماً فيوماً !

ثم نقرأ عن الأولاد في محبتهم بعضهم لبعض . وكم يتحدث يوحنا كثيراً عن هذا الأمر وكم من الأهمية ألا يسمح الآباء بمشاعر المرارة والحسد أن توجَد بين الأولاد في العائلة . فلنقض عليها من البداية . لقد دمر الحسد أول عائلة في العالم وجعل قايين يقتل أخاه . فقد يري المرء مشاعر المرارة في بعض العائلات والبعض لا يتحدثون الواحد للآخر ، ومعظم هذه الحالات ترجع لإهمال الآب في أن يؤكد المحبة التي بين الأولاد وهم صغار . ونسمع بعضاً من الشباب يقول "لم تكن في بيوتنا المحبة بشكل ظاهر" . أيها الآباء الأعزاء ليت هذا لا يُقال عن بيوتنا ! ليت الرب يساعدنا لنجعل بيوتنا مقادس من النور ومن المحبة حتي يشعر أولادنا أن البيت يظهر فيه المحبة والفهم الصحيح عن أي مكان آخر في الأرض . وليتنا لا نسمح بأي شئ يعوق المحبة ، الواحد عن الآخر ، في عائلاتنا ! .

ونأتي بكلمة خاصة إلي الأطفال والأحداث والآباء في عائلة الله ، إذ لها اعتبار خاص في الحياة العائلية ، فإن يوحنا يخاطب الأطفال وكذلك الآباء . وأعتقد أننا نستخلص هنا درسين هامين . أولهما : أننا لا يجب أن نتجاهل أي عضو في العائلة مهما كان صغيراً . وأحيانا عندما يأتي أناس كبار إلينا فإن الآب قد ينسي أولاده ، إننا لا يجب أن نفعل ذلك وبعض الآباء قد ينشغلوا بآباء آخرين - لتقارب السن - ويتركوا  أطفالهم . فلننتبه جيداً . والقول بأن "الأطفال ينظروا ولا يسمعون" ليست في الكتاب ، وإن كان من غير المناسب للأطفال أن نتكلم إليهم كثيراً في حضور الشيوخ (1بط 5 : 5 ، أيوب 32 : 4) . ولكن في ذات الوقت لا يجب أن نتجاهل وجودهم . إن بعض الأطفال لديهم الشعور بأن والديهم ليس عنده وقت لهم ، وهذا كفيل بأن يحولهم إلي أمور أخري تلفت انتباههم وعلينا أن نتحقق أيضاً أن إبليس لديه من الوقت الكافي لهم خاصة في مثل هذه الأيام . إن لم يكن لدينا - كآباء - وقت لهم . إن لديه أنواعاً كثيرة من الأشياء التي تجذب قلوبهم الصغيرة ، وجيراننا غير  المؤمنين سيقدمون لهم بسرور الأشياء العالمية إن لم يكن لدينا وقت أن نقضيه معهم بأنفسنا . ليتنا ننتبه إلي ذلك حتي لو كان لنا صديق مسيحي في منزلنا .

والدرس الثاني : الذي يجب أن نتذكره هنا أن كل واحد من أطفالنا يختلف عن الآخر . فلتعرف ذلك جيداً ، بالإضافة إلي اختلافهم في العمر . ويجب أن نعرف ماذا نتوقع منهم بحسب عمرهم . إنه قيل عن الأطفال أنهم يعرفون الآب . كم هو شئ حلو : نظرة محبة ، قُبلة ، وكلمة لطيفة فهي تعني الكثير لقلب طفل صغير . ونحن كآباء لنتعرف كيف نعطيهم . ولنتذكر أن الله أبانا قد كسب قلوبنا بطريقة عجيبة ! .

ثم قيل عن الأحداث بعد ذلك أنهم "أقوياء وكلمة الله ثابتة فيهم وقد غلبوا الشرير" أليس هذا شيئاً له أهميته عندما يقال عن كل الشباب الأعزاء الذين ينشأون في الاجتماعات التي لإسم الرب يسوع الغالي ؟ أيها الآباء المسيحيون الأعزاء أي تحدي نواجهه ! إننا جميعنا نهتم بصحة أولادنا ونموهم وقوتهم الجسمانية ولكن ماذا عن قوتهم الروحية ؟ هل نتكلم إليهم كثيراً عن أهمية الثبات في المسيح كلما كبروا ؟ هل ملأنا عقولهم بحق الله فيقفون في مواجهة الشكوك والإلحاد بقوة وفي مواجهة الفساد الأدبي بكل صوره ؟ هل حذرناهم من مخاطر النجاح الأرضي مذكرين إياهم بأن مسكننا في السماء ؟ لا نحتاج إلي أن نخبرهم بكل فساد العالم ، بل علينا أن نملأ عقولهم بكلمة الله فيتقووا لمواجهة فساده" (رومية 16 : 19) ، وبذلك فإنهم يغلبون العالم كما قيل هنا.

تري هل نحن متحققين تماماً بأهمية تعليم أولادنا إذ أنهم يكبرون . إن العالم يتطلع إلي قلوبهم الصغيرة محاولاً أن يُقدِّم لهم ما يشبع رغائبهم والتي تزداد كلما كبروا . ألعلنا نصرف معهم وقتاً لكي يُحقَظوا في السنوات الصعبة من شبابهم ، وينمون نمواً في الرب . إن العالم بروح إبليس يخدعهم ويبدو لهم أنه جذاب جداً . واتخاذ قرار ماهو الصح وما هو الخطأ لكي يعرفوا ما يعملوه تجنباً لما يضرهم ليست هي المسألة هنا ، وإنما المسألة هي ما الذي من الآب وما الذي من العالم ؟ . هذا هو الطريق الصحيح لإتخاذ القرار ، فكم من سنوات يمكن أن تضيع أو ضاعت فعلاً مع كثيرين من الشباب الأعزاء في مسعاهم للعالم وأباطيله ، ثم وجدوا أن الكل نفاية وباطل . ليتنا كآباء نحذر أولادنا الأعزاء في ذلك العمر الخطير والهام من حياتهم ، فما يجب أن نعمله فقط لأجل المسيح أن نثبت في الطاعة لكلمته ، وليتنا أن نكون جادين وجادين حقاً . وإن كان العدد الذي أمامنا يتحدث عن الشباب ، فهو يتضمن الشابات أيضاً ، ونحن نقول لهم هنا كلمة صغيرة لنساعدهم . فمع أن الخدمة الجهارية موكولة إلي الرجال ، ولكن لا أحد يُقلل من مكانة المرأة . فإذا قضينا وقتاً أكثر قليلاً لبناتنا ، فنستحضر أمامهن أهمية الحياة التقوية بالانفصال عن العالم وطرقه وملابسه وحماقاته ، فسنري النتائج لهذا كله . ثم انظروا مدي التأثير الذي تتركه فتاة صغيرة تقية في البيت ثم في الاجتماع ، وبعد ذلك في بيتها عندما تتزوج إنما هو تأثير مدهش حقاً . ليتنا ننُشئ بناتنا لكي يملأن المكان الصحيح الذي ملأته نساء كثيرات تسجلت أسماؤهن وخدماتهن للرب علي صفحات الوحي وتتحقق فيهن الصفات الأدبية الجميلة التي كتب عنها صاحب سفر الأمثال في الأصحاح الأخير . "و العالم يمضي وشهوته تزول أما من يصنع مشيئة الله فيثبت إلي الأبد" .

(يتبع)

ليست هناك تعليقات: