السبت، 16 أبريل 2011

لماذا يسمح الله لنا بالتجارب (2)


هناك
 خمسة أشياء يجب أن نفعلها دائماً عندما تأتي إلينا التجربة :


1 - تذكَّر ان تلك التجربة قد أتت إلي حياتنا بترتيب إلهي ، ولهذا فيجب ان نقبلها من يده بروح الخضوع .

أيوب قد أدرك ذلك عندما قال "لأنه يتمم المفروض عليَّ" (ايوب 23 : 14) أو كما جاءت في الاصل "لأنه يتمم المعيَّن ليَّ" فعندما تأتي التجربة نحتاج ان ندرك جيداً أنها من الرب "من عندي هذا الأمر" (1مل 12 : 24) ، فإذا عيَّن الرب لنا تجربة ما أو صعوبة لحياتنا نحتاج ان نبرر الله فيها ، ونقبلها لأنه بار وعادل ولا يمكنه أن يخطئ ، فالرب  هو النموذج الكامل والمثال لنا ، فعندما جاء لكي يبارك الامة الاسرائيلية رُفض منهم ، فأخذ هذا الامر من يد الآب قائلاً ، "نعم أيها الاب لأن هكذا صارت المسرة امامك" (مت 11 : 26) ، وهذا هو الاتجاه الذي يجب ان يكون لنا في كل الأشياء ، وأيوب نفسه فعل ذلك عندما أتت اليه التجربة فقال "فقام ايوب ومزق جبته وجز شعر رأسه وخر علي الأرض وسجد وقال عرياناً خرجت من بطن امي وعرياناً اعود الي هناك ، الرب اعطي والرب اخذ فليكن اسم الرب مباركاً ، في كل هذا لم يخطئ ايوب ولم ينسب لله جهاله (ايوب 1 : 20 - 22) .

 2-  تذكَّر دائماً ان الرب يعطينا نعمة في التجربة حتي يمكننا ان نتصرف كما يليق بأولاد الله .
وقد قال بولس الرسول "لم تصبكم تجربة إلا بشرية ولكن الله أمين الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون ، بل سيجعل مع التجربة ايضاً المنفذ لتستطيعوا ان تحتملوا" (1كو 10 : 13) ، وقال اليهو ايضاً "لأنه لا يلاحظ الانسان زماناً" (ايوب 34 : 23) أو كما جاءت في الاصل "لا يضع علي الإنسان اكثر مما يجب" .

وعندما جاءت الشوكة لبولس تضرع من جهتها فقال له الرب "تكفيك نعمتي" (2كو 12 : 9) ، يمكننا ان نتيقن من ان الله سيعطينا نعمة كافية ان نسلك كما يليق في التجربة التي لنا ، ويقول يعقوب "ولكنه يعطي نعمة أعظم" (يع 4 : 6) ، فهو سيعطينا نعمة لنتعامل مع الامر اذا تطلعنا إليه .

3 - علينا ان نتذكر دائماً أننا في مدرسة الله وهو يريد ان يعلمنا شئ .
يجب ان ندرك انه توجد ضرورة للتجربة من جهتنا ويوجد غرض محبة خاص لنا في قلب الله (1بط 1 : 6) ، ففي كل ما يسمح لنا به ليس هناك احتمال للخطأ بصفة مطلقة ، فعلينا ان نتطلع إليه ونطلب ان نتعلم ما يريد أن يعلمنا إياه في التجربة ، فكل مؤمن له قلب صحيح قدام الله يجب أن ينتفع من التجربة .

فإن إلهنا هو "أبي الأرواح" وهو أمين في تدريبنا ، والرب لا يجيزنا في تجارب كيفما اتفق أو بلا تمييز ، ولكنه يزن كل تجربة ان جاز ان نقول بالجرام قبل أن يسمح بها لأحد من خاصته ، فالرب لا يستمتع بأن يري احد من اتباعه متألماً ، ولكنه يعرف أن هذا ضروري جداً لأجل تقدمهم روحياً ، فهو لا يسمح بشئ من الألم لحياتنا إلا وفيه كل الخير لنا .

 4-  تذكر دائماً ان الرب في وقته الصحيح سيخرجنا من التجربة .
الرب يخبر كنيسة سميرنا بأنهم سيكون لهم ضيق عشرة أيام (رؤ 2 : 10) ، فهو قد حسب مدة التجربة قبل أن تحدث ، فهو يعلم بالضبط مقدار الوقت ، وعندما تتمم التجربة غرضها الإلهي فينا فإن الله يرفعها برحمته ، إما بأخذنا خارج التجربة ، أو بإبعاد التجربة عنا "وإله كل نعمة الذي دعانا الي مجده الأبدي في المسيح يسوع بعدما تألمتم يسيراً هو يُكملكم ويثبِّتكم ويقوِّيكم ويمكِّنكم" (1بط 5 : 10) .
فمن الجائز أن يخرجنا من التجربة بأن يدعونا الي بيتنا في السماء ، فأياً كانت الطريقة فهو لا يخطئ البتة ، وعلي أي حال سيخرجنا من التجربة بطريقته الخاصة ، اعرف اخ متقدم في السن ذو لون اسود لديه جملة مفضلة عن التجربة يقول عنها "إنها أتت لتذهب" وعندما سُأل لماذا فأجاب " لأن التجربة عندما تأتي أعلم جيداً أنها ستمضي في  الوقت المحدد لها من قبل الرب" ونحتاج أن تكون لنا مثل هذه الثقة .

 5-  خذ التجربة واذهب اليه بالصلاة .
(في 4 : 6 - 7) يقول "لا تهتموا بشئ بل في كل شئ بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع" ، الله يريدنا ان نأتي بكل طلباتنا اليه ونحن نجتاز في التجربة ، لأنه توجد راحة في اقترابنا إليه بالصلاة ، فهو يريدنا أن نلقي بكل ما في قلوبنا ونسكبها قدامه . وفي (مز 62 : 8) يقول "اسكبوا قدامه قلوبكم" فالرب يريدنا ان نلقي بالضيقة عليه لأنه من الصعب جداً أن نحملها بمفردنا ، ومكتوب "الق علي الرب همَّك فهو يعولك ، لا يدع الصديق يتزعزع إلي الأبد" (مز 55 : 22) ، والاعداد التي في فيلبي (4) لا تقول أن الله سيعطينا حالاً ما نطلبه منه ، ولكنها توعدنا بأننا إذا ألقينا علي الرب حملنا فهو يمنحنا سلامه في التجربة ، ولأنه يعرف قلوبنا التي تريد أن تستعيد الهم مرة اخري لتحمله فيقول الرسول "أخيرا ايها الاخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ما صيته حسن ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا" (في 4 : 8) وهذا يُعلِّمنا انه بعد ان نلقي علي الرب التجربة بالصلاة فمن المهم ان نحوِّل أفكارنا الي التفكير في الاشياء الايجابية .

ولكنك قد تقول في كل مرة احاول ان افكر في تلك الأشياء أجدني اعود ثانية للتفكير في تجربتي ، فيضيف الرسول في عدد (٩) قائلاً "وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورأيتموه فيَّ فهذا افعلوا وإله السلام يكون معكم" وبكلمات اخري نحتاج ان ننشغل بأشياء نعملها ، فالناس المشغولون ليس لديهم وقت للتفكير في انفسهم ومشاكلهم ، والمقصود هنا ان لا ننشغل بأي شئ ، ولكن أن نعمل الأشياء التي كان يعملها الرسول أي عمل الرب .

وهناك ثلاثة أشياء تجعلنا نتخلص من قلق التجربة وهي :
أولاً   : علينا أن نلقي بأحمالنا علي الرب بالصلاة
ثانياً : علينا ان نحوِّل أفكارنا الي التفكير في الاشياء الايجابية
ثالثاً : علينا ان ننشغل بخدمة الرب .

فليس فقط ان نفكر في أشياء اخري بل نحتاج ان نجد اعمال اخري نعملها ، لأنه إذا حاولنا فقط أن نشغل أنفسنا بافكار اخري فانه من المحتمل ان تعود الينا التجربة ثانية الي افكارنا ، وهنا فمن اللازم ان ننشغل بخدمة نعملها للرب وهذا سيساعدنا ان نستريح من القلق .

وفي (عب 4 : 16) تخبرنا بأن نأخذ ضيقاتنا وتجاربنا الي الرب بالصلاة "فلنتقدم بثقة الي عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه" والنتيجة بحسب حكمته الكاملة سيعطينا رحمة ونعمة لأجل التجربة ، وهذين الامرين هما استجابة الرب لنا لطلباتنا اليه ، فالرحمة تنقذنا من التجربة والنعمة تعضدنا خلال التجربة ، لأن الرحمة تأخذنا خارج التجربة ، وانما النعمة تعضدنا في التجربة التي يري أنها لازمة لنا ، وتري نعمته عدم رفعها الآن ، وفي الحالتين فإن الرب يعمل أفضل الأشياء لنا.

لماذا يسمح الله بالتجارب في حياة شعبه
ان جل رغبتي ان نري الأسباب التي يسمح بها الله بالآلام والتجارب في حياة شعبه ، وأثق ان هذا سيجعل ادراكنا يتسع فنرغب بأن ندع الله يأخذ طريقه في حياتنا عالمين ان كل ما يصنعه معنا هو لأجل مجده ولأجل خيرنا التام .

فيوجد العديد من الاشياء التي تنتجها التجارب في حياة شعب الله وكلها صالحة جداً لنا ، يقول مستر داربي " إن التجربة في حد ذاتها لا تمنح نعمة بل أنها تحت يد الله يمكنها ان تكسر الارادة وتظهر الشرور المختفية والغير متوقعة لكي تدان وتصير الحياة الجديدة اكثر اشراقاً ويأخذ الله مكان أكبر في قلوبنا ، ونتعلم الاتكال المتضع عليه ، وتنعدم الثقة في الذات والجسد ويصير الشعور بأن العالم كله كلا شئ ، ويصير الحق الأبدي والإلهي ذو قيمة وغلاوة علي النفس اكثر .

وكما قلت كلها أمور صالحة لنا ، فإذا علمنا ذلك فيجب أن نشكر لأجل أمانة الله الذي يهبنا تلك   التجارب لأجل معونتنا وتقدمنا الروحي .
(يتبع)


ليست هناك تعليقات: