الاثنين، 9 مايو 2011

السبيل الي قوة المسيحي في هذا العالم (3)


 

من ثم فنحن نجد النقيض تماماً في بداية الاصحاح اقصد (2كورنثوس 12) لما يمكن أن يصل إليه المؤمن من حالة روحية سامية ، وفي آخر الاصحاح ما يمكن أن ينحدر إليه المؤمن بحسب الجسد ، فياله من أمر مرعب ذلك الشر الذي يبقي فينا كمؤمنين ، ومن الجانب الآخر يالها من بركة روحية للتمتع يمكن أن يصل إليها إنسان .
من الطبيعي أنه ليس لكل إنسان أن يصعد إلي السماء الثالثة ، لكن الجميع من أحد الجوانب لهم البركة  كأناس في المسيح ، ومن الجانب الآخر فيهم شر الجسد الغير قابل للإصلاح ، أنا لا أتكلم عن الإنسان في الجسد ، أي الإنسان الطبيعي لأن هذا لا ينتمي للمسيحية بصلة ، فنحن نري هنا مكانة المسيحي بالنسبة لامتيازاته ، وأيضاً بالنسبة لطريقه هنا علي الأرض ، فكم هو محاط بكل أنواع الضعف وامكانيات السقوط هنا إذا لم يكن سالكاً في حالة من اليقظة والسهر ، وكم أيضاً يمكنه أن يسلك بحسب الامتيازات الممنوحة له ، لأننا نعيش هنا في عالم التجربة والشر ، وأيضاً لازال الجسد فينا ، الذي يسعي الشيطان دائماً أن يقترب الينا عن طريقه ، ولكن السؤال الآن : كيف يمكن لإنسان سائراً في وسط التجارب مع وجود الجسد فيه والشيطان أيضاً ، أن يسلك بحسب تلك الامتيازات السماوية الممنوحة له ؟ أول كل شئ ينبغي أن يعرف ما هو هذا الامتياز الممنوح له ، فكان للرسول أن يتمتع بهذا الامتياز بطريقة فائقة ، لكن تلك المكانة التي أعطاها لنفسه هي كمبدأ من حق كل مسيحي أن يتمتع بها ، فالحق الذي أخذ بولس إلي السماء الثالثة هذا الحق عينه يأخذ الجميع إلي هناك ، من الواضح أننا لا يمكن أن ندرك ما قد أدركه الرسول الآن ، لكن لا يزال لنا هذا الحق الذي يعطينا مكاننا هناك ، فنحن قد أتينا إلي إله المجد الآن إذ قد أُعطي لنا هذا المكان ، ولهذا يقول إني لا أتحدث عن بولس الآن لكن "أعرف إنساناً في المسيح" وهنا ليس انساناً في الجسد بل في المسيح ، ذاك هو مكان المسيحي الذي يضعه فيه روح الله ، وهو مكان كل مؤمن ، لكنه لابد لهم أن يجتازوا تدريبات القلب الكثيرة قبل أن يتسني لهم الحصول علي ذلك ، حيث يصيروا بواسطة الروح القدس ليسوا في الجسد بل في المسيح ، وهذا هو المجد عن يمين الله ، والإنسان في الجسد ليس له وجود هناك .
نفترض أن لك اطفال ولم تكن لديهم رغبة في الخروج من البيت لكنك إذا أمرتهم بعدم الخروج ووضعت حاجزاً يمنعهم ، ففي الحال سيأتي طفل ويرغب في الخروج ومحاولة ازالة الحاجز الذي يعوقه عن الخروج . فالناموس يقول إنني يجب أن أطيع ، لكني في الحقيقة ليّ ارادة عاصية ، ويقول الناموس أيضاً لا تشته لكن الشهوة موجودة ولهذا يقول الناموس "ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في الناموس ليعمل به" وناموس الله عادل بالطبع عندما يقول ذلك ، لكن في كل هذا لم أجد كلمة عن المسيح ، بل أجد مطاليب الله مني بالنظر إلي مسئوليتي كابن آدم عندما يطلب منه أن لا يفعل خطية وهو في خطاياه ، وما هي نتيجة كل هذا ؟ إنها الدينونة ، ولا يمكنني التخلص منها ، أنه ليس فقط إنني لا يجب أن أفعل شر معين مرة ومرات بل أن الشجرة في حد ذاتها فاسدة ، والإرادة خاطئة ، والآن كل هذا يناقض تماماً ما نجده في المسيح ، فعندما جاء المسيح يقول "أن أعمل مشيئتك يالله" ، وهذا أيضاً يجب أن ينطبق علي المؤمن من أحد الأوجه ، لكن الناموس هناك والشهوة هناك فالإنسان بحسب الجسد خاطئ في نظر الله ، فوصية الله تظهر حالته الحقيقية لكنها لا تنقذه من تلك الحالة ، ولهذا يصرخ "ويحي أنا الإنسان الشقي" ، فهو يجاهد لكي يكون أفضل والنتيجة الوحيدة هو أنه عرف نفسه أمام الله بالاختبار عندما اعطاه الناموس والذي كان هو المقياس لما يجب أن يكون عليه الإنسان.
ومن ثم يقول هنا شئ آخر "من ينقذني من جسد هذا الموت" نري هنا إن اللغة تغيرت فهو يتطلع الآن لا بأن يكون أفضل بحسب الجسد بل إلي شخص يأخذ علي عاتقه هذا الأمر وينقذه منه ، وهذا الأمر تعرفه النفس حينما تهتدي ، وعندما يكتشف الإنسان أنه ليس فقط خاطئ بل أيضاً بدون قوة ، فهنا أجد الشعور بالضعف الذي انتجته الخطية في جسدي ، أو هنا أقول يا ليت شخص ما يأخذ علي عاتقه هذا الأمر عني ، لأني لست قادراً بنفسي علي فعل هذا ، فإني أشعر بما قد جعلتني الخطية في محضر الله ، ولا استطيع التخلص من تلك الحالة "من ينقذني" ؟ لاحظ الإجابة هنا فهو يقول "اشكر الله بيسوع المسيح ربنا" فكل شئ قد تم وهو يشكر الله بالفعل ، لماذا ؟ "لأنه ما كان الناموس عاجزاً عنه في ما كان ضعيفاً بالجسد فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد" وهنا أجد الله هو الصانع الأمر كله ، فما لم يقدر الناموس أن يفعله بسبب وجود الخطية فيَّ ، ارسل الله ابنه ليفعله . وبفرض أنني قلت لابني "يجب أن تحبني" وإذا لم تفعل ذلك سأعاقبك ، فهل تعتقد أن هذا سيجعل ابني يحبني ؟ بالتأكيد لا ، وهذا هو الحال مع الناموس ، فالناموس يقول "تحب الرب" لكن هذا لا يُنتِج فيَّ المحبة ، فالوصية لا تنشئ محبة ، ولا يمكنها تغيير الطبيعة التي لا تحب فما هو الحل إذاً ؟ "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً" . فالناموس يخبرني أن الله قاضً عادل ، ويخبرني أيضاً بما يجب أن أكون عليه ، لكن هل يخبرني بشئ عن الله سوي إنه إله لا يقبل الاثم ؟ فهو يقول لي بأنني يجب أن أحب الله ، لكن هل يخبرني عن هذا الإله الذي يجب أن أحبه ؟ إنه لا يقول لي شئ عنه ، فهو يدعوني أن أحبه وإذا كنت لا تفعل فآنك سوف تعاقب ويتركني بدون أن يخبرني بشئ عن هذا الإله الذي يجب أن أحبه .
(يتبع)

ليست هناك تعليقات: