وعندما يقول الرسول "لما كنا في الجسد" فهو يعني أننا لم نعد في الجسد الآن ، إذ هو شئ في الماضي ، وببساطة عندما أقول لما كنت في لندن عملت كذا وكذا فهذا يعني إنني لست هناك الآن ، بنفس الطريقة يقول الرسول "لما كنا في الجسد" ، فهو يوافق علي أن الوصية جيدة لكن ليست لديه القوة علي إتمامها ، لكن توجد هناك قوة في كيانه وطبيعته وسلوكه تضاد الله ، والنتيجة الحتمية من كل هذا "فإني عالم أنه ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شئ صالح" ، وتلك هي النتيجة التي قد وصل إليها أمام الله أي الشعور بأنه ليس ساكن فيه أي شئ صالح ، وبفرض أن إنساناً كان راغباً في عمل الصالح لكنه لم يفعله بل بدلاً من ذلك كان يفعل ما هو علي النقيض تماماً ، إذا فهو يشعر بماهية نفسه أمام الله ، وفي رومية (7) فإنه كان سالكاًً في الخطية وفي الموت في آدم الأول . أما في الاصحاح (8) يقول شئ آخر "أنكم لستم في الجسد بل في الروح" إذاً فنحن نجد هنا إنساناً في المسيح "إذاً لا شئ من الدينونة الآن علي الذين هم في المسيح يسوع" فالسلوك هنا ليس بحسب الجسد بل بحسب الروح ، لكن السؤال أين هي القوة علي فعل ذلك ؟ "لأنه ما كان الناموس عاجزاً عنه في ما كان ضعيفاً بالجسد فالله إذ ارسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد" لاحظ هنا أنه لما كان تحت الناموس كانت له رغبات مقدسـة ، أي تلك الرغبات التي للطبيعة الجديدة دائماً ، فهو يري أن الناموس صالح ، فهو يوافق علي أنه صحيح لكنه يجد ناموساً آخر في أعضائه يسبيه إلي ناموس الخطية ، وهنا يجد أنه لا فائدة ، لكن كيف يمكنني أن أقف قدام الله ؟ لأنني أريد الشئ الصالح وأجدني أعمل الشئ الخطأ ، فهل هنا أنا المسؤل أمام الله ؟ وكيف يمكنني أن أجاوبه إذا كنت دائماً أعمل الشئ الخطأ ؟ .
كل هذا ما كان يجتاز به الإنسان في رومية (7) ، هنا لم يتحدث عن المسيح لكن عن الإنسان في الجسد ، فالموضوع هنا ليس في عدم وجود رغبات جديدة ، بل أنه لا يستطيع اتمام تلك الرغبات ، وهنا فهو إنسان مسئول أمام الله ولسان حاله "إن حالتي كلها خطأ" "ويحي أنا الإنسان الشقي" ، وهذا كان صحيحاً ، لكن ما هو موضوع الحديث هنا في معظم الوقت ؟ عن الناموس "ونحن نعلم أن الناموس روحي أما أنا فجسدي مبيع تحت الخطية" فالناموس لا يدين فقط التصرف الخطأ ، بل أيضاً يطلب منه ما يجب أن يكون عليه الإنسان ، فيوقظ فيه الرغبة لما يجب أن يفعله ، لكنه لم يفعل "فإني أصادق الناموس أنه حسن" لكن ليس لديه ما يفعله ازاء ذلك .
مرة أخري بماذا هو يُسَر هنا ؟ "فإني أُسَر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن" فإنني لي الرغبة بحسب ما هو صحيح ، لكن ليس لديّ المخلص ، فإني عالم بالناموس ، ولكن ماذا يقول الناموس ؟ يقول أنك يجب أن تحب الله من كل قلبك ، لكن لست أفعل ذلك ، إذن فأنت هالك ، أنه يطلب مني ما يجب أن أكون عليه أي يطلب ما لا أستطيع فعله ، أنه يطلب من الإنسان أن لا يشتهي ، وأنه يجب أن يحب الله من كل قلبه ومن كل نفسه ومن كل قدرته وقريبه كنفسه ، لكن من هو الإنسان الذي يطلب منه الناموس ذلك ؟ إنه الإنسان في الجسد ، إنسان تجره شهواته ناحية الشر ، فالناموس يطلب من الإنسان الخاطئ أنه لا يجب أن يكون خاطئ ، وهذا هو ما يفعله الناموس فقط ، فإذا كانت هذه هي حالتي فماذا يمكنني أن أفعل ككائن مسئول تحت الناموس ؟ لماذا إذاً يدينني ! فإن الناموس لا يقدر أن يعمل معي شئ سوي أنه يدينني فقط ، فهو يجب أن يدين لأن القلب فاسد وردئ بالتمام وتلك هي الحقيقة ، فإن الوصية تكشف أن الشر موجوداً هناك ، ونحن نعرف بالتجربة والاختبار أنه لو كان هناك شئ ما علي المنضدة وقلت "لا أحد يحاول أن يعرف ما علي المنضدة" ففي الحال كل واحد سيسعي لمعرفة ما يوجد هناك ، وتلك هي الطبيعة الإنسانية ، إذ أن الخطأ والعيب ليس هو في الناموس مطلقاً .
(يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق