الاثنين، 16 مايو 2011

ما هو الطريق للوصول الي الفرح في الرب (1)

كيف نفرح في الرب

كثيرون من المسيحيين تحدث لهم في حياتهم ازمات نفسية ، فتغشاهم ظلمة دامسة تحجب عن أبصارهم نور فرح القبول في الرب وتمتعهم به ، فتخيم علي رؤوسهم سحائب الهم والغم وتجف من قلوبهم كل ينابيع التسلية والفرح وتستولي علي نفوسهم الكآبة والضجر . فلا لذة قلبية يجدونها في كل ما يحيط بهم ولا نور سماوي يسيرون في ضيائه ليروا مباهج الحياة الروحية ويتمتعوا بمسراتها ، وكلما اشتدت بهم ظلمة التجربة كلما ازدادوا يأساً من الخلاص من هذه الحالة فيودون أن يخلصوا منها ولو بالموت .

ولكن بمقدار ما تزداد ضيقة نفوسهم شدة بمقدار ما تقرب ساعة الفرح والنجاة لأنه مكتوب "أمين هو الله الذي لا يدعنا نجرب فوق ما نستطيع أن نحتمل" .

ولا شك عندنا أن اجتياز الكثيرين في مثل هذه الازمات إنما هو من إحدي طرق معاملات الله مع النفوس لهدايتها إليه ، أو لردها من ضلالها ، أو لزيادة تعلقها به ، كما أن كثيرين قد خرجوا منها مزودين باختبارات ثمينة ومعرفة سامية عن الله وعن محبته وعن قدرته وحكمته فازدادوا ثقة فيه ، واكتفاءاً وشبعا به وكانوا بما اكتسبوه من الاختبارات نافعين لغيرهم ممن يجتازون في مثل ما اجتازوه هم .

وبما أن الوصول إلي أعماق النفوس البشرية لمعرفة سبب كل انفعال هو من أصعب الأمور ، إذ ربما كان هناك لا سبب واحد بل اسباب ،  ولكننا بقدر الإمكان نبسط أمام القارئ العزيز بعض هذه الأسباب مع مالها من العلاج الصحيح في كلمة الله راجين من الرب أن يباركها ويستخدمها لمنفعة من يكونون جائزين في مثلها .

فأولاً ، يخاف البعض ويفزع من الدينونة وهول العذاب الأبدي وكونهم في الوقت نفسه غير متحققين خلاصهم وذلك لأنهم عوضاً عن أن يبنوا ثقتهم بخلاصهم علي صدق كلمة الله التي كما أظهرت لهم حالتهم وأقنعتهم بانهم خطاة هالكون وتحت الدينونة اخبرتهم في الوقت نفسه بأن المسيح قد ناب عنهم فوق الصليب وأنه حمل خطاياهم واحتمل دينوتهم وأنهم الآن قد أصبحوا مبررين ومقدسين ، مقبولين ومطهرين من جميع خطاياهم ولهم أمام الله قبول المسيح نفسه ، ابناء محبوبين ، مكملين في المحبوب ، هذا أن آمنوا أي صدقوا هذا الخبر البسيط تصديقاً قلبياً وبنوا تصديقهم هذا لا علي شعورهم ولا علي حسهم ولكن علي شهادة الله ومادام الله قد قال فأنا يجب عليَّ أن أصدق ومتي صدقت الخبر تماما فلابد أن ينتزع خوفي وحزني ويمتلئ قلبي بالسلام والفرح "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" .

لأن المسيح بنيابته عنهم كما أخذ مقامهم مقام المذنوبية أمام الله قد أعطاهم مقامه (كالإنسان الكامل الذي مجد الله وأرضاه وهو الآن عن يمينه مكللا بالمجد والكرامة) .

وإذ نقبل هذا الخبر مؤمنين ومصدقين فالله في الوقت نفسه يبتدئ فينا بالعمل الذي يؤهلنا فعلا لمقامنا الجديد الذي أعلنته لنا كلمة الله التي صدقناها وقبلناها وهو ولادتنا ولادة ثانية من فوق بواسطة الروح القدس وكلمة الله التي آمنا بها والمعبر عنها بالزرع الذي لا يفني بالمقابلة مع زرع الإنسان الذي هو واسطة الولادة الأولي التي تنتهي بالموت والفناء "مولودين ثانية لا من زرع يفني بل مما لا يفني بكلمة الله الحية الباقية وهذه هي الكلمة التي بشرتم بها" .

وعندئذ نبتدئ نحيا الحياة الجديدة بقوة الروح القدس الذي حالما يخلق فينا الطبيعة الجديدة يسكن فيها كقوتها لأجل مقاومة شهوات الجسد (أي ميول الطبيعة الأولي التي لا تزال فينا حتي بعد ولادتنا الولادة  الثانية) كقول الرسول "اسلكوا بالروح قلا تكملوا شهوة الجسد لأن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر حتي تفعلون ما لا تريدون" (غل5 : 17).

(يتبع)

ليست هناك تعليقات: