الثلاثاء، 22 مايو 2012

كيف تعرف مشيئة الله لحياتك (7)

وبعد تلك الكلمات أظن أنه ليس لأحد منا أن يقول "نحن لا نعرف ما هي مشيئة الله لحياتنا" ، لأن كلمة الله واضحة وجميلة لنا ، والآن يمكننا أن نعمل مشيئة الله ونختبر بركة ذلك فليعطنا الرب نعمة لكي نفعل ذلك .

أربع طرق يرشدنا بها الله

تأملنا فيما سبق في ماهية مشيئة الله لحياتنا بصفة عامة ، وفي ضوء التأملات السابقة والاعداد التي قرأناها ليس لأحد منا أن يدَّعي بأنه لا يعرف ما هي مشيئة الله لنا ، لأنها واضحة وجلية خلال كلمة الله !
والآن نريد أن نتحدث عن مشيئة الله بشئ من التفصيل ، واعتقد أنه لا فائدة لنا أن تأملنا في تفاصيل ارشاد الرب لنا من جهة مشيئته إن كنا لا نعمل تلك الأشياء السابقة ، والتي هي بحسب مشيئته وواضحة في كلمته ، ولهذا قد ابتدأت بتلك الأشياء السابقة أولاً ، ولا يمكننا ان نتوقع ارشاد من الرب لنا في تفاصيل أمور حياتنا إن كنا لا نهتم بالأشياء الأساسية والتي نعلم أنه يريدنا أن نعملها أولاً ، والرب يقول "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان ، كان ينبغي أن تعملوا هذه ولا تتركوا تلك" (مت 23 : 23) .

ضرورة أن تكون النفس في حالة صحيحة
وبما أننا تناولنا الأشياء العامة والتي هي بحسب مشيئة الله ، نرجوا الآن أن نتأمل في أربع طرق رئيسية والتي بها يرشدنا الرب لمعرفة تفاصيل مشيئته ، وبداية نقول أنه من المستحيل أن نتكلم عن معرفة مشيئة الله بدون الاشارة الي حالة نفس المؤمن الذي يتم ارشاده .
وأريد أن نقرأ بعض الاعداد التي تحدثنا عن حالة نفوسنا ، دعونا نقرأ (يو 7 : 17) "إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم هل  هو من الله أم أتكلم أنا من نفسي " وهذا العدد يضع أساس هام جداً لمعرفة مشيئة الله ، وفي هذه الحالة يجب أن نعرف التعليم ، ولكن  المبدأ الذي ينطبق علي كل أمور حياتنا هو (أنه يجب أن يكون هناك الاستعداد المسبق في الرغبة في عمل مشيئته مهما كلفنا هذا الأمر) ، ولاحظ أن العدد السابق لا يقول "إن كان أحد يرغب في معرفة مشيئته فسيعرفها" ، ولكن بالأحري "إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم" ، وهذا يتطلب أن تكون نية قلوبنا أن نعمل مشيئته ، مهما كلفنا ذلك ، وعندما يكون في قلوبنا هذا  النوع من النية الصادقة فبالتأكيد سيعلن الرب مشيئته لنا .

دعونا نقرأ أيضاً (رو 12 : 2) ، "ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة" وهنا نجد نقطة أخري فيما يختص بمعرفة مشيئة الله وهي أهمية الانفصال عن العالم ! ، والسبب في ذلك هو أن العالم يؤثر علي أذهاننا ويجعلنا نفقد التمييز ، فإذا كان هناك أي نوع من الطموحات او الاهتمامات العالمية في حياتنا فبالتأكيد هذا سيعطلنا عن معرفة مشيئة الله لحياتنا ، ولهذا فمن المهم أن لا نشاكل هذا العالم وطرقه .

دعونا نقرأ (أف 5 : 14 -17) "لذلك يقول استيقط أيها النائم وقم من الأموات فيضيئ لك المسيح ، فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة من أجل ذلك لا تكونوا أغبياء بل فاهمين ماهي مشيئة الرب" وهنا نجد مبدأ عظيم آخر لكي ما تدرك وتميز النفس مشيئة الله وهو تدريب القلب ، فإذا أخذنا في الاعتبار حالة اللامبالاة فيما يختص بطريقنا والتي يحدثنا عنها النوم هنا ، إذ كيف يمكننا أن نتوقع قيادة الرب لنا ؟ ، فهذا العدد يخبرنا بأنه يجب أن نستيقظ أولاً ، وبعد ذلك سيعطينا الرب "نوراً" لأجل الطريق ! ، وهنا مبدأ أدبي ، يقول يوحنا داربي (أن الرب لا يعطي نور لمؤمن مسيحي نائم) ونقرأ في (مز 36 : 9) "بنورك نري نوراً" وهذا يعني أن المؤمن  المتبلد الشعور والغير مبالي لا يتطلع أن يجد نوراً من الرب لأجل طريقه ، فهو يريد قلوب متدربة ، ونحن نحتاج أن نطلب الرب بكل قلوبنا وافكارنا ، و بالتأكيد سيقودنا في الطريق وسنعرف مشيئته ، ولنا عدد أخير لنكمل مقدمتنا وهو موجود في (مت 6 : 22 ، 23) "سراج الجسد هو العين فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً ، فإن كان النور الذي فيك ظلاماً فالظلام كم يكون" وهنا نجد شئ آخر هام جداً لكي نقدر أن نميز فكر الرب ومشيئته ، وهو أن تكون لنا العين البسيطة ، ففي خدمة الرب علي الجبل يعطي درس مأخوذ من أعيننا الطبيعية وطبقه علي أعيننا الروحية ، ونعلم أن أعيننا الطبيعية تُستخدَم لإنارة أجسادنا ، فالعين تأتي بالنور للجسد والمخ يحولها الي صورة حتي يمكننا فهم ما نشاهده ، ولكن هذا يحدث فقط عندما تكون أعيننا صحيحة ! ، فالعين يجب أن تكون بسيطة أو صحيحة ، وبالتالي يأتي النور الي الجسد ، ولا يكون هناك عائق بأي شكل ، والرب يستخدم ذلك ليُبيِّن أن نفس الشئ ينطبق علي أعيننا الروحية ، فنحن نحتاج الي أعين روحية في حالة صحيحة حتي لا يكون ادراكنا الروحي مفقود ، فالعين الروحية الصحيحة مثل حالة النفس الصحيحة ، ولذا إذا كنا نتطلع الي النور الروحي لطريقنا ، فيجب أن تكون حالة النفس قادرة علي تمييز وفهم فكر الرب .
والآن نجد الرب هنا يحدثنا عن حالتين : الأولي هي العين البسيطة (أو الصحيحة) ، والأخري هي العين الشريرة ، ومعني أن تكون العين شريرة أي أن تكون النفس لها دوافع أخري خلفية ، شئ ما يحجب أو يعوق وصول النور الي العين وبالتالي لا تكون الصورة واضحة المعالم أمام النفس ، ونحن جميعاً نعرف أن شيئاً صغيراً جداً يقدر أن يعوق رؤيتنا للأشياء بصورة واضحة ، فبعض ذرات التراب تقدر أن تفعل ذلك ! ، فياليتنا نهتم بالحالة الروحية للنفس ، وإذا كانت هناك صعوبة ما في رؤية الأشياء ، فذلك لأنه يوجد عائق أدبي في نفوسنا . وأعرف شخص ما عندما استحضر قدامه شاهد لأجل حق أو مبدأ من خلال كلمة الله فغالباً ما يقول (أنا لا يمكنني أن أري ذلك في هذا الشاهد) ونشير الي شاهد آخر في  الكلمة ونراه يقول نفس الشئ ، ولكن السؤال لماذا هو لا يستطيع أن يري ذلك ؟ لأنه يوجد عائق لديه أو معطل ، ربما هناك دوافع خلفية تحجب عنه رؤية الحق من الناحية الروحية ، وهذا يبيِّن لنا أن قراءة الكتب والصلوات ليست كافية لمعرفة فكر الله في تفاصيل الامر ، بل نحتاج الي حالة صحيحة للنفس لكي نميز فكر الرب ، والكتاب يقول "وأما الروحي فيحكم في كل شئ" (1كو 2 : 15) .

ليست هناك تعليقات: