الثلاثاء، 22 مايو 2012

كيف تعرف مشيئة الله لحياتك (5)

(٤) أن نسلك في القداسة
دعونا نقرأ (1تس 4 : 1 - 8) "فمن ثم أيها الإخوة نسألكم ونطلب إليكم في الرب يسوع أنكم كما تسلمتم منا كيف يجب أن تسلكوا وترضوا الله تزدادون أكثر لأنكم تعلمون أية وصايا أعطيناكم بالرب يسوع ، لأن هذه هي إرادة الله قداستكم أن تمتنعوا عن الزنا أن يعرف كل واحد منكم أن يقتني إناءه بقداسة وكرامة ، لا في هوي شهوة كالأمم الذين لا يعرفون الله ، أن لا يتطاول أحد ويطمع علي أخيه في هذا الأمر ، لأن الرب منتقم لهذه كلها ، كما قلنا وشهدنا ، لأن الله لم يدعنا للنجاسة بل في القداسة ،  إذاً من يرذل لا يرذل إنساناً بل الله الذي اعطانا أيضاً روحه القدوس" .
وهنا نجد جزءاً آخر من مشيئة الله لأجل حياتنا ، وهو أن نسلك في القداسة ، فهو يريدك أن تحيا في  القداسة العملية ،  والخطايا التي يتكلم عنها هنا هي خطايا أدبية والتي هي الزنا ، وفي عدد (٦) أيضاً المقصود هو الزنا ، وهذه الخطايا موجودة  في كل مكان في هذا العالم ، والله لا يريد من شعبه أن يتورطوا في مثل هذه الخطايا ، أنه يريدنا أن نحيا حياة مقدسة ، أي القداسة العملية ، أي القداسة الكاملة للسلوك الذي يقود إلي المجد .
ومن الجائز أن تقول (حسناً فإنني لم ارتكب هذا  النوع من الخطايا) ويقول في عدد (٥) "لا في هوي شهوة" أي السقوط في الشهوة الانفعالية ، وأنت ربما لم تسقط في خطية الزنا ، ونحن نشكر الله لأجل ذلك ، ولكن ماذا عن الاهواء التي خلف الشهوات ؟ ، فيوجد الكثيرين الذين لهم تلك الشهوات ولكن يعوزهم الفرصة لإجل اتمام تلك الشهوات ، وهو يبين هنا في تلك الاعداد ، ان هذه الأشياء لا يجب أن تكون في حياة المسيحي ، وهو يريدنا أن نعرف كيف يقتني كل واحد منا اناءه بقداسة وكرامة ، وهذا يعني ليس فقط الامتناع عن هذه الأفعال بل أيضاً عن الشهوة التي هي خلف ذلك في القلب ! .
وفي الأعداد من  (6 - 8) يعطينا الأسباب  التي لأجلها يجب  تجنب تلك الأمور ، فيوجد سياسة خاصة للآب يتعامل  بها مع أولاده ، فهو يحكم علي شعبه عن طريق التأديب إذا تطلب الأمر ذلك ، فهم يجب أن يتعلموا أن لا يسيروا في طريق الخطية ، فسياسة الآب الحاكمة تعلمنا مخافة الرب في حياتنا (1بط 1 : 17) ، فنحن نحتاج أن نتذكر أن كل تأديب يسمح لنا به فهو يأتي من قلب ملئ بالمحبة يعتني بنا بطريقة فائقة حتي لا نسير في طرقنا الخاصة ، وهو أيضاً يخبرنا عن حقيقة أننا مسيحيين ولنا الضيف الإلهي أي الروح القدس الذي يسكن فينا ، فأجسادنا "هيكل للروح القدس" (1كو 6 : 19) ، ولهذا يجب أن نسلك في القداسة العملية ، وإذا سلكنا بدون مبالاة في طرقنا فإننا سنحزن الروح القدس ، وبالتالي نفتقد عمل روح الله في حياتنا لأجل بركتنا ، وبالتالي سنجد أن الروح القدس يشغلنا بحالتنا لكي يجعلنا ندين تلك الحالة .
والآن قد علمنا أن التقديس العملي ينطبق علي كل أوجه حياة المسيحي ، وليس فقط علي الخطايا الكبيرة ، فإنها مشيئة الله أن نحيا حياة مسيحية مقدسة ، وإذا كنا نحتاج الي قوة للشهادة أمام الناس فإننا نحتاج قبل ذلك الي الحياة التي تلائم ذلك ، فرجال جدعون كان كل واحد منهم له شيئين في يديه ، البوق في يد والمصباح في الأخري ، وهذه صورة لكل ابن من أولاد الله ، فكل واحد منهم له شهادتين شهادة الكلام وشهادة الحياة ، فالبوق يحدثنا عن الشهادة التي نتحدث بها ، والمصباح عن الشهادة التي نحيا بها ، ويجب أن يكون هناك توافق بين الاثنين أي الحياة والكلام ، فالمصباح لا يُحدِث أي ضوضاء ، ولكنه ينتج النور ، وحياتنا يجب أن تشرق بالنور ، كما قال  اوغسطينوس (إن التبشير بالمسيح يجب أن يكون بصفة دائمة وإذا احتاج الامر فيكون بالكلمات) .
إذاً فنحن لنا نوعين من الشهادة ، ولكن يمكننا أن نلوث الشهادة بالخطية ، فدعونا نتدرب لأجل حياة القداسة العملية لكي نمجد الله في حياتنا - إنها مشيئة الله لحياتنا .

(٥) أن نعرف الحق
دعونا نقرأ (1تي 2 : 3-4) "لأن هذا حسن ومقبول لدي مخلصنا الله ، الذي يـريــد أن جميع الناس يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون" ، وهنا نجد شيئاً آخر بحسب مشيئة الله لحياتنا ، فهو لا يريدنا فقط أن نخلص ولكن أيضاً أن نُقبِل لمعرفة الحق ، أنه يريدنا أن نتعلم الحق ! ، وياله من أمر في غاية الأهمية ، وإذا لم نفعل ذلك فسنكون محمولين بكل ريح تعليم (أف 4 : 14) ، فعدو نفوسنا يستطيع بسهولة أن يجعلنا ننحرف عن الطريق إلي طرق أخري ، ونحن لا يمكننا أن نُستخدََم جيداً لأجل الرب إلا إذا كنا ثابتين في الحق ، فكيف ندافع عن الإيمان إذا كنا نحن أنفسنا لا نعرفه .
ولكي نتعلم الحق فإن هذا يتطلب منا وقت ومجهود ويجب أن نطبق هذا الحق علي أنفسنا عملياً ، ونحن نتعلم من (أم 22 : 17 - 21) ، إننا يجب أن نُعطِّف قلوبنا علي الحكمة وتعلم كلمة الله .
ويهوذا يخبرنا بأننا يجب أن نجتهد لأجل الإيمان المسلم مرة للقديسين ، ولاحظ أن الإيمان قد أسلم مرة للقديسين ، فقديسي الله هم الأمناء علي الحق وليسوا الرسل . فالله لم يسلم الحق للرسل ، ولكن قد أعطاه لنا عن طريق الرسل لكي يحفظوه القديسين ، ولكن النقطة هنا أن الله يريد من كل واحد منا ان يحفظ الحق ، ولا يجب  أن يكون لنا الفكر الخاطئ بأن تعلم الحق هو لخدام كلمة الله فقط الذين يُعلِّمون الإخوة في الاجتماعات ، كلا بل أن الحق هو لجميع القديسين كي يتمتعوا به ! ، وهذا يعني أننا نحتاج أن نجتهد ونفحص الكتب (أع 17 : 11 ، 12) ، وأنت تعلم أن هناك سوء فهم كثير فيما يختص بتعليم الحق عند البعض من المؤمنين وأنا اعتقد أن هذا بسبب الكسل لدي البعض ، والبعض سيخبرونك بأنك غير محتاج لدراسة الكتب ، ويكفي فقط  أن تأتي الي الاجتماع ويمكنك أن تستقي الحق هناك ، وأنا أعرف أناس يذهبون الي الاجتماع لمدة سنوات عديدة ولا زالوا لا يعرفوا إلا القليل جداً من الحق المسلم مرة للقديسين ، ومن الجائز أن يكون حالهم مثل حال الشاب الذي قال أنه حاضر بالجسد ولكنه غائب بالذهن ، فقد كان موجوداً هناك ، ولكن ذهنه لم يكن هناك اطلاقاً ! ، وأنا اعتقد انه ليس هو فقط في مثل ذلك الحال ، فالذهاب الي الاجتماع ليس كافياً ، بل  نحتاج ان نطبق الحق علي أنفسنا ، ولا يجب أن ننظر الي تطبيق الحق كعمل نؤديه بل كامتياز! ، وياله من تعليم مجيد ، "ما أحلي قولك لحنكي أحلي من العسل لفمي" (مز 119 : 103) ويوجد سوء فهم آخر لدي البعض بخصوص تعلم الحق ، فربما تقول (أن بعض الاخوة لهم موهبة فيما يختص بتعلم الحق ، ولكني ليس ليَّ تلك الموهبة ، وليس عندي إحساس بمحاولة تطبيق هذا الامر علي نفسي) فدعني أخبرك بأنه ليس هناك حق مثل هذا ! ، فليس هناك موهبة لأجل  تعلم كلمة الله ، لأن الموهبة هي في تقديم وإعطاء ما قد أعطاك الله ، فيمكنك تقديم هذا الحق بطريقة مختلفة عن الشخص الآخر ، لأننا جميعاً لنا مواهب مختلفة ، ولكن كل ما نحتاج إليه لأجل تعلم الحق هو الاجتهاد والطاعة ، وهذا شئ في متناول كل منا أن يفعله ! .

ليست هناك تعليقات: