أفراح الكِبَر
لما بلغ واحد من خدام الرب الأجلاء الشيخوخة، قال:
فمي اليوم مملوء ضحكًا وقلبي يترنم. وأنا أعجب لقوم لا يريدون أن يبلغوا الكِبَر، وفي كل لحظة يحاولون أن يؤكدوا أنهم أصغر من سنهم، بل قد يستنكرون الحقيقة عن أعمارهم، أما أنا فارفل في مباهج شيخوختي، إنها ثروة لي.
أنا اليوم في أفضل العمر. في أحلى أيامي وأصفاها. طريقي يتزايد نورًا، وغناء الطير في أذني يزداد سحرًا. النسمات تهب رقيقة والشمس أكثر سطوعًا. صحيح أن "إنساني الخارج" يفنى، ولكن"إنساني الداخل" يتجدد يومًا بعد يوم. وسأحكي هنا بعضًا من الدروس التي تعلمتها ولو جزئيًا:
أولها: أن نعمِّق إيماننا بالله؛ إيمان الثقة في كمال رعايته وعنايته ودوام محبته. الإيمان بدقة الترتيب الإلهي الذي يحكم الحياة الحاضرة، وبمراحم محبة الله.
ثانيها: أن نتقبَّل بالرضى ظروف الحياة المُرّة والحلوة، وكثيرًا ما كان المُرّ منها أحلى من الحلو . والصبر من العادات الجميلة التي ينبغي أن نتعهدها في حياتنا. وحينما نقع في تجارب متنوعة فلنحسب هذا كل فرح، عالمين أن امتحان الإيمان يُنشئ صبرًا، وينبغي أن يكون للصبر عمل تام، لأن الغلبة الصحيحة نحصل عليها عن طريق القبول الحسن للشدائد والضرورات والضيقات، لأنها كلها تخدم أغراض الله في حياتنا) يع 1 : 2-7(
ثالثها: ينبغي أن تملأ المحبة قلوبنا. المحبة لجميع الناس. يجب أن نصبر على الذين يمتحنون الصبر فينا، فإن لم نستطع أن نحبهم للطف يبدو منهم، فلنحبهم لعطف منا عليهم. وعلى أي الحالين يجب أن نحبهم، وأن نصلي من أجلهم، وأن نطرح جانبًا المرارة من جهتهم شعورًا أو تفكيرًا.
ورابعها: ينبغي أن لا نصرف الوقت هباءً حسرة على الماضي، أو نضع اليد على الخد أسفًا على أخطاء الأمس أو على ذاهب الأيام. هذه جميعها نستودعها في يدي الله ونمتد إلى ما هو أعلى وما هو قدام (في 3 : 13-14) لنبدأ حياة خدمة، وحياة محبة، وحياة تقدم في كل شيء، ونمو في معرفة الله. هذه هي الحياة التي لا تشيخ أبدًا لأنها تتجدد دائمًا كالينبوع الفائض المتلألئ، تغذيه باستمرار سيول بركات تنحدر من القمم الأبدية.
هنري دربانفيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق