بقلم : بروس انيستي
ترجمة : عاطف فهيم
"أهمية ان يكون لنا روح صحيحة"
(2تي 4 : 22) "اَلرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ مَعَ رُوحِكَ. اَلنِّعْمَةُ مَعَكُمْ. آمِينَ"
(في 4 : 23) "نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ"
(غل 6 : 18) "نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. آمِينَ"
( فيل 25 ) "نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ. آمِينَ"
مهم لنا ان نلاحظ ان بولس الرسول يختم اربع رسائل له بهذا التحذير , وهو امتلاك الروح الصحيحة , وهو امر نحتاج له بشدة , وتلك العبارات ليست عبارات زائدة , لأنه ليست هناك عبارات زائدة في كلمة الله , بل كتبت لاربع فئات مختلفة من الناس ولأجل اربع اسباب مختلفة , فالأربع شواهد هذه كتبت في ظروف مختلفة لتمس جوانب حساسة في الحياة , امور يجب علينا ان نأخذها بعين الاعتبار لكي يكون لنا الروح الصحيحة .
وأود ان اتأمل في هذه المواقف بغرض ان نتعلم من كل شاهد من هذه شئ لحياتنا , وأشير ايضاً الي اربع شخصيات في العهد القديم لتوضيح تلك المواقف العملية .
فنحن بحاجة الي تلك التحريضات ولاسيما في ختام ايام الكنيسة كما في أولها عندما كتب بولس تلك الكلمات .
فدعونا نتأمل في تلك الآيات لعلنا نجد بها دروساً هامة لنا .
الروح الصحيحة للمؤمن في ايام الخراب
(الشهادة الخربة) (2تي 4 : 22)
"الرب يسوع المسيح مع روحك" ان بولس اعطي هذا التحريض لابنه تيموثاوس في ايام الخراب والفشل الذي تفشي في الشهادة المسيحية في الايام الاخيرة , فقد اخبره بحالة الخراب الأتية حتماً ولا علاج لها , وحذره من الشرور المزمعة ان تخترق المسيحية كلها , فاعطاه بيان تفصيلي لكل اشكال الانحراف , ولم تكن صورة حسنة علي الاطلاق , فسيكون الانحراف التام عن حق الله , واشياء كثيرة سيتم عملها تحت اسم المسيح بصورة جهارية , ولكن ستجلب الاهانة علي هذا الاسم الحسن .
فالمسيحيين اليوم منقسمون لآراء وتعاليم متنوعة , ومن الصعب علي الانسان ان يدرك الان ما هي حقيقة المسيحية بالضبط , لأنه للأسف قد دخلت اليها اليوم كل انواع الشرور , الي درجة هائلة من الارتباك للمسيحي , ويجب علينا ان نحني رؤوسنا خجلاً لأننا جزء من الشهادة الفاسدة والتي جلبت العار علي سيدنا وربنا .
وهذه الرسالة يقدمها بولس لتيموثاوس كي يشجعه علي الخدمة لأجل هذا الوقت العصيب الذي هو حتما سيأتي , ويقدم بولس لتيموثاوس معونة كثيرة لاجل ارشاده في الخدمة , وبالنظر الي كل ما هو ات من خراب يجب علي المسيحي ان يسلك بحرص لئلا يأتي بالأهانة علي اسم الرب يسوع المسيح .
فليس هناك وقت نجد المؤمن فيه أحوج ما يكون لامتلاك هذه الروح الصحيحة مثل اليوم , وبالتالي قبل ان يختم الرسول رسالته الثانية الي تيموثاوس قدم له هذا التحذير "الرب يسوع مع روحك" .
وهناك اتجاهين في منتهي الاهمية نحتاج ان نحترس منهما جيداً في هذا الوقت وهما :
1 – الاحباط :
نستطيع ان ندرك قدر الاحباط الذي كان يحيط بتيموثاوس عندما ندرك الفشل الذي كان مزمعاً ان يأتي علي الشهادة المسيحية , انه الوقت المكتوب عنه "فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ" (2تي 4:4) وتلك هي الأيام التي نعيش فيها الأن , وأنت عرضة لأن تجرب بأن ترفع يديك وتقول لا فائدة , وليس هناك حل من تلك الحالة , لأنك عندما تقدم الحق لأي شخص تجده يرفض , وربما الكثيرين منا قد تعرضوا لهذ الاختبار , وبالتالي نري كم نحن معرضون ان نمر في حالة قاسية من الاحباط والفشل الشديد في تلك الايام التي نعيش فيها .
وعندما نري تلك الحالات الميئوس منها حولنا تجدنا عرضة بأن نميل الي الاعتزال وان ننزوي بدلاً من محاولة السير مع شعب الله , فهل خطر ببالك فكر مثل هذا ؟ فمع محاولات كثيرة منا مع المسيحيين ومواقف عديدة نحبط فيها نجد انفسنا ميالون للعزلة , ولكن ليست العزلة هي الحل , فبولس لم يدع هذا الاختيار امام تيموثاوس , كلا بل ان الحل هو أن يكون لتيموثاوس الروح الصحيحة , فإذا سمحنا للأشياء المحيطة بنا ان تأخذنا الي حالة من الاحباط الي الدرجة الني نجد فيها انفسنا راغبين في ان نتخلي عن الكل فإن هذا خطأ .
إن الخطر وكل الخطر في أن ننشغل بالفشل , فدعونا نحترس ونسهر ضد هذا الامر , لأن الذين اعتادوا علي المشغولية بالفشل سيصبحون مع الوقت فاشلين , بل نحن أحوج ما يكون الي المشغولية بالرب يسوع المسيح والمشغولية بما يخصه في الأرض ويعود الي مجده , فهذا ما يجب ان يكون شغلنا الشاغل وليس ان ننشغل بحالة الفشل والخراب بين شعب الله , ويوجد البعض من الناس لديهم صعوبة اكثر من الاخرين بهذا الشأن , فتجدهم ميالون اكثر الي الحديث عن المشاكل التي توجد بين الاخوة , وأود ان اخبرك بحق ان هذه ليست حالة صحيحة علي الاطلاق ياعزيزي . كان هناك احد الاخوة الذي كان يعاني من حالة مثل هذه , فقال له الاخ جودرن هاي هو "اذا كان يجب ان تكون ازرق فكن ازرق جميلاً" من الصحيح ان الله يريدنا ان نشعر بالحالة الصحيحة تجاه الاشياء , ولكن ليس للدرجة التي تؤدي بنا الي الانعزالية .
نحن بحق نحتاج ان نصلي لاجل الحالة التي نعيش فيها الان , ونعلن مشاركتنا في هذا الفشل كما فعل دانيال عندما كان شعب اسرائيل في حالة من الفشل (دانيال 9) , فدعونا نصلي من اجل اذان تسمع وعيون تري لأن الله لازال يعمل في هذه الايام , فلازال يوجد البعض الذين يقبلون الحق علي الرغم من ان الغالبية العظمي لا يفعلون ذلك .
وأحد الاسباب التي تجعلنا نتحذر من روح الاحباط هو ان الاحباط هو الطريق الجاهز والأسهل علينا ويمكننا بسهولة ايضاً ان نحبط الاخرين وبطرس كان مثالاً عملياً لذلك , فقد كان محبطاً وأصابه الفشل وبالتالي اثر ذلك علي الاخرين , وقال لهم "أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ" (يو 21 : 3) وكأن لسان حاله (إنني سأعود الي وظيفتي السابقة لأنني فشلت , ولا أظن أن الرب سيستخدمني ثانية) وقد قال له التلاميذ الاخرين "نذهب نحن أيضاً معك" وياله من امر محزن ان نجد ان احباط بطرس انتقل الي اخوته وقد تحول سبعة من التلاميذ عن العمل الذي دعاهم الرب إليه , وأود ان اخبرك ان الاحباط هو مرض مُعدِ , فلنحرص عندما نأتي الي الاجتماعات ان تكون سبب تشجيع لاخوتنا وليس سبب فشل واحباط لهم .
2 - الكبرياء
ان الاتجاه الاخر الذي نحتاج إليه هو ان نحترس من الكبرياء , لأن هذا يتسلل إلينا دون ان ندري , فإذا كان هناك أي نوع من الامانة من جانبنا , فهناك ميل عندنا بأن نحطّ من شأن اخوتنا الذين ليس لهم نفس الاهتمامات التي عندنا , ولذا يجب ان نسهر ضد هذا الامر فهناك خطر من ان ننتفخ ونتكبر ظانين أننا افضل من اخوتنا ونحن عرضة للسقوط متي كانت هذه حالتنا لأنه "قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أم 16 : 18) .
ولذا يجب ألا ننشغل بالفشل المحيط بنا وأيضاً لا ننشغل بأمانتنا ان كان هناك بعض الامانة في حياتنا , ونستطيع ان ندرك السبب الذي لأجله قال بولس لتيموثاوس ان الكثيرين ارتدوا عنه فقال "جَمِيعَ الَّذِينَ فِي أَسِيَّا ارْتَدُّوا عَنِّي" (2تي 1 : 15) , وقال ايضاً "لوقا وحده معي" (2تي 4 : 11) , أي انه ليس الكثيرين كانوا راغبين في خدمة الرب بالطريقة التي كان بولس يريدها وبالتالي كان هناك خطر علي تيموثاوس بان يظن انه افضل من اخوته .
ولذا نري بأن الاتجاه بأننا افضل شئ خطير بين شعب الرب , والقديسين المجتمعين الي اسم الرب بصفة خاصة يحتاجون ان يتحذروا من هذا الخطر , لئلا يظنوا انهم افضل من اخوتهم لأن لهم امتياز افضل ولديهم حق اكثر , فيمكن ان يكون لنا هذا الاتجاه وهذا لا يرضي الرب , لأنه من الجائز ان يكون لدينا فكر بأننا افضل من اخوتنا الذين في الطوائف المتعددة ونعتقد أننا "البقية الامينة" , ومن الجائز ان يكون هذا صحيحاً من جهة المبدأ وصحيحاً ايضاً من جهة الشكل الخارجي ولكن يكون خطأ في الجوهر , وان كان حالنا كذلك فسنكون سبب عثرة وليس سبب جاذبية لإخوتنا .
ان عبد الرب يحتاج ان يدرك دائماً ان أي امانة في حياته هي من عمل نعمة الله المطلقة ليس إلا , ونحتاج ان نعبد بهذا الاحساس العميق في أنفسنا أننا ليس افضل من اخوتنا الذين في الطوائف قدر ذرة واحدة , فليس لنا شئ نفتخر به بالمرة ولكن هي نعمة الله المطلقة دائماً .
(يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق