جدعـون
دعونا نقرأ (قض 8 : 1-3)
"وَقَالَ لَهُ رِجَالُ أَفْرَايِمَ: «مَا هذَا الأَمْرُ الَّذِي فَعَلْتَ بِنَا، إِذْ لَمْ تَدْعُنَا عِنْدَ ذِهَابِكَ لِمُحَارَبَةِ الْمِدْيَانِيِّينَ؟». وَخَاصَمُوهُ بِشِدَّةٍ. ٢ فَقَالَ لَهُمْ: «مَاذَا فَعَلْتُ الآنَ نَظِيرَكُمْ؟ أَلَيْسَ خُصَاصَةُ أَفْرَايِمَ خَيْرًا مِنْ قَِطَافِ أَبِيعَزَرَ؟ ٣ لِيَدِكُمْ دَفَعَ اللهُ أَمِيرَيِ الْمِدْيَانِيِّينَ غُرَابًا وَذِئْبًا. وَمَاذَا قَدِرْتُ أَنْ أَعْمَلَ نَظِيرَكُمْ؟». حِينَئِذٍ ارْتَخَتْ رُوحُهُمْ عَنْهُ عِنْدَمَا تَكَلَّمَ بِهذَا الْكَلاَمِ"
لنقدم ايضاحاً عن كيفية التعامل مع الاضطرابات التي تحدث بين الاخوة "وقال له رجال افرايم , ما هذا الامر الذي فعلت بنا , إذ لم تدعنا عند ذهابك لمحاربة المديانيين؟ وخاصموه بشدة فقال لهم "ماذا فعلت الان نظيركم؟ أليس خصاصة افرايم خيراً من قطاف ابيعزر ؟ ليدكم دفع الله اميري المديانيين غراباً وذئباً , وماذا قدرت ان اعمل نظيركم ؟ حينئذا ارتخت روحهم عنه عندما تكلم بهذا الكلام" .
ان شعب افرايم شعب يفتخر بذاته وهم الذين قالوا عن انفسهم "وأنا شعب عظيم" (يش 17 : 14) فهم كانوا الاكثر عدداً وبالتالي كان لهم النصيب الاكبر في الارض والميراث , وقد كان لهم الخيمة في احد مدنهم (شيلوه) حيث ينبغي ان كل الاسباط يأتون اليها لكي يسجدوا , وهذه الاشياء جعلتهم يتكبرون وهذا جعلهم يعتقدون ان أي شيء يعمل في اسرائيل يجب ان يعمل بهم ولهم , وبعد هذا وعندما انتصر جدعون لاجل الله وحقق غلبه عظيمة علي المديانين اراد بنو افرايم ان يكون لهم نصيب في هذا المجد , وهنا نري صورة لارتفاع النفس وحب الظهور , وهذا ما كنا نتحدث عنه وأحياناً يكون في الاجتماعات اشخاص بنفس هذه النوعية ويكونوا سبب امتحان لأخرين .
وياتري كيف واجه جدعون هؤلاء الاشخاص ؟ قابلهم "بوداعة المسيح وحلمه" (2كو 10 : 1) ويقول الكتاب "الجواب اللين يصرف الغضب" (أم 15 : 1) وهذا ما حدث هنا فقد اسكت جدعون الافرايميين بجوابه وقد فعل ما قال عنه الرسول بولس لأهل فيلبي "حاسبين بعضكم البعض افضل من انفسهم " فقد كان لسان حاله ماذا فعلت بالمقارنة بكم ؟ فأنتم عملتم العمل الاعظم مني , اليس خصاصة (فضلات الحصاد) العنب في حصاد افرايم اعظم بكثير جداً من كل حصاد ابيعزر (مدينة جدعون) , فهو يقصد هنا سبيهم لرؤساء مديان (غراب وذئب) والذين كانوا اشخاص عظماء بالنسبه لهذا الجيش فنسب العمل الافضل لهم .
وهنا نجد ان توجه جدعون كان صحيحاً , ولكن هذا لا يعفي افرايم من التوجه السيئ الذي له , وإذا لم ندن انفسنا فإن اجلاً أو عاجلاً سوف نواجه تلك المواجهة السيئة لانفسنا , وهذا ما حدث بالضبط مع افرايم في اصحاح (12) فهم واجهوا انسان اخر (يفتاح) ولم يكن يفتاح مثل جدعون وابتدأت الشرارة تشتعل وأدي الامر الي اشتعال الحرب بين شعب الله وقتل الكثيرين وهذا أولي الحروب في اسرائيل بين الشعب واخوتهم للمطالبة بحقوقهم .
وإذا قارنا بعض الفصول في اماكن اخري في سفر القضاة سنعرف ان هناك شعوب سيئة اخري اختلطوا مع افرايم ففي (قض 12 : 15) نجد ان العمالة سكنوا مع شعب افرايم , فلما دخل سبط افرايم ليأخذوا نصيبهم في الارض نقرأ في (يش 17 : 13) "لم يطردوهم طرداً" , فقد تركوا بعضا من العمالة فنقرأ في (قض 5 : 14) ان بعضاً منهم كان لهم جذور في عماليق لانهم تزوجوا من العمالقة وهذا كان امر حتمي فأولاً السكني معهم وبعد ذلك كان لابد ان يتزوجوا منهم , وكما نعلم من الكتب ان عماليق يرمز الي الجسد واعمال الشيطان , وهذا يبين لنا لماذا كان سبط افرايم جسدي .
وأجدني غير محتاج ان اخبرك باننا لابد مواجهين امور خاصة بالذات في الاجتماع وهي تحتاج نعمة لكي نتعامل معها بروح صحيحة . وإذا لم نفعل فسيكون من السهل جداً ان ندمر وحدة الكنيسة ولابد ان يكون هناك افرايم الجسدي في الاجتماع ولابد ان الله سيؤدبهم في وقته ان اجلاً او عاجلاً سيواجهون بيفتاح الخاص بهم , و لكن لا تكن انت يفتاح , لأن الله ليس غير مبال بظلم شعبه , فليس هناك شئ في الكنيسة يمكن أن يمر دون ملاحظة الرب وإذا كانوا بحاجة الي التعامل معهم فسيتعامل معهم بطريقته وفي وقته .
الروح الصحيحة عندما يتم تصحيحنا بواسطة الاخرين
دعونا نقرأ (غل 6 : 18) "نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم ايها الاخوة"
وهنا نجد نفس التحريض المعطي لاجل غلاطية , ولكن لسبب مختلف تماماً , فإن الغلاطيون كانوا قد استقوا بعض التعاليم الخاطئة والخاصة بالخلط بين الناموس والنعمة , فكانوا يحتاجون الي تصحيح بواسطة الرسول بولس فكتب اليهم هذه الرسالة لكي يصحح هذا الخطأ وقبلما يختم الرسالة اعطي هذه الكلمة التي كانوا بحاجة اليها , وبعلمه ميول الطبيعة البشرية , كان يعتقد انه من الجائز ان يستاءوا من كلمته اليهم , ولذلك ختم رسالته بتلك الكلمة التحذيرية , فكان راغباً ان يقبلوا هذا التصحيح بروح صحيحة ولا يستاءوا مما قال .
فيا اخوتي إننا بحاجة الي ان نكون راغبين في التصحيح , لأنه يوجد ميل طبيعي (جسدي) في قلوبنا ان نقابل التوجيه بطريقة خاطئة عندما يلومنا احد بصدد خطأ ما , فمن الجائز ان نخفي مشاعر الغيظ في داخلنا , فلا أحد منا يحب ان يُصحَح لأن كبرياءنا تأبي ذلك , وكلما تقدمنا في العمر كلما كان اصعب علينا ان نقبل التصحيح والتوجيه , فيا اخوتي الشباب هذا يعني انكم في وقت تحتاجون ان تتعلموا الحق وأنتم في سن مبكر , لأنه عندما تتقدمون في العمر سيكون هذا أصعب لكم ان تقبلوا التصحيح , ولكن لا يجب ان يكون الحال هكذا بيننا لأنه كلما كنا ناضجين في عائلة الله فيجب ان نكون اكثر مرونة في تقبل التصحيح والتوجيه ولكن للأسف عادة لا يكون حالنا هكذا ! , وقد اعتدت ان اقول هذه الجملة "لا يمكنك ان تقبل التصحيح بعد عمر 50 سنة" وانا نفسي عمري الان اكثر من 50 سنة , واعرف مدي صعوبة هذا الامر , كان هناك احد المبشرين المتقدمين في العمر صلي تلك الصلاة قبل ان يلقي خدمته قائلاً " يارب ساعدني ان أقبل بأن أقول إنني مخطئ" وصدقوني يا اخوتي ان هذا المبشر ليس هو الوحيد الذي يواجه تلك الصعوبة ! .
وانا أعتقد انك تعلم جيداً ماذا أعني بهذا , ان اصعب كلمتين موجودتين في أي لغة هما "إنني مخطئ" انه من الصعب ان اقول تلك الكلمة لزوجتي , واذا كان من الصعب عليَّ ان اقولها لزوجتي فكم يكون من الأصعب ان اقولها لإخوتي ؟ ياليت الرب يساعدنا ان نفعل هذا .
(يتبع)