الخميس، 8 نوفمبر 2018

ما هو العالم وكيف يحيا المؤمن فيه


بقلم : يوحنا داربی

ما هو العالم ؟
«لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم ، إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب» (۱و ۱۰: ۲ ) وأما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله؟ فمن أراد أن يكون محبا للعالم فقد صار عدوا  لله» (به 4: 4)
كثيرا ما يتساءل الإنسان الجاد والمتأمل : ما هو العالم ؟ ما هو الشكل الذي يتعين علينا أن نحفظ أنفسنا منه بلا دنس ؟ هناك ثلاثة معاني لكلمة العالم، كما وردت في الكتاب . أولا : العالم هو الترتيب أو النظام الذي يدير الأمور على هذه الأرض . ثانيا : الأرض ذاتها ، فهي تشكل المكان الذي يعمل فيه نظام العالم ثالثا : الناس الذين يعيشون بحسب نظام العالم ، أيضا يطلق عليهم «العالم» .
إذا تتميز تلك المعانی بالآتي : نظام العالم (ترتیب ادارة الأمور)، مكان العالم (الأرض) ، أناس العالم .
عندما نقرأ في الكتاب أن الرب يسوع قد جاء الى العالم ليخلص الخطاة ، نفهم أنه قد جاء الى حيز هذا العالم وبمجيئه
كان من الضروري أن يلامس نظام العالم ، الذي أظهر تجاهه كل بغضة وكراهية .
لقد قال لتلاميذه «أنتم لستم من العالم ، كما أني أنا لست من العالم ، أي أنكم لستم تحت النظام الذي يحكم العالم ، حياتكم لا تجدونها فيه .
إن صديق هذا النظام هو عدو لله ، لأن العالم يحكم نفسه بنفسه ، وبذلك يكون غير خاضع لله .
لنأخذ النظام العسكرى كمثال ، فعندما يجند الشاب في الجيش يجد كل شی مجهز له .
ادارة المرتبات تزوده بالمال ، ادارة التعيين تمده بالملبس والمأكل ، وادارة التموين تزوده بكل احتياجاته من سلاح وذخيرة .... الخ ، فالجيش يدار من أجله ، أين سوف يذهب ، وأين سوف يبيت ، ما هي ساعات التدريب اللازمه ، خط سیره ، ملبسه .... الخ ، وهو عندما يدخل الجيش - يجب أن يتبع هذا النظام .
يمكن أن نطلق على الجيش ، عالم صغير بذاته ، فكل تدابيره كاملة ومنظمة ، مثل ذلك النظام المحكوم ذاتيا ، ويدعى «العالم، حيث أن كل واحد يجد ما يحتاج وحيث يزود كل واحد بكل شئ في الحسبان .الإنسان يريد المركز الاجتماعي ، والعالم يزوده بالنظام الاجتماعي الذي يسمح له بالتسلق على هذا السلم الاجتماعي ، وبالنسبة للإنسان ، المركز هو كل شئ ، فهو يسعى إليه ببذل مجهود مضني مستمر ، وليس هناك غالى ولا نفیس أمام الوصول الى ذلك المركز .هوذا السلم العظيم الذي يشكل المركز الاجتماعي ، البعض يجاهدون للصعود أعلى فأعلى والبعض الآخر يتمسك بمركزه الحالي .ما أكبر الطاقة التي يبذلها القلب والعقل عندما يستحوذ عليهما هذا النظام الاجتماعي .إن الإنسان يريد حكومة سياسية ، ويريد تأمين على الحياة ، وعلى الممتلكات ، يريد مراعاة لحقوق الإنسان ، .... الخ ، كلها احتياجات يلبيها نظام العالم بصورة كاملة .
ما أكمل نظام وترتيب ما يطلق عليه «مجال العمل» .فالذين ليست لديهم إلا القدرة العضلية يستطيعون إيجاد عمل ، والعقول الجبارة القادرة على الاختراع والابتكار تجد المجال واسع لعبقريتهم .
الفنانين لهم مجال مفتوح للإبداع في مجال النحت ، الرسم ، الموسيقى ، الشعر ...الخ .
العلماء يدرسون المسائل لايجاد حلول لها ، والكتاب يكتبون الكتب . شهوات ورغبة البعض في الحياة الترفيهية تعطی آخرین وسيلة لكسب العيش . إنك تحتاج لكل شئ لكي تصنع «عالم» .
إن الإنسان مخلوق معقد ، الكثيرون يحتاجون أشياء مختلفة ، يحتاجون قليل من العمل ، وقليل من السياسة ، وقليل من المركز الاجتماعي ، وقليل من العلم ، وأخيرا قليل من الدين ..
إن الإنسان متدين بطبيعته ، إن كلمة «الدين، التي كثيرا ما نستخدمها تظهر خمس مرات فقط في الكتاب المقدس كله .
إن التدين ليس هو التقوى ، فعابدى الأوثان متدينين ، فالدين هو جزء من الإنسان ، مثله مثل القدرة العقلية والذاكرة .
وحيث أن الدين جزء مهم من طبيعة الإنسان ، فنظام العالم قد دبر تدبيرا خاصا لهذا الاحتياج ، تدبیر کامل متكامل .
فالذي لديه ميل لكل ما هو جميل وللموسيقى الرائعة ، والاحتفالات الصاخبة ، والطقوس الدينية ، سوف يجد كل هذا .
أما المتحرر طليق اللسان بالطبيعة فيجب أن يجد لنفسه متنفس للتعبير عن مشاعره بدون قيود وبمنتهى الحرية .
أما الإنسان المتحفظ ، بارد العواطف ، العقلاني ، الجامد فالأصولية المتاحة تناسبه تماما
أيضا المدقق الذي يهوى قهر النفس ويتلذذ بجلد الذات بصورة أو بأخرى ، فاحتياجاته تلبي تماما ، وهكذا .
إن هناك طوائف وتعاليم وبدع لتناسب كل الطبائع مهما تنوعت ، فهي تناسب كل ظل من المشاعر الدينية الجسدية .
فهل هناك عالم متكامل مثل هذا ؟
لم يترك أي أمر للصدفة ، فكل الاحتياجات تلبي فرح کافی واشباع كامل ، لجعل الشعوب الانسانية مشغولة وسعيدة ، القلوب والعقول مشغولة تماما ، وإذا سقط أمر ، يتم تعويضه فورا بآخر .
حتى أن الموت نفسه لم يترك خارج المعادلة ، فنظام العالم له ترتیبات في الجنازات ، في التعازي ، في الرثاء ، في النعی ، الزيارات للمقابر ، وكل الضروريات اللازمة لها ، فالعالم ينظم حتى الحزن والأسى ليشغل النفس ، وسرعان ما تعود الأمور كسابق عهدها .
ولكن الآن الله يقود البعض ، البعض القليل جدا ، لينظروا ویروا تلك الأمور ان كانت السياسة أو التعليم أو الحكومات ، والاختراعات ، والتكنولوچيا ، أو وسائل المواصلات بأنواعها ، أو وسائل الاتصالات الحديثة ، الترتيبات الاجتماعية ، الرياضة ، ومتابعتها ، المؤسسات الخيرية ، الاصلاحات ، الأديان ، .... الخ ، كل شئ كجزء من هذا النظام المدعو «العالم، .
هذا النظام يخضع للتحسين المستمر الى ان يصل للكمال ، أن «تقدم العصر، هو العنصر العالمي الذي ينمو ويتحسن ذاتيا وباستمرار.
ان علاقة االمسيحي بالعالم في الوقت الحاضر هي علاقة المسيح بالعالم أيضا.
إن ما يجدد مكاننا الآن هو المكان الذي يشغله الرب فوق وغيابه عن التواجد هنا في العالم .
فهل يتعجب أحدا إذا من أن الشيطان هو إله هذا العالم ؟
رئيس سلطان الهواء والمحرك لهذا النظام الرهيب ! ، يحرك ويدير هذا النظام برمته بطاقته وذكاؤه .
عندما كان الرب يسوع المسيح على الأرض ، جاء الشيطان وعرض عليه كل ممالك الأرض ومجدها ، قائلا أنه قد دفع لى كل سلطان ولي أن أعطيه لمن أشاء ، أسجد لی وسوف أعطيه لك . وهنا يرفع الستار وينكشف الهدف الحقيقي لكل عباده دينية . السجود للشيطان ، الخضوع بالكامل له .
فالكتاب يصفه بأنه خاتم الكمال ، ملان حكمة وكامل الجمال ، قادر أن يغير نفسه إلى شبه ملاك نور !!
من يتعجب إذا من أن المتعلمين ، نعم والاكثر علما هم أول المنخدعين والمضللين .
ما أقل الذين لهم العيون المفتوحة ، بواسطة كلمة الله وبمسحة الروح القدس ، پرون هذا العالم على حقيقته .
قد يعتقد البعض أنه قد أفلت من فخ العالم إذا استطاع أن يتخلى عن مباهج العالم واستطاع أن يصبح عضو في كنيسة أو في أي جماعة دينية ، ولكن بكل أسف أنه لا يدرك وغير مميز أنه مازال في العالم كما كان من قبل ، فقط الشيطان ، رئيس هذا العالم قد نقله من دائرة الى دائرة أخرى ليسكن ضميره المضطرب ويجعله يتمتع براحة أكثر مع نفسه .
فالسؤال الذي يطرح نفسه إذا ، ان كانت الامور هكذا ، فما هو العلاج ؟
كيف يمكن للذين يسيرون في الطريق الواسع الرحب ، الذين يعيشون بحسب نظام هذا العالم ، أن يهربوا من قبضته ؟
كيف لنا أن نعرف ما الذي من العالم ، وما الذي من الله ؟ ، يقول الرسول المنقادين بروح الله اولئك هم ابناء الله .
ان اسلوب حياة المؤمن يجب أن يحكم بواسطة المسيح ، بالضبط كما يحكم الإنسان برأسه ، فليس هناك حركة ليد أو لرجل إلا إذا أمر الرأس بالتحرك ، بنفس الشكل الرب يسوع المسيح هو رأس للمسيحي ، أي أن المؤمن تحت رئاسته المباشرة في كل الأمور سواء كانت صغيرة أو كبيرة .
هذا هو أسلوب قطع المؤمن لكل أصل عالمی ، فالارادة الحرة هي الأساس الذي يبنى عليه نظام العالم ، كما أن الاعتماد على الله وطاعته ، أي الارادة المخضعة للرب الرأس هي أساس الحياة المسيحية .
الهدف الأول للشيطان هو تصميم نظام يكون بمثابة بديل مثالي لقيادة الله للمؤمن بالروح ، هذا هو أعظم انجاز له ، وهذا الذي سوف يميز عصر الارتداد الذي يقترب بسرعة .
فالشيطان سوف يعلن أنه هو إله هذا العالم ، وسوف يكون إعلان كامل لما هو مستتر في الوقت الحاضر في سر .
أليس هذا هو الوقت المناسب لكى يصحو المؤمن من سباته ؟ وأن يحترص فلا يكون مرتبط بنظام سوف يحصد قضاؤه عن قريب ؟
قد تقول ، ولكن ماذا يمكن أن أفعل ؟ ألا نحتاج ونحن في أعمالنا وأشغالنا ، كأعضاء في المجتمع أن نكون مرتبطين بالعالم؟
إن الأعمال يجب أن تنجز، نعم فالجميع يقرون بذلك ولكن اقرار الجميع يختم بأن الأمر ليس من الله !
هذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيماننا، ، إن الإيمان لا ينظر للظروف الخارجية ، ما هو ممكن وما هو غير ممكن ولكن الإيمان ينظر إلى الله .
إن الناس سوف يتساءلون إذا : ما هو الذي يتحتم علينا عمله ، وما هو الذي يتحتم علينا الامتناع عنه؟
فالذي يناسب الناس هو ما يشكل النمط والمقياس ، ولكن من هو أمين لله ، ويرغب حقيقة في أن يسير في الطريق الضيق ، سوف لا يلتفت لما يقوله الناس ، فما يشكل النمط والمقياس بالنسبة له سوف يكون دائما ما يقره الله .
لقد رسم الناس الطريق بصورة محددة وواضحة ، وهو طريق مشبع ومرضی ولكنه لا يشكل اي شيء لمن يسير بالإيمان . فما يجمع عليه الناس على أنه الطريق الصحيح ، لا شك أنه غير صحيح (لوقا ۱۹ : ۱۰) ، فهذا هو الطريق الواسع .
مثال لذلك ، أجمع الناس على أن المؤمن وهو مواطن في دولة ، يجب أن يهتم بالحكومة في الوطن الذي ينتمي إليه ، وعليه بالتالي أن يدلي بصوته في الانتخابات ليتثبت بالسلطة كل من هو أصلح
أما الله يقول غير ذلك ، في مواضع عديدة يقول لي أني كابن له لست مواطنا لأي دولة ، ولا عضو في أي جماعة ، فوطني هو السماء ، وبالتالي يجب على الاهتمام بالأمور السماوية.
إن صليب المسيح قد صلبنی للعالم وصلب العالم لي . فإن أعطيت قلبي وذهني لهذه الأمور الأرضية ، أكون قد صرت عدو لصليب المسيح .
لا تشاکلوا هذا الدهر (العالم)، ، فماذا يكون موقفنا من الحكومة ؟ ولماذا يجب أن تكون علاقتنا علاقة خضوع لها؟ ، السبب هو أن الله هو الذي سمح بوجودها ، وهو الذي يأمرها ، حتى عندما تقر الحكومة الضرائب ، وتحدد الدخلالمادي وخلافه .
يجب دائما الصلاة من أجل الحكام وكل من هم في منصب ، إذا علاقة المؤمن بالسلطة السياسية هي الخضوع للسلطان الذي وضعه الله عليه ، ليس فقط خوفا من الغضب ، ولكن من أجل الضمير ، صحيح أن المسيح هو وارث لكل شئ ، الأرض بما عليها من نظام ، أي العالم الذي يجرى عليها ، ولكن كما كان ابرام في أرض كنعان الله لم يعطه وطأة قدم في ذلك الميراث .
إن البار بالإيمان يحيا، إذا ، فإن كان الابن الحقيقي لله يرفض الإدلاء بصوته في الانتخابات ، ليس لأنه يعتقد أن عملية التصويت في حد ذاتها هي خطأ ، ولكن لأنه قد أعطى صوته بالفعل للإنسان الذي في السماء ، ذاك الذي رفعه الله ، ملك الملوك ورب الأرباب .
فانه قبل كل هذا ولذا قد فقد اهتمامه بهذه الأمور ، حيث أنه وجد شيئا أكثر جاذبية ، فهو يرى العالم على حقيقته مبتعدا عن الله شكلا وموضوعا ، وأن كل إصلاحاته التي يفتخر بها هي في الواقع لها هدف واحد ، وهو أن يغلق قلب الإنسان عن الله .
أنه يرغب أن يقف کشاهد للحق ، لله وللدينونة الآتية عند ظهور المسيح ، في الوقت الذي يهنئ الناس بعضهم البعض بالسلام والأمان .
انه يرغب أن يتعلم آخرون بواسطة شهادته ، الإفلات من الفخ الذي نصبه الشيطان للشعوب الإنسانية ..
فنحن المخلصون يجب أن نكون ظاهرین ، واقفين بجانب المسيح المرفوض ضد عالم قد صلبه ، نكون مميزين كأناس من نسل سماوی ، «بلا لوم وبسطاء ، أولادا لله بلا عيب في وسط جيل معوج وملتو نضيئ بينهم كأنوار في العالم» (في ۲ : ۱۰) ، هذه أعظم مهمة لأولاد الله ، وأن الحياة في هذا الطريقله تكلفته ، فسوف نكون وقتها كصخرة تقف وحدها في وسط نهر جاری ، كل يتحرك حولها في اتجاه واحد ، وهناك ضغط مستمر عليها ! ضغط ، ضغط ، ولكنها تقف في مقاومة لانهائية أمام التيار الذي كان يمكن أن يجرفها تماما لو لم تكن صخرة ثابتة .
عندما نتعلم أن نأخذ كلمة الله وأن نمارسها عمليا ، وأن نشهد للذين حولنا فحينئذ تأتي العواصف !
أن تنتمي الى كنيسة ، هو أمر يسير وسهل أن تفعل كما يفعل الآخرين ، أن تكون إنسانا شريفا ، ومواطنا صالحا لن يأتي عليك هذا بأي اضطهاد ، هذا يجعلك مقبولا ، سائر مع التيار . ولكن عندما نضئ كأنوار لله في العالم ، فهذا يثير عداء العالم ، لأنه حيثما يرى المسيح يثار العداء له . فلو شوهد المسيح فيَّ فسوف تلحقني البغضة بسببه ، ولكن لو كان لي صيت حسن ، لو لم يكن لأحد شيء علىَّ كمسيحي ماذا إذا ؟
إذا كانت حياة المسيح غير ظاهرة في جسدى  المائت ، فالمسيح يكون غير ظاهر في حياتي . .
عندما يأتي الإنسان ليعرف الله ، أو بالحرى يُعرَف منه ، ينجذب إلى فوق ، بالاتحاد مع المسيح الذي هو فوق ، وينفر من أمور هذا العالم ، وبالتالي نجد السؤال يطرح نفسه : كيف يمكن لمؤمن أن يترك الأركان والأمور الضعيفة ؟ لقد أصبح الآن ابنا لله ، له حياة أبدية ، أصبح في المسيح ، واحدا مع الرأس بواسطة إعلان الكلمة والروح القدس ، فكيف يمكن لمن تعرف على الله أن يهتم بالعالم؟!
إذا رأينا فتى يأكل ثمر مُر، من شجر الوعر ، وفي ذات الوقت هناك بجانبه شجرة للتفاح ، لا شك أننا سوف نحكم بأنه لا يعرف طعم التفاح ، كما أننا عندما نرى إنسانا وقد انخرط بكل قلبه في الأمور التي تشكل النظام الذي صنعه
الناس ، نسأل هل يمكن أن يكون لهذا الإنسان معرفه بالله ؟!
ولهذا السبب لم تأتي كلمة الله كأوامر محددة ! ، لا تفعل هذا ، وأفعل ذاك ،، لا تدلي بصوتك في الانتخابات ، يجب ألا تكرم في هذا الدهر الشرير ، يجب أن يلحق بك العار .. الخ ، فليس الامر هكذا ، ولكن كلمات الله لتلميذ محب ، قلبه الملئ بالأنانية قد كُسر ، والان يريد أن يعرف فكر الرب ، يكتشف السر ، يكتشف أنه بالاقتراب منه يصير مثله ، فيتغير عن شكل هذا العالم الشرير .
إذا الأمر ليس كما كان في الناموس اللاوي ، افعل ولا تفعل ، ولكن ببساطة يمكن للعين البسيطة التمييز جيدا . وفي هذا تدبير رائع جدا ، فالقلب المحب لن يجد صعوبة في معرفة مشيئة الله ، أما القلب الغير أمين فسوف يجد لنفسه التبريرات الكثيرة ، يخترع الحجج لتبرير تصرفاته  في سبيل غير مدقق .
نجد هذا المثال في أسرة ، ابن محب ومجد يتعلم فكر والده ، فهو أمر يجده سهل ويسير بل طبيعي بالنسبة له ، أما الابن الآخر فهو يسعى فقط لارضاء نفسه ، يسوق الحجج ليبرر سلوكه ، فهو يقول : لم اكن اعرف ، لم يقل لي أحد أنه يجب أن افعل هذا أو ذاك ، أو أنه يجب ألا أذهب لهذا المكان .
وختاما ليس هناك مفر من التلامس مع العالم بدرجة ما ، ولكن يجب ألا يتعدى الأمر هذا فيشكل شركة معه ، لأنه أية شركة للمسيح مع بلیعال ؟ ويقول الرب «لا تأخذهم من العالم ولكن احفظهم من الشرير» (یو ۱۷ : ۱۰)، فالرب يسوع لم يكن من هذا العالم ، فقد تألم ، وكانتا الوحدة والضيقة حقيقة بالنسبة له ، ويجب أن تكون حقيقة بالنسبة لنا ، طالما نتبع آثار خطواته .لكن للأسف حالنا اليوم ليس هكذا ! ، أليس كثيرون منا لهم راحة ورضا ، مستمتعين براحة واستقرار في عالم رافض لله ! ، راحة واستقرار حيث المسيح غائب ؟.
يجب أن نكون بلا استقرار هنا وبلا وطن ، سائرين كغرباء ونزلاء اي نمر بأرجلنا فقط إذا كنا للمسيح .
لا شك أنه من المحتم أن يكون هناك اتصال بالعالم ، ونحن فيه ، ولكن كثيرا ما يكون لنا صلة بأمور عالمية كان يجب ألا يكون لنا صلة بها ، وهذا ما لا يجب أن يحدث إذا كنا نحمل في جسدنا موت الرب يسوع .
كثيرا ما ينخدع القلب ، فالعدو ينصب الفخاخ بمكر ليجذب حتى ابناء الله ، اجتماعات دينية ، خدمات ، شركة مسيحية ، أي أمر يمكن للجسد أن يشارك فيه كبديل للحياة والسلوك بالإيمان في ابن الله . .
أن التقرير الذي كُتب عن القدماء ، الذين استطاعوا أن يرضوا الله ، يحكی عن أناس محتقرين ، مرفوضين في كل شئ ، حتى الى هذا اليوم ، فأن سيرتهم في السماويات ، وبالمفارقة معهم فأننا مكرمون ، وأننا نحيا بحسب هذا العالم .
فأين الصدام معه إذا ؟
لذلك نوجد في عدم أمانة كرعايا للمسيح ، لأننا نريد أن نتجنب حمل الصليب والعار المرتبط به .
ان الكلمة لا تتغير ، «جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون ، هناك طريق ضيق ، وقليلون هم الذين يجدونه .
فنحن نحمل جوازات سفرنا معنا ، متأهبين ، لقد ختمنا بالروح القدس ، ونحن في حالة انتظار لکی ما نلتقي في الهواء ، لنقابل الرب ، ونكون معه للأبد ،  فياله من رجاء مبارك .


ليست هناك تعليقات: